"عودة الياسمين إلى أهله سالمًا" لإبراهيم نصر الله

عن الدار العربية للعلوم في بيروت، ودار مكتبة كل شيء في فلسطين صدرت مجموعتان شعريتان تشكلان مختارات للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله، هما: عودة الياسمين إلى أهله سالما) والتي تضم حوالي خمسمائة قصيدة قصيرة جدا، و (أحوال الجنرال) التي تضم اثنتي عشرة قصيدة طويلة، من بينها قصائده ملحمية مثل: راية القلب - ضد الموت، الفتى النهر والجنرال، والحوار الأخير قبل مقتل العصفور بدقائق. وقد أرفقت كل مجموعة بقرص مضغوط يضم عددا من قصائد المجموعتين بصوت الشاعر.

 

عن الدار العربية للعلوم في بيروت، ودار مكتبة كل شيء في فلسطين صدرت مجموعتان شعريتان تشكلان مختارات للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله، هما: عودة الياسمين إلى أهله سالما) والتي تضم حوالي خمسمائة قصيدة قصيرة جدا، و (أحوال الجنرال) التي تضم اثنتي عشرة قصيدة طويلة، من بينها قصائده ملحمية مثل: راية القلب - ضد الموت، الفتى النهر والجنرال، والحوار الأخير قبل مقتل العصفور بدقائق. وقد أرفقت كل مجموعة بقرص مضغوط يضم عددا من قصائد المجموعتين بصوت الشاعر.

يبحر إبراهيم نصر الله من خلال قصائده القصيرة جدا في محطات تأملية تستولد المعاني والحكم من أشياء كثيرة قد لا يلتفت إليها كثيرون، فهنا معالجات ورؤى جميلة وعميقة تفيض بحالات وجدانية حميمة تؤنس الأشياء وتمنحها قيمة إنسانية نبيلة مستمدة من بصيرة نافذة للشاعر.

هذه القصائد أشبه بومضات خاطفة لكنها تنطوي على طاقة من الإضاءة لمساحات واسعة من التأمل، وتفتح آفاقاً رحبة للرؤية الإبداعية التي تجسد شغفاً بقيم النبل والجمال، ليست كما هي معروفة لدى الإنسان وحده، بل كما يمكن أن توجد لدى الكائنات والأشياء التي نرتبط بها بعلاقات وجدانية حميمة غالباً ما يكون الشعراء أكثر إحساساً بها وأسرع التقاطاً. إنها تأملات عميقة الغور، يمور القلق الوجودي ويتلاطم في نيرانها الداخلية عبر الإيماءة والإشارة والإيحاء، وبما تزخر به من أسئلة إنسانية.

وإذا كنا نؤسس هنا على رأي "أرسطو" (الشعر هو ليس الفن الأكثر تكثيفاً بل هو أيضاً الفن الأكثر فلسفةً) فالخطاب الشعري لـ "إبراهيم نصرالله" يتبلور في هاتين الخاصيتين التكثيف والفلسفة .. الأول يحدث على مستوى التوظيف الإيحائي واللغوي والسردي أما الثاني فينبثق من خلال اختيار الثيمة ذات البعد الفلسفي وإقامة السؤال الفلسفي إزاء الوجود الحياتي الإنساني.

يقول الدكتور إحسان عباس في حديثه عن تجربة إبراهيم نصر الله في كتابة القصيدة القصيرة: (لقد استطاع إبراهيم نصر اللـه أن يضع إطاراً واضحاً لظاهرة القصيدة القصيرة؛ ومعه اتخذت القصيدة الجديدة بعداً جديداً حين أفردت في ديوان كامل أو أكثر من ديوان، دون أن يكون ذلك ساماً في القصيدة الطويلة التي أجادها إبراهيم في "نعمان يسترد لونه" وفي "الفتى النهر .. والجنرال" وغيرهما من دواوينه، ثم إن انتقال إبراهيم بين الشعر والرواية يدل على أن طول الشكل لا يقف في طريق إبداعه).

يضم ديوان (عودة الياسمين إلى أهله سالما) مختارات من أربعة دواوين شعرية كرست للقصائد القصيرة جدا، هي: عواصف القلب، شرفات الخريف، كتاب الموت والموتى، وحجرة الناي.

أحوال الجنرال

أما مختارات (أحوال الجنرال) فجاءت لتشكل تجربة جديدة اهتمت بالشكل الشعري الملحمي الذي يمتلك طاقة تعبيرية شديدة الصلة بالوجدان الإنساني الجمعي وطنيا وفلسفيا، وأبرز هذه القصائد (الحوار الأخير قبل مقتل العصفور بدقائق) و (الفتى النهر.. والجنرال) و (راية القلب – ضد الموت) و (فضيحة الثعلب) و (الطائر) وغيرها.

وقد تميزت القصيدة الملحمية لدى نصر الله بتجاوزها للسمات الملحمية التقليدية، فهي وثيقة الصلة بالواقع والتاريخ المعاصر، ناهيك عن قدرتها على أن تسلط الضوء على النمو النفسي والتحول القيمي والأخلاقي للشخصية الملحمية، كما رسمت الأجواء الملحمية من تفاصيل المكان والذاكرة والحالات النفسية المتحولة للشخصيات الفنية، حيث تسري الروح الملحمية في جسد القصيدة لتمنحها مكانة فنية ليس فقط في النتاج الشعري للشاعر بل في النتاج الشعري العربي بعامة.

وعلاوة على القيمة الإنسانية والفنية والوطنية لهذه القصائد، فقد حظيت بقيمة جماهيرية واسعة النطاق، وأكدت مقولة فنية أساسية أن البساطة التعبيرية في الفن قادرة على حمل المعاني العميقة.

لقد ظلت الكتابة الشعرية لدى إبراهيم نصر الله تشهد تطوراً متصاعداً في ما يتصل بالموضوع، والتقنيات، والصور الشعرية، وأنواع القصائد، وكان الاتجاه الملحمي واضحاً كل الوضوح في مسيرة تطوره الشعري الذي شكل رافدا أساسا من روافد الشعرية العربية خلال السنوات الثلاثين الماضية.

صمم غلاف المجموعتين الفنان محمد نصر الله مستخدما لوحة للفنان العراقي فلاح السعيدي للمجموعة الأولي ولوحة للفنان السوري فاتح المدرس لغلاف المجموعة الثانية.

التعليقات