13/12/2011 - 02:46

"½ ثورة"

بعد مرور نحو عشرة أشهر على انطلاقة الثورة المصرية، التي أسقطت نظاما دام لثلاثين سنة، بدأت الأفلام الوثائقية التي توثق هذه المرحلة بالظهور بشكل جدي، لتقدم صورة أقرب للواقع مما يشاهده الناس على نشرات الأخبار.

بعد مرور نحو عشرة أشهر على انطلاقة الثورة المصرية، التي أسقطت نظاما دام لثلاثين سنة، بدأت الأفلام الوثائقية التي توثق هذه المرحلة بالظهور بشكل جدي، لتقدم صورة أقرب للواقع مما يشاهده الناس على نشرات الأخبار.

أحد تلك الأفلام هو فيلم "½ ثورة"، الذي يسرد وقائع الثورة في الأيام الإحدى عشر الأولى خلال الثورة، وهو ما يشرح سبب استخدام تسمية "½ ثورة" على هذا الفيلم.

فمجموعة من الشباب من مصر، والأراضي الفلسطينية، ولبنان، وغيرها، كانوا يعيشون في مصر عندما انطلقت الثورة، وقرروا تصوير كل ما يجري توثيقا لهذه اللحظات، التي وصفوها بالتاريخية في حياة الشعب العربي والمصري بصورة خاصة.

فساعة يتعرض طاقم الفيلم للضرب والاحتجاز، وساعة يتم تهديدهم بالخطف والقتل، وهي أمور عمت أنحاء القاهرة خلال تلك الفترة، مما دفع الكثير من الأجانب إلى ترك البلاد هربا مما يجري.

ما بين مرحلتي القلق والأمل

الفيلم كان قريبا من الثائرين على سنوات الظلم والفساد، وبدا ذلك واضحا من خلال التركيز على الوجوه والتعابير الخارجية، إضافة إلى مزج الفيلم بين العام والخاص، فالناس في ميدان التحرير قلقون مما يجري ومما ينتظرهم، كما في بيت طاقم الفيلم، الذين يشعرون بالقلق كذلك مما يمكن أن تؤول إليه الأمور.

ومع تطور أحداث الفيلم، تتغير أجواء الثورة كذلك، فهناك مرحلة الأمل التي خرج فيها المصريون جميعا كبارا وصغارا، مصممين على تحقيق ما يصبون إليه، وهناك في جانب آخر، مرحلة اليأس والخوف التي ظهر فيها البلطجية ومؤيدو مبارك مهددين الأمن العام.

غير أن الفيلم استخدم بعض الصور النمطية، كتعرض المسجد وإلى جانبه الكنيسة للحرق والتدمير، وهي صور لطالما حفلت بها الأفلام الوثائقية والروائية، لبيان تسامح المجتمع المصري، وتعرض المسلمين والمسيحيين على السواء للظلم ذاته.

ومع أن الفيلم وثائقي، بدا طاقمه وكأنهم يعيشون أجواء تمثيلية، بعضهم فشل إلى حد ما في أداء دوره، كاصطناع الكلام والتعابير.

أول فيلم وثائقي يعتبر أن ما حصل في مصر "½ ثورة"

العرض الأول في العالم العربي للفيلم، كان ضمن مهرجان دبي السينمائي الدولي الثامن، حيث يعرض الفيلم ضمن مسابقة المهر للأفلام الوثائقية العربية.

الفيلم إنتاج مشترك ما بين Danish Globus Film، والشركة المصرية Prophecy Films، وهو من إخراج المخرج الفلسطيني الدنماركي المعروف عمر شرقاوي، ويشاركه في الإخراج مدير التصوير والمخرج المصري الأمريكي، كريم الحكيم.

ويعد "½ ثورة"، أول فيلم اعتبر أن ثورة 25 يناير التي قامت فى مصر لم تكن ثورة "كاملة"، وهو ما أثبتته الأحداث الأخيرة في مصر، وقد تقرر اسم الفيلم منذ الأيام الأولى بعد تصويره، حيث اعتبر عمر وكريم أن العنوان يعبر تماماً عما حدث للثورة المصرية التي ما زالت مستمرة حتى الآن.

ويستعد فريق الفيلم لإطلاق موقع إنترنت، سيكون الأول من نوعه لفيلم وثائقي عن الثورة.


عمر وكريم

يشارك عمر شرقاوي للمرة الثانية في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وذلك بعد مشاركته في العام الماضي بفيلمه الوثائقي أيضاً "أبي من حيفا"، والذي حاز حينها على جائزة الجمهور، وعلى جائزة لجنة التحكيم، قبل أن يبدأ الفيلم جولته بين مهرجانات العالم.

أخرج عمر أول أفلامه عام 2008، وهو الروائي الطويل "مع السلامة جميل"، الذي فاز بجوائز عدة، على رأسها جائزة "تايجر" عام 2008، بمهرجان روتردام السينمائي الدولي، والذي حقق نجاحا كبيرا في دور العرض الدنماركية، مما وضع الفيلم فى قائمة أنجح الأفلام الإبداعية في تاريخ الدنمارك المعاصر.

وحاليًّا، يحضر عمر لفيلمه الروائي الطويل الثاني لتصويره في القاهرة خلال النصف الأول من عام 2012.

ويعتبر عمر أن "½ ثورة" "تجربة شخصية بالغة الثراء غيرت الكثير لديّ، سواء على المستوى الشخصي، أو المهني، أو الإنساني.. مصر تشكل لي بلدًا أنتمي إليه أيضًا، وهذا ما دفعني لتأسيس شركة إنتاج فيها، كما أخطط لتصوير فيلم آخر في القاهرة، في ½ ثورة، كان لا بد من تصوير ما حدث رغم خطورة ما كنا نتعرض له يوميًّا".

أما كريم الحكيم، فيتعامل مع "½ ثورة" على أنه "واجب طبيعي لتصوير مرحلة تاريخية في مصر أبهرت العالم، وكمصري مميز حصلت على تعليم جيد، وأتقنت استخدام الكاميرا، وأتحدث عدة لغات، رأيت أنه من واجبي أن أوثق ما يحدث فى بلدي فى هذه اللحظات التاريخية، رغم ما انطوى عليه ذلك من خطورة، علاوة على ما تكون لدينا من دافع للمشاركة في هذا الاحتجاج العارم".

كريم هو مدير تصوير ومخرج معروف عربياً وعالمياً، شارك فى عشرات الأعمال السينمائية والتليفزيونية المهمة، بالإضافة إلى ذلك، يعتبر كريم من أفضل مديري التصوير فى العالم العربي، حيث شارك بكاميراته في عدد من أقوى الأفلام الوثائقية السياسية، التي تناولت الشرق الأوسط، من بينها "رحلتي إلى القاعدة" (2010)، و"جيران" (2009)، و"مصر نحن نراقبك" (2008)، كما شارك في مونتاج الوثائقي "غرفة التحكم".

وبالإضافة إلى أعماله الوثائقية، عمل كريم كمدير تصوير لأحد أشهر المسلسلات العربية مؤخرا، وهو مسلسل الجامعة، الذي عُرض للمرة الأولى على شاشة mbc4، كما أنه عضو في جمعية الأفلام المستقلة بالقاهرة، حيث صورت عدسته العديد من الأفلام الروائية القصيرة المصرية الحائزة على جوائز مثل "عين سمكة"، و"ماريكولوم"، و"بيت من لحم"، مما أهله للفوز بجائزة الدولة التقديرية للتصوير السينمائي في عام 2006.

التعليقات