الشاربات: أشهر المشروبات الرمضانية بالجزائر

الشاربات: أشهر المشروبات الرمضانية بالجزائر

يحرص الكثير من الجزائريين في شهر رمضان على تناول مشروبات تقليدية للتغلب على التعب ومقاومة العطش، بعضها يعود تاريخ أعداده لآلاف السنين والآخر حديث العهد.

في شهر رمضان تفقد أشهر ماركات المشروبات الغازية قيمتها أمام مشروب تقليدي بسيط يسمونه في الجزائر "الشاربات"، هذا المشروب يتم إعداده في محلات تقليدية قديمة وفي بعض محلات صناعة الحلويات، لكنه يختفي مع نهاية شهر رمضان من كل سنة .

يتهافت الجزائريون في أغلب المدن ساعات قليلة قبل الإفطار على محلات بيع " الشاربات" وهي مشروب بلون أصفر شبيه بعصير الليمون الطبيعي، مصنوع من الماء والسكر وصبغة اصطناعية ونكهة تقليدية يتم إعدادها بطرق تقليدية في بعض المحلات.

لا يزيد ثمن هذا المشروب عن 60 دينار جزائري للتر أي حوالي نصف دولار، ولا تكاد تخلو مائدة رمضانية في بيت جزائري من " الشاربات " التي تنعش الصائم مع الإفطار.

وتعد "الشاربات" تعد أشهر مشروب جزائري في شهر رمضان حيث أن بعض الجزائريين يشربونها للتغلب على العطش الشديد في والبعض الآخر يشربونها بسبب مذاقها الفريد.

وأمام بعض محلات بيع الشاربات في أكبر المدن الجزائرية يتجمع المئات من الراغبين في حصول على هذا المشروب المنعش ويقف بعضهم أحيانا في طوابير من أجل الحصول على لتر أو لترين من هذا المشروب التقليدي.

البائع يعبئ أكياسا من الشاربات للزبائن بسرعة ويتواصل المشهد من ما بعد الظهر إلى غاية دقائق قبل آذان المغرب، وبعض المحلات الشهيرة بصناعة الشاربات في مدينة وهران (عاصمة الغرب الجزائري) تكون مقصدا لزبائن يأتون من مواقع بعيدة جدا .

ويقول الياس حميون من مدينة وهران غرب العاصمة الجزائرية "أنا مدمن على الشاربات ولا أتصور مائدة الإفطار دون هذا المشروب، ومن أجل هذا آتي كل يوم من مدينة المحمدية (80 كلم عن مدينة وهران) من اجل شراء الشاربات من هذا المحل الشهير".

ويضيف المتحدث "كما أن أفراد أسرتي حريصون على تناول هذا المشروب على وجبة الإفطار ".

ويقول الياس إن "اسرته تستهلك في كل يوم من أيام رمضان 3 لتر على الأقل من الشاربات وهو يحرص على شرائها من المحلات الشهيرة هنا في وهران".

ويقول ظريف عز الدين صاحب محل بيع شاربات في مدينة الشلف غرب العاصمة الجزائرية، "يجب هنا أن نفصل بين نوعين من هذا المشروب النوع الصناعي الذي يباع في كل مكان ويصنع في مصانع كبيرة والنوع التقليدي".

وأوضح "وبما أن استهلاك الشاربات يتزايد في شهر رمضان فإن الأغلبية من الجزائريين يشترون شاربات صناعية لا تقليدية".

ويضيف "في كل مدينة جزائرية تقريبا بشكل خاص في وسط وغرب الجزائر توجد عائلة تحتفظ بأسرار إعداد الشاربات التقليدية، وتتوارثها جيلا بعد جيل".

وبعض العائلات الجزائرية تحتفظ بأسرار تركيبة الشاربات الأصلية، وتبيعها في رمضان، أشهر العائلات هذه موجودة في مدن الشلف ووهران (غرب) الجزائر العاصمة البليدة.

وفي كل مدينة جزائرية تقريبا يوجد نوع مختلف من الشاربات كما هو حال عائلة بن عدة في مدينة وهران .

ويقول حسين بن عدة صاحب أحد أشهر محلات بيع "الشاربات" في مدينة وهران بالغرب الجزائري للأناضول "لقد ورثت أسرار تركيبة الشاربات من جدي، وإلى اليوم يعرف اغلب سكان مدينة وهران بالغرب الجزائري مشروب "نورين" نسبة لجدي الذي يعود له الكثير من الفضل في شهرة الشاربات في مدينة وهران".

ويضيف حسين " نحرص في الأسرة على الاحتفاظ بسر إعداد الشاربات وعدم البوح به لأنه أهم سر في العائلة".

وحول سبب شهرة شاربات نورين يقول المتحدث محدثنا "لأنها تحتوي على نكهة خاصة جدا ومميزة" وإحدى أشهر شركات صناعة المشروبات الغازية تفاوض الآن عائلة نورين من اجل شراء سر الشاربات ذات النكهة الخاصة الأكثر شهرة في عاصمة الغرب الجزائري.

ويقول نقاوة زين الدين باحث في تاريخ مدينة وهران ورئيس جمعية تراث الباهية (مستقلة) "يكمن السر في شهرة الشاربات في الجزائر في نكهتها الخاصة التي تأتي من بعض الأعشاب التقليدية التي يتم خلطها وبعض هذه الأعشاب أصلها اسباني" ويضيف في حديثه لوكالة الأناضول "يعود تاريخ صناعة الشاربات إلى أسرة اسبانية أقامت قبل أكثر من قرن ونصف في مدينة غليزان غرب الجزائر العاصمة".

الباحث الجزائري يضيف "في كتاب حول تاريخ أشهر الأسر الاسبانية في الجزائر يقول المؤلف انه في عام 1866 اكتشفت أسرة إقطاعية اسبانية تسمى "ألتوس" أنه من أجل التغلب على الحرارة في صيف الجزائر لا بد من تناول مشروب منعش وقد تم تحضير الشاربات من قبل هذه الأسرة ثم شاع استعمالها في البداية وسط الأوروبيين المقيمين في الجزائر في أثناء الاحتلال الفرنسي ثم انتقلت إلى الجزائريين مع الوقت حتى صار المشروب جزائريا".

التعليقات