صقر أبو فخر.. أنيس النقاش وأسرار مرحلة ماضية

صقر أبو فخر.. أنيس النقاش وأسرار مرحلة ماضية
بيروت - جورج جحا (رويترز)

كتاب الباحث الفلسطيني صقر ابو فخر الاخير عن انيس النقاش ومرحلة ماضية ارتبطت بانطلاقة العمل الفدائي الفلسطيني وتركز نشاطه في لبنان حمل عنوانا منصفا الى حد بعيد هو "انيس النقاش..اسرار خلف الاستار".

وفي الكلام عن الرجل اللبناني لمن لا يعرف عنه او لا يعرف قدرا كافيا عنه قد يكون في ما حملته مقدمة الكتاب معلومات كافية. وقد جاء فيها اسمه في حركة فتح "مازن" واسمه في عملية فيينا "خالد" اما اسمه الحقيقي فهو "انيس النقاش". قال عنه كارلوس شريكه في عملية فيينا انه "من الكوادر السياسية والعسكرية التي لا تضاهى.. كان بطلا حقيقيا".

وجاء ان انيس النقاش لم يتسلم "اي موقع امني في حركة فتح لكنه ساهم في كثير من العمليات الخاصة" مع القائد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وديع حداد وأسماء اخرى برزت في تلك الحقبة منها الشاعر السوري كمال خير بك (قدموس) واللبنانيان فؤاد عوض وميشيل مكربل واخرون.
خير بك وعوض كانا ينتسبان الى الحزب السوري القومي الاجتماعي. عوض كان ضابطا في الجيش اللبناني واشترك في قيادة انقلاب فاشل على السلطة قام به الحزب فجر اليوم الاول من سنة 1962 فحكم بالاعدام مع اخرين وسجن سنوات.

وأشهر العمليات التي اشترك فيها انيس النقاش اقتحام مقر منظمة اوبك في فيينا سنة 1975 بالاشتراك مع الفنزويلي الشهير كارلوس او ايليتش راميريز سانشيز واحتجاز وزاء النفط ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء الايراني السابق شهبور بختيار في باريس سنة 1980 .
في الكتاب معلومات وأخبار وأسرار وأضواء تلقى على اخبار سالفة. وجاء في التعريف بهذا العمل القيم الذي يشكل اجمالا سجلا مهما لتلك المرحلة "هذا الكتاب يميط اللثام عن كثير من الاسرار التي عرفها انيس النقاش او التي شارك في صنعها ويفضح محاولات بعض اجهزة الاستخبارات العربية لاختراق امن الثورة الفلسطينية... علاوة عن كشفه اسرار حقبة المقاومة واليسار اللبناني والحرب الاهلية (في لبنان) وخطف (الزعيم الروحي الشيعي اللبناني) الامام موسى الصدر ومنظمة بادر- ماينهوف (الالمانية)... وتأسيس الحرس الثوري الايراني ثم يشرح تفصيلات دوره في عملية اغتيال شهبور بختيار وتجربة السجن الفرنسي".

الكتاب الذي احتوى على ملحق بصور فوتوجرافية لشخصيات وأسماء هي تاريخية الان جاء في حوالى 220 صفحة متوسطة القطع وصدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. وصقر ابو فخر هو كاتب وباحث وصحافي فلسطيني له اعمال وأبحاث مختلفة.

وجاء في المقدمة التي كتبها صقر ابو فخر ان النقاش خلال مهماته الامنية الكثيرة كانت بوصلته "تتجه دوما الى فلسطين فهو اولا وأخيرا مناضل في سبيل تحرير فلسطين...".

ساهم في عدد من العمليات الخاصة في اطار "المجال الخارجي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وأفشل عمليات كثيرة غيرها لانه رأى فيها تهديدا لامن الثورة الفلسطينية...".

ومن امثلة ذلك محاولة اغتيال السفير الامريكي لدى لبنان وليام جودلي سنة 1972 حيث بادر النقاش الى ايصال الخبر الى القائد الفلسطيني الراحل في حركة فتح خليل الوزير (ابو جهاد) الذي طلب من القائد الراحل علي حسن سلامة (ابو حسن) ابلاغ الامريكيين. وقد افشل كذلك عملية اغتيال الملحق العسكري الفرنسي في بيروت "بوركوني" عندما اعلم زعيم منظمة التحرير الفلسطينية وقائد فتح ياسر عرفات بالامر فأوصل الخبر الى الفرنسيين.. فضلا عن احداث اخرى غير ذلك.

ويقول المؤلف ان "اكثر عملياته شهرة واثارة كانت محاولة اغتيال شهبور بختيار وهو اخر رئيس وزراء ايراني في عهد الشاه... وهذه العملية خطط لها ونفذها انيس نقاش بنفسه... وعاونه فيها ايرانيان وفلسطيني ولبناني لكنه وقع في قبضة السلطات الفرنسية بعد ان اصيب برصاصة وحكمت عليه احدى محاكم باريس بالسجن المؤبد. وفي 28-7-1990 اطلق سراحه وعاد الى بيروت ليجد رفاقه الذين طالما ناضلوا معا قد غادروا لبنان سنة 1982 وتشتتوا في بقاع الارض".

ويروي انيس النقاش محاولة اغتيال بختيار وأسباب فشلها فيقول " البداية كانت الخوف من محاولة انقلاب في ايران تعيد العجلة الى الوراء وتجهض الثورة الاسلامية... وتبين ان الامريكيين مع شهبور بختيار (والرئيس العراقي الراحل) صدام حسين وأطراف اخرى اجمعوا على ان الانقلاب في ايران ممكن. وكانت حلقة الوصل هي شهبور بختيار وعدد من ضباط الجيش.

"وعندما صارت المعلومات اكثر جدية كان المطلوب ان نتحرك بسرعة لنجهض محاولة الانقلاب قبل وقوعها لان الانقلاب حتى لو فشل فسيؤدي الى مجازر حتما".

وبعد التأكد من المعلومات صدر قرار باعدام بختيار على ان ينفذه ايرانيون. واتضح اخيرا ان بختيار كان موجودا في فرنسا لا في انجلترا كما كانوا يعتقدون. هنا دعت الحاجة الى ان يتولى الامر "صديق" عوضا عن شخص ايراني. "اصبحنا نحتاج الى من يتكلم الفرنسية... وكنت انا المخطط للعملية ومن اجل انجاحها قررت ان اكون انا نفسي على رأس المجموعة...".

يتابع النقاش روايته متحدثا عن اسبب الفشل فيشير الى دور غير مفهوم لرجل دين ومسؤول ايراني اشتهر بدمويته عندما كان مسؤولا عن المحاكم الايرانية بعد الثورة.

قال " كانت الخطة جيدة جدا لكن للاسف قبل موعد التنفيذ اعلن اية الله خلخالي -ولا ادري السبب- انه ارسل مجموعة الى باريس لاعدام شهبور بختيار ثم راح يردد انه ارسل مجموعة اخرى وراء الشاه لاعدامه وأرسل كارلوس الى امريكا اللاتينية وهو لم ير كارلوس مرة في حياته... وتبين لي وفي اثناء التحقيق في السجن ان المخابرات الفرنسية كانت تبحث عنا... وكان الافضل في تلك الاوضاع ان نوقف العملية ونؤجلها الى مرحلة لاحقة. لكن الخوف من الانقلاب الذي بدأ موعده يقترب... ارغمنا على ان نخاطر ونضرب رأس الافعى فورا...".

كانت نتيجة المحاولة اشتباك مع الشرطة التي كانت تحرس البيت وقد وقد وقع في صفوفها عدد من الضحايا بين قتيل وجريح كما قتلت احدى الساكنات في المبنى دون ان تكون مستهدفة.

التعليقات