الأمن المصري... وتفجيرات الكنائس القبطية

اتخذ نظام المخلوع مبارك من هذه الإستراتيجية نهجًا، فلم يجد مبررًا لطول فترة حكمه الرئاسية رغم انحسار الإنجازات وشحوحها، سوى أن البديل الطبيعي له هي الفوضى، فإنه يحكم شعبًا يكمن فيهم الإرهاب المجمد المكبل.

الأمن المصري... وتفجيرات الكنائس القبطية

تحاول الأنظمة الديكتاتورية القمعية جاهدة في كل مكان وزمان إيجاد ذريعة لبقائها ومرجعية لشرعيتها، مستخدمة جميع الطرق التي قد توفر لها تبريرًا لسلوكها القمعي، والذي في الأصل ما هو إلا وسيلة للإبقاء على النظام وعزل المعارضة الحقيقية سياسيًا واجتماعيًا، ومحاولة للتشبث في سدة الحكم وإحكام السيطرة على السلطة، وفي ذلك تسلك السلطات القمعية إستراتيجية إحداث القلاقل في نسيج المجتمع وتغذية النعرات العنصرية بالتجييش العاطفي الديني، مثلًا، لخلق مساحة من الكراهية يرتكز عليها النظام ليزداد قمعًا ويثخن بطشًا.

النظام القمعي وتأجيج النعرات

وفي مصر اتخذ نظام المخلوع حسني مبارك من هذه الإستراتيجية نهجًا، فلم يجد مبررًا لطول فترة حكمه الرئاسية رغم انحسار الإنجازات، سوى التهديد بأن البديل له هي الفوضى، فإنه يحكم شعبًا يكمن فيهم الإرهاب المجمد المكبل، شعبًا لديه القابلية على تفجير الكنائس وحرق دور العبادة ومهيأ للطائفية والمذهبية الدينية، ويتوق إلى الفوضى.

من انفجار كنيسة القديسين، كانون الثاني 2011

لتطفو على السطح بعد ذلك، أي بعد ثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011، الوثائق والدلائل والقرائن التي تثبت تورط النظام متمثلا في وزارة داخليته بقيادة حبيب العدلي في العديد من التفجيرات والعمليات القذرة التي شهدتها مصر من تفجير لكنائس في مناطق من صعيد مصر وتأجيج لمشاعر الاضطهاد الديني وعدم تقبل الآخر، الأمر الذي لم يعهده المصريون قبل ذلك.

حبيب العدلي وجهاز تدميره السري

وكان قد كشف في وقت سابق عن مذكرة سرية عرضت على وزير الداخلية فى كانون الأول/ ديسمبر 2010، أيام قليلة قبل رأس السنة الميلادية 2011، الذي شهد تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، ويتم في هذه المذكرة عرض خطة لتفجير إحدى الكنائس الكبرى داخل القاهرة، ثم توجيه أصابع الاتهام بعد ذلك لبعض القيادات الكنسية من خلال السيطرة على سير تحقيقات النيابة، بغرض الضغط على البابا شنودة وتهديده والسيطرة عليه، حتى يحد من موجة احتجاجات المسيحيين، ولكي يخفض من انتقاداته في أثناء حديثه مع مبارك، ومن طرف آخر توجيه تهمة التفجير للجماعات الإسلامية، ما يسوغ للنظام المصري ممارساته القمعية.

كما تم الكشف عن جهاز سري يقوده وزير الداخلية، العادلي، والمكون من 22 ضابطًا من جهاز الشرطة، والذي يضم عددا من "أفراد سابقين في الجماعات الإسلامية" التي قضت سنوات في السجون وجندها النظام، وعددا من تجار المخدرات، وفرق الشركات الأمنية، وميليشيات من 'البلطجية' الذين يدينون بولائهم للضباط الداخلية، قُسِّموا حسب المناطق الجغرافية.

والهدف من جهاز العادلي أن يكون 'جهاز تخريب شامل' في جميع أنحاء مصر، إذا تعرض النظام لأي اهتزاز. ويبدو أن اهتزاز النظام بعد كارثة التزوير الفاضح لانتخابات برلمان 2010، إضافة إلى اتساع مساحة القلق من خلافة الرئيس مبارك، كانا إشارتين إلى 'الاهتزاز' الذي يحرك الجهاز السري للعادلي.

تفجير كنيسة القديسين

وكان تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية، رأس السنة الميلادية 2011 والذي قتل على إثره 22 شخصًا، هدف الجهاز السري، وكما كشفت الاستخبارات البريطانية، تولى الرائد فتحي عبد الواحد قيادة العملية بداية من 11 كانون الأول/ ديسمبر 2011، حين اختار أحد مساجين الجماعات الإسلامية واسمه أحمد محمد خالد للاتصال بمجموعة مصرية متطرفة، وتكليفها ضرب كنيسة القديسين في الإسكندرية.

لم تكن حادثة القديسين هي الأولى، ومع عودة العسكر إلى رأس السلطة في مصر بانقلاب عسكري، فهي ليست الأخيرة كذلك، إذ سبق تفجير القديسين عدة أحداث في محافظات كالمنيا أبرزها حادثة اختفاء كاميليا شحادة والفتنة التي أشعلت على إثرها، وأودت بحياة الكثيرين، ولم تقدم فيها الداخلية متهم صريح، وتعددت الإشارات إلى تورط الداخلية فيها.

العسكر على نفس النهج

وبدأ عهد حكم السيسي في سلسة جديدة من تفجيرات لدور العبادة والتي يبدو لا تبدو نشازًا في نهج الأنظمة القمعية إذ قتل ستة أشخاص وأصيب ثلاثة آخرين في انفجار عبوة ناسفة بمنطقة الطالبية بشارع الهرم بالقرب من مسجد 'السلام' بمحافظة الجيزة، الجمعة الماضية.

كما سقط، صباح اليوم الأحد، 25 قتيلا و31 مصابا إثر انفجار في  الكاتدرائية المرقسية بحي العباسية في القاهرة، لتكون الأخيرة في سلسلة تغذية النعرات والتهيج العواطف الدينية.

اقرأ/ي أيضًا | 25 قتيلا و31 جريحا بانفجار الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة

التعليقات