08/08/2023 - 16:52

50 عامًا على الـ"هيب هوب": من أحياء نيويورك الفقيرة إلى العالم

تعود نشأة الهيب هوب إلى 11 آب/أغسطس 1973، حين أقدم منسق الأسطوانات المتحدر من جامايكا كلايف كامبل، المعروف بـ"دي جاي كول هيرك"، في الطبقة السفلية من أحد مباني برونكس بنيويورك، على تشغيل قرص موسيقي على آلتين لقراءة الأقراص

50 عامًا على الـ

(Getty)

نشأت ثقافة الهيب هوب في برونكس بنيويورك قبل نحو 50 عامًا، حيث وفّرت للشباب الأميركيّين من أصل أفريقيّ ملاذًا من الفقر والتمييز.

وتعود نشأة الهيب هوب إلى 11 آب/أغسطس 1973، حين أقدم منسق الأسطوانات المتحدر من جامايكا كلايف كامبل، المعروف بـ"دي جاي كول هيرك"، في الطبقة السفلية من أحد مباني برونكس بنيويورك، على تشغيل قرص موسيقي على آلتين لقراءة الأقراص، ثم عزل تسلسل الإيقاعات وبثّها عبر مكبرات صوت، موفّرًا ما يُعرف بالـ"بريك بيت" الذي يشكل العنصر الأساسي في موسيقى الهيب هوب.وكان الهيب هوب الذي بات أسلوبًا سائدًا في الولايات المتحدة، شهد نموًا سريعًا حتى تمكّن من إحداث تغيير جذري في المجال الموسيقي، الذي أظهر مقاومةً تجاهه في البداية، مع استمرار هذه الثقافة في تمثيل جزء من الشباب الأميركي.

وفي حديث يقول المؤرخ المتخصص في الهيب هوب رالف ماكدانيالز "من المذهل الاحتفال بمرور 50 عامًا على نشأة الهيب هوب لأنّ هذا الأسلوب لم يكن له أي قيمة"، مضيفًا "عندما انطلقت هذه الثقافة، لم يكن أحد يرغب في توظيف منسق أسطوانات أو مضيف أحداث أو ممارس للرقص البهلواني (بريك دانس)".

ويضيف الرجل الستيني الذي يحتفظ بعقود من الأرشيف ولقطات ونغمات تمتد لآلاف الساعات يحميها لنقل ذكرى خاصة بعصر معيّن "إنّ 11 آب/أغسطس 1973 كان مجرد حفلة عيد ميلاد لكنّ هذا الاحتفال طبع بداية الهيب هوب".

وتخليدًا لهذا اليوم، سيشارك دي جاي كول هيرك في حفلة موسيقية ضخمة مُرتقبة الجمعة في ملعب "يانكي ستاديوم" في برونكس، وهو الملعب الخاص بفريق "نيويورك يانكيز" للبيسبول. ومن المتوقع مشاركة موسيقيين سابقين متخصصين بالراب من أمثال غراندماستر كاز وكورتيس وذي شوغرهيل غانغ، وروكسان شانتيه وليل كيم وآيس كيوب وسنوب دوغ و رَن دي ام سي.

(Getty)

وللاحتفال بهذه الذكرى، أطلقت نيويورك عددًا من المبادرات الثقافية طوال الصيف، بينها جلسات لرسم الغرافيتي أو لممارسة البريك دانس، بالإضافة إلى حفلات جماعية وأخرى موسيقية.

والجمعة الفائت، شارك غراندماستر فلاش (65 عامًا)، أحد رواد موسيقى الراب واسمه الحقيقي جوزف سادلر، في حفلة أقيمت في متنزه برونكس.

وقدّم غراندماستر فلاش عرضًا إلى جانب اثنين من أعضاء فرقة "فوريوس فايف" السابقين هما ميل ميل (ميلفن غروفر) وسكوربيو (ايدي مورّيس)، معيدين الأجواء الصاخبة التي طبعت سبعينات القرن العشرين وثمانينياته.

وعندما كانت الحياة صعبة ويسودها العنف في نيويورك التي كان يستشري فيها الفقر والمخدرات والجريمة، كانت "الحفلات الجماعية" الأولى بمثابة متنفس للمراهقين والعائلات الساعية للهروب من "واقع صعب، وخصوصًا من تمييز اجتماعي وعنصري" كان يُمارس في حقها، على ما يشير جيري غيبس الذي نشأ في برونكس.

ويقول مغني الراب البالغ 55 سنة والذي يُطلق على نفسه لقب "دي جي كول غي"، "عندما انطلقت هذه المرحلة كنت طفلًا، لكنني رأيت كيف ساهم ذلك في توحيد المجتمعات (...) وكيف كان منسقو الأسطوانات يُفرحون السكان (...) ويدفعونهم لنسيان همومهم وإمضاء أمسية جميلة".

ويضيف رالف ماكدانيالز أن "عددًا كبيرًا من مغنيي الهيب هوب البارزين اختبروا تجارب صعبة"، مشيرًا إلى أسماء بينها جاي زي و ذا نوتوريوس بي. آي. جي. وناس الذين نشأوا جميعًا في أحياء فقيرة في نيويورك.

ويتابع المؤرخ "كانوا يعرفون الناس والعائلات ويفهمونهم، وكانوا يدركون كل ما يدور داخل المصاعد التي تفوح منها رائحة البول وكل ما كانت تشهده الأحياء يوميًا. ثم أخذوا كل ذلك ووضعوه في أسطواناتهم".

(Getty)

وفي تسعينات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بات جاي زي الذي يتّخذ من شون كوري كارتر اسمًا حقيقيًا ونشأ في بروكلين وكان تاجر مخدرات، أحد أبرز مغنيي الراب الأميركيين ورجل أعمال مليارديرًا مالكًا لشركة "روك نايشن" الترفيهية العملاقة.

وأحاط مغني الراب نفسه بمنتجين من أمثال كانييه ويست، فيما أصبح مغنون آخرون بينهم دي إم إكس وبوستا رايمز وفيفتي سنت وكاردي بي ودرايك ونيكي ميناج نجومًا عالميًا أيضًا.

لكن رغم هيمنته، لا يزال الهيب هوب راسخًا في ثقافة بديلة في الولايات المتحدة ومتجذرًا في التجربة المؤلمة للعنصرية وعدم المساواة، على قول الخبراء.

وكل سنة، يُتَّهم القائمون على جوائز غرامي الموسيقية الموازية بأهميتها لجوائز الأوسكار السينمائية، بالتمييز ضد الفنانين الأميركيين من أصل أفريقي.

لكن في عصر البث التدفقي، للهيب هوب تأثير عالمي. فهذه الثقافة استحالت حركة اجتماعية ولم تكتف بكونها مجرد أسلوب، فيما دخلت مختلف المجالات من الموسيقى إلى الموضة وصولًا إلى الرقص.

وتقول باولا فارلي (59 عامًا) التي كانت طفلة عندما انطلقت حفلات برونكس الأولى إنّ "الأشخاص لم يتقبّلوا بدايةً موسيقى الهيب هوب، وكانوا يعتقدون أنها ستفشل".

وتقول باسمةً "تبيّن بعد خمسين عامًا أنهم ليسوا على حق".

التعليقات