"جدل" تناقش "تنظيم الفلسطينيّين في إسرائيل: السّجال حول إعادة بناء لجنة المتابعة"

"هناك حاجة ملحّة في استبدال الخطاب الحقوقيّ المنتهَج للحفاظ على هُويّة الأقلّـيّة الأصلانيّة من خطاب وجوديّ ظاهريّ، إلى آليّاتٍ تفي بهذا الغرض، إلى خطاب حقوقيّ فاعل ومؤثّر والذي يتمثّل في تطوير جسم تمثيليّ منتخَب ذي صلاحيّات وآليّات عمل واضحة وفعّالة كحقّ أساسيّ من حقوق الأقلّـيّة الأصلانيّة"..

في خضم الجدل الدائر حول إصلاح وإعادة بناء لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة وإمكانيات هذا الإصلاح وآليّاته، أصدر مركز مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة في حيفا، العدد الخامس عشر من دورية "جدل" الإلكترونية تحت عنوان: "تنظيم الفلسطينيّين في إسرائيل: السّجال حول إعادة بناء لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة".

وجاء في افتتاحيّة المحرّر الضيف لهذا العدد، الدكتور مهنّد مصطفى: "في الواقع الفلسطينيّ داخل الخط الأخضر، وصلت حالة الانقسام والتمزّق في العمل الجماعيّ إلى ذروتها في السنوات الأخيرة، وستساهم الأحداث في العالم العربيّ في تعزيز هذا التمزّق والتشرذم، وهذه الذروة مرشّحة أن تتفاقم في الفترة القادمة، فالاختلاف السياسيّ لا ينبغي له أن يعيق العمل الجماعيّ، فإذا قام بذلك فإنه يتحوّل إلى شَرْذمة. وهنالك غياب لبرنامج وطنيّ سياسيّ جماعيّ واضح للجماهير الفلسطينيّة لا ينفي التعدّد، وغياب هذا البرنامج ليس نابعًا من رؤى مختلفة لأدوات العمل السياسيّ فحسب، وإنّما للاختلاف الجوهريّ حول مستقبل المجموعة الفلسطينيّة والرؤى المتباينة للواقع الذي تعيش فيه (العلاقة مع الدولة، المواطَنة، حضور وغياب الدولة، الهُويّة وغيرها). وأخيرًا حالة العطب التي تعصف بالمؤسّسة الوطنيّة المَنوط بها إدارة الحوار السياسيّ حول هذه الرؤى والأدوات، وتعديل حالة التمزّق بإبقائه في إطار الخلاف المشروع، أي لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة".

ويتضمّن العدد الحالي إضافة إلى كلمة المحرر الضيف مقالة تحليليّة بقلمه وثلاث وجهات نظر. كما يستعرض العدد بعضًا من أخبار مدى الكرمل، نشاطاته وبرامجه البحثيّة، في الشهرين الأخيرين.

في مقالة التحليلي، يصف د. مهند مصطفى حالة الترهّل السياسيّ التي وصلت إليها هذه المؤسّسة، التي تعتبر كلّ مركّباتها مجرد بقائها بشكلها الحاليّ حاجة سياسيّة ووطنيّة ملحّة، ولكن يبقى هذا المبرّر حائلاً دون المثابرة نحو إصلاحها، فبقاؤها أفضل من غيابها، وبقاؤها على حالة الترهّل التي تعصف بها أفضل من الذهاب إلى عمليّة تاريخية تهدّد تماسُكَها الهشَّ. ويرى أن بقاء لجنة المتابعة في شكلها الحاليّ في العام 2012 ليس وليدَ قوّة بنيانها، بل وليد إرادة الأحزاب السياسيّة الإبقاءَ عليها كهدف لا كأداة يمكن تطويرها.

في باب وجهات النظر، يرى د. نهاد علي أن اللجنة لم تنجح في تحقيق معظم الأهداف التي وضعتها لنفسها. ولكن مع عدم الإفلاح، ومع اتّساع دائرة الشخصيّات والمؤسّسات والأحزاب والهيئات التي تطالب بإصلاحها وإحداث تغييرات جوهريّة في مبناها، تدلّ نتائج الأبحاث على أنّ هذه اللجنة ما زالت تحظى بقدرٍ عالٍ من ثقة الجماهير، وعلى أنّها تمثّل بأمانةٍ المواطنين العربَ.

أما الباحثة والناشطة الحقوقيّة سماح الخطيب-أيوب فترى أن هناك حاجة ملحّة في استبدال الخطاب الحقوقيّ المنتهَج للحفاظ على هُويّة الأقلّـيّة الأصلانيّة من خطاب وجوديّ ظاهريّ، إلى آليّاتٍ تفي بهذا الغرض، إلى خطاب حقوقيّ فاعل ومؤثّر والذي يتمثّل في تطوير جسم تمثيليّ منتخَب ذي صلاحيّات وآليّات عمل واضحة وفعّالة كحقّ أساسيّ من حقوق الأقلّـيّة الأصلانيّة.

ويخلص المحامي علي حيدر إلى أن اللجنة ومركّباتها طوّرت أنساق عمل وثقافة سياسيّة اتّسمت بالتكرار لا بالنموّ والتغيير ووضعت جلّ جهدها في إستراتيجيّة الاحتجاج كإستراتيجيّة مركزيّة، كما أنّ النزاعات الحزبيّة والخلافات الشخصيّة مسّت هيبتها وأثّرت على مدى شرعيّتها.

ويرى حيدر أنه من الضروريّ، على ضوء تغيير السياق، على المستوى المحلّيّ، الإقليميّ والدوليّ، أن تجري عمليّة مراجَعة جِدّيّة لدور اللجنة، مكانتها وبنْيتها، وإجراء عمليّة تخطيط إستراتيجيّ شاملة، تُفضي إلى الاتّفاق على مشروع سياسيّ فلسطينيّ موحّد ومركزيّ، مع احترام الشرعيّة التعدّديّة، وإلى مبنى وشكل تنظيميّين جديدَيْن وقادرَيْن على حمل هذا المشروع.
 

التعليقات