أنيس منصور.. حنانيك\ فاطمة ناعوت

«أكبر دليل على بلادة الإحساس‏:‏ الزواجُ الطويل- أحسن طريقة للتخلّص من حماتك أن تطلِّق ابنتَها‏- لونُ الحياة الزوجية مأخوذٌ من علم بلادنا‏

أنيس منصور.. حنانيك\ فاطمة ناعوت

 

«أكبر دليل على بلادة الإحساس‏:‏ الزواجُ الطويل- أحسن طريقة للتخلّص من حماتك أن تطلِّق ابنتَها‏- لونُ الحياة الزوجية مأخوذٌ من علم بلادنا‏:‏ فى البداية بيضاءُ، وبعد ذلك حمراءُ ثم سوداءُ على طول- النميمةُ عند المرأة‏:‏ علاج- المرأةُ كالكرة‏:‏ فى العشرين مثل كرة القدم يجرى وراءها‏٢٢‏ رجلاً،‏ فى الثلاثين مثل كرة السلّة يطاردها عشرةُ رجال،‏

فى الأربعين مثل كرة البيسبول يجرى وراءها رجلٌ واحد‏،‏ فى الخمسين مثل كرة التنس يرميها واحدٌ للآخر، وفى الستين مثل كرة الجولف ليس لها إلا حفرة فى الأرض، وبعد ذلك فى انتظار عزرائيل‏!‏» ما قولكم فيما سبق من كلمات؟ ما تصنيفها أدبيًّا؟ هل تدخل فى باب «الحكمة!»، أم «النكتة!» أم «السباب»؟ لا تتسرعوا بالحكم، لأن كاتبها قلمٌ له باعٌ طويل فى دنيا الصحافة والكتابة!

اعتدتُ أن أقيّم أصدقائى، تبعًا لما يقولون عن زوجاتهم فى غيابهن، وأذكرُ أن بداية صداقتى القوية بالشاعر المعروف أشرف عامر، انطلقت من لقائى الأول به مع أصدقاء من الوسط الثقافى، حينما مال علىّ وقال بحبٍّ وفخر حقيقيين: «عاوز أعرّفك بمراتى، ست جميلة أوى!» فأيقنتُ لحظتها أنه مثقفٌ حقيقى، برىءٌ من مرض المثقفين الأشهر: الازدواجية. أمام الميكروفونات، يقولون أرقى الكلام عن المرأة، وفى البيوت يقهرون زوجاتهم، وفى جلسات الأصدقاء تتحول الزوجاتُ إلى «البنبونة» التى يلوكها الجميعُ، وأولهم الزوج!

صحيح أن زوجة أشرف عامر، السيدة أمل الشريف، ابنةَ المناضل اليسارىّ الجميل إبراهيم الشريف، بالفعل امرأةٌ جميلة مثقفة نادرة الطراز، وهو لم يقلْ إلا الحقَّ بشأنها، لكن كثيرًَا من الرجال ممن وهبهم اللهُ زوجاتٍ رائعات، يبخلون بكلمة طيبة عنهن، كأنما يظنّ «الرجل» أن «عنتريته» تعلو من كلامه السلبىّ عن زوجته أمام أصدقائه! غافلاً أنه بهذا يسقط من عيونهم، وإن أظهروا له غير ذلك.

ولا يكاد أسبوعٌ يمرُّ، دون أن تهاتفنى صديقةٌ ممن ابتلاهن اللهُ بأزواج «أخفقوا» بامتياز فى درس الجمال الأول: «احترام المرأة»، بينما هو المقياسُ الذى يقيس تحضُّرَ رجلٍ عن رجل، ومجتمع عن مجتمع.

عزيزى أنيس منصور، لأننا نحبّك، لا نريدك أن تكون من هؤلاء. فكلنا يعرف كم تحبُّ زوجتَك، ورأيناك فى فرانكفورت قلقًا عليها فى مرضها، أشدَّ القلق. تصرخ صديقتى: «قرأتِ أنيس منصور النهارده؟» ثم تقرأ علىّ ما افتتحتُ به مقالى من كلماتك «الصعبة»، مما لا أعرف إن كانت تُضحك، أم تُبكى، مثلما حِرتُ فى تصنيفه أدبيًّا! يا سيدى، أولئك الراسبون فى درس الجمال، إنما هم انتقائيّون عادة، ينتقون من كلامك ما يقمعون به نساءهم..

 تمامًا مثلما يتذكرون من القرآن والسُّنة: تعدد الزوجات وما ملكتِ الأيمان، وعقاب الزوجة بالضرب والهجر، وسجودها للزوج بعد الله (وهو بالمناسبة حديث مشكوك فيه)، ويتغافلون، عمدًا، عن الرفق بالقوارير، والقوامة والإنفاق على المرأة، وعدم الطاعة إلا بالحق! أولئك الانتقائيون يداومون على عمودك «المحقِّر» للمرأة،

وإن زعمتَ أنكَ تمزح! فالمزاحُ فى أمور شائكة يُعدّ تعبئةً وتحريضًا، وإن زاد المزاحُ وفاض تحوّل إلى عبث. أولئك الأزواج الفاشيون يستخدمون كلماتك «المرحة!» تلك، سياطًا يعذِّبون به زوجاتهم، ليس كل قرائك على درجة من الوعى تجعلهم يميزون المزاحَ من الجد، والحكمة من النكتة، وإن ميّزوا، بوسعهم أن يُلبسوا المزاحَ ثوبَ الجد، والنكتةَ ثوبَ الحكمة، ويصدقوا ما تقول، باعتباره قانونًا مقدسًا، ثم يُعتمون الدنيا فى عيون زوجاتهم الصابرات الحزينات، وأيضًا المتواطئات على أنفسهن.

المصري اليوم

fatma_naoot@hotmail.com

التعليقات