31/10/2010 - 11:02

رحيل الأديب والكاتب المسرحي السوري ممدوح عدوان

تحدى عدوان مرضه مستمراً في الكتابة التي بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة بتعاونه مع مؤسسة دار قدمس وكتابة الأشعار والمقالات والترجمة وإرتياد المقاهي الثقافية رغم الجرعات الكيماوية!!

رحيل الأديب والكاتب المسرحي السوري ممدوح عدوان
رحل مساء أمس الأحد الشاعر والأديب والكاتب المسرحي السوري ممدوح عدوان في دمشق، وذلك بعد مرض عضال إستمر عشر سنوات.

وقد تحدى عدوان مرضه من خلال الإستمرار في الكتابة التي بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة، عبر تعاونه مع مؤسسة دار قدمس، فاستمر في كتابة الأشعار والمقالات والترجمة وإرتياد المقاهي الثقافية رغم الجرعات الكيماوية!!
ولد في قرية قيرون (مصياف) عام 1941.وتلقى تعليمه في مصياف، وتخرج في جامعة دمشق حاملاً الإجازة في اللغة الانكليزية، عمل في الصحافة الأدبية، وبث له التلفزيون العربي السوري عدداً من المسلسلات والسهرات التلفزيونية.


ومن مؤلفاته:1-المخاض- مسرحية شعرية- دمشق 1967. 2-الظل الأخضر -شعر- دمشق 1967. 3-الأبتر -قصة- دمشق 1970. 4-تلويحة الأيدي المتعبة -شعر- دمشق 1970. 5-محاكمة الرجل الذي لم يحارب -مسرحية- بغداد 1970. 6-الدماء تدق النوافذ -شعر- بيروت 1974. 7-أقبل الزمن المستحيل -شعر- 1974. 8-أمي تطارد قاتلها -شعر- بيروت 1977. 9-يألفونك فانفر -شعر- دمشق 1977. 10-ليل العبيد- مسرحية - دمشق 1977. 11-هملت يستيفظ متأخراً- مسرحية- دمشق 1977. 12-زنوبيا تندحر عداً- مسرحية. 13-لو كنت فلسطينياً- شعر. 14-مذكرات كازنتزاكي -ترجمة -جزآن- بيروت 1980-1983. 15-حكي السرايا والقناع - مسرحيتان- دمشق 1992- اتحاد الكتاب العرب. 16- حيونة إنسان. 17- حياة متناثرة.


وكانت الصحف والمجلات العربية الثقافية والنقدية قد تناولت أعمال المبدع الراحل وتطرقت إلى ترجماته ومما كتب عنه: ممدوح عدوان ظاهرة ثقافية كبرى وعدوان ينتمي إلى الكتاب الذين لا تأخذهم روح العدوى في تكوين آرائهم، فهو صاحب رأي وكاتب حر بإمتياز .

وكان عدوان إضافة إلى كونه مبدعاً مناضلاً من أجل الحرية فانخرط بالعمل الفدائي الفلسطيني أواخر الستينيات لدرجة أن كثيرين اعتقدوا بأنه فلسطيني تربطه صلة القرابة بالشهيد كمال عدوان، وكان قد صرح ذات مرة : "لقد إضطرتني إسرائيل إلى الكتابة عن الحروب والكفاح والنضال حتى نسيت أن أكتب عن الحب والجمال، ولولا وجود إسرائيل لكنت شاعراً أفضل وعاشقاً أفضل وإنساناً أفضل".


وكانت قد نشرت صحيفة السفير الصادرة يوم الجمعة 17/12/2004 مقابلة مطولة معه نقتبس بعض الفقرات منها:

"يبدو ممدوح عدوان، حتى وهو في عزّ مرضه، كواحدة من صلوات كازانتزاكي (كأنما عرّبها خصيصاً ليشبهها) والتي تقول: <<أنا قوس بين يديك، فشدّني كثيراً يا إلهي، من سيهتم لتحطّمي>>. لينادي هو من جديد، مخاطباً موته باستعلاء: <<لقد أمسكت بالصنارة/ اسحبني من الماء/ وطوح بي إلى الرمضاء>>. لكن قلبه يقول شيئاً آخر: <<إننا ننهض عن مائدة العمر ولم نشبع/ تركنا فوقها منسف أحلام../ نحن أكملنا مدار العمر فرساناً/ وقد متنا شبابا>>.

؟ هل هناك صور مستعادة من الذاكرة تحت وطأة المرض؟

 أبداً. منذ بدأت العلاج إلى اليوم لم أشعر بأنني مريض، والدليل أنني ما زلت أعمل وقدمت في فترة المرض أربعة كتب. لم أتوقف عن شيء. وبالعكس؛ فإن المرض يدفعني لأن ألملم أشياء مبعثرة هنا وهناك لأجمعها في كتب.

؟ بعض معاركك الأدبية يتردد صداه إلى الآن. غير أنك في السنوات الأخيرة صرت بعيداً عن ذلك، أكثر هدوءاً. كيف تنظر اليوم إلى تلك المعارك؟ هل كانت نوعاً من نزق الشباب؟ هل يهدئ العمر من ذلك؟

 لا شك في أن للعمر دوراً. ولكنني كنت أخوض معاركي الأدبية لأنني لا أقدر على السكوت. كنت دائماً أرى أشياء لا يمكن السكوت عنها، وكنت أتصدى لها، بدءاً من التصدي إلى شرطي السير، إلى التصدي لأميركا. ثمة ما لا يسكت عنه، وهو ما كان يدفعني لأخوض معارك أحياناً. كان غيري يقول بما تلزمه تلك المعارك، أو بماذا تفيده؟ ولم تكن مسألة فائدة. هناك أوهام. الناس يقنعون أنفسهم بأوهام نصف الكأس الملآن، أما أنا، برؤيتي الشعرية والثقافية، فأرى الكأس كلها فارغة. هذا دفعني لأكون غير إيجابي مع الحياة، أعني مع المسؤولين، مع الأصدقاء وسواهم. ثم إن هناك ما لا يسكت عنه. حينما أسمع تعليقاً سخيفاً لا بد أن أقول إنه تعليق سخيف. المسألة أنك لا تستطيع أن تسكت، تريد أن تدافع عن نفسك وعن وجودك وعن الحياة التي تريد أن تعيشها. هذا ما جعلني متعِباً لزوجتي وأولادي وللدولة ولإسرائيل وأميركا. ربما اختلفت نوعية تلك المعارك الآن، لأنني أتفرغ لأشياء أراها أكثر جدوى، ترجمت الإلياذة مثلاً، والآن أترجم الأوديسة، وترجمت من قبل كازانتزاكي وغيره.

هل يمكن القول إن دمشق، بين مختلف المدن، هي مدينتك؟

 في 10 حزيران 1967 كنت مقيماً في حي الميدان بدمشق. كانت الحرب، وكان الجيش السوري ينسحب، وأنا ممسك ببارودتي في موقعي (كنا في الجيش الشعبي). شعرت بأعماقي بأنني قادر على أن أموت هنا، في هذا المكان، وهذه ليست مزايدة، حتى إنني لم أكتبها. أن تكون في موقع لا يجوز أن تتخلى عنه إلا إذا مت. زاد من هذا الإحساس الغامض، إحساسك بأن الوطن كله يهزم. الهجرة شيء مريع. تقول لنفسك وأنت ترى إلى المهاجرين والنازحين: أين هي رابطتهم مع الأرض؟ هؤلاء يأتون من أوروبا إلينا، ونحن نترك قرانا ونمشي. الجولان فرغ عن بكرة أبيه ولم يبق سوى أربع قرى. دمشق صارت أمي، ودائماً أقول إن أبرز حدثين مرّا في حياتي وأثرا بي كثيراً هما الخامس من حزيران وموت أمي.
؟ بخصوص ديوانك الأخير <<حياة متناثرة>>، معروف أنك قضيت حياتك لم تكتب قصيدة النثر. لماذا الآن؟ في هذا الوقت المتأخر جداً؟

 متأخر وغير متأخر في الوقت نفسه. كنت بين حين وآخر أكتب أشياء يصعب أن تكون موزونة، أتركها جانباً، وهذا منذ حوالى 25 سنة. في الفترة الأخيرة، وبعد أن تجمعت كمية من تلك الكتابات قلت لماذا لا أطبعها، فخرج هذا الديوان إلى النور. هناك لعبة بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر؛ كلاهما شعر وكلاهما يحمل رؤية. في قصيدة النثر تستطيع أن تكون مرتاحاً وتأخذ مداك، وفي الوقت نفسه فإن قصيدة التفعيلة تسحبك نحو الفصاحة أكثر. ظللت أكتب قصيدة التفعيلة (قدمت 17 ديواناً)، لكن تراكم عندي ديوانا قصائد نثرية جمعت منها قسماً وطالعته في ديوان، قلت لأغامر هذه المغامرة وأرَ رد فعل الناس عليها.

؟ لم تحجم عن قصيدة النثر نتيجة موقف، لم تكن ضد؟

 لا. فأنا طوال عمري أحب الماغوط وأحب شعره، ولو أننا لم نكن <<أصحاباً>> في البداية. لكن كنت أحبه، وأحب قراءة ما يكتب. كنت أشتري مجلات قد تكون غالية الثمن بسبب مقطع فيها للماغوط. وهذا دليل على أنني أحب شعره، وأحب تناوله للأشياء ورؤيته لها.

؟ تحولت عن المسرح الشعري مبكراً، بسبب تفهمك لتغيّر دور المسرح، الذي انتقل من المسموع إلى المرئي. ولكن ما تخليت عنه في المسرح بقي في الشعر.

 الشعر شعر والمسرح مسرح. أرى في هذه الأيام، أعني القرن الفائت كله، أن لا مجال للخلط بين الاثنين. لدى قراءتي للشعر المترجم، والمسرح المكتوب شعراً، كنت أشعر دائماً بأن هناك ازدواجية: إما موقف شعري يُعبّر عنه بالشعر، وبالتالي يكون الحوار المسرحي فيه ميتاً تماماً. أو العكس؛ يكون الموقف الدرامي عالياً جداً والشعر ميتاً. من هنا توقفت نهائياً عن المسرح الشعري. أحياناً أتيح لواحد من الكورس أن يقول بيتين من الشعر أو ثلاثة لا أكثر، كما عملت في <<هاملت يستيقظ متأخرا>>.
؟ يبدو أن الالتباس قديم في هويتك، إذ يقدمك كثيرون على أنك كاتب فلسطيني. فاسم عدوان في كنيتك يعود إلى واحدة من قصص البدو التي تعود إلى قبيلة <<العدوان>> التي تسكن شمال الأردن وفلسطين؟

الريف الذي نشأت فيه جبليّ ومتاخم للبادية، كثير من قيمه بدوية، حكايات العجائز وتساليهم هي قصص عن أمراء البدو، فروسيتهم وكرمهم وكل مناقبهم. كانت أسماء مثل عدوان أو شمّر متداولة كثيراً هناك، ومنها قصة <<الأمير نمر العدوان ووضحة ست النسوان>>، وبالمناسبة أمي اسمها وضحة، وجدي لأبي اسمه عدوان تيمناً بالحكاية.
الالتباس في هويتي قديم، ربما نشأ إثر عملي في الصحف الفلسطينية. كانت رسائل كثيرة تأتيني بصفتي فلسطينياً. إجمالاً الشباب الفلسطينيون الذين احتككت بهم كانوا جيدين معي وكنت جيداً معهم. بعضهم كان يحس بالجميل بأن شخصاً سورياً كان متحمساً أكثر منهم أو بمثل تحمسهم، فصار التعامل معي كفلسطيني، بالإضافة إلى الالتباس في الاسم بين ممدوح عدوان وكمال عدوان (القائد الفلسطيني الذي اغتيل في السبعينيات).

التعليقات