31/10/2010 - 11:02

"بغداد يا أحفاد".. حينما يؤرخ المسرح لنهب التاريخ

-

تتناول مسرحية بعنوان "بغداد يا أحفاد" للفنان التونسي كمال العلاوي مسألة نهب آثار العراق عند سقوط نظامه السابق, مما جعلها تنال اهتمام النقاد في أول عرض لها في العاصمة التونسية بخروجها بالمسرح من النمطية وتجنب السائد.

تبدأ المسرحية التي تدوم 80 دقيقة بمشاهد تدمير وسرقة متحف بغداد لتحفر في تاريخ العراق في كل عهوده منذ آشور وبابل والدولة السومرية حتى عراق اليوم, حيث اعتمد المخرج في المسرحية التي يشارك في تقديمها نحو 15 ممثلا على التناقضات الثنائية مثل البناء والتدمير والخير والشر بغاية إبراز التناقض الكبير الذي تعيشه بغداد التي عرفت بانها مدينة سلام لكنها لم تعرف في تاريخها غير الحروب.

وقال العلاوي الذي تجاوز رصيده 50 عملا منذ بداية مشواره المسرحي في عام 1973 وأدار العديد من الفرق المسرحية في البلاد "كتبت هذه المسرحية بعد ما شاهدته من نهب لآثار العراق مما أثر في تأثيرا عميقا لإيماني الكبير بأهمية الحضارات في حياة الشعوب".

وتدور المسرحية وهي باللغة العربية حول الفتاة علياء التي ترى في منامها متحف المدينة وهو ينتهك وتنهب تحفه وتماثيله هذا الكابوس دفعها عند اليقظة إلى زيارة المتحف مع أخيها رفيق للاطمئنان على الموروث الحضاري المهم.

وفي المتحف تتداخل الأزمان وتتحرك التماثيل تحت واقع الانفجارات وتبرز ثنائية الخير والشر والضعف والقوة منذ الزمن الغابر، حيث كان الاله "مردوخ" يبني الحياة الكونية بتناغم وانسجام، غير أن الإله "إيرا" يأتي ليعصف بالحضارة ويدمرها رغم الشرائع والقوانين.

ويعود المخرج بعد ذلك إلى زمن الخلافة العباسية بعد أن ضعف العرب وسمح انهيارهم لهولاكو المغول بأن يعبث بثقافتهم حيث تنتهي المسرحية بمناشدة علياء للعالم الذي شيد جدار الصين ومدنا تاريخية عبر العالم أن يتذكر متحف بغداد عله يسترجع بريقا يختزل حضارة شعب.

وتساءل العلاوي بسخرية غير خافية "لماذا ينسى الأميركان، حين أراد نظام طالبان الأفغاني تحطيم الأوثان قاموا بصدهم وطالبوهم بعدم الإقدام على ذلك معتبرين أنهم ضد دمار الحضارة، ثم يقومون بالمثل أو يتجاهلون نهب تاريخ أمة بأكملها يجري أمام أعينهم بل بإيعاز منهم".

وأوضح أن الغيرة من حضارة العرب الضاربة في القدم هي التي جعلت الأميركان يصرون على هدمها، مفسرا ما وصفه بالهجمة الحضارية الخطيرة للغرب بأنه أصبح خائفا أكثر من أي وقت مضى مما تنطوي عليه الثقافة العربية الإسلامية.

واعتبر العلاوي أن أغلب المسرحيين في العالم العربي غير مسؤولين ولا يقومون بأي محاولات لحماية ثقافتهم وحضارتهم وأن الهاجس التجاري أصبح يطغى على أغلب الأعمال المسرحية، ونفى أن تكون وظيفة المسرح الإضحاك مضيفا أن الجماهير العربية في حاجة للتذكير بمشاكلها صباحا ومساء وليس الهروب منها.

التعليقات