تأنيث الخطاب كضرورة لأخْلَقَة اللغة (2/3 + 3/3) د.سمير خلايلة

-

تأنيث الخطاب كضرورة لأخْلَقَة اللغة (2/3 + 3/3) د.سمير خلايلة

الأنثويّة والجنس النّحوي (feminism & grammatical gender):


حضور الذّكوريّة في التّرجمة والإستعارة


 


لو تأملت أيّ إنسانة الى حقيقة التّرجمة (والتّعريب), لأكتشفت يقينا أنّ الرّوح الذّكوريّة حاضرةٌ بقوة في نقل المصطلح Feminism الى العربيّة الفصحى. إنّ مجرد ترجمته كَ "النّسوّية أو الحركة النّسوّية" يجلّي تغييب الأنثى العزبة (او العزباء) من مجال اللواتي يحق لهنّ أن يتحرّرن جنسيّا من إمتلاكية وإحتكار السّلطة الباترياركية في المجتمع الذّكوريّ لجنسانيتها (sexuality) ( ; تاريخيّا, نضالات الفِمينيزم تتضمّنت التّحرر الجنسي في موجتها الثّانية, أنظري, مثلا, Saul 2005 ). في اللّغة العربية الفصحى مفهوم ال "مرأة" أو "نسوة/نساء" يحمل دلالة الحالة الإجتماعية الزّواجيّة; ومن هنا ليس صعبا أن يُصادر حق التحرّر الجنسي عند الأنثى العزبة. فمؤسسة الزواج جاءت في الأساس لتنظيم وإحلال ممارسة الجنس في  إطار أخلاقي من منظور الباترياركيّة في المجتمع الذكوري (المتديّن). لا أستبعد أنّ من ترجمّ أو ترجمت المصطلح الى العربية الفصحى كان او كانت مذوّتة للعقليّة الذكوريّة الإستعلائيّة. في المجتمعات الذكورية المُغلقة, يُحرّم على العزباءات ممارسة الجنس, فيُسحق جانبٌ مركزي طبيعيّ من  إنسانيّة وكينونة الأنثى. أن "تتبنّت" الأنثى العزباء في المجتمع المسلم, مثلا, ليس هو الحلّ السحريّ العادل في تصّوري.  تجدر الإشارة أنّ المصطلح المُترجم "النسّوية" مشتقّ من أسم جمع وليس بمفرد, كما هو الحال في المصطلح الأصلي الغربيّ "الفيمينزم". هل  يمكن إدراج هذ الحقيقة في إطار المنظور المُجَنْسِن (sexist perspective) للّغة, أم هي مجرد حقيقة مورفولوجيّة أو صوتيّة  لمبنى كلمة المفرد المؤنّث "إمرأة", منزّة من كل إنحياز لصالح الجندر الذكوري؟ ما العيب البنيّوي في "المَرْئويّة" و "إمْرَئَويّة" أو "إمْرَئويّ"؟ ولماذا لم يُترجم المصطلح feminism الى العربيّة كَ "الأنثويّة", بموازة المفردة "الذكوريّة"؟ يخيّل لي أنّ مثل هذه التّرجمة تنصبّ في عقلية ذكوريّة تكرّس المُعتقد أنّ الإنسانة الأنثى/ المرأة كفرد مستقل لا يمكن لها أن تكون أنطلوجيّا ككيان واحد لوحدها, بل يجب ضم مجموعة كل المجموعات للإشخاص التي تحمل صفة الإناثة, المجسّدة بصيغة الجمع "نسوة", كي تتساوى أنطولوجيّا مع الإنسان الذَكَر/ الرّجل, كمفرد مستقل ذي كيان واحد لوحده.


 


الياس عطا الله والموقف "السلبي" إتجاه  أخْلَقة اللّغة من قبل ال Feminists


 


تحت عنوان "قضايا لغوية"  يتناول الزّميل الدّكتور الياس عطا الله (2006) موضوعة "التّخنيث في اللّغة, بين التذكير والتّأنيث" في خمسة أجزاء أو حلقات. إذا نظرنا بإمعان الى عنوان المقال سنقرأ الرّوح الذّكوريّة (المُنحازة سلفا ل"ذكوريّة" اللّغة)- وإن كان عن قصد غير واعٍ- من الإستعارة المُجسّدة في المصطلح "تخنيث اللّغة". يهتّم عطا الله في إظهار العلّة من إختيار هذا المصطلح كمقاربة للتعبير المركّب degenderization , نزع الجنس أو اللا جنسنة. نستدل من شرحه أنّ التعبير المركّب "تخنيث اللغة" يساوي دلاليّا " جَعْل اللّغة خنثى". الكلمة "خنثى" مشتقّة من ال "خنث" التي تحمل معاني اللّين والسّير الغَنِج المتثني ولا يقال هذا الإسم إلا في وصف الذَكَر, بالرغم من كونه غير خاص في الذكورة أو الإناثة; وعلى الصّعيد العضويّ, هو من له ما للذكر وما للأنثى; وفي وصف الذكر, له إسقاطات دلالية غير محايدة, لا تخفي مَيْلَهُ أو تصرّفه الإناثيّ. فعملية تحييد الجنس اللغويّ/القواعديّ/النحويّ/الصرّفيّ (grammatical- gender neutralization) من قبل  الأنثويّات أوالأنثويّون (Feminists) , المُجسّدة لتحويل اللغات, من حيث بنيتها وأسلوبيّتها,  من لغات مُجَنْسِنَة sexist languages إلى لغات غير مجنسنة  non-sexist languages حسب قراءة عطا الله لإصلاح هذه اللغات وأخْلَقَتَها(جعلها أخلاقيّة) يمكن إعتبارها تليين وتكسّر وتثنّي في وصف "ذكوريّة" اللّغة المجنسنة التي تُغلّب الصِيغ المذكّرة في الإشارة الى الإحالة أو الدلالة التعميميّة (generic reference). نستغرب هنا لماذا إنتقى عطا الله عبارة إستعارية تحمل شحنات وإسقاطات دلالّية سلبيّة وغير مُحايدة للجانب الإستعاري في تَذَهْنُن أو تَفَهمُن (conceptualization) مفهوم الأنثى, لأنّ عدم تجسيد الصّفة الذّكوريّة الصّافية المحضة في الذَكَر, على صعيد التّكوين البيولوجيّ, هو بشكل مباشر تصوّر دونيّ للإناثة المُتهيكلة في الشّخص, وخَلع إستعارت سلبيّة على مفهوم اللّين فيه. في القراءة الإستعارية  لعبارة "تخنيث اللّغة" بحكمها الجّمالي والأخلاقي السّلبي تقودنا لموقفه الرّافض لتحييد الجندر النّحويّ في اللّغة العربيّة الفصيحة  في مقالته. يصرّح عطا الله


  


وقد أكون متجنيّا بعض الشيىء إن قلت إنّ الدعوات التّغييرية المفضية إلى اللا جندرة أو نزع الجنسنة, ستكون نوعا من العبث, حتى لو أفلحت جزئيا في تغيير بعض المفردات, وفي بعض الأسلوبيّات, لأنّ حقيقة الجنسنة التي يجب أن تعالج, هي ما يعاش خارج إطار اللّغة, في شتّى أصعدة الحياة, وما التركيز على اللغات, إلا نوع من اللّعب في حافة الطريق, أو في هامش الأشياء, لا في الجوهر (الجزء الرابع من المقال)...


فلنقل بدءًا إنّه لا حاجة لإجراءات عمليّات تجميليّة على اللّغة العربيّة وأضرابها, فالإنصاف أو غيابه والمساواة أو غيابها, قضايا لا شأن للّغة بالتّأسيس لها, فاللغة ما ولّدت الغُبنَ بطبيعتها, ولا أسّست للامساواة بأصل وضعها, وقضيّة الخطاب في العربيّة تعتمد على جنس المخاطب, وعلى التّغليب اللّغويّ لصيغة المذّكر لا للذكر نفسه, وعليه, ليست لغتنا مجال صراع لمطلبٍ نسويّ, وإن كانت ثمة مواضعُ قد ترى بعض النّسويات ضرورة لإجراء عمليّات تصحيحيّة فيها... (الجزء الخامس من المقال)


 


رغم زخم المقالات في المجلّات اللّسانيّة والكتب المطبوعة والإنترنيت التي تعالج قضية الجندر (gender) النّحويّ وعلاقته بالأنثويّة (أدخلي موقع www.google.com  وتحقّقي بنفسك من  هذه الحقيقة), لم يخطر ببال عطا الله أن يذكر أيّ مرجع أجنبيّ واحد في جسد النّصّ. بعض الحقائق اللّغوية التي يذكرها  تدلّ على أنّه إستعمل بعض المصادر الأجنبيّة (سنأتي اليها لاحقا). ثانيا, لا نستطيع أن نُموضِع الفحوى والمضمون في مقالته بسياق النّقاش والجدل الدائر  في فضاء النظريات الممكنة بهذا الشأن. من حقنا أيضا أن نسأل عطا الله من  هي المجموعة الأنثويّة التي يتوجّه اليها في مقاله لأنّ عالم المعرفة والعلم  من الأنثويّات  والأنثويّين ,خاصة في حقل اللّسانيات وفلسفة اللّغة (أنظري Saul 2005), يعجّ بهنّ وبهم. بما أنّي أعتبر ذاتي أنثويّا ومقالي الذي على موقع www.arabs48.com  "لا نعرف ما نعرف: لا تولد الأمّة المتنوّرة إلا من رحم الأمّ/الأنثى" يشهد على ذلك بقوّة, لا أعرف كيف أفسّر تجاهله  للمقالة وأسلوبية تأنيث الخطاب الواضحة فيها. حتّى لا أتّهَمُ بالتجّني على زميلي عطا الله في نسب موقف غير مُنصِف لا يليق بأخلاقيّات كتابته, سأفترض رغم كلّ هذا أنّ مقاله يخلو من كل هذ الإتهام الغير مبرّر بدافع مبدأ السخاء (principle of charity), وأحاول أن ارى النور الفكري من منظور مناقشة الأفكار الموجودة في النّص وتجريدها عن  مصدرها أو كاتبها.


 


الطّرح المركزيّ  في مقالة عطا الله تتلخص كالتالي: من الخطل الإعتقاد أنّ التّغليب اللّغوي لصيغة المذكّر هو تغليب الذّكر نفسه; الإنصاف أو غيابه, المساواة أو غيابها هي قضايا لا شأن للّغة بالتّأسيس لها, فاللّغة ما ولّدت الغبن بطبيعتها, ولا أسّست للمساواة بأصل اللغة, لذلك; ليست اللغة العربيّة الفصيحة صراع لمطلبٍ نسويّ لإزالة الغبن اللاحق بالإناث/النساء, والدعوات المفضية إلى اللا جندرة أو نزع الجنسنة, ستكون نوعا من العبث والتركيز على اللغات ما هو إلا نوع من اللعب في الطريق أو في هامش الأشياء, لا في الجوهر.


 


نتساءل أولا: هل قُدّمت حقا دلائل وحجج على الإدعاء أنّ كون اللغات الطبيعيّة تملك أنظمة الجنس النّحويّ , التي تُكوكِب فيها الصّيغة المذكّرة كمُرسَل unmarked) أو default),  لا يعني ذكوريّة اللّغة, ولا أنّ الذّكورة هي المّعيار (norm), ولا التّرميز لوجهة النّظر الكونية الإستعلائية للذكر ولا الواقع اللامرئي للإناث/ النّساء؟ إجابتي المتوقعة هي بالنّفي. عطا الله لم يتناول المفهوم العلميّ للّغة الطّبيعيّة, وأكثر من ذلك إكتفى بوصف حقائق لغويّة من لغات عدّة تملك نظام الجندر اللّغوّي  بشكل مجزّأ, ولم يناقش أيّ نظريّة تتعلق بعلاقة اللّغة الطّبيعيّة بالفكر (thought) ولا علاقات اللّغة بالعالم الخارجي, والسيمَنطيقا ومعنى المتكلّمة (semantics and speaker’s meaning) كي يتخذ من الطّرح اللاأنثويّ موقفا. صحيح أنّ الكتابة في جريدة "فصل المقال" أو موقع عرب ال48 ليس بالمنبر الذي يتطلب غاية الدّقّّة العلميّة والبرهان المنطقي الصّائب مثل المنابر العلميّة الأخرى, لكنّ عطا الله نفسه يقول إنّ  المقارنة بين العربيّة والإنجليزيّة-اللّغة الدّوليّة- بخصوص قضية تخْنيث اللّغة  هي " لغاية علميّة من ناحية, ولتكون رسالة مجرّدة من الميول, منزّهة عن المواقف المسبقة, الى الحركات النّسويّة العربيّة, للوقوف أمام تعقيدات اللا جنسنة في مضمار العربيّة" (الجزء الثاني من المقال). في الجزء الأول للمقال يذكر أنّ  سمة الجندر الغير حقيقيّة  لإسم ما (مؤنّثا كان أو مذكّرا) في لغة ما يتحدّد "وفقا لمفاهيم الشّعوب نفسها, أو وفقا للتقديرات القواعديّة, أعني بمفاهيم الشعوب أن يعدّ "الباب", مثلا, مذكّرا, في العربيّة , مؤنّثا في العبريّة". إنّ الذِكر السريع لهذه النقطة يدل على مستوى الأسلوب الوصفي والحسّ المشترك للكاتب. أيّ إدعاء "يتشرف" بلقب العلميّة يجب أن يتحلّى  ببيانٍ الى حد يمكن فحصه ومناقشته. لا ندري ماذا يعني الكاتب بِ "مفاهيم الشّعوب". وإذا كان قصده مجرد تأكيد العلاقة الإعتباطيّة (arbitrariness) بين مدلول (referent) الإسم وسمة جنسه النحويّ ( كمذّكر, مؤنث, أو حيادي (neuter)),مستدعيا مقولة فرديناند دي سوسير (de Saussure) بشأن العلاقة الإعتباطيّة بين الدّال والمدلول,   فيكون قد أخطأ في نهج تحليل وتفسير ظاهرة الجنس النّحويّ وعلاقتها بالمنظور العقائدي الذكوريّ المُختزِل للأنثى/ المرأة.


 


أعتقد أنّ الكاتب لم يعمد دراسة قضيّة الجندر النّحويّ بجدّية لأنّ المقارنة بين العربيّة مع الإنجليزية تخطأ الهدف وأكثر من ذلك تحرز هدفا ذاتيا. أولا, اللّغة الإنجليزية الحديثة تفتقر لنظام الجندر النحويّ على المبني السّطحيّ  للعبارات المركبّة على الأقل (من منظور اللّسانيات التّوليديّة والتّحويليّة, البنيّة العميقة للجملة متجانسة لكل اللّغات الطّبيعيّة وعدم تصوّت سمة نحويّة يرجع الى حقيقة أنّ المقولات اللّغويّة (linguistic categories) قد تكون فارغة ومجرّدة). ثانيا, تنكشف الحقائق اللّغوية عادة في سياق الجملة الكاملة الواحدة على الأقل ; وحدة التحليل اللّغوي في اللّسانيات الحديثة هي الجملة, التي يمكن أن تحتوي جُمَلا كأجزاء, وليس الكلمة المفردة. فمثلا, هل يعرف الكاتب كيف تتحدّد أو تتعيّن (assigned) سمةُ الجندر في عبارة عطفيّة إسميّة (nominal coordinate phrase) تتألف من ثلاث عبارات إسميّة تتنوّع قيمة سمة الجندر فيها في الألمانية الحديثة, الفارسيّة الحديثة, اليونانيّة القديمة واللغات الغير مُجنسِنَة؟ وهل هذه المعرفة لها صلة بالإدعاء الأنثويّ أنّ اللّغة تشكّل الى حد ما مفهوم المذكّر النحويّ كمُرسَل  (unmarked) وتعيين مفهوم الذَكَر, بإستعاراته الإيجابيّة مقابل الإستعارات السّلبيّة للأنثى/ المونّث (نسبيّا)؟


 


إنّ  كلّ من يعرف مبنى اللّغة العربيّة الفصيحة, يجب أن يطرح السؤال التّالي: كم من الأجناس اللّغويّة (grammatical genders)  يوجد في العربيّة الفصحى؟ كلنا "تربيّنا" على التّنظير اللّساني للنّحاة العرب الكلاسيكيين,  كالخليل بن أحمد, سيبويه,  أبن الأنباري وغيرهم في تعلّمنا للعربيّة الفصيحة, كلغة ثانية, وذوّتنا الإعتقاد أنّ العربيّة تجيز جنسين لغويّين: المذكّر (الحقيقي والغير حقيقي) والمؤنّث (الحقيقي والغير حقيقي). إذا كانت العربيّة الكلاسيكية تعتمد على التّقسيم الثّلاثي في منهجها البنيّوي, كيف نفسّر عدم هذا التقسيم بالنّسبة للجندر اللّغوي؟ أي كيف نفسّر وجود الفجوة التي تتمثل في غياب الجنس الحيادي (neuter), الموجود في بعض اللّغات الطّبيعيّة, كالألمانيّة الحديثة (أنظري, مثلا, van Berkum 1996


 


نعرف أنّ معظم الأفعال العربيّة تّصاغ من ثلاثة حروف صامتة (consonants), تسمّى الجذر; حالات الإعراب (case) ثلاثة: رفع, نصب, وجرّ; العدد (number) في اللغة ينقسم الى ثلاثة: مفرد, مثنّى, وجمع; الشخص (person ) ينقسم الى ثلاثة: متكلم, مخاطب, وغائب; أقسام الكلام (parts of speech), حسب منظور النّحاة الكلاسيكيّين, ثلاثة: أسم, فعل, وحرف. الفعل يتصرّف الى صيغة الماضي, المضارع, والأمر. هل حقا تخلو العربيّة من الجنس الثّالث الحيادي؟   وكيف نبرهن على وجوده أو عدم وجوده؟ لن أخوض في عمق الموضوع كثيرا, لكن لا بدّ من الإشارة الى الفكرة التّالية: من طبيعة اللّغة الطّبيعيّة أن تتحّول وتتغيّر (أنظري de Saussure); يمكن أن يظهر نظام نحويّ, كنظام الجندر النّحويّ, في فترة ما, يتغيّر وثم يختفي (أنظري حال اللّغة الهولنديّة في تحوّلها من نظام جندر نحويّ  ثلاثيّ, (مذكّر, مؤنثّ, وحيادي), الى نظام جندريّ ثنائيّ, (حيادي, وغير حيادي, van Berkum 1996). فقد تكون اللّغة العربيّة الكلاسيكيّة في فترة ما إمتلكت النّظام الجندريّ الثّلاثي, وفقدته في مرحلة لاحقة. عدم وجود النّصوص المكتوبة  بالعربيّة الكلاسيكيّة تخرج إمكانية فحص مثل هذا التحّول. صحيحٌ أنّ العربيّة الفصحى لا تملك ضمائر حيادية منفصلة بارزة مثل الإنجليزيّة ("it") أو الألمانيّة ("es") أو الهولنديّة ("het") في نظامها الجندريّ النّحويّ, لكن يمكن الإفتراض أنّ الجنس الحيادي الثالث له نفس الصّيغة المذكّرة أو المؤنّثة  في اللّغة , ولكن لا تظهر هذه الضمائر المنفصلة إلا مُستترة/ مُضمرة, كون اللّغة تجيز وجود ضاهرة الضمائر الغير بارزة, بعكس اللّغة الإنجليزية أو الألمانية أو الهولنديّة. فنظير الجمل الانجليزيّة (8ا) في العربيّة الفصحى, (8ب), وعدم سلامة التّركيب النّحوي في (8ج) يأكّد هذه الحقيقة.


 


(8)     ا.        It seems that Nadia is sick.


          ب.      يبدو أنّ ناديا مريضةٌ.


          ج.*     هو يبدو/ هي تبدو أنّ ناديا مريضةٌ.


  


قد يظهر ضمير متصل, سميّ بضمير الشأن بلغة النّحاة الكلاسيكيين, بِ "أنّ" في موضع المفعول لأفعال القلوب, كما هو ممثل في (9).


 


(9)     ا.        ظنّ علي أنّه خرجت ديانا من الغرفة.


 


يتبيّن أنّ إحتمال وجود الجندر النّحويّ الثّالث الحيادي في العربيّة الفصحى يمكن أن يتحقق في صيغة الضمير المفرد المذكّر, كمضمر مستتر أو كضمير متصل. والعبرة التي نوّد أن نستخلصها هي أنّ الصّيغة  النّحويّة المذكّرة هي المعيار في هذا السّياق.  قبل أن ننتقل للفكرة التّالية, نودّ أن نشير الى حقيقة لغوية تتجلى فيها فكرة "الدّونيّة" باستخدام الصّيغة المؤنّثة للفاعل النّحوي في جمل الطّقس و الزمن, كما هو ممثل في (10).


 


(10)    ا.        عم بتشتّي الدنيا           (It is raining)


          ب.      عم بتصيّف الدنيا         (It is getting summer)


          ج.      غيّمت الدنيا               (It got cloudy)


          د.       إصحت الدنيا              (It stopped raining)


          ه.        عتّمت الدنيا               (It got dark )


          و.       إظهرت الدنيا             (It got noon)


          ز.       إغربت الدنيا              (It became evening)


 


الجمل التي تظهر في (10) تناظرها جمل في الإنجليزيّة الحديثة يكون فيها الفاعل النّحوي ضمير الغائب الثالث "الغير عاقل" it . الجانب المهمّ لهذه المعطيات اللّغوية هو أنّ الإسم "الدنيا" يحمل سمة الجندر ] +مؤنّث[ ولكن مدلول الإسم (extension) لا يشير الى شيىء محدّد يمكن أن تشير اليه بإسم الإشارة المونّث "هاي", كما تشير الجملة اللاحنة في (11ا). لاحظي أنّه لا يمكن أن نستفهم عن الفاعل النّحوي في مثل هذه الجمل, كما هو ظاهر في (11ب)


 


(11)    ا.*      هاي عم بتشتّي.


          ب.*    مين عم بتشتّي؟


 


 


لا نستغرب أنّ اللّغة الفلسطينيّة  تستخدم الأسم المؤنّث "الدنيا" في هذه السياقات, الذي لا يشير الى شيىء وجودي محدّد ومعيّن, وليس الأسم المذكّر "العالم" مثلا. الأسم المذكّر "العالم", بعكس المؤنّث "الدنيا", يأخذ صفة مُؤنْسَنَة (humanized) ويحمل دلالة مرادفة  للإسم المذكّر "الناس", كما هو بائن في (12).


 


(12)    ا.        شفت أديش عالم/ ناس أجو عَ لعرس؟    (* شفت أديش دنيا أجو عَ لعرس؟)


          ب.      العالم/ الناس بطّلت تستحي عَ حالهَ.      (* الدنيا بطّلت تستحي عّ حالهَ.)      


          ج.      ديانا بتحترم كل الناس/ العالم.             (* ديانا بتحترم كل الدنيا.)


 


يطرح السؤال هنا: لماذا تُمعجِم اللّغة العربيّة الفلسطينيّة الفاعل النّحوي لجمل الطّقس والزمن بإسم مؤنّث لا يدلّ على شيىء محدّد ومعيّن, ويقابل هذا الإسم ضميرا غائبا  (غيرعاقل) فارغ الدّلالة والمضمون ("it")  في لغات أجنبيّة كاللّغة الإنجليزيّة مثلا؟ يمكن أن نجيب بأنّ الصّيغة المؤنّثة للاسماء في العربيّة الفلسطينيّة قد  تجلّي النّزعة السّلبية في ذَهْنَنَة  مفهوم الأنثى, مؤكدا مقولة الأنثويّات أنّ اللّغة تشكّل مرآة لقولبة الفكر السّائد في المجتمع وإذا كان هناك تمثّل (representation) سلبيّ ودونيّ لمفهوم الأنثى يجب تصحيحه وتفكيكه. إنّ توزيع الأدوار بين الذّكور/الرّجال والإناث/النّساء في المجتمع الفلسطيني ينعكس واضحا في إستعارة المفردتين "بوليس" ("police")  و"نارسِه" ("nurse") من الإنجليزيّة. الإسم "بوليس" يتعيّن بسمة الجندر النّحوي ]+مذكّر[, والأسم "نارسِه" يتعيّن بسمة ]+مؤنّث[ في العربيّة الفلسطينيّة, رغم أنّ هذين الإسمين لا يظهران هذه السّمات الجندريّ النحّويّة باللّغة الإنجليزيّة, لأنّ الأخيرة لا تملك نظام الجندر النحّوي, كالعربيّة الفلسطينيّة. إنّ غياب الصّيغة المؤنّثة لمفردة "بوليس" وغياب الصّيغة المذكّرة  لمفردة "نارسِه" لا يترك مجالا للشك أنّ اللّغة  تشكّل تقسيم عالم المِهْنتين حسب مقياس الذّكورة والإناثة: الذّكر/الرجل كرمز للقانون والأمن, والأنثى/المرأة كرمز للعطف والرّقّة/اللّطف. هذا التقسيم هو, بالواقع, بقايا عقليّة المجتمع الزّراعي القديم. يمكن أن نستنتج, إذًا, أنّ اللّغة التي تتكلّمها إنسانة  (قد) تؤثر على طريقة تفكيرها. إنّ حضور الله في سياق الجمل باللّغة العربيّة الفلسطينيّة يعكس مدى تأثير التّصوّر العقيدي على التمّثلات الذهنيّة للأشياء, الأحداث والحالات في العالم/الواقع الخارجي, كما هو واضح في جملة " أجيت والله جابك".


 


اللّغة العربيّة الفلسطينيّة تخزّن أيضا بعض المعطيَات اللّغويّة التي تشير الى أنّ إستعمال الضمير المؤنّث المفرد (المُضمر أو المُستتر) يحمل دلالة سلبيّة واضحة, كما هو ظاهر في (13).


 


(13)    ا.        أكلت هَوا/ خَرَه           (.It got bad)


          ب.      وَسَخّت.                             (.It got dirty)   


          ج.      نَيَّكَتْ.                      (.It got fucked up)


          د.       عِمْلوهَا.                             (.They did it)


 


إنّ عمليّة الإشارة الغير مباشرة الى حدث أو فعل الجنس في (13د) بالضمير المؤنّث المتّصل ("هَ"), مثلا, تقدم دليلا واضحا على أنّ مجرد نَحْوَنَة (grammaticalization) الحدث بالضمير المؤنّث الغائبة هو, في الواقع, فضحٌ لعقليّة تحاول التّستر على ممارسة طبيعيّة بصيغة غامضة غير مُحدّدة المعالم. الموقف العقائديّ السّلبيّ للفعل الجنسي يتجلّى في اللّغة الإنجليزيّة أيضا بدليل إستعمال الضمير الغائب الثالث (الغير عاقل) it .


 


دعنا نمثّل بعض التّباين في منظور اللّغة العربية الفلسطينيّة لعدم التّماثل (asymmetry) بين تصوّر الإسم المذكّر والمؤنّث. هناك إختلاف واضح بين سمة الجندر للإسم "بيت" و سمة الجندر للإسم "دار" بالرغم من أنّ كليهما لهما نفس المدلول (extension), كما هو واضح

في (14). الأول إسم مذكّر والثاني إسم مونّث.


 


(14)    ا.        روّحت أمال على البيت.                    (.(Amaal came home


ب?.               روّحت أمال على الدار.           (.*Amaal came house)


ج?.                البيت بيتِك.                         (تقال ترحيبا للضيفة)


د?.            الدار دارِك.                         (تقال ترحيبا للضيفة)


 


 تعرف  كلّ متكلّمة للّغة العربيّة الفلسطينيّة أنّ "البيت" يتحدّد بِسِمة ] +مذّكر[ و"الدار" بِسِمة ] +مؤنّث[ إعتمادا على التوزيع في سياق المبنى النّظميّ/النّحوّي للعبارة الجمليّة (sentential phrase), كما يظهر في (15).


 


(15)    ا.        هاذا البيت  كبير.        


          ب.      هاي الّدار كبيرِه.


          ج.      البيت تبع ديانا إحترق.


          د.       الدار تبعت ديانا إحترقت.


 


 تعتبر عالمات اللّسانيات التّوليديّة الجندر النّحويّ ظاهرة بنيويّة تتحقّق تحت قيود جوّانيّة للمبنى النّظمي للعبارة الجُمليّة. كي نبسّط الأمر, نقول إنّ القيّد النّحوي يتمثّل بظهور العلاقة النّحويّة, كالفاعل مثلا, في موقع المُحدِّد أو المُخصّص (specifier position) ورأس عبارة  المُسند أو الخبر (head of the predicate phrase) في موضع رأس الزمن (tensed head position),  بحيث يدخل  المُحدّد والعبارة التي تتموضع في موقع الرأس الزمني, كالفعل المتصرّف,  في علاقة تطابق (agreement), وتدعى هذه العلاقة specifier-head agreement  بالتّنظير اللّغويّ التّوليدي التشومسكيّ. فعلاقة الفاعل "البيت تبع ديانا" في جملة (1د) تتطابق مع الفعل "إحترقت" بالإفراد والتأنيث. كون سمات التّطابق للجندر والعدد صوريّة بدون مضمون/ محتوى دلالي يجب أن تُفحَص (checked) والتّخلّصّ منها بنقطة تماس (interface) المبنى الصوريّ (logical form)  للجملة مع المبنى المفهوميّ أو الذهنيّ (conceptual structure), لكي يتحقّق مبدأ التّأويل التّام (Principle of Full Interpretation), الذي يتطلّب أنّ العناصر التي لها تأويل فقط يجوز أن تبقى في نهاية إشتقاق الجملة (أنظري, مثلا , Chomsky 1995b , 7Radford 199).


 


على الرغم من التّرادف الكبير بين الكلمتين "بيت" و"دار" في العربيّة الفلسطينيّه (التّرادف الدلالي المطلق باللّغة بشكل شموليّ شبه مستحيل),  يوجد هناك إختلاف في التّوزيع. الجملة في(16ا) سليمة البناء, بينما (16ب) فهي لاحنة.


 


(16)    ا.        أمال  فتحت بيت(عزا).


          ب. *   أمال فتحت دار(عزا).


          ج.      بدنا نرّتب البيت السخنيني.


          د. *     بدنا نرتّب الدار السخنينيّه.


          ه.        نادر خِرِبْ بيته. خِسِر كل شِي.


          ز. *    نادر خِرْبَت داره. خِسِر كل شِي.


         


ما يهمّنا الآن هو أن ننوّه أنّ سمة الجندر النّحوية المختلفة بين "بيت" و"دار"   تُظهر لنا منظورات ذهنيّة وإدراكيّة مختلفة, وتعكس بالعمق اللاتماثل بين التّصوّر اللّغوّي لمفهوم المؤنّث والمذكّر. في البدء نقول إنّ اللّغة العربيّة تُذَهْنِن (أو تُفَهْمِن) هذين الأسمين كجسد إنساني: نقول في العربية الفلسطينيّة "وجه البيت/الدار", "ظهر البيت/الدار", "قلب البيت/الدار", "ورا البيت/الدار" و"جنب البيت/ الدار". نقول في سخنين, مثلا, أنّ من تُحدِث تغييرا غير جماليّا من منظور إحدى أفراد العائلة في "واجهة" البيت أو الدار:


 


(17)    أمال خرّبت وجِه البيت/الدار.


 


أنّ الأنسانة تختبر (experience) العالم من منظور بنائها أو هيكلها الجسدي ليس بجديد أو بغريب. يكتب Merleau-Ponty " إذا كناّ فصّلنا الهندسة المعماريّة للجسد الإنسانّي, والإطار الأنطولوجي وكيفيّة  رؤية ذاته, لكنّا رأينا أنّ مبنى عالمه الصامت هو كأن كل إحتمالات اللّغة موجود/حاضرة فيه سلفا" (  Merleau-Ponty, The Visible and the Invisible). عملية بسط المنظور المُؤنْسِن للطبيعة, وبما فيها, ينبع من ماهية وبنيوّية العقل, التي ترى العالم بمنظور إستعاريّ. ولا عجب أنّ البناء الجوّاني لمفهوم "إنسانة" أو "إنسان" مشتقّ/ مأخوذ من مفهوم ال "أنس", لأنّ الإنسانة تأنس بجوار النار والبحر ,والناس الأخريات, مثلا, وتنعم في حضن الطبيعة الأموميّ المطمئن والمُسكّن. ولا نتعجّب, أيضا, أنّ كل ما يحتويه عالم الفاهيم  المجرّدة والروحانيّة هو إستعارة مبنيّة من العناصر الماديّة الملموسة للطّبيعة. ليس صدفة أنّ المفهوم الذّهني المجرّد لكلمة "رحمة", مثلا, لها أصل أنثويّ/أموميّ, مشتقة من "رحم", لأنّه لو لم تكن الأنثى/الأم رحيمة ورؤوفة ,وحنونة, وعطوفة, لأنقرض الجّنس البشري (; ممكن, مثلا, أن نتخيّل عالما ممكنا تقتل كل أم تلد ولدها فيه). وليس صدفة, أيضا, أنّ  في المنطق للخطاب الدّيني التّوحيدي , نشهد أنّ الله يغفر لآدم وحوّاء ,بالرغم من عصيانهم وتمرّدهم عليه, لأنّ رحمته تسع كلّ شيء (ولا تتسع لها خزائن الأرض); وإلا كل عمليّة السَرْد لما تمّت بدون تناقض. كان يجب على الله أن يكون رحيما, ولولا ذلك, لما كان هناك إمكانية لخلق عالم بشري; كان يمكن أن يقتلهما لولا ماهيّة الله  الأموميّة الرّحيمة, وخسرت البشريّة نعمة الوجود والحياة.


 


للتأكيد على صحة المنظور الذي  يرى في الدار أو البيت جسدا للإنسان على الصّعيد الإستعاري, نورد الإستعارة التّالية:


 


(18)              صبري رِكِب على ظهْر الدار.


 


المعنى البارز والمقصود لِ (19) هو أنّ صبري بنى بيته فوق بيت والديه أو بيت أحد أفراد عائلته في السياق الحضاري الفلسطيني في البلاد. تعكس هذه الجملة التصوّر أنّ البيت (أو الدار) هو إمتداد أو جزء من الشخص الذي يملكه, لدرجة أنّ صبري, صاحب البيت أو الدار, "يركب" ظهر الدار الأخرى بواسطة "جسده" المُمتّد والشامل للبيت أو الدار التي بناها كجزء منه. فمفهوم الفوقيّة المكانيّ يتمثل بمفهوم الركوب. مثلما يوجد التصّور أنّ الرّوح تسكن بيت الجسد الماديّ, كذلك الإنسانة تسكن في  "بيت/دار حجر". العلاقة المتينة بين الإنسانة والبيت (أو الدار) تتجلى بالتّرادف الدلالي الحاصل بين الدار أو البيت, متمثلة في  الإسم المجرور "الدار", والإنسان, متمثلة بالضمير المتصل ("-ي") في (19).


 


(19)    ا.        صبري ساكن فوء الدار/ داري. 


          ب.      صبري ساكن فوئي.


 


أنّ البيت أو السيّارة قد تحلّ مكان الإنسان من ناحية دلالية في الجملة هو إحدى إستراتيجيات اللّغة الطّبيعيّة في إستخدام المبنى المنطقي لعلاقة الكلّ بالجزء. فالسيّارة كجزء, كامتداد لجسد المخاطبة في (20), تدل على المخاطبة أو المتكلّمة بعينها, ككلّ. (قارني مفهوم predicate transfer عند Nunberg 1995 ).


 


(20)    ا.        وين حاشري حالِك بين هذول السيّارتين؟                    (القصد لسيّارة المتكلمة)


          ب.      ليش واقفي بين هذول السيّارتين؟                             (القصد للسيّارة)


          ج.      ظربتني سيّاره من وره بس مَصَرْش إشه فيّ.     (القصد لسيّارة المتكلمة)


 


أنّ التّوزيع المتابين بين مفردة "البيت" و مفردة "الدار" يجعل من مفهوم البيت أكثر قوة على مستوى المعنى الرّمزي والمجرّد من مفهوم الدار بالعربيّة الفلسطينيّة. المعنى الإستعاري للجملة في (21ا) يظهر أنّ مجموعة إمكانيات الدلالة والمعنى لمفهوم البيت تفوق مجموعة الإمكانيات الدلاليّة لمفهوم الدار. فصفة الوساخة (أو النظافة) بالمفهوم الأخلاقي المنسوبة لأفراد العائلة في (21ا) لا تنطبق على الجملة في (21ب). حقائق لغوّية مثل هذه تبرز أنّ مفردة "الدار" التي تحمل سمة الجندر النّحوي ] +مؤنّث[  تدلّ على مكان (مغلق) ملموس ومعيّن بهذا السّياق. بيد أنّ مستوى  التّعقيد في اللّغة الطّبيعيّة لا يمكننا أن نستنتج ونعمّم بسهولة. العربية الفلسطينية تجيز أستخدام المفردة "دار" بالمعنى المُؤنْسِن: فَ"دار خلايله" في سياق (22ا) تدلّ على أفراد (أو عائلات) حمولة خلايلة, وبشكل غير متوقّع تفرض سمة الجندر النّحوي المذكّر والجمع على الإسم في الخبر, بالرغم من أنّ المفردة "دار" هي  إسم مفرد مؤنّث. يبدو أنّ مفهوم الدار يتحوّل الى وظيفة نحويّة في هذا السّياق, لأنّ المساهمة الدلالية  لأداة التعريف "ال" في دلالة المبتدأ في  (22ب) تعطي نفس المساهمة الدلالية لمفردة "دار" في الجملة (22ا) الى حد كبير. من هنا نستطيع أن نفهم سمة الجمع والمذكّر على الوحدة الأسميّة في الخبر في كلتا الجملتين في (22): يتميّز الإسمين "دار خلايلة" و"الخلايلة" بالسمات النحوية ] +مذكّر[ و ] +جمع[, بحكم معنى الحمولة للإسم, وشرط التّطابق بين المسند والمسند اليه, الذي يُلزم ظهور هذه السّمات على (راس) الخبر أيضا.


 


(21)    ا.        بيتهن وِسِخ/ نظيف.               (المعنى الحرفي والإستعاري ممكن)            


          ب.      دارهن وِسْخَة/ نظيفة.             (المعنى الحرفي ممكن فقط)


 


(22)    ا.        دار خلايله ساكنين بالحارة الغربيّه بسخنين.


          ب.      الخلايله ساكنين بالحارة الغربيّة بسخنين.


 


 


نلخّص هذه النقطة, إذًا بالقول إنّه رغم التّرادف الجزئي بين مفردة "البيت" ومفردة "الدار" فإنّ التّصور للصيغة المذكّرة تحمل دلالات أكثر معنويّة  أو مجرّدة أو رمزيّة من الصّيغة المؤنثة, التي تشير الى الحيّز الفيزيائي الملموس على الأغلب, ويزفّ تغليب المذكّر اللّغويّ على "فوقيّة" الذَكَر في الحضارة الإنسانيّة, لأنّ الروحاني والرمزي يفوق الجانب المادي/ الفيزيائي قيمة وجمالا في السّياق الحضاري. تقودنا هذه النقطة لقضية العلاقة بين الدّال اللّغوي والمدلول (عليه).


 


يكتب عطا الله  في الجزء الأخير من مقاله,


شتّان ما بين الدّ ال المفردة, والمدلول: الرجل/ المرأة, فالدال اللّغوي يشير فقط الى الهيكل الذّكوري/ الإناثيّ بسماته البيولوجيّة الخَلْقيّة لا الخُلقيّة, ولا علاقة له بسمات المدلول, فعدوّ المرأة وقامعها, والمستعلي عليها, أو المؤمن بأنّه نِدّ لها, ونصيرها, والمدافع عن حقوقها... كلّهم في عرف الّغة وقواعدها: "رجل", وإذا أردنا خوضًا في سماته, تفترض قواعد اللّغة إضافة أوصاف ممّا ذُكر, لأنّ الدّال "رجل" لا يحمل, مجردا, أيّا من هذه الدلالات, وتحميل كلمة "رجل" هذه الدلالات وكأنّها طبيعيّة مشتقة من المفردة المذكورة قضيّة كذب, ولا علاقة لها باللّغة, فقد تكون مفردة "امرة" حاملة لهذه الصّفات التي افترضنا ملازمتّها للرّجل.


 


للرّد على هذا الإدعاء, دعنا نتأمل المفردة "زلمِه" في العربيّة الفلسطينيّة, التي تقابل كلمة "رَجُل" في العربيّة الكلاسيكيّة, أولا. هناك إعتقاد سائد أنّ هناك علاقة إعتباطيّة بين الدّال اللّغوي والمدلول (أنظري de Saussure , مثلا) في الأدبيات اللسانيّة. إذا نظرنا مليّا في إختيار المفردة "زَلَمِه" لمَعْجَمَة المفهوم الذهني "رجل" نستدلّ أنّ المفردة مستعارة من الكلمة العربيّة الكلاسيكيّة "زلَم"/ "أزلام", التي تعني, حسب لسان العرب (270) " السهام التي كان أهل الجاهليّة يستقسمون بها". الأمر المهم هنا أنّ شكل السهم هو ترميز للصورة القضيبيّة (phallic), التي يتميّز فيها الذكر. فما كان اختيار اللّغة العربيّة الفلسطينيّة  لهذه الكلمة بالذّات للدلالة على الهيكل الذّكوري عشوائيّا أو إعتباطيّا. بالطبع, كان يمكن أن تكون المفردة التي تدل على الذكورة (البيولوجيّة) غير ذلك. فشكل شيء  في الطبيعة قد يساهم في عملية إنتقاء كلمة معينة لمعجمة مفهوم ذهني معيّن تشير عليه تحت شرط التشابه والمقاربة لمدلول آخر (السهم والقضيب). ومن هنا لا نتعجب أنّ العربية تستخدم علاقة الجزء بالكل, دلاليا, لتصبح مفردة "ذَكَر", العضو الجنسي, التي تكوّن جزءا من هيكل الذكورة, دالة على الكل, "ذَكَر", السِمة الضروريّة في مفهوم الرّجولة البيولوجيّ. (نفس المنطق يمكن أن يطبّق على علاقة "رَجُل" و"رِجْل" بالعربيّة الفصيحة). اللّغة العربيّة تبيّن مدى العلاقة المفهوميّة/ الذّهنيّة بين العضو الجنسي المُمعجم لغويّا كَ "ذكر" ومفهوم ال "ذاكرة" المشتقّة من "ذكر". لا نسنبعد أنّ التركيب البيولوجي لجسد الإنسان تَرَمّز (encoded) لغويّا ,وأصبح منظرا أيديولوجيّا في الفضاء الحظاري للإنسانة أو الإنسان. يتشكّل الفضاء الذهني الذي تتراكم فيه المعلومات والتّمثّلات (representations) على الصّعيد الفردي والجمعي بكلمة "ذاكرة, من ناحية ايتمولوجيّا, كعملية وعيّ وعودة الى القضيب, السّلاح (قارني اللغة العبريّة هنا), الذي يضمن عدم إنقراض الجنس البشري ويعد بمتعة بمجرّد تمحور الوعي إتجاهه. يتجسد فعل الجنس  بالعربيّة  كذلك كفعل ضرب, نهايته ممتعة وسعيدة, مثل الخلود و النّشوة والرّعشة.


 


هناك سياقات في العربيّة الفلسطينيّة تظهر أنّ مفهوم الرّجل يتلازم مع مفهوم القوّة (أو الأصالة الحقيقيّة) , والشّجاعة.


 


(23)    ا.        ان كنّك زَلَمِه, قرّب لهون!


          ب.      ان كنّك نادر, قرّب لهون!


          ج.      نادر زلمه (مش حيلّه).


          د.       الزَّلَمِه يقرّب! (قصد المتكلّمة  ليس الإشارة الى الهيكل الذكوري بسماته البيولوجيّة الخَلْقيّة!)


            ه.        نادر زلمه ومش زلمه.   (لا تناقض في الجملة!)


            و.       مش كلّ زلمه زلمه.      (لا تناقض في الجملة!)


          ز.       ديانا زَلَمِة البيت.


 


 فالمُتلفّظة للجملة (23ا) تستفزّ المخاطب لملاقاتها في العراك والشّجار. المعنى البارز للجملة (23ا) هو أنّ  المفردة "زلمة"  في هذا السياق مشحونة بالدلالات والإستعارات الايجابيّة مثل القوّة والشجاعة والأصالة وغيرها; فالمتكلمة تحثّ المخاطب على إبراز رجولتة التي تتسم بالمحاور الايجابيّة, إذا كانت عنده في الإساس; وبشكل غير مباشر فهي تتهدّده وتنصحه ألا يقترب كي لا تكون العواقب وخيمة.  المعنى المجازي للجملة (23ج) كذلك يشير الى أنّ مفهوم ال"زلمه" له دلالات القوّة والأصالة والشجاعة. لا نشك أنّ قصد المتكلّمة في (23ا) و(23ب) يوحي بأنّها تستخدم الحيلة النّفسيّة كي تجعل المخاطب أو نادر أن ينسحب ولا يزمع على المواجهة بشكل حقيقي. بالطبع, المخاطب في (23ب) يسمى نادر, لكنّ المتكلمة تقصد أن تقلّل من قيمته الحقيقيّة كرجل (أو كإنسان) أو أن تستخفّ بشخصه. لا حاجة لمن له الإسم "نادر" أن يكون أحدا غير نادر. في (23د), المتكلّمة تتحدّى مجموعة من الرّجال (أو النّاس) في سياق ما, وتتهدّ         د كل فرد يتحلّى بالرّجولة بالمعنى المجازي/ الإستعاري الإيجابي أن لا يتجرّأء بالتّقدم نحوها. في سياق (23ز), المتكلّمة تنسب صفة المسؤوليّة والتدبير لإمرأة إسمها ديانا من خلال توظيف الدلالات الإيجابيّة لمفهوم الرّجولة بالمنظور الحضاري العربي. المعنى الحرفي والمجازي يمكن أن يتجاورا في سياق الجملة الواحدة, كما هو الحال في (23ه) و(23و). فالمتكلّمة  للجملة (23ه) تقصد أن تنسب صفة الرجولة بالمعنى البيولوجي الحرفي في المسند الأول   للشخص الذي يحمل إسم "نادر" وأن تنزع أو ترفع سمات الرّجولة عنه بالمفهوم المجازي لِ "زلمه", دون أن توقع نفسها في مطبّات التّناقض المنطقي, أي نسب صفة لشخص ونزعها عنة بنقس الوقت. تحضر الحالة اللاتناقضيّة كذالك في (23و): ليس كل رجل بالمفهوم البيولوجي قادر على أن يجسّد الرّجولة بالمستوى الإستعاري, الذي يعتمد على عقائد وتصوّرات حضاريّة ذاتيّة لمفهوم الرّجل.


 


 إنّ تلازم الإستعارة الايجابيّة لمفردة "زلمه" تُخرج إمكانية معقوليّة الإدعاء عند عطا الله. التّصورّ الايجابي للرّجولة في اللّغة العربية الفلسطينيّة يتجلى بحقيقة أنّ وجود الفعل "استزلمت" في سياق المسند أو الخبر لمبتدا أو مسند مؤنث, كَ (24), لهو دليل قاطع بأنّ المعنى الأستعاري للقوّة والشّجاعة  له بعد سلبيّ عندما تنسب القوّة كصفة لسلوك إنسانة أنثى. يتمثل البعد السّلبي في سلوك أمال إتجاه نادر بأنّ أمال خرقت عرفا وقانونا طبيعيّا من منظور العقليّة الذكوريّة, لأنّ كونها أنثى يدرجها في فضاء اللّين والرّقّة والضّعف. (أفلاطون أخرج المرأة من فضاء التأمل الفلسفي لأنّها كائن ضعيف حسب إعتقاده!)


 


(24)    استزلمت أمال على نادر.         (أي تصرّفت كرجل مع نادر)


          (قارني: * استمر نادر على أمال.        (أي تصرّف نادر كإمرأه مع أمال)


 


اللاتماثل الواضح بين تصوّر المذكّر والمؤنث النحويّة من ناحية إمكانيّة المعنى المجازي/ الإستعاري يتجلّى في حقيقة أنّ (25ا) لا تحتمل القراءة الإستعاريّة بوجود المسند "مرَه", بعكس (23ج), وحتى نحصل على معنى الأصالة  وصدقيّة شخصيّة أمال يجب تضعيف  صيغة المسند  "مرَه". تلعب المفردة الثانيّة "مرَه" في (25ب) دور الصفة الإسميَة (nominal adjective). لا يبقى لنا إلا أن نستنتج أنّ اللغة العربيّة الفلسطينيّة ذكوريّة وتصوّر الذَكَر فيها هو المعيار, ككل لغة طبيعيّة أخرى.


 


(25)    ا.        أمال مرَه.        (المعنى الحرفي فقط)


          ب.      أمال مرَه مرَه.   (معنى الأصالة حاضر)


 


يضيف عطا الله في الحلقة الأخيرة من مقاله,


 


كون بعض اللغات مُجنسنة لا يعني بالضرورة أنّ أهلها مُجنسنون, وكون غيرها غيرَ مجنسِنةٍ لا يعنى أنّ أهلّها غيرُ مجنسنين, ولو كان الأمر كذلك, لرأينا رحيلا نَسَوِيّا نحو المجتمعات الفارسيّة أو الإسكيمويّة, أو الصينيّة أو عدد من المجتمعات الشّرق آسيويّة, فكلّ هذه اللّغات محايدة على صعيد الجندر, ومجتمعات اللّغات الحياديّة هذه, قد تجعل من المرأة في الممارسة المجتمعيّة بكلّ ما يتبعها, تابعة مقموعة, ولا تشي اللاجنسنة اللّغويّة إذَا بشيء من حقيقة الأحوال الشّخصيّة للمرأة في هذه المجتمعات, فالمتحكّم في مثل هذه الأمور هو الأعراف الإجتماعيّة مستعينة بشرع أو قانون في بعض الأحيان, أو متجاوزة للشّرع وللقانون أحيانا...


... فهل من ضرورة, بعد, الى أن أقترح على بعض النسويّات العيش في إيران أو في بلاد الإسكيمو أو في الصّين, حيث "العدل اللّغوي", حتى يعدن بحنين جارف الى لغتهنّ ببنيتها وأسلوبيتها؟


 


الطّرح البارز في الإقتباس بالحقيقة مأخوذ من مقالة  Kelly L. Ross بعنوان "Against the Theory of “Sexist Language” " (قارني كذلك الموقع التالي الذي يعالج اللغات اللا مُجنسنة: www.en.wikipedia.org/wiki/Non-sexist_langauge), دون أن يكترث عطا الله في ذكر المصدر. كناقد لل Feminism, يحاول Ross أن يقدّم حججا لغويّة لدحض أو تفنيد الإفتراض وراء جهد الأنثويّات والأنثويّين  في تصحيح اللّغة الإنجليزيّة في الولايات المّتحدة الأمريكيّة. ومقال عطا الله يندرج في إطار نقد  الFeminism نصّا وروحا. لن ندخل, هنا, في كل التّفاصيل, لكن سنورد بعض الإقتباسات من مقال Ross , حتّى تتحقّق القارئة  بنفسها.


يكتب Ross ,


 


…the theory of “sexist language” and the program to institute “gender neutral” language are fundamental to the social and political project of feminism. The theory of “sexist language”, however, is no credit to feminism, for it is deeply flawed both in its understanding of the nature of language and its understanding of how language changes over time. Since the ideology that there is “sexist language” seeks, indeed, to change linguistic usage as part of the attempt to change society and forms of thought, the latter is particularly significant.


…It looks to be essential to the feminist theory of “sexist language” that a gender system where the masculine gender doubles as the common gender causes or reinforces “phallocentrism” and patriarchal society. The feminine as merely the more “marked” gender, however, makes that unlikely.


But all this as a theory can be actually be tested: We would expect that if linguistic gender were a correlate of social form, and engine for the enforcement of patriarchy or a reflection of the existence of patriarchy, then we would find it present in sexist or patriarchal societies and absent in non-sexist or non-patriarchal societies. In fact, the presence of gender in language bears no relation whatsoever, to the nature of the corresponding societies. The best historically conspicuous example is Persian.


…So the advice could be: If someone wants “non-sexist” language move to Iran. But that probably would not be quite what they have in mind.


 


 تتجلّى عمق الشّفافيّة في تشابه الموقف عند Ross وعطا الله حتّى على صعيد الأسلوب التّهكمي/ السّاخر  في السؤال الإستنكاري (rhetorical) المُقتبس عند عطا الله والنّصيحة السّاخرة عند Ross في آخر الإقتباس.


 


هناك دليل واضح, أيضا, يأتي من جهة تحليل عطا الله للتّغليب اللّغوي لصيغة المذّكر في اللّغة العربيّة وتناوله القول المأثور لأرسطو بصيغته الإنجليزيّة: Man is a rational animal, بأنّ عطا الله إعتمد على مقال Ross. يكتب عطا الله في الجزء الرابع من مقاله أنّ مقولة "الإنسان حيوان عاقل" وردت بلغتها الأصليّة بمفردات محايدة, فالنصّ العربيّ حياديّ; لأنّ "الإنسان" يشمل المؤنث والمذكّر, وكذا "الحيوان", و"الإنسانة" و "الحيوانة" بعلامة التّأنيث, لا تعرفهما الفصاحة العربيّة, إذ لا حاجة للتأنيث ما هو جامع للجنسين. عطا الله لا يجيد الصواب عندما يقول إنّ النصّ العربيّ حياديّ, لأنّ المفردة "الإنسان" تستعمل للأشارة للجنس البشري في الجمل التعميميّة (generic sentences), لكنّ المفردة لا تشمل حقا المذكّر والمؤنّث, لأنه لو كان الأمر كذالك لما كانت الجملة في (26) لاحنة, غير سليمة البناء نظميّا.


 


(26)    *        الإنسان يُرْضِعُ أولاده.   (قارني Saul 2005: * Man breasts his children)


 


ثانيا, كيف يفسّر عطا الله حقيقة أنّ المفردتين "الإنسانة" (و"البنادمه") و "الحيوانه" في اللّغة العربيّة الفلسطينيّة موجودة, إذا كان حقا أنّ الاسم "الإنسان" في العربيّة الفلسطينيّة إسم جامع ولا حاجة لتأنيثه؟ حتّى في الجمل التعميميّة الإنجليزيّة, ك(27ا) , يناظرها في العربيّة الفلسطينيّة صيغتان: الصيغة المؤنّثة والصيغة المذكّرة, كما يظهر في (27ب) و (27ج), على التّوالي.


 


(27)    ا.        One should respect one’s mother.


          ب.      الواحَد لازم يِحترِم إمّو. 


          ج.      الواحدِه لازم تِحترِم أمَّا.


                    


يكتب عطا الله في الجزء الرابع,


 


... أمامنا جملة لا حصر لها من الاسلوبيّات والنّصوص والمقولات, الموجّهة الى الخليقة العاقلة جميعها وإن كتبت بأسلوب قواعديّ واحد يحمل ألفاضا مذكّرة لغويّا, فالتّذكير في اللّغة غير التّذكير في المجتمعات والعلائق التي تتّسم بها.


 


يورد عطا الله نماذجا من النّصوص الدينيّة  (اليهوديّة, والمسيحيّة, والإسلاميّة) ليأكّد على الشّموليّة الجّنسيّة للمفردات الذّكوريّة لغة, كما هو ممثلٌ في (28).


 


(28)    ا.        لا تزنِ / لا تقتلْ/ لا تسرقْ...


          ب.      من كان منكم بلا خطيئة فليرمِها بحجر.


          ج       يا أيّها الذين آمنوا...


 


يعتبر عطا الله إستعمال الخطاب المذكّر في (28ا)  في النّهي نهيّا للبشريّة أو الجماعة المؤمنة "ولا نجرؤ على أن نتخيّل أنّ المذكّر اللّغويّ هو الذكر فحسب, لأنّ النّص يعتمد على التّغليب المعمول به في العربيّة مثلا, ولايعني أنّ الإناث في حِلٍّ من قضيّتيي النّهي والأمر".


 


إنّ تهميش وغياب الأنثى والمرأة في الحضارة التي أنتجتها الأيديولوجيّة الدينيّة الذّكوريّة , كاليهوديّة القديمة, يتلازم مع غيابهما في الخطاب اللّغوي (في حال الإشارة للدلالة التّعميميّة). وليس واضحا أنّ الوصايا كانت موجّهة الى البشريّة جمعاء, لأنّ اليهوديّة تفصل بين اليهودي واللايهودي (הגויים) فصلا قاطعا, ولا نتصوّر أنّ الوصايا كانت موجّهة الى البشريّة  كلّها. بإعتقادي أنّ الخطاب كان موجّها للرّجال فقط في السّياق التّاريخي المحدّد حسب النصّ التوراتّي. فالنص التوراتيّ هذا  هو خطاب ذكوريّ في الصّميم.  وتندرج جملة (28ب) كذالك  في نفس الخطاب الذكوريّ, مجليّة نفس المعجم الذّهني لتصوّر اللّغة لصيغة المذكّر كمعيار (norm), وتغييب الصّيغة المؤنّثة فيه. فقصد المتكلّم المسيح في هذا السّياق هو الإشارة لكل واحد من الرجال المخاطبين الذين وجّهت اليهم الموعظة الجليليّة. لا نعرف كيف نفسّر مدى الفيضان التّعبيري عن الموقف العقائدي المُتماهي  عند عطا الله والتّفسير العلميّ للحقائق اللّغويّة في الفقرة التي تعالج (28ب). الإسلوب البلاغيّ العاطفيّ حتما لا يستبدل التفسير والتّعليل العلميّ. والإعتقاد أنّ الإنسانة أو الإنسان تحمل أو يحمل الخطيئة سلفا بعيدة كل البعد عن التصوّر العلميّ للطبيعة البشريّة. ولا نعتقد أنّ الإسلام يختلف عن اليهوديّة والمسيحيّة في هذا المضمار, عندما يعتمد الذّكورة خطابا. فالنداء في (28ج) هو للناس الرجال المؤمنين حصرا. فالإناث والنّساء  تتبع الذّكور والرّجال حتى في العقيدة والإيمان في الحضارة التي تهيّمن عليها الأيديولوجيا الذكوريّة. فلا تستغرب أنثى أو امرأة أنّ إحدى المفردات التي تشيرفي اللّغة العربيّة الفلسطينيّة الى المرأة هي إسم "حُرْمِه", التي تجسّد تبعيّة ومُلك الرجل لعالم المرأة المتزوّجة, حتى معتقداتها الدينيّة. فالمرأة المتجوّزة تتشيّأ (objectivized) وتصبح موضوعا, تُحرّم على كل الرجال ما عدا زَوجها. هذا الموقف  المُشيّىء اللاأخلاقيّ ينصبّ في عقليّة المحظور (taboo) التي أبتدعها ونسجها الرجال لتكريس مصالحهم وتخليد هيمنتهم. فالمقدّس والإلهي والنبوّي في التصوّر الديني التوحيدي هو ذكوريّ بإمتياز. يتجلّى الله في هذا  الخطاب كذَكَر حصريّا. الضمير الثالث المذكّر الغائب "هو", الذي يشير الى الذات الإلهيّة, هو تمثيل للجندر النحوي الطبيعي, حيث الإسم المذّكر "الله" يدل على الذَكَر. (أنظري مقالتي بهذا الشأن في Khalaily [22]). في سياق إقتراحاته بصدد العمليّات التّصحيحيّة للّغة العربيّة الفصيحة, يجيز عطا الله أن نؤنّث عند الحاجة كل الكلمات الدالّة على منصب أو مهنة (كَ "رئيسة", "محامية", "مديرة"); ويجوز لنا أن نعتمد على القياس في الأمر, "ولكنّ موضوعة القياس قد تسقط أمام الاستعمال, ,إن كانت بعض النّسويّات من النّساء, ولو مزاحًا, يَرَيْنَ أنّ "الله" مذكّر, فنذكرهنّ بأنّ الشيطان وإبليس (في المعجم الديني) مذّكران أيضا, وفي السّياقات غير الدينيّة الموحّدة, لنا أن نفعل ما نشاء, عدا التّغيير في اسم الجلالة."  صحيح أنّ المفردة "الشيطان" في العربيّة الفصيحة لها سمة الجندر النحوي  ] +مذكّر[ , لكن كيف نفسّر, إذًا, أنّ  الشيطانيّة المُرَمِّزة لمفهوم الشرّ يرتبط (الى حد المفهوميّة) في الأيديولوجيا الذكوريّة مع مفهوم الأنثى في الحضارات؟ في اللّغة العربيّة الفلسطينيّة, توجد الصّيغتان المذكّرة, "شِيطان", والمونّثة, "شِيطانِه", وفي بعض السياقات, تستعمل الكلمتين بدلالات غير شرّيرة, مثل (29).


 


(29)    ا.        نادر شِيطان.    (بمعنى إيجابي)


          ب.      أمال شِيطانِه.    (بمعنى إيجابي)


 


وقد تتساءل الأنثويّة لماذا لا يصحّ تأنيث اسم الجلالة في اللّغة العربيّة الفصيحة. هل هذه القيّد والإستثناء حكم أيديولوجيّ معياريّ (normative/prescriptive) أم حكم وصفيّ (descriptive) قابل للفحص والدراسة, إذا كان "الله" إسم علم مُعرّف؟ من وجهة نظرعلوم اللّسانيّات الحديثة, الخطاب الدينيّ مثل أيّ خطاب يجب إخضاعه لنفس مبادىء وقوانين التحليل اللغوي بعيدة عن العقيدة الشخصيّة والعواطف الإيمانيّة. إنّ التّسمية كآليّة لغويّة تبيح لنا أن نسمّي الذّات الإلهيّة  بأسماء وصفات كثيرة, لإنّ الذّات الإلهيّة لا يمكن أن تُفَهْمَن أو تُرَمَّز إلا من خلال اللّغة الإنسانيّة. إذا كان هناك إجحاف وعدم إنصاف بحقّ الإناث أو النّساء, فيجب تصيححه في  جميع الخطابات اللّغويّة, إبتداءًا من الدّينيّ, مرورا بالسّياسي/ القانوني, وانتهاءًا بالإجتماعي, إذا كنا أخلاقيين وديمقراطيين بالمعنى الحقيقي.  إنّ عدم الإعتراف بأنّ اللغة جزء من السّلطة السّياسيّة والأيديولوجيّة للحكّام هو تسطيح وتغييب يخدم, قبل كل شيىء, المتسلّط المهيمن, ويسيىء للضحيّة. أن يُبنَى خطابا دينيّا, مثلا, على أساس منظومة مفهوميّة, يكوكّب فيها مفهوم الجنّة/ الناّر, والخلود, والخلاص, والسعادة الأبديّة, وغير ذلك, هو أن يتشّكل منظور كونيّ ينظّم مجموع العلاقات على جميع مستويات التّجربة البشريّة, منها المسيّطرة والهرميّة, في الحضارة, فيتَأسْلَم أو يتنَصْرَن أو يتَهَوّد العالم من خلال هذا القاموس اللّغويّ-الذهنيّ. إنّ تذكير الخطاب والعالم والذات الإلهيّة هو إنحياز لصالح الذّكور والمنظور الذّكوريّ, الذي يُمَوضِعهم بالمركز, وبالضرورة, على حساب الإناث والنّساء, اللواتي يتهمّشن ويغيّبن من قبلهم.


 


نُجمِل هذا الجانب  ونقول أنّه لا توجد هناك لغات طبيعيّة غيّر مُجنسنِة. يخطأ Ross وعطا الله في تحليل الفارسيّة  (أو الصينيّة) عندما يفترضون أنها لغة غير مُجنسِنة. هل يعرف Ross كيف تتحدّد أو تتعيّن (assigned) سمةُ الجندر في عبارة عطفيّة إسميّة (nominal coordinate phrase) تتألف من ثلاث عبارات إسميّة تتنوّع قيمة سمة الجندر فيها في الفارسيّة الحديثة, اليونانيّة القديمة واللغات "الغير مُجنسِنَة"؟ وهل هذه المعرفة لها صلة بالإدعاء الأنثويّ أنّ اللّغة تشكّل الى حد ما مفهوم المذكّر النحويّ كمُرسَل (unmarked) وتعيين مفهوم الذَكَر, بإستعاراته الإيجابيّة مقابل الإستعارات السّلبيّة للأنثى/ المونّث (نسبيّا)؟ إنّ  كون Ross وعطا الله لا ينطلقان من موقع تنظيريّ واضح لمفهوم اللّغة الطّبيعيّة وتصوّر مستوى الدّلالية/ المعنى اللّغويّ لا يمكّننا أن نقيّم مضامين إدعائاتهما بشكل موضوعيّ وعقلانيّ.


 


قبل أن نختم المقال, نودّ أن نتطرّق لمسألة المعنى أو الدلالة للمفردات المعجميّة في اللغة الطبيعيّة, ونقدم بعض الأفكار في أطار الموضوع تحت البحث. دعنا نتأمل المفردة "سَخْنِين" في اللغة العربيّة الفلسطينيّة. يطرح السؤال: ماذا تعرف المتكلّمة للّغة العربيّة الفلسطينيّة, كلغة أم, عن المفردة "سخنين" في معجمها اللساني والذهني؟ أولا, تعرف أنّ "سخنين" إسم يتعيّن بسمة الجندر ] +مؤنّث[ في المعجم , ويتعيّن كذالك بمسة التعريف ] +معرّف[ بدون أداة التعريف "(ا)ل" وتتألف من مقطعين  "سخ" و "نين" والإسم "سخنين" يدّل على البلد سخنين, التي تقع غرب قرية عرّابِه مباشرة في السياق المُرسَل (unmarked). تعرف كذالك أنّ الإسم "سخنين" يمكن أن يكون إسم علم لشخص, كما في (30).


 


(30)    سخنين صار عُمِرْها سنتين.


 


إنّ منظور الحسّ المشترك (common sense) لدلالة للإسم "سخنين" يبسّط حقيقة واقع عالم الإمكان لدلالات ومعاني الإسم. من وجهة نظر علم الدلالة/ المعنى المعجمي (lexical semantics), يمكن للمفردة "سخنين" أن تحتوي على أكثر من مستوى للدلالة أو المعنى. الإدعاء أنّ الدال "سخنين" يشير الى البلد سخنين لا يُنصِف ولا يستنفذ كل جوانب المعنى أو الدلالة. فريجة (Frege), مثلا, يقترح مستويان لمعنى العبارات اللّغويّة: مستوى الدلالة (bedeutung/reference) ومستوى المعنى (sinn/sense). فالإسم "ياسر عرفات" والإسم "ابو عمّار", مثلا, يدلان على رئيس السلطة الفلسطينيّة السابقة. لكنّ الإسمين لهما معنى مختلف, بالرغم من الإشارة لنفس المدلول. يظهر فصل المستويين بوضوح في التباين التالي:


 


(31)             ياسر عرفات هو ياسر عرفات.


(32)             ياسر عرفات هو أبو عمّار.


 


الجملة (31) هي جملة هويّة (identity sentence) ولا تقدّم فائدة أو معلومة جديدة لتعديل المحيط المعرفي  لمخاطبة ما إذا ما تفوّهت بها متكلّمة ما في سياق معيّن, فهي تحصيل حاصل (tautological), كل شيء يساوي ذاته. تُصنَف حقيقة الحُكم (judgment) في (31) كحقيقة قبليّة (a priori) وقيمة الحقيقة (truth-value) للجملة هي حقيقي بالضرورة, حقيقي بكل العوالم المُمكِنة. أمّا جملة (32), فهي ذي فائدة (informative), وحقيقة الحكم فيها حقيقة إمبيريقيّة (empirical/ a posteriori), وحقيقة القضيّة (proposition), الفكرة التي تعبّر عنها الجملة, هي حقيقة عَرَضيّة (contingent), حقيقيّة في عالمنا, لكن يمكن أن نتصوّر القضيّة بِ (32) باطلة (false ) في عالم ممكن آخر. حسب منظور فريجة, الجملتان (31) و(32) لهما نفس المدلول, الحقيقي (true), لكن معنى الجملتين مختلف. معنى الجملة الخبريّة (indicative/declarative) هو الفكرة التي تعبّر عنها الجملة, ومدلول الجملة هو قيمة الحقيقة, (حقيقي/باطل). (أنظري  Uber Sinn und Bedeutung).


 


في نقده لنظريّات الدلالة/ المعنى وفلسفة اللّغة والعقل (mind), التي طوّرت من قبل رجالات المنطق والرياضيّات, كفريجه (Frege) وراسل (Russell), وفتجنشتاين (Wittgenstein) وغيرهم, يقول تشومكي ( Chomsky) إنّ مفهوم الدّلالة الإصطلاحي (reference) لا يفسّر مستوى المعنى اللّغويّ بشكل علميّ. يذهب تشومسكي الى أنّ  هولاء الفلاسفة لا يدرسون اللّغة الطّبيعيّة من خلال منهجيّة طبيعيّة, حيث اللّغة الإنسانيّة تُكوّن جزءًا من الطبيعة.   ففي إطار دلالة/معنى المفردات المعجميّة, يكتب تشومسكي (1993: 48)


 


المعلومات المزوّدة من قبل المفردات المعجميّة وتعابير أخرى تعطي   منظورات للتفكير والتكلّم عن العالم...


 


ومرّة ثانيّة يقول,


 


المفردات تزوّدنا بمدى معيّن من المنظورات لتصّور ما نتّخذه أشياءا في العالم, أو ما نتصوّره بطرق أخرى; هذه المفردات تشبة مصافي أو عدسات تمّدنا بطرق نظر الى الأشياء والتفكير بنتاجات عقولنا . هذه المفردات لا تحيل, على الأقل إذا المصطلح "يحيل" ] refer [ لا يستعمل في معنى اللغة الطبيعيّة; بيد أنّ الناس يستخدمون المفردات ليحيلوا الى الأشياء, متصوّرين إياها من وجهة نظر معيّنة, التي تبعد عن وجهة النظر المنهجية للعلوم الطبيعيّة  ... (221 Chomsky 1992:).


 


يبدو أنّ الحقائق اللّغويّة في العربيّة الفلسطينيّة  تقدم دليلا للتصوّر التشومكيّ. المفردة "سخنين" تزوّد متكلمّي اللغة العربيّة الفلسطينيّة منظورات مختلفة للتفكير والتكلّم عن العالم, كما يتّضح من الجمل التالية (قارني تحليل تشومسكي لمفردة "London"):


 


(33)             ديانا متجوّزة لسخنين.             (القصد متزوجة لرجل من سخنين)


(34)             بعد خسارة الفريق, نامت سخنين حزينه. (القصد عدد كافٍ من السخاننة  نام حزينا)


(35)             ليبرمن بدّه ينقل سخنين لضّفه.   (القصد سكّان البلدة سخنين)


(36)             أنا تربّيت بسخنين.                (القصد المكان الجغرافي المحدّد)      


(37)             سخنين يمكن تنزل ليجا هاي اسِّنه. (القصد فريق إتحاد أبناء سخنين)


(38)             سخنين فوّتت جول.                   (القصد أحد أعضاء الفريق الكروي)


(39)             بَدْهِنْ يهدمو سخنين ويبنوها بمحلّ ثاني. (الهاء العائدة تدلّ على شيء معنويّ غير ملموس)


(40)             كلّنا سخنين!                        (القصد معنويّ ومجرد وليس عينيّ ملموس)


(41)             سخنين اليوم مِشْ مثل مَا كانت زمان. (القصد قد يكون أي جانب  يتعلق بالبلد سخنين)


(42)             بَدْنَا نسَخنِنْ الجليل قريب. (القصد جعل الجليل (الجليليّين) تحلّي الصفات السخنينيّة الإيجابيّة) 


(43)             سخنين هي العروبة.     (القصد معنويّ ورمزي مجرّد)


(44)             سخنين موجوده بكل قلب فلسطيني. (القصد سخنين من ناحيّة رمزيّة ومعنويّة)


(45)             سخنين وعرّابه بِحبّوش بَعَظْ. (العرّابيّون والسخنينيّون عادة لا يحبّون  بعضهم البعض)


 


نستدلّ من هذه المعطيات اللغويّة أنّ هناك درجة ونوع من التبسيط والتسطيح بمجرّد الإفتراض أنّ الدال اللغوي  يشير الى مدلول (عليه) في العالم, كما يذكر عطا الله بشكل سريع. هناك جوانب عديدة, مثل العقائد, المعلومات القاموسيّة, سياق الحال, قصد المتكلّمة, العقل, الخ, تدخل في حساب (computation) القيمة الدلاليّة  أو المعنويّة (قارني فهم المتلقيّة لجملة (42), مثلا).


 


خلاصة


 


في هذا المقال, إجتهدنا تبيين الجانب "اللا أخلاقي" في بعض الجوانب للّغة الإنسانيّة بالإستناد على حقائق لغويّة من العربيّة الفلسطينيّة. الطّرح الذي دافعنا عنه يتمثل في تأنيث الخطاب كضرورة لأخلقة اللغة, الذي هو ,في الواقع, أخلقة الإنسانة أو الإنسان. صحيح أنّ اللّغة الطبيعيّة لها صِبغة مُجنسنِة, بحكم أنّ صانعي الحضارة في المراحل التّطوريّة  الاولى للإنسانة أو الأنسان كانوا ذكورا ورجالا, لكنّ الحقيقة لا يمكن لها أن تكون إلا غير مُجَنْسَنة. نقرّ أنّنا لم نعالج جوانب كثيرة تتعلق باللّغة ومدى تقاطعها بالفكر والعالم الخارجي, بحكم الحيّز الضيّق المُتاح أمامنا. ففي الحسبان الأخير,القبض على الحقيقة يحرّر ويخلصّ وينصِّف, ويُؤَنْسِنُنا بشكل أصيل أكثر.


 


 


References


 


 


1.                  إلياس عطا الله. (2006). تخنيث اللغة: بين التذكير والتأنيث. www.arabs48.com


 


2.                 van Berkum, J.J.A. (1996). The psycholinguistics of Grammatical Gender: Studies in Language Comprehension and Production. Doctorial Dissertation, Max Plank Institute for psycholinguistics. Nijmegen, Netherlands: Nijmegen University Press. Ch.2.


3.                 Carlson, F. and Pelletier. F (eds). 1995. The Generic Book. Chicago: University of Chicago Press.


4.                 Chomsky, N. (1995a). Language and nature. Mind, 104, pp.1-61


5.                 Chomsky, N. (1995b). The Minimalist Program. Cambridge, MA: The MIT Press.


6.                 Chomsky, N. (1992). Explaining language use. Philosophical Topics, 20, pp. 205-231.


7.                 Chomsky, N. (1993). Language and Thought. London: Moyer Bell.


8.                 Corbett, G.G. (1991). Gender. Cambridge: Cambridge University Press.


9.                 Corbett, G.G. (1994). Gender and gender systems. In R.E. Asher &, D.M.Y. Simpson (eds.), The Encyclopedia of Language and Linguistics. Vol. 3 (pp. 1347-1353). Oxford: Pergamon Press.


10.             De, Saussure, F. (1916/1967). Grundfragen der allgemeinen Sprachweissenschaft. Berlin: Gruyter.


11.             Frege, F. (1892). Uber Sinn und Bedeutung. In Zeitschrift fur Philosophie und philosophische Kritik 100, pp. 20-50 (published as “Sense and Reference,” in P.Geach and M. Black (eds.) Translations from the Philosophical Writing of Gottlob Frege, Blackwell, Oxford, pp. 56-78.


12.             Kelly, R. (2003). “Against the Theory of “Sexist Language””. In www. Friesian. Com/language.htm.<13. Khalaily, Samir. (1994). A syntax of verbs from a nominal point of view. In Bok-Bennema & Cremers, C. (ed.), LIN, pp. 95-106. Amsterdam, Philadelphia: John Benjamins.
14. Khalily, Samir. (1995). On the relevance of the split complementizer hypothesis. Proceeding of Console II, pp. 95-111.
15. Khalaily, S. (1997). One Syntax for All categories: Merging Nominal Atoms in Multiple Adjunction Structures. The Hague: Holland Academic Graphics (HIL dissertations; 27).
16. Khalaily, Samir. (2000). The Palestinian Arabic "mahsuubak": A lexical version of the first person pronoun. Majalat Alruwwad, pp. 71-72.
17. Khalaily, Samir. (2002). 'shq ِAlma'ani Almahthura. Nazareth: Venus Press.
18. Khalaily, Samir. (2002). To each engineer and judge for general taste (in Arabic). Fasl-almaqal newspaper, p.24.
19. Khalaily, Samir. (2003). An Invitation to boycott the election for local manucipilities (in Arabic) . Alahali newspaper, p. 14.
20. Khalaily, Samir. (2003). About the sexual and religious manifestation in football (in Arabic). Fasl-almaqal newspaper.
21. Khalaily, Samir. (2004). On the linguistic encoding of love, empathy and divine being. Talk given at Haifa University, 22/11/04.
22. Khalaily, Samir. (2005). On the Footballization of the mind and the Sakhninization of the Arab body (in Arabic). Alahali newspaper, p. 14.
23. Khalaily, S. (2005). We do not know what we know: The progressive nation cannot be born expect from the womb of the feminine/mother (in Arabic). In www.arabs48.com.
24. Khalaily, S. (2005). Love and death live as twins in peace in the womb of the paradise mind (in Arabic). In www.arabs48.com.
25. Khalaily, S. (2005). The metaphors of white and black and the polar contrast principle (in Arabic). In www.arabs.com.
26. Khalaily, S. (2005). The dead spirit of the linguistic goddess is manifested in its living daughters (in Arabic). In www.arabs48.com.
27. Khalaily, S. (2006). Devilizing the other and divinizing the ego between the jaws of the skeptic logic (in Arabic). In www.arabs48.com.
28. Lynch, M. (2004) True to Life: Why Truth Matters. Cambridge, Mass.: The MIT Press.
29. Nunberg, G. (1995). Transfers of Meaning. Journal of Semantics 12, pp. 109-132.
30. Pinker, S. (1994).The Language Instinct. New York: Harper Collins.
31. Pinker, S. (1997). How the Mind Works. New York: Norton.
32. Pinker, S. (2002). The Black Slate: the Modern Denial of Human Nature. Allen Lane: The Penguin Press.
33. Pinker, S. (2000). Survival of the clearest. Nature. Vol. 404. pp. 441-442.
34. Radford, A. (1997). Syntactic Theory and the Structure of English. Cambridge, UK: Cambridge University Press.
35. Ross, K. (1999). Against the theory of Sexist language. In www.faculty.ed.umuc.edu/~jmathew/articles.html.
36. Saul, J. (2005). Feminist philosophy of language. Stanford encyclopedia of philosophy. In www.plato.standford.edu/entries/feminism-language/.
37. Searle, J. (2006). What is language: some preliminary remarks. In http://socrates.berkeley.edu/~jsearle/whatislanguage.pdf.
38. Wechsler, S. (2002). “’Elsewhere’ in gender resolution”. In The Nature of the Word-essay on Honor of Paul Kiparsky, Kristin Hanson and Sharon Inkelas (Eds.). Cambridge: The MIT Press.
39. Http://www.reference.com/brouse/wiki/Feminism.
40. Http://www.en.wikipedia.org/wiki/talk: Postmodern_feminism.
41. Http://www.com/feminism.htm.
42. Http://www.arabs48.com.


التعليقات