10/03/2014 - 16:21

يوم المرأة../ أزهار عويضة

أشعر وكأن الصمت يُكبل كلماتي في دائرة المجتمع الذكوري المتخلف الذي يُحيطني بقيودٍ تافهة تُهمشني، لا تجلسي هكذا؛ لا تتحدثي مع غريب؛ لا تلبسي القصير؛ لا تتحدثي هكذا؛ لا تتبسمي بصوتٍ عالٍ؛ كوني مؤدبة؛ لاتتحدثي بوجود أباكِ وأخاكِ... توصيات كثيرة اعتدنا عليهم

يوم المرأة../ أزهار عويضة

 

أشعر وكأن الصمت يُكبل كلماتي في دائرة المجتمع الذكوري المتخلف الذي يُحيطني بقيودٍ تافهة تُهمشني، لا تجلسي هكذا؛ لا تتحدثي مع غريب؛ لا تلبسي القصير؛ لا تتحدثي هكذا؛ لا تتبسمي بصوتٍ عالٍ؛ كوني مؤدبة؛ لاتتحدثي بوجود أباكِ وأخاكِ... توصيات كثيرة اعتدنا عليهم.

تذكرت طفولتي وأنا في التاسعة من عمري عندما كنتُ أنظرُ إلى كل ما حولي من أشياء بعلامات استفهام طفولية بريئة، كنتُ أسأل أمي عن بعضها، ومرةً سمعتها تتحدث لأبي خلسةً: " هالبنت يا زلمي كثير قوية وجريئة أنا عم بخاف عليها، لازم نراقبها طول الوقت، ما بدنا نصير علكة بثم الناس"، حتى أنني كنتُ أكرهها وأبغضها كثيراً عندما كانت تنهرني على أسئلة لا تملك عليهم أجوبة؛ قائلةً: "إنت كثير وقحة، وعم تتمادي على حدودك كبنت؛ لازم تكوني مؤدبة ورزينة، عيب تحكي عن هالمواضيع، كوني مثل اختك شايفي كيف بتسمع الكلمة وما بتسأل مثل اسئلتك".

بدأت أكبر، وتلك القيود تكبر معي، وتشد عنقي أكثر وأكثر، قيود تُحجمني تُكبلني تُحيطني بأشياءٍ لا تُشبهني، فأصبحتُ أحاول جاهدةً تمزيق تلك القيود الدينية والاجتماعية؛ تمزيق كل المعايير التي فصلها ذلك المجتمع الذكوري لألبسها ثوباً يدل على نقاء شرفي؛ في لساني الوقح كما نعته البعض على الورق في كلماتٍ تستطيع أن تُعبر عن كل امرأة ظلمت وقتلت بسبب هذه القيود والمعايير.

أصبحتُ أبلور شخصيةً تُميزني عن غيري، ومبادئ أحملها وساماً في طريقي إلى النجاح، عندها فقط أصبحتُ واعيةً للتخلف الذي يُغلف عقلية مجتمعنا بنظرته للمرأة، الثوب الذي يرتدونه باسم الله والدين وكأنهم أوصياء الله على الأرض، ونسوا بأن المرأة لها حرية التصرف بجسدها وعقلها كالرجل تماماً، والدين يُحاسب المرأة والرجل على نفس الخطأ بنفس الطريقة ولا يُفرق بينهما.

إن أحبت تتحطم السماء على رأسها، إن مارست علاقة الجنس خارج إطار الزواج يدعون بأنها دنست شرف العائلة وقتلها عبارة عن غسل عارٍ لأهلها، فتقوقع مجتمعنا بغشاء بكارة تحمله الفتاة وحصر شرف العائلة به، ومن تتخلى عنه تُصبح في عداد الموتى، وهكذا تزداد جرائم الشرف في مجتمعنا.

ينسى هذا المجتمع بأن المرأة هي الأم والحبيبة والأخت، هي التي تحمل؛ تنجب؛ تربي؛ تسهر على راحة أبنائها؛ تحمل هموم الرجل دون أن تتململ ولو قليلاً، نسي الرجل أن للمرأة دورها المهم في بناء المجتمع وتطوره فكرياً واجتماعياً وسياسياً، وكان لها دورها في التاريخ منذ أيام الجاهلية إلى يومنا هذا، ومع ذلك ينعتها الرجل بنصف عقل؛ لو كانت بعقل كامل ماذا سيحدث؟

يوم امرأة عالمي؛ كيف نعترف به وما زالت جرائم الشرف تتكرر بإختلاف الاشخاص والأماكن؟ كيف لنا أن نعترف به ولم يُشكل قانون يحمي المرأة من كل العنف الجسدي والنفسي والجنسي الذي تتعرض له المرأة؟ لن أُلقي المعايدات على أحد. فنحن حتى الآن لم نحصل على حقوقنا كنساء نعيش في هذا المجتمع؛ لم نستطع تغيير مكانة المرأة في مجتمعنا؛ فبالرغم من الأماكن الاجتماعية والسياسية المهمة التي وصلت إليها المرأة، إلا أنها ما زالت تابعة لأب أو أخ أو زوج أو ابن، فحتى الرجل المثقف الذي نتغنى بكتاباته الفذة عن المرأة فهو يُطالب بحريتنا طالما هذه الحرية بعيدة عن نساء بيته.

هذه الأشياء تجعل كرهي للمجتمع بعاداته وتقاليده وتخلفه وذكوريته تزداد كلَّ يومٍ أكثر وأكثر..
 

التعليقات