باحثان: اليهود الفقراء فقط وجدوا في اسرائيل وطنا بديلا لمصر

-

باحثان: اليهود الفقراء فقط وجدوا في اسرائيل وطنا بديلا لمصر
من سعد القرش

ترى باحثة ألمانية أن العداء لليهود في مصر في النصف الاول من القرن العشرين اتخذ طابعا سياسيا لا جماهيريا بينما يقول باحث أمريكي إن معظم طوائف هؤلاء اليهود رفضت الاندماج في المجتمع وتمسكت بهويتها الصهيونية.

واتفق الباحثان على أن فقراء اليهود فقط هم الذين غادروا مصر إلى إسرائيل في حين فضل الاخرون الاستقرار في دول غربية.

وتقول جوردن كرامر أستاذة العلوم الاسلامية بجامعة برلين الحرة في دراستها (اليهود في مصر الحديثة 1914 - 1952) إن "العداء لليهود كان قاصرا على الحركات السياسية ولم يمتد ليصبح تيارا عاما... الصحافة المصرية دعت الى حسن معاملة اليهود في مصر وبرأت ساحتهم من التشيع للصهيونية."

أما جويل بينين أستاذ تاريخ الشرق الاوسط بجامعة ستانفورد الامريكية فيسجل في دراسة عنوانها (شتات اليهود المصريين.. الثقافة والسياسة وتكوين دياسبورا حديثة) أن اليهود القرائين فقط هم الذين اندمجوا في المجتمع المصري "أما بقية اليهود فتراوحت هويتهم بين المتوسطية... كان لا يعنيهم الا كونها (مصر) ملاذا آمنا لهم ويجدون هويتهم في الصهيونية."

وأشار الى "حرص حاييم ناحوم أفندي حاخام الربانيين وكذلك حاخام القرائين على إعلان تأييدهما لثورة يوليو (تموز 1952) وزيارة (أول رئيس مصري في العصر الحديث) محمد نجيب للمعبد اليهودي بشارع عدلي وتصريحه بأن الدين لله والوطن للجميع."

وطائفة القرائين كانت لهم تعاليم صارمة أخذوا فيها بحرفية النص التوراتي فأضحى التلمود عندهم غير ذي قيمة. ويرجع باحثون نشأة هذه الطائفة الى القرن الثامن الميلادي على يدي يهودي عراقي.

وقدم أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة رؤوف عباس تلخيصا لكتابي كرامر وبينين ضمن ثلاثة كتب لباحثين يهود "لهم صلات باسرائيل ومصر" في دراسة تقع في 30 صفحة بعنوان (يهود مصر في الدراسات الاجنبية) نشرتها مجلة (مصر الحديثة).

والمجلة التي تصدر سنويا عن دار الكتب والوثائق القومية بمصر يقع عددها الجديد الذي صدر هذا الاسبوع في 563 صفحة كبيرة القطع بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي بدأت دورته الثامنة والثلاثون الثلاثاء الماضي.

والكتاب الثالث الذي تناولته دراسة عباس وهو من أبرز أساتذة التاريخ الحديث المصريين هو (اليهود في مصر في القرن التاسع عشر) لجاكوب لانداو الذي نشأ بالاسكندرية ثم هاجر مع أسرته الى الولايات المتحدة عام 1956 وعمل بالتدريس في إسرائيل نحو عشرين عاما قبل أن يعود الى أمريكا.

وقد أشار لانداو في كتابه الذي كتبه بالعبرية الى أن اليهود الذين أقاموا بمصر في القرن التاسع عشر كانوا في عزلة عن المجتمع الذي كان يبادلهم "الكراهية ... يستوي في ذلك المسلمون والاقباط."

وذكرت جوردن كرامر أن معظم شرائح اليهود بمصر في النصف الاول من القرن العشرين كانوا وافدين ولهم مصالح اقتصادية في مصر وأممت أملاك معظمهم "عام 1956 في غضون العدوان الثلاثي (البريطاني الفرنسي الاسرائيلي) لكونهم من رعايا بريطانيا أو فرنسا."

وأضافت أن اليهود الاثرياء فضلوا الاتجاه الى أوروبا وأمريكا واستراليا "بدلا من إسرائيل بينما اتجه الفقراء الى إسرائيل. وبلغ عدد من هاجروا من يهود مصر إلى إسرائيل في السنوات الخمس 1949 - 1951 ما يتراوح بين 15 الى 20 ألفا من اليهود أي 20 بالمئة من إجمالي عدد اليهود في مصر عندئذ."

ونفت أن يكون الاسلام كدين معاديا لليهود واعتبرت ذلك إفتراء على الاسلام والمسلمين مشيرة إلى ما حققه اليهود في مصر من مكاسب وثروات ومكانة لكن هجرتهم تعود لمتغيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية صاحبت حركة التحرر الوطني "الموجهة ضد الهيمنة الاجنبية... ولما كانت غالبية اليهود في مصر من أصحاب الرعوية الاجنبية ومن غير محددي الجنسية ويحجمون عن الاندماج في الجماعة الوطنية لم يكن أمامهم من سبيل سوى البحث لانفسهم عن ملجأ آخر شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الجاليات الاجنبية في مصر."

وكان المتمتعون بنظام الحماية لا يخضعون للمسائلة أمام القضاء المصري باعتبارهم أجانب بل كانت كلمة "حماية" كافية للدلالة على أن لحاملها امتيازا خاصا.

أما الامريكي بينين مؤلف كتاب (شتات اليهود المصريين.. الثقافة والسياسة وتكوين دياسبورا حديثة) فيعرفه عباس بأنه "كان صهيونيا حتى تخرجه في الجامعة واتجه الى إسرائيل عام 1970 ليعمل في الكيبوتز (المزارع الجماعية) ويشارك مشاركة عملية في بناء المشروع الصهيوني ولكن التناقضات الاجتماعية والسياسية التي عايشها جعلته ينضم الى الحركة الطلابية اليسارية في الجامعة العبرية ويتعرض للاعتقال عدة مرات. وترك اسرائيل عام 1973 عائدا الى أمريكا حتى لا يجند في الجيش الاسرائيلي وان كانت صلته استمرت بإسرائيل حيث عاش والداه هناك."

وقال إن "الصهيونية اهتمت بتنظيم هجرة اليهود المصريين بين 1948 - 1956. وكان اليهود الفقراء يتجهون الى إسرائيل أما الاغنياء فيما عدا الصهاينة فقد اتجهوا الى بلاد أخرى... كان القراءون لا يهتمون بالصهيونية ولم يزد عدد من هاجر منهم الى إسرائيل حتى عام 1956 عن مئة شخص... الاسرائيليون لا يعدونهم يهودا ويعتبرونهم ملحدين."

وأضاف أن معظم اليهود القرائين المصريين هاجروا الى الولايات المتحدة عند خليج سان فرانسيسكو ويبلغ عددهم 130 أسرة إضافة الى 300 أسرة أخرى في "أماكن محددة" في بالتيمور ونيويورك وبوسطن وشيكاجو "ونظرا لانكار اليهود الاخرين لهم أعاد هؤلاء بناء هيكل حياتهم اليهودية المصرية من جديد فهم مصريون في طعامهم وعاداتهم."

التعليقات