المرجع العربي / للباحث جبارة البرغوثي

المرجع العربي / للباحث جبارة البرغوثي
في كتابه الجديد «المرجع العربي» الصادر عن دار حازم بدمشق يسعى الباحث والصحفي جبارة البرغوثي الى وضع كتلة كبيرة من المعلومات عن العرب ووطنهم بين ايدي الباحثين عن المعرفة في رسم حقيقي للحال العربي في الاقتصاد والمال والثروة والمياه والغذاء والمعرفة بشقيها العلمي والثقافي


حيث يمكن القول عن كتابه الجديد انه موسوعة مصغرة تحررنا من بعض المعطيات وتفرحنا بكثرة مالدينا من مؤهبات للنهوض ثم تعود ولترشدنا الى المعوقات والمصادر التي تجعل جروحنا نازفة. وقد اشار المؤلف في هذا الكتاب الى الاقتصاد العربي فلمس انه اما تابع لا موقع له في الاقتصاد والرأسمالي


واما طفيلي افرزته الرأسمالية الدولية التي اطلقوا عليها اسم «الاشتراكية» حيث تحول النفط عندنا الى نقمة بدلا من نعمة ولا تبعية للغرب تحولت الى تهاون جسدته قرارات القمم العربية كما تقول النصوص الواردة في الكتاب فلا صناديق التمويل ولا جماعة الدول العربية في عيون العرب جامعة لهم فقد استهان العرب بقوتهم فاستهان العالم بدورهم وابتعد العرب عن العرب فابتعدت عنهم نفحات الماضي التليد وأماني الاجيال بمستقبل رغد


وقد تحدث العرب كثيرا عن المكانة والثروة وقوة الشخصية لكن تبعثرهم جعلهم محل اطماع الآخرين بما تملكه الوطن العربي من مركز حضاري وسوق استهلاكي وثروات ارضية وتحت ارضية كذلك لم يكتف العرب بإقامة بوابات حدودية بين بعضهم البعض بل افقدوا صلة الرحم قوتها فما من حدود إلا وعلى جانبيها ابناء عائلة واحدة او عشيرة واحدة او هناك نسب استجد بينهم فاصبحوا ابناء عمومة.


كما ان حجم التجارة البينية بين العرب لا تتجاوز 6% من تجارتهم مع العالم ونسبة الامية بين العرب هي من اعلى النسب في العالم ومعدل الفقر تجاوز الحدود فاصبح مرض سوء التغذية من الامراض الشائعة عربيا في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن الحرية بكل صنوفها ويتحدث العرب عن الحاكم الارضي المؤلمة لتبرير ما هو عليه من تخلف.


هذا في الوقت الذي طغت فيه الشراكة على الاستثمار البيني العربي واسهمت اتفاقيات شراكة بين اكثر من دولتين في تمويل او توسيع مشاريع اقتصادية عربية وبلغ حجم الاموال للمشاريع العربية المشتركة قرابة (15 مليار دولار) استخدمت في 170 مشروعا اقتصاديا في اكثر من دولة عربية وساهم القطاع الخاص العربي في مشاريع استثمارية بلغ عددها قرابة 98 مشروعا وحجم ما انفق عليها من الاموال بلغ 3 مليارات دولار تقريبا


كما فشلت الدول العربية في اقامة مشاريع تكاملية ضخمة تخدم التكامل الاقتصادي واحتياجات العرب لصناعات ثقيلة او اقامة مصانع تصنع الآلة الصانعة ومجموعة المشاريع المشتركة والأموال المستثمرة فيها لا تقرن حجم الاموال العربية المستثمرة في مشاريع او شراكات في اربع دول اوروبية هي بريطانيا وفرنسا واسبانيا وايطاليا خاصة


وان عدوا من هذه المشاريع المشتركة قد توقفت او تم التحلل منها في اعقاب حرب الخليج الثانية على اعتبار ان العراق كان من بين اكثر الدول العربية شراكة في مشاريع مشتركة تليه الكويت ثم السعودية.


وفي غياب الخطط القومية للانتاج والتصدير والتطوير والاستثمار سيبقى الوطن العربي مجرد سوق مستهلكة لما يصنعه الآخرون فعلى سبيل المثال ابرمت 18 دولة عربية عام 1983 اتفاقية تبادل نصت في فقراتها على قيام منطقة تجارة حرة عربية


إلا ان دخولها حيز التنفيذ تم الاتفاق عليه في يناير عام 1998 من قبل عشر دول فقط اي ان خمسة عشر عاما من الزمن تم هدرها لمصلحة الاقتصاديات الاجنبية على حساب التجارة العربية البينية وهذا بدوره ساهم في ارتفاع معدلات البطالة العربية وفي انخفاض درجة الانتباه القومي لحساب المصالح الأجنبية.


واذا كان الوارد العربي لم يتجاوز الـ 5.28 مليارات دولار لعام 1998 نصيب الفرد العربي منه بحدود 2182 دولاراً فان وارد اسرائيل للعام نفسه زاد على 111 مليار دولار اي ما يعادل قيمة النفط العربي تقريباً ونصيب الفرد الاسرائيلي منه سويا قرابة 18 الف دولار.


وعن الأمن الغذائي العربي يشير الباحث جبارة البرغوثي في كتابه الجديد الى اتساع حجم الفجوة الغذائية العربية التي يحددها الفارق بين كل من الاستهلاك الفعلي والانتاج الفعلي لتغدو فجوة غير قابلة للتقلص في زمن منظور ما دامت السياسات العامة العربية بعيدة عن الطموح القومي في التكامل والتبادل وفتح الحدود ورفع القيود.


فالبيانات الاحصائية المتاحة تقول ان قيمة الفجوة بين الانتاج والاستهلاك تتسع بمعدل سنوي مقداره 6. 105% حسب معطيات الفترة الواقعة بين (1970 ـ 1991) وهذه نسبة شديدة الارتفاع تنذر بالمخاطر الجسيمة ففي الوقت الذي تصل فيه الواردات الغذائية العربية قرابة 60 مليار دولار سنويا تؤكد بيانات الجامعة العربية ان نسبة الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الاساسية بدأت تتناقص بنسبة مريبة.


فعلى الرغم من ان الارض العربية تساوي حوالي 3. 10% من مساحة اليابسة في الكرة الارضية الا ان المساحة القابلة للزراعة لا تزيد على 10% من المساحة اليابسة العربية اي بحدود 135 مليون هكتار إلا انه ليست جميع الارض القابلة للزراعة مستثمرة فالمقدار المستثمر لايزيد على 8. 65 مليون هكتار تمثل المساحة المروية منها قرابة 20% فقط بينما تعتمد المساحة المتبقية على الري المطري.


وفيما يتعلق بالتوزيع القومي للطاقة العربية يشير الباحث والصحفي الفلسطيني المعروف إلى انه اذا كان نصيب الفرد في الدول المتقدمة يفوق احتياجاته فان متوسط الطاقة السعرية التي يحصل عليها الفرد العربي في اليوم لا تزيد على 90% من احتياجاته في الحد الاقصى وتتراوح هذه النسبة في سوريا مثلا ما بين 61% ـ 102% اما متوسطها في الجزائر فهو 71% فقط بينما في الدول المتقدمة فمتوسطها يبلغ 119% من الاحتياجات السعرية اليومية.


وبدراسة مقدار السعرات الحرارية التي يحصل عليها الفرد العربي يتبين انها تبلغ حوالي 2100 سعرة وبحد اقصى يبلغ 2500 سعرة كما في ليبيا ودول خليجية وبحد ادنى يصل الى 1700 كما في الجزائر أما في دول العالم المتقدمة فمتوسط السعرات الحرارية التي يحصل عليها الفرد تصل الى 3000 سعرة حرارية


في حين يتناول المواطن العربي اغذية نباتية تجعل كمية البروتين التي يحصل عليها عالية بالنسبة للنسبة العالمية إذ يبلغ البروتين في غذاء الفرد العربي حوالي 2. 11% وبحد اقصى يحصل الى 5. 14% في حين ان هذه النسبة تساوي 7. 10% من غذاء الفرد في الدول المتقدمة أي ان الغذاء النباتي العربي يعوض النقص في مادة اللحوم الغنية بالبروتين.


من جهة أخرى يفرد الباحث للمياه العربية فصلاً كاملاً في كتابه الجديد مؤشراً في البداية الى ان الارض العربية تختزن من مياه المطر السنوي التي تهطل قرابة 15300 مليار متر مكعب من اصل 2238 مليار متر مكعب من المياه العذبة أما الموارد السطحية المتجددة فتبلغ 325 مليار متر مكعب سنويا والقابل للاستخدام من هذه الكمية بحدود 221 مليار متر مكعب سنويا،


حيث تختلف السعة المائية للمواقع العربية باختلاف مناخاتها فالوارد اللبناني من الامطار مثلاً يصل الى 5. 11 مليار متر مكعب، والوارد المصري يصل الى 7. 67 ملياراً منها مياه النيل البالغة 6. 55 مليار متر مكعب، اما الوارد الفلسطيني فيصل الى 10 مليارات متر مكعب سنوياً من مياه الامطار دون المياه السطحية في الجداول والانهار والبحيرات حيث تكمن المشكلة العربية في ان 60% من الوارد المائي العربي يأتي من خارج الحدود العربية.


اما الاستهلاك العربي من المياه فيتراوح بين 165 ـ 175 مليار متر مكعب سنوياً موزعة بنسبة 83% للزراعة و5. 11% للصناعة والباقي للاستهلاك المنزلي.


هذا في الوقت الذي تقدر فيه المنظمة الدولية للزراعة «الفاو» ان الفاقد المائى العربي يصل الى 60% من مجموع الامطار الهاطلة حيث تذهب هذه الكمية الى البحار وهذا يعني ان الهدر المائي في الوطن العربي كبير جداً وان التصحيح ممكن في ضوء الاستخدامات الحديثة للتقنيات العالية في عمليات حجز المياه خلف السدود المطرية والنهرية.


وعن الجغرافيا المعدنية والثروات الباطنة تأتي الفصول الاخيرة من الكتاب الجديد «المرجع العربي» للباحث والصحفي جبارة البرغوثي للاشارة الى مصادر الطاقة كالبترول والغاز المسال والغاز الطبيعي والفحم الحجري والصخر الزيتي والطاقة العربية المساندة والفوسفات العربي واليورانيوم والفلزات المعدنية والأملاح الى جانب المعادن الثمينة الاخرى كالذهب والبلاتين، كذلك ثروات البحار العربية.


في حين تبدو الأمية من المشاكل والآلام الاجتماعية العربية كذلك واقع المرأة العربية والطفل العربي كذلك واقع الجامعة العربية والتكنولوجيا والثقافة مقدماً في النهاية رؤيته حول مواضيع تخص البيئة العربية كالتلوث والزلازل وغير ذلك من الكوارث الطبيعية.

الكتاب: المرجع العربي

الناشر: دار حازم ـ دمشق 2002

الصفحات: 250 صفحة من القطع الكبير

التعليقات