إيمان حجّو..
طفلة خان يونس
وردة أربعة الأشهر
شجرة الأرض.. بعد طوفانكم
زهرة الحبّ.. بعد صلبكم الحلاّج
وابتدى البحرُ
تهجّي المقلتينْ
قبّل الخدَّ
وأطرافَ اليدينْ
...........
دثِّريني بدمٍ..!!
يغزلُ أحلامَ النخيلْ
يُطلِعُ الكوفيَّةَ الحمراءَ،
من بادية الروحِ
إلى زيتونةِ القلبِ،
دعي وقتاً...
قتيلاً في مرايانا
فقد ساومَكِ الليلُ طويلا
وتبوَّأْتِ الحكاياتِ
وأسرارَ الصهيلْ
.........................
من زقاقٍ بسط الرملُ
إلى الخوفِ نداهْ
تسقطُ الشمسُ
على طينٍ ووشمٍ
تَتَمَلَّى وجهَكَ الدريَّ
والموتَ
عصيٌّ.. زمنُ الموتِ
عصيٌّ منتهاهْ
فبأيٍّ من بداياتِكِ
أجلو المستحيلْ؟
حينما يغفو بحضنِ اللهِ
أولادُ الجليلْ
ويعودونَ.. على لَيْلَكِ
أوراد المساء
يبدأ البحرُ تضاريسُ فلسطينَ
لتنجو...
حدقةُ الماءِ على النَّطْعِ
ولا تُغْمِضُ قلبي كربلاءْ
..................................
هبْ.... أتى الطوفانُ،
والنّاسُ سُكارى
وطمى النِّفْطُ
طمى الصمتُ
وفاضَ الموتُ،
والنارُ وَطمْيٌ وبكاءْ
هَبْ بدا الليلُ نهارا
ومشى نوحٌ على الجمرِ
وأخشابِ الخلاصْ
وتَجَمَّعْنا صغاراً وكبارا
ما الذي يحدثُ إنْ "إيمانُ"
أرستْ حلمنا في القاربِ الملآنِ
من كذْبِ الحياةْ؟؟
وتدلَّت فوقنا،
تحملُ في أرجوحةِ الموتِ النجاةْ
ما الذي يحدثُ...
إنْ عادتْ من القاربِ
واستلقَتْ على عشبِ فلسطينَ
وفاضَ الماءُ
والأرضُ تُغنِّي
في شناشيلَ من الصبحِ
وماج النِّيلُ،
والشارعُ،
ماجَتْ جثثٌ قتلى
عصافيرُ
قوافٍ
مقلُ الأطفالِ في الجولانِ
فحمُ اللحمِ في بغدادَ
واستلقى على الجوديِّ
متراسٌ.. وأشلاءُ السفينةْ
ما الذي يحدثُ...؟
ما أجملَ "إيمانَ"!!
وما أقربَ مني كربلاءْ!!
.............................
أوقفَ الدبّابةَ الزهرُ
وأجسادٌ بلا أيدٍ
ولحمُ المريميّهْ
وغناءُ الماءِ
في جبهةِ "إيمانَ" الطريّهْ
...............................
آهِ بغدادُ! وضاق الكونُ
ما خزّنْتُ أشواقي إلى النهرِ قتيلا
ما اجترحْتُ الموتَ
لا بابلُ تأتي
في عزاء العامريّه
كلُّ ما كانَ...!
تأخّرْتُ قليلا!
واعتراني...
أن ملاحاً على الشاطئ
قد شاهد نوحاً... والسفينهْ
غير أنّي لم أرَ المشكاةَ في المرفأِ
ما كان على البرِّ
حبوبٌ وطحينْ
كان قلبي مثخناً بالحبِّ
والموتِ وأشجارِ المدينهْ
عادَ من دجلةَ
ظمآنَ.. حزينْ!!
........................
كانَ "نيروزُ"
وكانت "نَهَوَنْدْ"
يحتويكَ الخَلُّ والمِلْحُ
وأُدْمُ الوصلِ
فقهُ النارِ
في سوقِ "القطيعةْ"(1)
وتجلّتْ مُقلتانا:
شعلةً للروحِ
آلامَ الفجيعَةْ
وانتهى ما كانَ
فارقْتُ اشتعالي
دمُنا سالَ من الشَّجْرَةِ
"يا صاحبة الحانِ إلى أين الطريقْ؟"(2)
موغلٌ صوتي على
فحمِ.. السؤالِ
موغلٌ...
حتّى الحريقْ!
.........................
يبدأ البحرُ:
فلسطينُ وإيمانٌ ونوحُ
ينتهي الطوفانُ
والأرضُ سفوحُ
ربّما أملأُ في رحلتيَ النورَ..
ولكنْ لا أبوحُ
فعلى خدَّيْكِ أهرقْتُ
شفيفَ الروحِ
أنبا حالَكَ الدمعِ هوانا والجنوحُ(3)
وبرى العينَ،
فما يدري دمٌ ذلكَ
أمْ عشقٌ مسيحُ؟!
طاهرٌ نومُكِ..
كم أَدْمَنَ أطفالُ فلسطينَ
سريرَ القدسِ!
ما عَكَّر.. هذا النبويَّ البوحِ
أضغاثٌ جروحُ
وابتدى البحرُ...
تَهجَّتْ قامتي فيه القروحُ
هل فلسطينُ... بداياتُ المغنّي؟
أم نهاياتُكَ... والعجزَ؟
لأيٍّ من جهاتِ الشجرِ المحروقِ
نغدو.. ونروحُ؟!
أيُّها الطُّوفانُ
لا تحملْ رذاذَ الموتِ مُسْوَدّاً
فما شعبي الذبيحُ
هبْ... بكت "إيمانُ"
والرحمُ مُدَمّى...
بمخاضِ الماءِ
مَنْ..
بَعْدُ... ينوحُ؟؟
-----------------------------------
(1) نيروز.. نهوند.. سوق القطيعة من أجواء مأساة الحلاّج.
(2) شطر من ملحمة جلجامش
(3) أنبا: أنبأ
من ديوان فضة الروح - منشورات اتحاد الكتّاب العرب دمشق
التعليقات