05/11/2010 - 04:44

قصيدةُ البحر \ غيث القُرشي

أجيئكَ دوماً بذاكَ الحَنينْ ** وأجلِسُ وَحدِي، وفِيَّ هَواكْ وأنظرُ عبرَكَ نحوَ السنين ** لَعَلِّي أرى في البَعيدِ، رُؤَاكْ أنا مُثقلٌ بالهُمومِ اللّواتِي ** إذا جِئنَ، رافقَهُنَّ الهَلاكْ أتيتُ إليكَ، لأرضِكَ، مَائِكَ ** كَي لا أرى في العبادِ، سِواكْ

قصيدةُ البحر \ غيث القُرشي

 

إهداءان:

إلى شاطيء الخبر، في حضوره السرمدي

وإلى

أحمد العلي...في غيابه اللطيف

 

------------------------------------

 

بحرٌ... بقلبِ البَحرْ..

وحيداً وحيداً.. أنا والغياب

نتابعُ هذا المَزيجَ مِنَ المَوجِ، والليلِ، والزَّبَدِ التائِهِ الخُطُوات

أراقبُ كلَّ الذي قد أراهُ:

هديرُ العواصف

طقسٌ منَ الخَوف

موجٌ يُضاجعُ نفسَه

غبارٌ يَلفُ المكانَ بكلّ وضوح يقللُ أيَّ مدىً للسحابأنايَ" التي لا أراها معي، تراقبني حينَ أكتبُ هذي الحروفَ مُقطّبةً حاجبيها

لتعرف ماذا سأكتب بعدُ، وكيف سأخرج من حالة أتمشى بها مَعَ وحي القصيدة فوق الضفاف،

وعَبرَ الضباب

بحرٌ، بهذا البحر

وللبحر صوتٌ غريبٌ قريبٌ

يقدرُهُ من توغلَ فيه، وباعَ هَواهُ لمَوج يُتاجرُ في كُلّ أرضْ

وللبحر صوتُ الغواية:

لولا القصيدةُ...لافتَرَعَ البحرُ كفاً منَ المَاء تَخرُجُ

تُمسكني وتعودْ

ولا فرق عنديَ حين تعودُ، إذا صرتُ في بطن حُوتٍ كبيرٍ كقطعةِ عَنبَرَ

أو صِرتُ فِرعَونَ هذا الإيابْ.

 

 

أجيئكَ دوماً بذاكَ الحَنينْ ** وأجلِسُ وَحدِي، وفِيَّ هَواكْ

وأنظرُ عبرَكَ نحوَ السنين ** لَعَلِّي أرى في البَعيدِ، رُؤَاكْ

أنا مُثقلٌ بالهُمومِ اللّواتِي ** إذا جِئنَ، رافقَهُنَّ الهَلاكْ

أتيتُ إليكَ، لأرضِكَ، مَائِكَ ** كَي لا أرى في العبادِ، سِواكْ

أتيتُ، كما قد يجيءُ الحَيارَى ** وذابَ سُؤاليَ، تَحتَ سماكْ

أنا حالةٌ مثلَ موجِكَ، يا بحرُ ** مَدِّيَ جَزرُكَ، جَزري، مَداكْ

أَيا بحرُ، أنت الغوايةُ دَوماً ** وأنتَ الردَّى، إن ضَعيفاً أتاكْ

وأنتَ الحَنونُ الذي إن أردتَ ** مَنَحتَ صَديقكَ، كيفَ رآكْ

أيا بحرُ، أنت الخؤونُ الصديقُ ** الغضوبُ الرَّقيق، الشريرُ المَلاكْ

فقل لي بربكَ: كيفَ جَمَعتَ ** صِفاتَ التناقُضِ، في مُبتغاكْ؟

أنا كتلةٌ من شُعورٍ تغذَّت ** من الهَجرِ، من صَيدِ تلكَ الشباكْ

أيا بحرُ، إنِّي بَرانِي الهَوَى ** والتذكُّرُ. هل ذاتَ يَومٍ بَرَاكْ؟

أتَـيــتُ عـَظيماً، فَـعَلِّمْ ضَعيفَكَ ** عَـلِّيَ أُتـقِـنُ، يَومَاً، خُطاكْ

 

أرَى قَبَسَاً من سَرابْ

أرى ايقاعَ هذا الموجِ يَنهضُ سُلماً

يَرقَى قراراً لا يؤولُ إلى جَوابْ

يا بحرُ

يا رَبَّ الثوانِي، والمَوانِي

والأماني، والأغَانِي

يا انصهارَ الرُّوحِ في الهَمِّ المُجَزَّءِ بينَ رِمشٍ سَاحِرٍ

ورُبى الغيابْ

بحرٌ... هنا...

صدري يموجُ بكلِّ رَغبةِ شَاطِئٍ شَبِقٍ يُحركُ ماءَ شهوتِهِ التَّصَابِي

ينثرُ الذكرى الجميلةَ مثلَ حوضِ الياسمينِ على بياضِ شراشِفِ الوَقتِ اليَبَابْ

لا بَرَّ يَحمِلُ ذكرياتي يا رفيقَ الدَّربْ

كلما اقتربت يَدايَ من السكونِ توثَّبَ الحَرف الخفيّ، مُطالباً أمواجكَ العبثيةَ الإيقاعَ أن تغزو البَصِيرَةَ

كلما هدأت براكينُ اغترابي، ثارَ في وجهي القدر

مثلَ شيخ طاعِنٍ في الحِكمةِ العليا تلوحُ، كفكرةٍ في البالِ، كالذكرى التي لمعت بِبَالِ فتًى تبعثرَ عمرُهُ

انا لم ازل اهوي اليك اذا ابتعدتُ عن الحقيقة

ما تزالُ غطاءَ روحي

سكرَ البُنِّ اللذيذِ

ملاذَ صرختيَ الكتوم…عَشيقَتي وحَبيبتي

 وجَعِي المُرابِطَ في ظلالِ الروح

او ذكرىً تَشَابَكُ بَينَ اوردَتِي، كما صُوفٍ تَبَلـَّلَ واحتواهُ الشَّوكْ

فلتستبقْ يا بحرُ خاتمةَ الحكايةِ

فلتغيِّر في تَفاصِيلِ الروايةِ ما تشَاءْ

لَنْ اَرُدَّكَ، لستُ مَعنِياً بسيناريو المُسَلسَلِ

 

شاطيء الخبر

المملكة العربية السعودية

الخامس من نوفمبر

العام 2010 للميلاد

 

* شاعر أردنيّ

التعليقات