31/10/2010 - 11:02

ضجيج\ جورج جريس

ضجيج\ جورج جريس
في الغرفة، الأم تطبخ، الأخت تلهو بلعبة " السوليتير" المحوسبة، الجارة تتلقى من الأم مقادير الطبخة، الجار يتكلم عن أصول لف السيجارة العربية، الأخ الصغير يزعق والأب يأكل الطبيخ..
***
في الشوارع العشوائية تصرخ فرقعات "الترانس" الآتية من سيارة الأخ الكبير المرقّعة بعدة صرعات؛ عجلات "ماغنسيوم" وحواجب للإضاءة ورقع خاصة مصّمغة على جوانب السيارة مثل: catch me if you can" " وغيرها. والترانس والحواجب والرقع جميعها تتكلم: متى سيكون لك بيتا؟ ُأترك أباك وأمك! إلى متى ستعيش في صندل أبيك وطنجرة أمك؟! والشاب يرقص ويفرقع في الخيال بيوتا تنطفئ على توّها كبيوت لا أساس لها...
***
- إلى محطة القطار...
لم يسبق له أن لمّ فتاة من محطة انتظار الباص. خطر الشيء في باله كثيرا خاصة بعد أن غسّل أصحابه أفكاره البريئة عن الفتيات اللواتي يقفن في محطات الباصات؛ أتظن أنهن ينتظرن الباص؟! قطعا ينتظرن صيادين مثلنا!
نظر إليها في المرآة الأمامية في السيارة وهي تجلس في الكرسي الخلفي. لا بد أنه يتفحصها.. ماذا تقول عينيها؟ كيف يفسر حركات يديها؟ حتما أن للمسافة بين رجليها، في جلستها، الأثر الكبير في فهم سلوك الفتاة.
لا بد أنها تشاكس! لماذا جلست في الخلف والكرسي بجانبي يرحّب بها؟ هذه بالطبع مؤامرة! ربما تبغي إغوائي في جلستها في الكرسي الخلفي الكبير الذي يصلح سريرا مزدوجا يحلو عليه الطبخ واللعب والنوم..
عبارة سهلة جدا للنطق، سُتنطق في وقتها المناسب: ما أجمل الطبيعة بجانبنا!.. فلتكن صعبة النطق.. إِبحث عن عوامل غير مصطنعة، طبيعية أو فوق طبيعية: الفرامل في السيارة على وشك أن تتعطّل؛ فلنتوقف هنيهة في هذا الحرش! ولماذا كل هذا التكلف؟! وهي بنفسها قالت منذ البداية أن موعد قطارها لم يحن بعد ولديها الوقت الكافي حتى الحضور في محطة القطار. وهل أفهم؟! ربما هذا النوع من الفتيات ينبذ التخطيط والتلفيق وهندسة الموقف؛ أُطلب- تحصل..
***
انتهت الطريق ولم يكن أي قرار. وحده في السيارة وكأنه معلق في بندول الساعة! وصوت الترانس يتعالى؛ واجه أباك وأمك وكن مستقلا عنهما. ازحف على قدميك واعرق وانعم بعدها بالعيش..
***
جيران وجيران في الغرفة. رائحة طبيخ وأصوات ملاعق. الأم تركض في الأرجاء. والأب يقهقه مع ذويه. والأخت تجلس في لعبة السوليتير. والأخ الصغير نائم في فرشة الأخ الكبير.
يتناول الأخ الكبير المسجل واسطوانة قديمة ويتوجه إلى الحمام. يستلقي على الأرضية الباردة. يجد خدوشا على سطح الأسطوانة. تتكرر كلمات ونغمات الموال. يطفئ المسجل ويحاول إكمال الموال لكن صوته كان " مشحّطا" . يسمع ضجيجا في الخارج. يحذق بعينيه ريثما يلتقط كلمات الضجيج. الكلمات سريعة ومتشابكة.
تتراخى الجفون. يحاول أن يقهر النوم لكنه يهبط في الضجيج وينام..


.

التعليقات