هل لديكم علبة سجائر فلسطينية تحمل صورة هدى الشعراوي

توفيت بالسكتة القلبية يوم 12 ديسمبر 1947 وهي تكتب بيانا للدول العربية مطالبة إياها بالوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية وذلك على إثر صدور قرار التقسيم

هل لديكم علبة سجائر فلسطينية تحمل صورة هدى الشعراوي

أقر واعترف بإحدى هواياتي التي أحاول جاهدة استثمار الوقت بها بشكل أوفى دون جدوى وهي نبش الأرشيفات الصهيونية، وافعل ذلك طوعا بكل موضوع قد يشدني ويجذبني ابتداءا من تاريخ غيتو يافا ما بين سنوات 1948 -1950 وحتى تاريخ مسقط رأسي شفاعمرو، وإلى تاريخ الحركة النسائية في فلسطين، وإلى تاريخ القائد محمد نمر الهواري والنجادة، ومحادثات مدام خياط التلفونية من بيتها في حيفا أثناء سقوط مدينة حيفاـ وغير ذلك من المواضيع الذي تثير فضولي واهتمامي بشكل غير منظم وغير مخطط مسبقا لوجود الكم الهائل المتنوع من المعلومات في هذه الأرشيفات التي تستقبل روادها بدون تردد أو فرض عقبات. إضافة لكل ذلك فما من التزام أيا كان شأنه يربطني بموضوع معين الأمر الذي يتيح لي التنقل بين المواضيع كما أهوى عند تواجدي هناك، خاصة أثناء فترة عطلة المحاكم.

نعود إلى المناضلة المصرية هدى شعراوي التي كتب عنها الكثير ابتداءا من محاولاتها تعديل قوانين الأحوال الشخصية في مصر، ودعم المشاركة السياسية للمراة العربية عامة، وفي مصر خاصة، ومقابلاتها الكثيرة مع زعماء العالم، ومنهم موسوليني وأتاتورك، من خلال نشاطها السياسي عند مشاركتها في مؤتمرات نسوية في العالم باسم النساء المصريات من خلال الاتحاد النسائي المصري الذي أسسته سنة 1927، وباسم الاتحاد النسائي العربي الذي أسسته سنة 1935 وترأسته حتى سنة 1945.

كذلك كتب الكثير عن دعم هدى شعراوي تقدم النساء المصريات العلمي والأدبي والتكنولوجي. فقد جاء في الفصل الرابع والأربعين من كتاب مذكراتها أنه في سنة 1932 استطاع الاتحاد النسائي في مصر أن يحتفل بسرب من الخريجات الجامعيات الطلائعيات: المحامية نعيمة الأيوبي، والطبيبات هيلين سيدراس وتوحيدة عبد الرحمن وكوكب حفني ناصيف، وخريجات كلية الآداب سهير القلماوي وفاطمة فهمي خليل وزهيرة عبد العزيز وفاطمة سالم، ومسك الختام أول طيارة مصرية لطيفة النادي.

نعم هذا حصل في سنة 1932 في مصر، وكان ذلك بفضل عمل الاتحاد النسائي الذي أسسته هدى شعراوي. ولم يكتف الاتحاد بذلك، بل دعا إلى الاكتتاب من أجل شراء طائرة لأول طيارة مصرية، وقد دعمت جريدة "الأهرام" هذه الدعوة في عددها الصادر يوم 30 ديسمبر 1933. كذلك حظي الاتحاد النسائي بدعم الكثيرين، ومنهم الأديب طه حسين الذي كان أول من عمل على دمج أوائل الطالبات المصريات في كليات الآداب.

عرفت هدى شعراوي بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، وارتباطها الوثيق بالنساء الفلسطينيات السياسيات في فترة حياتها. وقد وقفت إلى جانبهن، ويقال إنها توفيت بالسكتة القلبية يوم 12 ديسمبر 1947 وهي تكتب بيانا للدول العربية مطالبة إياها بالوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية وذلك على إثر صدور قرار التقسيم قبل أسبوعين من وفاتها، يوم 29 نوفمبر 1947.

كل هذه المعلومات لا يوجد لها ارتباط بالأرشيفات الصهيونية، ولكن نصل إلى معلومات ليست بأقل أهمية عن ذلك في أحد ملفات أرشيف "الهاجاناه". ففي الملف رقم 121/105 على صفحات 68-70 وردت مقتطفات من صحيفة فلسطين من أيام 6-4 من شهر أيلول 1945 تشير إلى زيارة هدى الشعراوي إلى القدس ورام الله قادمة من الأردن، وذلك بعد انتهاء مؤتمر الاتحاد النسائي العربي الذي عقد في لبنان، والذي تم فيه التصويت على الانضمام للاتحاد النسائي العالمي، وبعد انتهاء مؤتمر في دمشق للاتحادات العربية النسائية لنصرة القضية الفلسطينية الذي كان من أهم قرارته معارضة فكرة تقسيم فلسطين، وإقامة حكومة وطنية عربية ديمقراطية، والمطالبة بعودة المنفيين، والإفراج عن المعتقلين السياسيين.

وفي الاجتماع الذي عقد في مدينة القدس ليلة 5 أيلول من سنة 1945 مع نساء فلسطينيات فاعلات، اتخذت قرارت مشابهة لقرارات المؤتمر في دمشق، إضافة إلى قرارات أخرى منها وقف الهجرة اليهودية، ومنع بيع الأراضي لليهود، وعدم إتاحة إقامة دولة يهودية، وتشجيع البضائع الوطنية ومقاطعة البضائع الصهيونية والمطالبة بزيادة المدارس.

وقد عج المؤتمر بنخبة من المناضلات الفلسطينيات من شتى أنحاء فلسطين اللواتي ألقين الخطابات السياسية الملتزمة، إلا أنه من خلال توثيق جريدة فلسطين لهذا المؤتمر الذي عقد في الفندق الشهير "داروتي" بالقدس لفتت الاهتمام كلمة عقيلة السيد أمين حداد (هكذا بالاصل بدون ذكر اسمها الشخصي ) مدير شركة الدخان المشهورة قرمان – ديك – سلطي جاء فيها أن الشركة قررت أن تطلق على إحدى علب السجائر من نوع رفيع مصنوع من أفخر الدخان اسم هدى شعراوي، وتضع عليها صورتها، وذلك تقديرا وإجلالا واعترافا بجهودها وجهادها لنصرة القضية الفلسطينية.

هل يا ترى تحقق هذا التعهد الذي اتخذته على نفسها شركة الدخان قرمان ديك وسلطي سنة 1945؟ هل هناك علب سجائر حملت اسم وصورة المناضلة الكبيرة هدى شعراوي؟ هل يعرف أحد الجواب؟ ربما يكمن الجواب في نبش المزيد والمزيد من الأرشيفات.

التعليقات