المرأة في الرواية الفلسطينية / تأليف :زكي العيلة

المرأة في الرواية الفلسطينية / تأليف :زكي العيلة
زكي العيلة كاتب قصة فلسطيني له خمس مجموعات قصصية هي : العطش، الجبل لا يأتي، حيطان من دم، زمن الغياب، بحر رمادي غويط. وفي الدراسات التراثية صدر له كتاب «تراث البحر الفلسطيني»، عضو مؤسس لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، وعضو مجلس أمناء جمعية الملتقى الفكري في القدس، وعضو المجلس الأعلى للفلكلوريين الفلسطينيين، ترجمت بعض قصصه إلى الإنجليزية والفرنسية والإسبانية. صدرت هذه الدراسة عن مركز أوغاريت للنشر والترجمة في فلسطين تتبع فيها الكاتب واقع المرأة الفلسطينية خلال المائة سنة الأخيرة منذ بداية القرن العشرين حتى نهايته.


ولا شك أن الدارس والباحث المنصف يكتشف دور المرأة الفلسطينية الإيجابي في كل أدوار الحركة الوطنية الفلسطينية وتقلبات القضية الفلسطينية خلال قرن، رغم ما تعانيه المرأة العربية بشكل عام من تكبيل لدورها وقيد على حريتها وبروز حركات عديدة وأسماء دافعت عن حق المرأة في العمل والمساواة والتعليم،


وهذا ما قدمه الباحث في دراسته التي امتدت لأكثر من مائتين وخمسين صفحة، استطاع فيها أن يقدم دراسة أكاديمية وأدبية موّثقة لمساحة زمنية ممتدة عرضها في تمهيد وستة فصول وخاتمة، واستعان بعشرات الأبحاث والدراسات حول واقع المرأة في المجتمع الفلسطيني منذ بدايات القرن العشرين مروراً بالنكبة حتى حرب حزيران حيث بداية الاحتلال وخلال سني الانتفاضة الكبرى المباركة حتى السنوات الأولى لبداية عهد السلطة الوطنية الفلسطينية.


التمهيد الذي استمر لأكثر من أربعين صفحة تضمن دراسات عميقة وإحصاءات حول واقع المرأة في المجتمع الفلسطيني خلال المائة عام اجتماعياً وثقافياً، وتناول واقع تعليم المرأة في مراحله المختلفة حتى التعليم الجامعي ومشاركتها في المظاهرات والإضرابات وتواصلها مع المرأة والأطر النسوية في الأقطار العربية،


فقد عقد أول مؤتمر نسائي عربي في القاهرة ما بين 15-18 أكتوبر 1938 لدعم الشعب الفلسطيني وترأسته هدى شعراوي رئيسة الاتحاد النسائي المصري، وصدر عن المؤتمر قرارات تؤيد مطالب العرب في فلسطين ، وقالت صحيفة التايمز اللندنية تعليقاً على هذا المؤتمر «من أهم المزايا التي امتاز بها المؤتمر النسائي ما وصلت إليه المرأة الشرقية من التحرر الاجتماعي والذكاء السياسي»..


ولاحظ الكاتب أن مسيرة الحركة النسائية الفلسطينية في المدن قبل نكبة 1948 اعتمدت على النساء اللواتي حصلن على قسط من التعليم، أما في الريف فكانت مشاركة المرأة واضحة بحكم قربها من مراكز الثورة في الريف في هذه المرحلة الكفاحية ضد الانتداب والاحتلال البريطاني والحركة الصهيونية.


ويتناول الكاتب دور المرأة الفلسطينية في الانتفاضة الأولى الكبرى خلال الأعوام من 1987 حتى 1993 ويرى «أن نظرة واقعية لدور المرأة في الانتفاضة تؤكد أن انخراطها في النضال الوطني قد فتح الإمكانية لتعزيز مشاركتها السياسية بما ساهم في تدعيم مكانتها الاجتماعية» وينتهي الكاتب في دراسته زمنياً إلى وضع المرأة في عهد السلطة الوطنية ومشاركتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وفي التعليم والحياة السياسية،


ورصد الكاتب جهود السلطة الوطنية التي اهتمت بـ «إنجاز مسودات مشاريع لصالح المرأة» ويقول الكاتب « أما مشاركتها السياسية فظهرت في انتخابات 1996 وبروز 28 مرشحة من أصل 674 مرشحاً بما فيها مرشحة لمنصب الرئاسة وتم انتخاب خمس نائبات للمجلس التشريعي من بين ثمانية وثمانين نائباً».


والدراسة غنية بالمادة الأدبية خاصة ماله علاقة بالبناء الفني حول اللغة وظاهرة التكرار والسرد والحوار والمكان والزمان، إضافة إلى فصولها التي تناولت : الفصل الأول: الرواية الفلسطينية وقضايا المرأة قبل عام 1987 في الشتات. الفصل الثاني: المرأة في الروايات الفلسطينية الصادرة في الضفة والقطاع قبل عام 1987.


الفصل الثالث : المرأة بين الواقع والرمز في الرواية الفلسطينية بعد عام 1987 . الفصل الرابع : المرأة بين التمرد والتبعية بعد العام 1987 . الفصل الخامس: المرأة في معترك السياسة والنضال بعد عام 1987 . الفصل السادس: البناء الفني.


اعتمد الدارس في مصادر بحثه على خمس وأربعين رواية لـ واحد وثلاثين روائياً وروائية، إذ تناول روايات لثماني وعشرين روائياً وثلاث روائيات أما في مجال المراجع فقد اعتمد الكاتب على مراجع لاثنين وأربعين رجلاً وأربع عشرة امرأة وفي الرسائل الجامعية الخمس رسالتين لدارسين وثلاث لدارسات، وهذا ربما يشير إلى اهتمام المرأة الفلسطينية بالدخول إلى باب الدراسات والأبحاث والجانب التوثيقي والأكاديمي أكثر من اهتمامها بالجانب الإبداعي وكتابة الرواية ..


في نهاية الدراسة جاء في توصيات الباحث أن المرأة الفلسطينية في زمن الانتفاضة ورغم ازدياد همومها بسبب المشاركة في الأحداث إلا أن قضاياها الخاصة لم تجد التغير الواضح، ولاحظ الكاتب قلة الاتكاء على الرمز، حيث ازدادت جرأة الكاتب على الوضوح وتعامل معها الكاتب على أنها واقع وإحساس، ولفت الكاتب النظر إلى «بروز نماذج نسائية منحرفة مستغلة ظهرت في الروايات التي تستقصي مرحلة أواخر الانتفاضة وبدايات مجيء السلطة الوطنية،


حيث تمكنت تلك النماذج عبر استغلال بعض المناصب في المؤسسات الوليدة أن تحول نضالات الآخرين وتضحياتهم إلى مصالح نفعية، وغالباً ما قدمت الروايات موضع البحث، تلك النماذج بهدف إدانتها وتجاوزها، سعياً وراء إقامة مجتمع فلسطيني متماسك.

(عبد الله تايه - "البيان")

التعليقات