"الأعظم"... الغوص في أغوار شخصية المستبد

يتناول الروائي إبراهيم سعدي، في طبعته الجديدة لروايته "الأعظم"، والصادرة مؤخرا عن "دار فضاءات" بالعاصمة الأردنية عمان، ظاهرة "الطاغية" السائدة في الواقع السياسي العربي من منظور جمالي.

توضيحية (pixabay)

يتناول الروائي إبراهيم سعدي، في طبعته الجديدة لروايته "الأعظم"، والصادرة مؤخرا عن "دار فضاءات" بالعاصمة الأردنية عمان، ظاهرة "الطاغية" السائدة في الواقع السياسي العربي من منظور جمالي.

وتقع الرواية، في 384 صفحة من القطع المتوسط. وتعد الرواية أول عمل سردي عربي متكامل يكرس موضوعه حول شخصية السياسي المستبد، حيث يدور عالم الرواية حول حاكم يحتكر السلطة مدة أربعين سنة في بلد عربي متخيل أيضا، اسمه "المنارة"، قبل أن يرثه ابنه من بعده في الحكم.

وصدرت الرواية في طبعتها الأولى في تشرين الثاني/ أكتوبر 2010، عن دار الأمل (جزائرية)، قبيل اندلاع شرارة الربيع العربي في تونس في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010.

وأكد الروائي إبراهيم سعدي، في بيان صحافي، أنه "عندما انتهيت من كتابة رواية "الأعظم"، في تشرين الأول 2010، كنت في الواقع أبعد من أن أتوقع أن تندلع، بضعة أشهر بعد ذلك، ثورة جماهيرية في تونس، لتمتد على إثر ذلك مثل النار في الهشيم إلى مختلف بلدان العالم العربي. وذلك على الرغم من أن الرواية، تتحدث بشكل صريح عن الظاهرة الدكتاتورية العربية، وعن لازمتها المتمثلة في التوريث والفساد، وعن طابعها العابر لحدود الدولة الوطنية، وعن بوادر ثورة قادمة.

وتبدو الرواية غير مرتبطة بتاريخ بلد عربي معين محدد جغرافيا، لأنها حرصت على الإشارة إلى الطابع العربي للظاهرة التي أصبحت تعرف اليوم بـ"الاستبداد". ولهذا جاءت شخوص الرواية مُعرفة بأسماء يُحيل كل واحد منها من حيث الانتشار إلى بلد عربي معين، وليس جميعها إلى بلد عربي بعينه.

ولا تحيل شخصية "الأعظم" تاريخيا إلى "دكتاتور" عربي محدد، بل هي صورة قابلة للتعميم، بالنظر إلى التشابه الجوهري للتجربة السياسية العربية المعاصرة، كما يدل على ذلك الارتباط العضوي الذي قام فيما بينهم من حيث المصير.

وفي هذا الصدد، يقول الروائي الجزائري، في أحد حواراته "إنها دولة عربية متخيلة، ولكنها في آن واحد صورة لواقع الحكم في البلدان التي يحكمها الطغاة العرب، فالاختلاف الوحيد إذن هو في الاسم فقط. ولهذا تلاحظ أنني أعطيت لشخصيات الرواية أسماء متداولة في مختلف البلدان العربية، وليس في بلد عربي بعينه، إشارة إلى أن الطاغية الذي أتحدث عنه ليس رئيس هذا البلد العربي أو ذاك، بل جميعهم، وهذا ما حداني إلى تفادي التحديد الجغرافي والقطري".

وتعد رواية "الأعظم" تحليل وغوص في أغوار شخصية المستبد، وهو الموضوع الغائب في السرد العربي على نحو يستحق البحث عن أسبابه، بالنظر إلى استفحال هذه الظاهرة السياسية العربية وتجذرها واستمرارها.

وبخصوص عدم تناول الرواية العربية لشخصية الطاغية أو الدكتاتور، يقول سعدي "من المؤكد أن الرواية العربية لم تتصدى لظاهرة الاستبداد السياسي بصورة مباشرة وصريحة، ويعود ذلك، ربما، إلى عامل الخوف من قبل المبدعين الروائيين أو الحذر من العواقب التي سوف تنجم عن تجاوز الخطوط الحمراء للأنظمة السياسية السائدة في العالم العربي. ولا ننسى أيضا دور الرقابة المفروضة على دور النشر في بلداننا الذي هو عامل حد من حرية الكاتب".

وكان من الوارد أن تصبح رواية "الأعظم" من الماضي، خاصة بعد ثورات واحتجاجات وانتفاضات سعت للتغير انطلق في 2011، ولكنها في ظل الواقع الحالي تصبح دليلا على ظاهرة لا تزال تميز الحاضر العربي بكل قسوة وحدة، وإن بشكل مختلف ظاهريا.

يعتبر الدكتور إبراهيم سعدي من أبرز المثقفين والروائيين الجزائريين المعاصرين، وله ثماني روايات مطبوعة، منها: كتاب الأسرار، المرفوضون، والنخر، وفتاوى زمن الموت، وبوح الرجل القادم من الظلام. بالإضافة إلى إصدارات في الميدان الفكري والنقد الأدبي والثقافي على غرار: مقالات ودراسات في المجتمع العربي، دراسات في المجتمع الجزائري وثقافته، مقالات في الرواية.

وإلى جانب ذلك قدم سعدي، إصدارات في الميدان الفكري والنقد الأدبي والثقافي، منها مقالات ودراسات في المجتمع العربي، ودراسات في المجتمع الجزائري وثقافته، ومقالات في الرواية.

التعليقات