31/10/2010 - 11:02

طوفان الجهات/عبد الكريم عبد الرحيم

-

طوفان الجهات/عبد الكريم عبد الرحيم

إيمان حجّو..‏


طفلة خان يونس‏


وردة أربعة الأشهر‏


شجرة الأرض.. بعد طوفانكم‏


زهرة الحبّ.. بعد صلبكم الحلاّج‏


وابتدى البحرُ‏


تهجّي المقلتينْ‏


قبّل الخدَّ‏


وأطرافَ اليدينْ‏


...........‏


دثِّريني بدمٍ..!!‏


يغزلُ أحلامَ النخيلْ‏


يُطلِعُ الكوفيَّةَ الحمراءَ،‏


من بادية الروحِ‏


إلى زيتونةِ القلبِ،‏


دعي وقتاً...‏


قتيلاً في مرايانا‏


فقد ساومَكِ الليلُ طويلا‏


وتبوَّأْتِ الحكاياتِ‏


وأسرارَ الصهيلْ‏


.........................‏


من زقاقٍ بسط الرملُ‏


إلى الخوفِ نداهْ‏


تسقطُ الشمسُ‏


على طينٍ ووشمٍ‏


تَتَمَلَّى وجهَكَ الدريَّ‏


والموتَ‏


عصيٌّ.. زمنُ الموتِ‏


عصيٌّ منتهاهْ‏


فبأيٍّ من بداياتِكِ‏


أجلو المستحيلْ؟‏


حينما يغفو بحضنِ اللهِ‏


أولادُ الجليلْ‏


ويعودونَ.. على لَيْلَكِ‏


أوراد المساء‏


يبدأ البحرُ تضاريسُ فلسطينَ‏


لتنجو...‏


حدقةُ الماءِ على النَّطْعِ‏


ولا تُغْمِضُ قلبي كربلاءْ‏


..................................‏


هبْ.... أتى الطوفانُ،‏


والنّاسُ سُكارى‏


وطمى النِّفْطُ‏


طمى الصمتُ‏


وفاضَ الموتُ،‏


والنارُ وَطمْيٌ وبكاءْ‏


هَبْ بدا الليلُ نهارا‏


ومشى نوحٌ على الجمرِ‏


وأخشابِ الخلاصْ‏


وتَجَمَّعْنا صغاراً وكبارا‏


ما الذي يحدثُ إنْ "إيمانُ"‏


أرستْ حلمنا في القاربِ الملآنِ‏


من كذْبِ الحياةْ؟؟‏


وتدلَّت فوقنا،‏


تحملُ في أرجوحةِ الموتِ النجاةْ‏


ما الذي يحدثُ...‏


إنْ عادتْ من القاربِ‏


واستلقَتْ على عشبِ فلسطينَ‏


وفاضَ الماءُ‏


والأرضُ تُغنِّي‏


في شناشيلَ من الصبحِ‏


وماج النِّيلُ،‏


والشارعُ،‏


ماجَتْ جثثٌ قتلى‏


عصافيرُ‏


قوافٍ‏


مقلُ الأطفالِ في الجولانِ‏


فحمُ اللحمِ في بغدادَ‏


واستلقى على الجوديِّ‏


متراسٌ.. وأشلاءُ السفينةْ‏


ما الذي يحدثُ...؟‏


ما أجملَ "إيمانَ"!!‏


وما أقربَ مني كربلاءْ!!‏


.............................‏


أوقفَ الدبّابةَ الزهرُ‏


وأجسادٌ بلا أيدٍ‏


ولحمُ المريميّهْ‏


وغناءُ الماءِ‏


في جبهةِ "إيمانَ" الطريّهْ‏


...............................‏


آهِ بغدادُ! وضاق الكونُ‏


ما خزّنْتُ أشواقي إلى النهرِ قتيلا‏


ما اجترحْتُ الموتَ‏


لا بابلُ تأتي‏


في عزاء العامريّه‏


كلُّ ما كانَ...!‏


تأخّرْتُ قليلا!‏


واعتراني...‏


أن ملاحاً على الشاطئ‏


قد شاهد نوحاً... والسفينهْ‏


غير أنّي لم أرَ المشكاةَ في المرفأِ‏


ما كان على البرِّ‏


حبوبٌ وطحينْ‏


كان قلبي مثخناً بالحبِّ‏


والموتِ وأشجارِ المدينهْ‏


عادَ من دجلةَ‏


ظمآنَ.. حزينْ!!‏


........................‏


كانَ "نيروزُ"‏


وكانت "نَهَوَنْدْ"‏


يحتويكَ الخَلُّ والمِلْحُ‏


وأُدْمُ الوصلِ‏


فقهُ النارِ‏


في سوقِ "القطيعةْ"(1)


وتجلّتْ مُقلتانا:‏


شعلةً للروحِ‏


آلامَ الفجيعَةْ‏


وانتهى ما كانَ‏


فارقْتُ اشتعالي‏


دمُنا سالَ من الشَّجْرَةِ‏


"يا صاحبة الحانِ إلى أين الطريقْ؟"(2)


موغلٌ صوتي على‏


فحمِ.. السؤالِ‏


موغلٌ...‏


حتّى الحريقْ!‏


.........................‏


يبدأ البحرُ:‏


فلسطينُ وإيمانٌ ونوحُ‏


ينتهي الطوفانُ‏


والأرضُ سفوحُ‏


ربّما أملأُ في رحلتيَ النورَ..‏


ولكنْ لا أبوحُ‏


فعلى خدَّيْكِ أهرقْتُ‏


شفيفَ الروحِ‏


أنبا حالَكَ الدمعِ هوانا والجنوحُ(3)


وبرى العينَ،‏


فما يدري دمٌ ذلكَ‏


أمْ عشقٌ مسيحُ؟!‏


طاهرٌ نومُكِ..‏


كم أَدْمَنَ أطفالُ فلسطينَ‏


سريرَ القدسِ!‏


ما عَكَّر.. هذا النبويَّ البوحِ‏


أضغاثٌ جروحُ‏


وابتدى البحرُ...‏


تَهجَّتْ قامتي فيه القروحُ‏


هل فلسطينُ... بداياتُ المغنّي؟‏


أم نهاياتُكَ... والعجزَ؟‏


لأيٍّ من جهاتِ الشجرِ المحروقِ‏


نغدو.. ونروحُ؟!‏


أيُّها الطُّوفانُ‏


لا تحملْ رذاذَ الموتِ مُسْوَدّاً‏


فما شعبي الذبيحُ‏


هبْ... بكت "إيمانُ"‏


والرحمُ مُدَمّى...‏


بمخاضِ الماءِ‏


مَنْ..‏


بَعْدُ... ينوحُ؟؟


-----------------------------------‏


(1) نيروز.. نهوند.. سوق القطيعة من أجواء مأساة الحلاّج.‏


(2) شطر من ملحمة جلجامش‏


(3) أنبا: أنبأ‏


من ديوان فضة الروح - منشورات اتحاد الكتّاب العرب دمشق 

التعليقات