"جدل" حول اللقاءات الفلسطينية اليهودية

أصدر مركز مدى الكرمل العدد التاسع من مجلة جدل الالكترونية والتي خصصت هذه المرة لقضية اللقاءات المبرمجة بين الفلسطينيين واليهود في محاولة لفهم ماهية العلاقة بين الشعبين وتطورها التاريخي.

أصدر مركز مدى الكرمل العدد التاسع من مجلة جدل الالكترونية والتي خصصت هذه المرة لقضية اللقاءات المبرمجة بين الفلسطينيين واليهود في محاولة لفهم ماهية العلاقة بين الشعبين وتطورها التاريخي. 

في بداية السبعينيات بدأت تنتشر في البلاد مشاريع ما يسمى "التعايش اليهودي العربي"،  حيث أقيمت العديد من المنظمات التي عملت على إجراء لقاءات مبرمجة بين مواطنين فلسطينيين ومواطنين يهود واستمرت لتشمل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما نشهد بكثافة مثل هذه البرامج بأعقاب كل نقطة مفصلية مثل أحداث هبة أكتوبر على سبيل المثال. ونلاحظ أن جميع هذه المنظمات هي منظمات يهودية وتخدم أجندة صهيونية. حتى الان لم تتم دراسة هذه الظاهرة وتحليلها بشكل جدي وعميق، حيث تندر الأبحاث العربية في هذا الخصوص.

في السياق خصص مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية العدد الحالي من مجلة "جدل" الدورية لدارسة قضية اللقاءات المبرمجة بين اليهود وبين الفلسطينيين، في محاولة للوقوف على الأجندات المعلنة والمخفية لهذه اللقاءات، وربما عبر ذلك فهم ماهية العلاقة بين الشعبين.  أشرف على تحرير العدد الحالي د. رباح حلبي المحاضر في قسم التربية في الجامعة العبرية والذي عمل أكثر من عشرين عاما وأجرى العديد من الأبحاث الميدانية في هذا المجال.

وبمناسبة صدور هذا العدد وعلى أثر الأحداث الأخيرة من الممارسات العنصرية والتصعيد في تضييق الخناق على الفلسطينيين في إسرائيل، سيعقد مركز مدى، الأسبوع القادم، ندوة حول العلاقات الفلسطينية اليهودية في إسرائيل بمشاركة كل من بروفيسور محمد أمارة، د. عادل مناع، د. رباح حلبي.

يتضمن العدد الحالي مقالا تحليليا بقلم رباح حلبي، ثلاث وجهات نظر بمشاركة كل من: موجه اللقاءات باسم كناعنة الذي يعمل منذ عقدين ونيف في هذا المجال؛ د. نوح سلامة، مدير مركز وفاق لتسوية النزاعات والتصالح الاجتماعي في بيت لحم؛ ميخال زاك التي عملت فترة طويلة في مدرسة السلام في واحة السلام وهي عضوة في طاقم مجلس القرى العربية غير المعترف بها في النقب. كما يتضمن العدد مقالة معلوماتية بقلم الناشطة جنان عبده المحررة المساعدة لمجلة جدل.

في المقال التحليلي يكتب د. رباح حلبي بأن مشاريع "التعايش" جاءت أثر حاجة يهودية وأنها ممولة في الأساس من قبل يهود، وهي تهدف في نهاية المطاف إلى تفهم الجانب المقموع للجانب القامع ولتخوفاته. ويشير حلبي أنه ومن خلال عمله ودراسته في هذا المجال قد توصل إلى القناعات التالية: أولاً، أن ما يحسم العلاقة بين اليهود وبين الفلسطينيين في الداخل والخارج هي منظومة كولونيالة وأن اليهود القائمين  على منظمات "التعايش" لا يستطيعون تحمل وجود فلسطيني مديرا حقيقيا في مثل هذه التنظيمات. وهو يشير إلى تجربته "القاسية في هذا الصدد مع اليساريين واليساريات (اليهود) في واحة السلام. مؤكدا أن ظاهرة "العنجهية، والتعالي والعنصرية شائعة أو متفشية لدى اليهود الغربيين، ولا سيما أولئك الذين ينعتون أنفسهم باليسارية"؛ ثانيا، أن الهوية اليهودية والدولة العبرية  مبنيتان في الأساس على السيطرة على الفلسطينيين والعرب.

وفي ختام مقاله يقول حلبي بأن "العلاقة بين اليهود والدولة وبين الفلسطينيّين في الداخل هي مؤشّر لماهيّة العلاقة بين اليهود والفلسطينيّين بشكل عامّ، بل بين اليهود والمحيط العربيّ الذي يعيشون ضمنه. من هذا المنطلق، لا أعتقد أنّه في المستقبل القريب سوف يكون ثمّة أمل في الوصول إلى معادلة سلام ووئام حقيقيّين بين الشعبين". ويخلص إلى النتيحة بأن "الحل الوحيد الممكن للصراع مشروط بتغيّر العقلية اليهودية، وعلى نحو أدق تغيير العقلية اليهودية الغربية، وبالتنازل عن العنجهية والنزعة الكولونيالية، وبمحاولة التأقلم مع المحيط حضاريا وسياسيا واقتصاديا وأخلاقيا".

في باب وجهات النظر يخوض السيّد باسم كناعنة في قضيّة إدارة المؤسّسات المشتركة التي يعمل فيها اليهود والفلسطينيّون معًا ويحلل نوعية العلاقة بين العرب واليهود داخل هذه المؤسسات. ويقول بأن الواقع داخل تلك المؤسسات يشكل نموذجا مصغرا للواقع القائم بين اليهود والعرب، وبأن ما يميز تعامل الدولة واليهود مع العرب هو التعالي والفوقية من منظور السيّد؛ أما د. نوح سلامة من بيت لحم فيتناول اللقاءات بين الإسرائيليين وبين الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، ويدعو إلى ضرورة التنسيق بين الجمعيات والتنظيمات الفلسطينية الفاعلة للاتّفاق على أهداف مشتركة وخطوط حمراء لا يجوز لأيّ كان أن يتجاوزها. ويقول بأن معظم مشاريع اللقاءات تصبّ في مصلحة الاحتلال، ولا سيّما حين يقرّر الجانب الإسرائيليّ الموضوع والطريقة والأسلوب والنتيجة، وهذا لا يختلف عن قيم الاحتلال التي تعتمد على السيطرة والعنجهيّة والاستعلاء والتمييز العنصريّ كما ينعكس الأمر في المفاوضات الأخيرة. ويؤكد بأن تلك المشاريع تأتي بنتائج سلبية وترسخ السيطرة واستمرار الاحتلال؛ السيّدة ميخال زاك تستعرض التجربة الحياتيّة المشتركة لشريحة من أبناء الشعبين في بلدة "واحة السلام" بنظرة نقدية. وتقول أن علاقات القوة والسيطرة والهيمنة التي تشكل علاقات الدولة مع المواطنين العرب تنعكس على العلاقات بين العرب واليهود داخل واحة السلام. وفي نهاية مقالها تكتب "من يرغب بمجتمع عادل محقِّق للمساواة، فعليه الاعتراف بالواقع - بأنّ ثمّة مضطهِدين (بكسر الهاء) ومضطهَدين (بفتح الهاء) واختيار إمكانيّة التضامن".

في الورقة المعلوماتية تسرد السيّدة جنان عبده تاريخ اللقاءات وتطوُّرها ووضعها الحالي. وتشير عبده إلى انخفاض عدد المنظمات التي تعمل في مجال "التعايش" من 180 إلى نحو 80 منظمة، وذلك بسبب ارتفاع مستوى الوعي لدى الفلسطينيين في الداخل وبسبب أحداث أكتوبر بشكل مباشر.

يمكن الاطلاع على جميع مواد المجلة على الرابط التالي: http://jadal.mada-research.org/?LanguageId=2

التعليقات