29/12/2011 - 02:42

مقاطع من ذاكرة مقصوفة / ياسمين ضاهر

ثِقلُ القنبلة، يقع كالصدى في طفولتنا الأولى. لم نعرفهم أحياء، لم نعرفهم أموات، نستريح.

مقاطع من ذاكرة مقصوفة / ياسمين ضاهر

قطر الرصاصة أوسع قليلا من 

إنسانيتنا المتفرجة.

لم يسعنا قبلا سوى النظر

الآن، حتى هذا، يؤذي المعدة    

* *

ثِقلُ القنبلة، يقع كالصدى في طفولتنا الأولى.

لم نعرفهم أحياء،

لم نعرفهم أموات،

نستريح.

صوت الغارة أعلى من صوت عصفورٍ،

لم يمر من هنا منذ أكثر

من أزمة

لم يقابله أحد.

لم تمش في جنازته

حتى أسلكة الكهرباء.

لن يهزأ منا، طفل يعرف

معنى الكذب

فلندعِ العصفور... ليهدأ.

* *

قال الجندي وهو يسابق العصفور في السماء:

لن يتعرف الخيال على ما صنع.

* *

 صوت الغارة أعلى من صوت العصفور

 

ومع هذا نتمسك

بحقيقة وحشية:

أنهم ما زالوا بشر

وأننا ما زلنا أحياء

وأن للقتلى، بيننا

وبينهم

كبرياء

* *

ويبيع من يعرف أن عملية الولادة سهلة

تسعة شهور والدم مستباح

وفي أجواء الحصار، يقول: الولادة تسلية

لا دم بعد نطعمه للرياح

ويغضب من يعرف أننا لا نختفي

هكذا، بسرعة

ويقول آخرون: لا يذكُر التلفاز

سوى التعداد.

جميل أنه لا صوت للرقم.

لا صور حديثة لماضي المارين من هنا الآن

الموتى بعد ثوان.

لقد استعاضوا عنها، بموت جماعي

لا ملامح فيه ولكن، وفي الوقت نفسه

وللسبب ذاته - جميل ويبيع أكثر

* *

ونحن ماذا عنا؟

يستجدي كبرياء المنتظرين

لماذا نحيا بعد؟

لقد أخطأت القذيفة مأواها

لقد نسيت الإنسانية محفظتها

وبعض العرب، أقنعتهم

* *

لم يعد لهذا الليل من صوت

سوى - أن ينتهي،

استجدوه المارون في غزة

دون أن يمروا حقا:

انتهي قبل أن ننتهي، طالبوه.

لأن العدو يخاف الليل

ويخاف ظله المنعكس فيه

لذلك فقد أطفأ الكهرباء

وها هو يرتجف وهو يقتلنا

* *

سارت عيوننا وراء موكب الدفئ

حفرت القذيفة موتا للجميع

في الصورة التذكارية

لا نرى أحد - غريب

لا نرى أحدا على الإطلاق

* *

هناك أمل بعد، صرخ أحدهم من قبوه الأسود

هناك أمل بعد:

أن يكونوا من ماتوا أحياء

وأن نكون نحن الاموات.

هناك أمل بعد،

صرخ أحدهم بفرح.

* *

ليس بعد، قال عدو من بعيد

لم يعترف أحد بعدائه ولا بحبه

لم يعرفه أحد.

ولكنه قال: ليس بعد!

* *

خائف عدوي خائف

لا الدم دم في مخيلته

ولا الحرب من الصحن الطائر

حرب

كلها ألعاب نارية،

وقد يكون اقتتال بالماضي.

ماذا سأفعل حين يستيقظ

ماذا سيفعل حين سيعرف

ماذا سيفعل حين سيفهم ما كان يعرف؟

* *

في القرن الوحيد

والليل القارص

أطفال يخالون أن الحرب حرب.

ويعرفون الحقيقة.

إنهم الآن أحياء، محظوظين.

أنهم الآن ليسوا بالأموات، محظوظين.

هاهم يتنفسون الآن، محظوظين.

الآن في هذا القرن الذي لا يواتي

بوحهم كلهُ. أملهم – أغلبه

حياتهم – لا شيء منها.

إنهم أطفال غزة، محظوظين!

التعليقات