13/10/2011 - 12:44

'فلسطين تتذكر' صور نادرة قبل النكبة رصدها الفنان ايليا كهفيدجيان: عدسة مبدعة رصدت علاقة الصورة بالمكان

'فلسطين تتذكر' صور نادرة قبل النكبة رصدها الفنان ايليا كهفيدجيان: عدسة مبدعة رصدت علاقة الصورة بالمكان

'فلسطين تتذكر' صور نادرة قبل النكبة رصدها الفنان ايليا كهفيدجيان: عدسة مبدعة رصدت علاقة الصورة بالمكان

من سميرة عوض: بقلب عينه، وعين قلبه رصد الفوتغرافي ايليا كهفيدجيان، أرمني الأصل والمولد، فلسطيني العشق والعين، مئات 'الصور' منذ أن كرّس حياته في منتصف عشرينيات القرن الماضي، لتوثيق معالم فلسطين ورصد حراك ناسها، وتوثيق تفاصيلها، على مدار سبعة عقود من الزمن، الفوتوغرافي الفلسطيني إيليا كهفيدجيان جعل من صوره عينا ترصد 'فلسطين' وتظل -الشاهدة/ الإرث ـ الذي يغني عن آلاف الكلمات، ويدحض الافتراءات الإسرائيلية لطمس الهوية العربية لفلسطين، عبر مئات من الصور الفوتوغرافية التي تؤكد على عراقة فلسطين وعروبتها التاريخية.
منذ قدومه إلى مدينة القدس العام 1915، بعينه وقلبه الذاكرة نازفة التي عاشتها فلسطين منذ ما قبل الانتداب البريطاني واحتلالها على يد العصابات الصهيونية العام 1948.
وتعد مجموعة الصور التي يقدمها معرض 'فلسطين تتذكر- صور قبل النكبة للفنان ايليا كهفيدجيان' ويحتضنها غاليري بنك القاهرة عمان، مجموعة نادرة من الوثائق، تمكن الفوتوغرافي من رصدها بعينه المحبة، توثق للمكان والإنسان والزمان الفلسطيني، وبعين قلبه وثق لكل التفاصيل المكانية للأماكن التاريخية والدينية في فلسطين، فحظيت مدينة القدس بحصة كبيرة من الصور، كما سجل يوميات الناس الحياتية من رفع الماء من الآبار، ومواسم الحصاد ومشاهد الأسواق التجارية، وطقوس البحر، والبيع والشراء، والملابس، وكل ما يتعلق بحياة الفلسطيني أنذاك.
المعرض الذي يتواصل حتى منتصف 'تشرين الثاني' المقبل، افتتحه صبيح المصري بحضور رئيس مجلس الإدارة السيد خالد المصري والمدير العام لبنك القاهرة عمان السيد كمال البكري، وعدد كبير من محبي الفن والتصوير الفوتوغرافي
وجمهور الغاليري، يمثل مجموعة نادرة لصور أخذت لفلسطين قبل النكبة، وهي مجموعة متميزة تسلط الضوء على الحياة الاجتماعية ولقطات للعديد من الشخصيات التاريخية التي كان لها الأثر الكبير في تاريخ فلسطين منذ بداية القرن الماضي.
وتعتبر هذه المجموعة واحدة من المجموعات النادرة، التي تميزت بمستوى وجودة عالية في التصوير والطباعة، تضاهي مثيلاتها بتقنية الديجيتال المعاصرة، وهي بالأسود والأبيض، وقد جاء في كلمة الغاليري: 'إيليا كهفيدجيان، فلسطيني الهوى، ارمني الولادة، في العام1910، قرر منذ شبابه الأول، أن يكرس حياته كاملة لتوثيق معالم فلسطين وحياتها الاجتماعية، كيف لا وقد أبهرت القدس عين الشاب إيليا وحملت قلبه ما لا يحتمل، فوق مأساته الخاصة بفقدان عائلته كاملة في العام 1915 على يد الأتراك، وهو الخبير الذي رصد بعينه وقلبه ذاكرة نازفة، عاشتها فلسطين منذ ما قبل الانتداب البريطاني واحتلال فلسطين التاريخية على يد العصابات الصهيونية في العام 1948، نقول ونحن نستضيف هذا المعرض الحدث، والمهم، عندما نقدر حجم المأساة التي عاشها كلاهما إيليا وفلسطين ونرى تفاصيل الحياة الفلسطينية في أعماله الفوتوغرافية، وهي تفاصيل نشكره على حفظها للتاريخ، في وطن مزقته حروب الجغرافيا وأثقلت ذاكرته، بمأساة ما تزال قائمة'.
ويضيف مسؤول الغاليري الفنان محمد الجالوس:'إيليا كهفيدجيان، عين الفلسطيني
على وطن ضاع، وبلاد تسربت ذاكرتها في اتون الحرب، وهي عين ماهرة، مبدعة، رصدت بدقة الفنان علاقة الصورة بالمكان وعلاقة التفاصيل بالكل وسطوة الضوء والظل حين تصنعان المشهد، بكامل الأمانة المكانية ومهارة الفنان واختياراته، على
ان المدهش في هذه المجموعة التي يقدمها غاليري بنك القاهرة عمان، هو جودة التصوير والطباعة في زمن مضى، كنا نعتقد خطأ 'انه ناقص التقنية وضعيف النتائج، لنكتشف في هذه الصور، أن تقنية الأسود والأبيض وبراعة المصور في الطباعة اليدوية قد فاق ما توصلت إليه الصورة الآن في عصر الديجيتال، فهي صورة كاملة، محروسة بقلب محب للمكان والزمان، وهي ذاكرتنا التي توشك أن تغتال في عالم قرر أن يُحرم شعب من ارضه وبيوت ومفاتيح من أهلها، غير أن
للتاريخ كلمة قالها قديما' وسيقولها حتما'، إن عروبة هذه الأرض، التي رصدها الفنان الراحل إيليا ستبقى ما بقي الحجر وما بقيت الذاكرة '.
وينوه الجالوس 'معرض (فلسطين تتذكر)، يأتي في سياق تقديمنا لمعارض تشكيلية
محلية وعربية، تتجاور مع التصوير الفوتوغرافي والذي هو سليل الإبداع ما دامت عين المصور ترسم بالقلب والعين، مشهديه فريدة وتقدمها بحساسية اللون ومهارة الرسم'، مؤكدا: 'فخورون بتقديم هذا المعرض وكما وعد بنك القاهرة عمان سنظل نقدم الجمال ويكون الغاليري نافذة الفنان لعرض أعماله وإبداعه، لجمهور الأردن ومحبي الفنون البصرية '.
ويشار أن الفنان الفوتوغرافي ايليا كهفيدجيان ولد عام 1910 في مدينة أورفا التركية وحين كان في سن الخامسة، شهد الإبادة الأرمنية على يد الأتراك عام 1915 التي فقد خلالها عائلته كلّها ... والديه وخمسة أشقاء وثلاث شقيقات وأعمامه وعمّاته... ولم يجد شقيقته الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة إلا بعد ثمانية عشر عاماً.
تعرّض إيليا لتجربة مريرة في حياته، فلا مكان يأوي إليه... وقد بيع كعبد... وتمّت مطاردته من قِبل آكلي لحوم البشر... إلى حين قدوم المؤسسة الأمريكية للإغاثة في الشرق الأدنى إلى تركيا حيث قامت بتجميع عشرات الألوف من الأيتام الأرمن وأخذهم إلى لبنان أولاً ومن ثمّ إلى مدينة الناصرة... كان إيليا واحداً من هؤلاء الأيتام.
رغب إيليا منذ طفولته بأن يصبح مصوّراً فوتوغرافياً... وتعلّم على يد الأستاذين كريكوريان وتومايان. وعندما قدِم إلى مدينة القدس، انبهر بالأماكن التاريخية والمناظر الطبيعية وتعدّد طبيعة الأشخاص الذين قابلهم هناك... حينها قرّر أن يكرّس
نفسه لمهنة التصوير الفوتوغرافي.
بدأ إيليا بالتصوير في عام 1924 ولديه مجموعة تتكون من أكثر من 2500 صورة يعود تاريخ البعض منها إلى عام 1860. توفي إيليا كاهفيدجيان في 13 نيسان/ابريل 1999 تاركاً وراءه إرثاً يجعل عائلته وكل من رأى صوره يشعر بالفخر والاعتزاز.
 

عن القدس العربي

التعليقات