توفى صباح اليوم الجمعة، الكاتب المصري الكبير، أنيس منصور، داخل المستشفى، عن عمر يناهز 87 عامًا، بعد تدهور حالته الصحية إثر إصابته بالتهاب رئوي، وسيشيع جثمانه السبت من مسجد عمر مكرم.
وقال لبيب السباعي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، إن وفاة منصور خسارة كبيرة للأدب والصحافة العربية بصفة عامة، مشيرا إلى أنه من الرموز الكبيرة التي يصعب تعويضها، متذكرا الكتاب الذي أصدر معه "مشوار أنيس منصور"، و الذي تم إصداره في عيد ميلاده الـ 75.
وأضاف أن جريدة الأهرام ستقوم باختيار عدد من المقالات المنتقاة له، ونشرها على مدار الأيام المقبلة، مثلما أبقت على العمود الخاص به في الصفحة الأخيرة بالجريدة منذ دخوله بغيبوبة ودخوله المستشفى منذ ما يقرب من عشرة أيام.
ولد أنيس منصور في 18 أغسطس / آب عام 1924، وحصل على ليسانس آداب في الفلسفة بتقدير امتياز عام 1947 من جامعة عين شمس، وعمل أستاذا بالجامعة لفترة حتى تفرغ للكتابة.
بدأ منصور حياته الصحفية بمؤسسة أخبار اليوم، ثم مؤسسة الأهرام، وتخصص في الكتابة الأدبية حتى أصبح من كبار الأدباء و الكتاب بمصر و العالم العربي، وكان يقول عن نفسه إنه أديب يعمل بالصحافة.
وحفظ منصور القرآن الكريم في سن صغيرة، وتولى رئاسة تحرير العديد من المجلات، منها "الجيل"، و"آخر ساعة"، و"أكتوبر"، و"العروة الوثقى"، و"مايو"، و"كاريكاتير"، و"الكاتب."
ومن مؤلفاته الشهيرة بأدب الرحلات "حول العالم في 200 يوم"، و"أنت في اليابان"، و"اليمن ذلك المجهول"، و"بلاد الله لخلق الله"، و"غريب في بلاد غريبة"، و"أطيب تحياتي من موسكو."
وترجم الأديب المصري واطلع على عدد من الكتب والمسرحيات العالمية، كونه يجيد عدة لغات بجانب العربية، هي الإنجليزية، والألمانية، والإيطالية.
من كتابات أنيس منصور:
لا أحبّ أن أنشغل عن الكتابة!
في حوار تلفزيوني بين العقاد وطه حسين والحكيم.. كنت أسأل العقاد عن رأيه في طه حسين..
ثم أسأل العقاد عن رأي طه حسين فيه..
ثم أسأل طه حسين عن رأي العقاد فيه..
وأسأل الحكيم عن رأيه فيهما..
التلفزيوني.. وكان للعظماء الثلاثة رأي في كل منهم وفي دوره التاريخي..
وكان من الممكن أن يصبح هذا الحوار أساسا لكتاب في أدب ونقد وفلسفة هؤلاء الثلاثة.. ولكني لم أفعل.. ولا تزال هذه الفكرة تشغلني..
ونشرت رواية سلسلة في مجلة «الجيل» بعنوان «عريس فاطمة» وظللت أحلل شخصية فاطمة.. وأضعها في ظروف اجتماعية صعبة ومعقدة حتى وجدتني عاجزا عن إكمال القصة.. عاجزا عن إخراجها من المصاعب التي غرقت فيها.. وتوقفت ورحت أتعلل بأسباب كثيرة لعدم إكمال هذه القصة ولكن الحقيقة أنني لم أستطع!
وأخيرا وجدت الحل.. فقد كنت أقرأ رواية «المعنى الحزين للحياة» للفيلسوف الإسباني الوجودي أونامون.. فجأة وجدت الحل.. فقد وقع الفيلسوف العظيم في الحفرة نفسها.. ولكنه خرج من المأزق بأن أدار حوارا بينه وبين البطل.. أي بين المؤلف والبطل.. يقول له البطل: كيف قررت أن تميتني؟
أي أن البطل يسأل المؤلف: على أي أساس قرر أن يموت البطل.. لماذا لا يعيش أطول.. لماذا لا يجد له حلا أفضل؟! إنه هو الذي اختار له النهاية واختار له البداية.. وإن هذه عقدة المؤلف الذي لا يستطيع أن يدفع الموت عن نفسه فيتسلى بأن يحكم بالموت على الآخرين!!
وهكذا أكملت قصتي بحوار بيني وبين البطلة التي عاتبتني واتهمتني بأنني أنا الذي وضعت نفسي في مأزق.. فأنا الذي اخترت صفاتها وأهلها وظروفها.. وإنه كان من الممكن أن تكون النهاية أفضل لو أنني غيرت البداية.. ولو اتسع وقتي لفعلت ذلك!
فأنا لست مشغولا بالصورة النهائية لكل الذي أكتبه.. ولكن الذي يشغلني هو ما أفكر فيه الآن وما أكتبه الآن.. ولا أكاد أكتبه حتى أنساه.. ولكن عقلي يروح ويجيء ويلف ويدور.. ويعلو ويهبط ويلقي ضياء على ما سبق أن رأيت وتأملت وقرأت!
وكما يحدث عندما أجلس للكتابة أو أزيل من أمامي الكتب خاليا تماما.. وكما أحب أن أنظر من النافذة فلا أرى إلا مساحات لونية وضوئية ولا تتركز عيناي على شيء. ولا أذناي على شيء. فإنني هكذا أيضا عندما أشغل نفسي بالتهيؤ لكتابة شيء كبير.. دراسة كبيرة.. كتاب متكامل.. لا أحب أن أنشغل عنه بشيء آخرثم أعود إلى العقاد أناقشه في رأي الحكيم.. وبعد ذلك أسأل طه حسين..
وقد نشرت هذا الحوار.
التعليقات