أمل جرّاح: أميرة الحزن والكبرياء/رشاد أبو شاور

-

أمل جرّاح: أميرة الحزن والكبرياء/رشاد أبو شاور
بعد سنة على رحيل الشاعرة السوريّة أمل جرّاح ، صدر عن دار الخيال في بيروت كتاب أنيق بحجم كبير ، عنوانه : أمل جرّاح أميرة الحزن والكبرياء. يضّم كتابات لعدد من أبرز الأدباء والشعراء العرب، نشرت بعد رحيلها ،وكلــمات قيلت في حفل تأبينها الكبير بمنــاسبة أربعينها في دمشــــق مسقط رأسها، وقصـــائد من ديوانهـــــا الأخير الذي نشر بعد رحيلها ( بكاء كأنه البحر ) ، وكثير من الصور التي جمعتها مع شخصيّات أدبيّة وفنيّة واجتماعيّة منذ بداية رحلتها الأدبيّة والحياتيّة.

زوجها الكاتب الكبير ياسين رفاعيّة قدّم للكتاب بكلام هو الشعر، والحزن النبيل والوفاء لرفيقة العمر التي عانت من آلام القلب منذ بداية شبابها، وصمدت متحمّلة رحلة الألم إلى أن سقط القلب من طول العناء ...

يكتب ياسين رفاعيّة في المقدمّة:

مرّ عام ما زلت هنا بابتسامتك العذبة وصوتك الحنون .
ما زلت على الشرفة تشذبين مزروعاتك وشجرة الياسمين .
ما زلت على مقعدك الأثير وشالك الأزرق على كتفيك
ها هي كتبك
ها هي أوراقك وأقلامك تنتظر قصائدك ...
ما زلت أتصوّر أنك على سفر وسوف تعودين


لمّا رحلت أمل جرّاح وجد ياسين رفاعيّة ورقة كتبت عليها أمل آخر قصائدها، وكانت مناجاة لابنتهما (لينا) ...

لينا المتزوّجة في بريطانيا من شاب إنكليزي أصيبت بالسرطان ، وتركت طفلتــين ، ورحلت بسرعة كأنما لتلحق بأمها بعد اشهر، تاركــــةً والدها ياسين، وشقيقها بسّام وحيدين، وليبقي بسّـــــام في لندن حيث عاشت الأسرة لسنوات، وليعود ياسين إلى بيروت للعناية بياسميــنة وأزهـــار أمل، ولغمر قبرها بالورد الأبيض الذي طالما أحبته، ذلك الورد الأثير إلى نفسها الشفّافة ...

أمل جرّاح رحلت قبل سنة، ولينا الغالية التي لاعبناها طفلةً صغيرة حملناها بين أحضاننا، ورأيناها عروساً وأماً، ثمّ سمعنا نبأ رحيلها الفاجع في ريعان صباها، فأوجعنا ما يحدث من نكبات متلاحقة للصديق ياسين رفاعيّة الكاتب الشفّاف النفس، الروائي، القاص، الشاعر الذي كتب لأمل: أنت الحبيبة وأنا العاشق، وغيرها من المجموعات والقصائد الشعرية النثريّة ...

نعم أمل جرّاح أميرة دمشقية، ابنة حارة ( الورد) العريقة، جارة مقبرة الشهداء، وشارع بغداد، وسوقساروجة، رحلت، وتركت لنا الحزن الذي قرأناه شعراً هو ذوب قلبها ...

هذا الكتاب بما يضّم من مقالات، وقصائد، وكلمات رثاء، ومحطات حياة، وصور ..هو سيرة لأجيال، وهو رغم جلال الموت والحزن والفراق ..يفيض حياةً ، وينبض بالذكريات التي لا تنسى...

التعليقات