الألعاب النّاريّة: مُتَنفّس خطرٌ للأطفال الغزّيّين بانعدام مساحات اللّعب

الألعاب النّاريّة: مُتَنفّس خطرٌ للأطفال الغزّيّين بانعدام مساحات اللّعب

المساءات في غزّة ككلّ الأشياء مختلفة، خاصّةً في رمضان، في ظلّ الانقطاع المستمرّ للكهرباء، والّذي قد يصادف وقت الفطور وما بعده. فيخرج الأطفال ليمارسوا فسحتهم من الطّفولة المسلوبة، بعد تناول فطورهم الرّمضانيّ، فيلهون ويمرحون ويشاركون، كلٌّ على طريقته الخاصّة، في إنارة بقعتهم المعتمة، وصناعة "الضجيج السنويّ" المفضّل لديهم.

ألعاب الأطفال الرّمضانيّة في غزّة، والّتي قد تستمرّ إلى ما بعد صلاة التّراويح، مختلفةٌ. يتجمّع الأطفال أمام بيوتهم وعلى مفترقات الشّوارع، ليبدأوا مشوار نشر الضوء في الشّوارع والأزقّة في قطاع غزّة، بضوءٍ مختلفٍ أيضًا، كلّ الأشياء في غزّة تختلف، فالأطفال الغزّيّون يلعبون بالألعاب النّاريّة، والمفرقعات، والأصابع النّاريّة المشتعلة والّتي تصنع شرارًا يشبه النّجوم.

يحمل الطّفل عيسى أبو نحل أشرطة من "سلك الجلي"، وهو نشارة معدنية، يُشعِلُه ويبدأ بتدويره في حلقاتٍ حتّى يبدو كأنه حزامُ نجوم. ويقول أبو نحل إنّه اعتاد وجيرانه الأطفال على اللعب بهذه الألعاب بعد انتهاء الفطور، ويضيف: "أنتظر انتهاء الإفطار بفارغ الصبر لممارسة هذه الألعاب التي لا يمكننا اللعب بها سوى في ليالي رمضان".

وعند سؤاله عن خطورة مثل هذه الألعاب النّاريّة، أجاب إنّ والدته تحذّره كثيرًا من استخدامها، "ولكنّني ألعب مع أصدقائي في الساحة الكبيرة المقابلة لبيوتنا، ولا نقترب من السيارات أو البيوت، خشية إشعال الحرائق".

أمّا الطّفل عبد الرّازق بركات (10 سنوات)، فلم يشارك الأطفال ألعابهم النّاريّة، واكتفى بمراقبتهم يلعبون. فيقول إنّه يحب مشاركتهم في لعب الكرة، وأنه ما زال يخاف من اللعب بالألعاب النارية، أو أصوات المفرقعات، على الرغم من تفاعل أصدقائه معها. ويضيف: "في كثير من الأيام، لا أتمكن من مشاهدة التلفاز، وبرامج الكاميرا الخفية، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، فأنزل من البيت لمشاهدة ومشاركة أصدقائي في اللعب".

ويتوافد عشرات الأطفال إلى منتزه برشلونة، في منطقة الأبراج جنوب غزة، للّعب على الأراجيح المجّانيّة حاملين فوانيسهم الملوّنة. فتقول الطّفلة شهد ضاهر، ابنة التّسع سنوات، إنّها تسعدُ كثيرًا باللّعب مع صديقاتها على النّجيل الأخضر، خاصّةً حين تحضر كلٌّ منهنّ فانوسها الملوّن بألوان زاهية.

ويقول الشّاب يوسف ضاهر (22 عامًا)، وهو أخو شهد، إنّ الأهالي يحاولون منع أطفالهم من استخدام الألعاب النّاريّة، خاصّةً في المنتزهات، فيقول: "شقيقتي الصّغيرة شهد، وكذلك رهف، تخافان كثيرًا من أصوات تلك المفرقعات، لذلك أحاول نصح الأطفال باللعب بالألعاب الآمنة، تجنبًا للخطر".

في حيّ الشّجاعيّة شرقَ مدينة غزّة، ينشط الأطفال كثيرًا ليلًا، فترى مجموعة من الأطفال على مفترقات الشّوارع يمارسون ألعابهم الرّمضانيّة، وترتسم على ملامحهم هالات فرحٍ ومرحٍ، فيقول الطّفل سعد أبو دحروج (12 عامًا) إنه يستمتع بإشعال الألعاب النارية، خاصة عندما يجتمع مع أصدقائه.

ويضيف أنّ "ندرة المتنزّهات العامّة في غزّة تدفع الأطفال إلى اللّعب داخل حيّز المنزل أو في الشّارع، في محاولتهم للتّرفيه عن أنفسهم.

معظم الأهالي والجيران لا يفضّلون مثل هذا النّوع من الألعاب الّتي يعتبرونها "خطرةً ومزعِجة"، إذ تسبّبت غير مرّةٍ في إصاباتٍ متباينةٍ للأطفال، كذلك ساهمت في إحداث بعض الحرائق، لكنّهم يبرّرون سماحهم لأطفالهم بلعبها في نهاية المطاف بانعدام مساحات اللّعب في غزّة، مع الكثير من التّحذيرات والتّنبيهات المرافِقة.

التعليقات