17/11/2014 - 18:24

«حرقة كرت»: التطبيع بتذكرة التواصل!؟

في أعقاب إعلان فرقة “حرقة كرت” الأردنية عن نيتها إقامة حفل غنائي في البلاد، ثار نقاش حول الحفل حيث اعتبره البعض تطبيعا ثقافيا، فيما دافع بعض آخر عن النشاط رافضين اعتباره تطبيعا داعين إلى التفريق بين واقع فلسطينيي الداخل وواقغ الفلسطينيين

«حرقة كرت»: التطبيع بتذكرة  التواصل!؟

في أعقاب إعلان فرقة “حرقة كرت” الأردنية عن نيتها إقامة حفل غنائي في البلاد، ثار نقاش حول الحفل حيث اعتبره البعض تطبيعا ثقافيا، فيما دافع بعض آخر عن النشاط رافضين اعتباره تطبيعا داعين إلى التفريق بين واقع فلسطينيي الداخل  وواقغ الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967.

 وقال أحد المؤيدين للحفل لـ'عرب 48' مفضلا عدن ذكر اسمه، إن “هذه النشاطات تكسر الحصار المفروض علينا، ومن حقنا التواصل مع عالمنا العربيّ وفنانينا في العالم العربي'.  ودعا إلى التفريق بين واقع فلسطينيي الداخل وواقع فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1967. وقال أنا ضد التطبيع لكن الفرقة المذكورة لا تشارك في مهرجان إسرائيلي أو تشارك  نشاط إسرائيلي رسمي، لهذا لا أرى أن  تقديم فرقة عربية عرضا لجمهور فلسطيني هو تطبيع'.

لكن المعارضين سارعوا إلى اتخاذ موقف مناهض وحاولوا الضغط على القائمين عليه لإلغائه ودعوهن إلى عدم ضرب الانجازات المستمرة لحركة مقاطعة إسرائيل، وفرض الحصار عليها.  وتوجه 'عرب 48' إلى منظمي العرض للحصول على تعقيبهم على ها التقرير إلا أنهم رفضوا التعقيب وأكدوا أنهم ماضون في تنظيم العرض برغم الأصوات المنتقدة.

سهير أسعد: نتوقع من أشقائنا في العالم العربيّ، أن يتواصلوا معنا ضمن الشرعي والمتاح في ظروف مواطنتنا المعقّدة.

وقالت المحامية والناشطة السياسية، سهير أسعد، لـ”عرب ٤٨”، إن “الموضوع ليس زيارة هذه الفرقة تحديداً، بل المنزلق الخطير جراء تراكم سلسلة الحفلات والنشاطات (الثقافية) التطبيعية في الآونة الأخيرة، نحو تحويل وجود إسرائيل في ذهن ووجدان الوطن العربي إلى كيان طبيعي يمكن التواصل في ظله، بتأشيرته وشروطه وضمن السقف الذي يحدّده  لهوية المتواصل وطابع هذا التواصل”.

وتابعت أسعد: “قدوم الفنانين العرب بذريعة (التواصل)، الثقافي مع الفلسطينيين في الداخل لا ينزع صفة التطبيع عن الزيارة، فامتحان التطبيع هو ليس العلاقة مع إسرائيل أو مع الإسرائيليين، بل هو التطبيع مع وجود إسرائيل ذاتها ونحن نتوقع من أشقائنا في العالم العربيّ، أن يتواصلوا معنا ضمن الشرعي والمتاح في ظروف مواطنتنا المعقّدة التي نرفض تصدير تناقضاتنا والتنازلات المترتبة  عليها للعالم العربيّ”. 

وأضافت إن “التواصل الذي نتوقعه من الوطن العربي هو تواصل مع نضالنا ضمن سقفنا وثوابتنا، لا تقويض له”.

وعن الضرر الذي تعود به هذه النشاطات التطبيعية على حركة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها تساءلت أسعد: “كيف نطالب فناني العالم الذين يعتبرون وجود إسرائيل أمراً طبيعياً بقطع العلاقات معها إذا ما كنا نشرعن للفنانين العرب خرق إجماع الشعوب العربية التي لطالما رفضت التعامل مع إسرائيل، والدخول إلى الأراضي المحتلة رفضاً قاطعاً، وكيف نتوقع من الأوروبي أن يرفع سقف مناهضته لإسرائيل بينما ندعو العربي للتراجع عن الحد الأدنى وخفض سقف النضال باسم (التواصل)؟؟!”. 

خليل غرة: يترتب على العربي الأردني وغيره، احترام خاصية فلسطين

أمّا الناشط خليل غرة، فدعا الفرقة الأردنية للتراجع عن فكرة إقامة حفل غنائي في البلاد، وقال إن “إقامة مثل هذه العروض التطبيعية يعد خرقا واضحا لمعايير الحملة الوطنية لمقاطعة الكيان الصهيوني وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليه، زيارة (حرقة كرت) لا تعود على الفلسطيني بأي فائدة، بل على العكس تضرب إنجازات حركة المقاطعة، وخطر كبير أن تتحول زيارات فلسطين إلى حالة بيروقراطية روتينية تنتهي بتصريح دخول وتأشيرة وكأن هذه البلاد لا تعاني من احتلال'.

وتابع: “أرفض هذه الزيارات، والزيارات الشبيهة الأخرى كونها منذ اللحظة الأولى، ومع دخول الأردني إلى السفارة الإسرائيلية للحصول على تأشيرة دخول للأراضي المحتلة، يشرعن وجود الاحتلال على هذه الأراضي، ويتم شرعنة سفاراته في الوطن العربي كأمر طبيعي، وهذا غير مقبول'

وأضاف: “يكمن الخطر في مثل هذه النشاطات،  بأنها تجعل من إسرائيل في الوطن العربي أمراً طبيعياً، ولأني أؤمن أن قضية فلسطين هي قضية العرب عامة، حيث تخضع المنطقة كلها تحت الاستعمار، يترتب على العربي الأردني وغيره احترام خاصية فلسطين كونها تحت احتلال ومن غير الطبيعي زيارتها ومن الخطر أن تتحول زيارتها إلى أمر طبيعي في ظل وجود إسرائيل”.

واختتم حديثه بالقول: “نحن مفصولين عن محيطنا الثقافيّ وهذا صحيح، إلّا أننا نرزح تحت حصار الاحتلال الفعلي والذهني بشتى الطرق وليس مجيئكم إلينا كسراً للحصار بل هو مقرون بموافقة الاحتلال عليه ونحن ننأى بكم عن فعل كهذا، بالإضافة إلى أن مثل هذه الزيارات المتكررة تساهم في تجميل صورة إسرائيل وتظهرها على أنها (ساحة الديمقراطية والتعددية الثقافية).

حلا مرشود: في حال كسرنا هذا الحاجز سندخل منزلقاً خطيراً قد يعطي الضوء الأخضر للعديد من الأمور الخطيرة الأخرى

وتطرّقت الناشطة حلا مرشود لتأثير مثل هذه النشاطات على القضية والعالم العربي ككل وقالت إن “خطورة  التطبيع لا تكمن فقط في ختم على جواز السفر (وهو ايضًا مهم وسبب كاف والرمزية من وراء ذلك قوية ومهمة)، لكن أيضاً في كسر الحاجز مع دولة الاحتلال، هنالك حاجز ما بين الشعوب العربية واسرائيل، كونها كيان احتلالي غير طبيعي يقع على أرض عربية، علينا أن نحافظ على هذا الحاجز لا أن نكسره”. 

وأضافت: “في حال كسرنا هذا الحاجز سندخل منزلقاً خطيراً قد يعطي الضوء الأخضر للعديد من الأمور الخطيرة الأخرى، الاضافة الى التعامل مع السفارات الاسرائيلية في الدول العربية و التي نعمل ونطمح دومًا لطردها. بالاضافة الى ذلك، حين نقبل بقدوم الفرق او الفنانين العرب نحن نسمح لاسرائيل بأن تحدد لنا من 'يُسمح' له بالقدوم ومن لا يُسمح له وفق شروطها ووفق مصالحها”.

وتطرّقت مرشود لحملة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها، وقالت: “ليس من الضرورة أن تكون معايير (البي دي اس) هي المعايير التي تحدد مواقفنا. وضعت ال(بي دي اس) لنفسها سقف معين لا تستطيع ان يرفعه اكثر من ذلك ولها اسبابها. هذا لا يقول بأنه علينا ان نتعامل مع هذه المعايير وكأنها المعايير الوحيدة التي نتخذ وفقها مواقفنا. لذلك اعتقد بأن علينا ان نضع هذا الموضوع على الطاولة بشكل جدي ولنناقش جميع الامور المتعلقة به. المؤسف حقَا هو اصرار بعض المجموعات على تنظيم حفلات لفنانين عرب بالرغم من ان هنالك شريحة كبيرة ترفض الامر، فبدلًا من خلق نقاش جدي وبعد ذلك العمل بموجب القرارات، يقوم المنظمون بفرض الواقع بداية”.

وكانت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI) أصدرت ورقة موقف حددت من خلالها معايير التطبيع، ونص البند على التالي: 

عند توجيه دعوة لأي أكاديمي/ة أو فنان/ة أو مثقف/ة عربي/ة، تلتزم المؤسسات الفلسطينية بمبادئ ومعايير المقاطعة الأكاديمية والثقافية المقرة فلسطينياً في تنظيم الزيارة بحيث:

تُصرُّ على أن يكون دخول أي حامل جواز سفر عربي إلى فلسطين المحتلة فقط عن طريق تصريح من سلطات الاحتلال (أي دون أن يُختم جواز السفر)، وليس بتأشيرة دخول (فيزا)، وذلك تأكيداً على رفض التعامل مع دولة الاحتلال كدولة طبيعية. كما تصر على عدم إعطاء سلطات الاحتلال أرقام هواتف الفنانين المدعويين أو أي وسائل اتصال أخرى بهم.

وأضافت في بند آخر: “اهتداءً بتجربة المقاطعة في جنوب أفريقيا، تطلب من الفنانين/ات العرب الزائرين/ات تبني مبادئ نداء المقاطعة ورفض التطبيع، تفادياً لإعطاء أي انطباع زائف بأن زيارتهم/ن تندرج تحت برامج التطبيع، مما قد تستغله إسرائيل في محاولة إضعاف المقاطعة العالمية الآخذة في التنامي ضده.

يشار إلى أن زيارة الفرقة المذكورة ليست المناسبة الأولى التي يحتدم فيها النقاش في أعقاب إعلان إحدى الفرق من العالم العربي نيتها إقامة حفل لها في البلاد، ففي العام الماضي وزّع العشرات من الشبان بياناً مناهضاً لحفل أقامته الفرقة الأردنية “أوتستراد”،  وتظاهروا مقابل القاعة محاولين ثني الجمهور عن دخول القاعة ومقاطعة الفرقة، وانتهى ذلك باعتقال شاب من المتظاهرين الرافضين لإقامة مثل هذه الحفلات.

 

 

التعليقات