الخليل: رمضان يعيد الحياة لسوق محاصر بالمستوطنين

الخليل: رمضان يعيد الحياة لسوق محاصر بالمستوطنين

حركة نشطة في أسواق البلدة القديمة من مدينة الخليل خلال شهر رمضان، رغم منغصات الاحتلال والمستوطنين، إذ تفتح عشرات المحال التجارية المغلقة طوال العام أبوابها، بحثًا عن باب للرزق وأرباح "موسمية"، يوفرها الشهر الفضيل.

وتعد مدينة الخليل، من أقدم البلدات الفلسطينية، وتشتهر بالحرم الإبراهيمي الذي يعتقد أنه بني على ضريح النبي إبراهيم عليه السلام، وزوجاته وأبنائه.

وهجر نحو ألف فلسطيني، البلدة القديمة، نتيجة سياسة التضييق، والاعتداءات اليومية من قبل المستوطنين والجيش، وأغلقت أسواق كاملة وشوارع رئيسية حيوية في المنطقة.

حركة نشطة

وعلى مدخل سوق اللبن، يجلس العجوز عوض الأشهب (63 عامًا)، أمام بقالته، بينما تبدو الحركة نشطة قبيل صلاة الظهر.

ويقول الأشهب إن "الحركة تبدو نوعًا ما أفضل خلال رمضان، هناك العشرات يأتون للصلاة في الحرم الإبراهيمي، ويتسوقون من محال البلدة القديمة".

وأضاف "في غير الشهر الكريم، تشل الحركة في البلدة القديمة بسبب المضايقات الإسرائيلية واستفزازات المستوطنين، من حواجز وتفتيش وإعاقة حركة المتسوقين والمصلين".

ويشير إلى سوق اللبن، المتفرع من السوق الرئيسية في البلدة القديمة، قائلا: "انظر، منذ العام 1994 (عام مجزرة المسجد الإبراهيمي) أغلقت عشرات المحال التجارية؛ ولعائلتي في هذه السوق ثلاثة محال تجارية أغلقت، السبب أنها طريق مغلقة، وتحتوي على نقطة عسكرية للاحتلال".

ومنذ عام 1994، يُقسّم المسجد الإبراهيمي، إلى قسمين، قسم خاص بالمسلمين بمساحة 45%، وآخر باليهود بمساحة 55%.

وارتكب مستوطن يهودي، مجزرة بحق المصلين المسلمين، في الحرم الإبراهيمي، في 25 شباط/ فبراير 1994، عندما فتح النار عليهم حينما كانوا يؤدون صلاة الفجر، ما أسفر عن استشهاد 29 وجرح نحو 150 آخرين.

وعادة ما يقوم مستوطنون يسكنون البلدة القديمة في الخليل، والذين تتجاوز أعدادهم الـ400 شخص، بالاعتداء على الباعة، وتخريب بضاعتهم تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب التاجر الأشهب.

ويسكن المستوطنون في أربع بؤر استيطانية، بحماية 1500 جندي إسرائيلي على الأقل.

ويقارن التاجر وضع البلدة القديمة اليوم، وقبل العام 1994 قائلا: "أيام الجمعة وعقب الصلوات، كان السوق لا يتسع للمارة، الناس تتدافع، لكن اليوم شبه خال".

حواجز واعتداءات

ويشكو صاحب محل بيع المخللات في البلدة القديمة، جواد سلودي، من سوء الوضع الاقتصادي في الخليل القديمة.

وقال إن "الاحتلال السبب الرئيس في خراب البلدة القديمة، حواجز واعتداءات يومية بحق المارة والباعة من قبل المستوطنين والجيش".

ويضيف أن "الحركة التجارية في شهر رمضان نوعا ما أفضل، ولكنها مقارنة مع السنوات السابقة منخفضة جدا".

وقال "سلودي" إنه يعمل بائعا في البلدة القديمة، منذ سنوات طويلة، ورغم الممارسات الإسرائيلية يصر على البقاء مكانه.

عروض منافسة

وفي بقالة صغيرة على مدخل البلدة القديمة، وبجوار معسكر لجيش الاحتلال يواصل الفلسطيني مهران البطش عمله اليومي، "هناك معاناة يومية من قبل الاحتلال، لكن بقاءنا هنا يحافظ على البلدة القديمة".

وقال البطش، إن الأسواق في رمضان تبدو نشطة نوعا ما، لكن في غير رمضان تشل الحركة.

وأضاف أن "رمضان ينعش الأسواق ويعيد الحياة لها، المصلون في الحرم الإبراهيمي يأتون من مختلف محافظات الضفة الغربية ويتسوقون من البلدة القديمة".

ولفت إلى أن المحال التجارية في البلدة القديمة، تقدم عروضا على البضاعة وبأسعار منافسة لتشجيع المتسوقين.

واستدرك قائلا "في غير رمضان، المتسوقون يفضلون شراء حاجاتهم من الأسواق الخارجية لتجنب الاحتكاك مع جيش الاحتلال ومستوطنيه".

وأطلق نشطاء فلسطينيون في مدينة الخليل، بداية شهر رمضان الجاري، حملة "قاوم بصلاتك" لدعم المسجد الإبراهيمي، وحث المصلين للصلاة فيه طوال العام.

حركة تجارية

وقال الشيخ حفظي أبو سنينة، مدير المسجد الإبراهيمي، "إن نحو 1500 مصليًا يؤمنون المسجد في كل فرض، ويشكلون حركة تجارية نشطة في الأسواق بعد أداء الصلاة".

وأضاف أن "البلدة القديمة فلسطينية، وستبقى فلسطينية، رغم الاحتلال وممارساته اليومية بحق السكان والمكان".

وبيّن أن إسرائيل ومستوطنيها "يمارسون استفزازات واعتداءات يومية بحق المصلين والمتسوقين والباعة".

والخليل هي إحدى المدن الفلسطينيّة الواقعة في الضفةِ الغربيّة لنهر الأردن، تقع إلى الجنوب من القدس وتبعد عنها حوالي 35 كيلومترًا.

وهي من أكبر مدن الضفة الغربية من حيث المساحة والتعداد السكاني، أسست على أيدي الكنعانيين في العصر البرونزي المبكّر، وتمتاز اليوم بأهميتها الاقتصاديّة لاعتبارها من أكبر المراكز الاقتصاديّة على مستوى الضفة الغربيّة.

وتعتبر المدينة ذات أهميّةٍ دينيّة للديانات الإبراهيميّة الثلاث، وتقسم المدينة إلى قسمين هما البلدتان القديمة والحديثة.

وتقع البلدة القديمة إلى جوار الحرم؛ وهو عبارة عن عددٍ من الأزقة والبيوت والأبنية التاريخيّة والدكاكين والأسواق القديمة، وتوجد بها عددٌ من المتاحف كمتحف الخليل، إضافةً إلى العديد من الحدائق والمنتزهات العامّة وأهمها منتزه الكرمل.

التعليقات