الناصرة: كيف تبدو الأجواء والحركة التجارية عشية رمضان؟

الناصرة: كيف تبدو الأجواء والحركة التجارية عشية رمضان؟

يضطر تجار الشارع الرئيسي في مدينة الناصرة إلى تطوير طرق موسمية ابداعية من أجل التأقلم والبقاء في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ومن أجل الوقوف في منافسة مع الأسواق الأخرى التي ربما يفضلها الجمهور على السوق المحلية.

ونحن اليوم على مشارف شهر الصيام، الذي يحل بعد أيام قليلة كان من عادة الشارع الرئيسي أن يكون مزدحما ومتاجره منتعشة بحركة التسوق خاصة في نهاية الأسبوع ويومي الجمعة والسبت. لكن الأمر ليس كذلك في هذه الأيام، والجولة التي قام بها مراسل "عرب 48" في الشارع الرئيسي لمدينة الناصرة تظهر حجم الأزمة التي يعاني منها تجار المدينة في فترات كانت قبل عشر سنوات تبدو بشكل مختلف كليا عما هي عليه اليوم.


وقال صاحب محلات بوتيك واكسسوارات على الشارع الرئيسي (بولس السادس) وفي سوق الناصرة، حافظ محروم، في حديث لـ"عرب 48"، إنه "لا يجيد أي عمل سوى التجارة فهو تاجر ابن تاجر على ذلك نشأ وهو مجبر على أن يتأقلم مع المواسم المختلفة لكي يبقى".

وأشار محروم إلى أن "الأوضاع الاقتصادية صعبة وأن السياسات الحكومية والواقع المعاش يكرس الطبقية، لذلك فإنك تجد أن أرباب العائلات متوسطة وقليلة الدخل تفضل شراء حاجياتها من مدينة جنين في مناطق السلطة الفلسطينية، اعتقادا منها بأن سوق جنين أرخص وأوفر. أما الطبقات فوق المتوسطة فإنها تفضل الشراء من المجمعات التجارية الكبيرة وشبكات الأغذية وهي كثيرة في مجتمعنا العربي".

وأضاف "من أجل أن نعيش نحن تجار الشارع الرئيسي يجب أن نتأقلم مع المناسبات المختلفة، فمع قرب حلول شهر رمضان الفضيل نستقدم كميات من البضائع المتعلقة بهذه المناسبة، لذلك فإنك تجد إلى جانب الاكسسوارات والحقائب، زوايا خاصة بالإضاءة سواء الفوانيس أو الأهلّة أو غيرها من مستلزمات والهدايا المرتبطة ارتباطا مباشرا مع شهر الصيام".

وبحسابات بسيطة يحاول محروم أن يقنع العائلة العربية متوسطة الحال بأن الشراء من جنين ليس فيه توفير كما يعتقدون، معتبرا أن "التوجه إلى جنين يترتب عليه مصاريف الوقود وتناول الطعام هناك، ثم أن الأسعار المغرية هناك تدفع المتسوق إلى الشراء بكميات أكبر وبالتالي هو يدفع أكثر بكثير مما توقّع، وأكثر من الميزانية التي رصدها لهذا الغرض، وبالتالي فإن الفارق بالسعر بين هنا وهناك ليس كبيرا".

وفي نهاية حديثه أوصى محروم أهل الناصرة وروادها بأن لا ينسوا سوق البلدة القديمة قائلا "لا تنسوا السوق فهو جوهرة المدينة".

الشاب اياد لوابنة (17 عاما) يدير مع والده محلا لبيع الطيور والأسماك ومستلزمات الحيوانات الأليفة، وهو يحمل اسم عمه الشهيد إياد لوابنة الذي سقط في أحداث تشرين الأول/اكتوبر 2000، مع 12 شهيدا آخرين من المجتمع العربي. وقد ذكر أن "محله يتأقلم مع كل المواسم وكل المناسبات السعيدة، بحيث أنه قبيل شهر رمضان يمتلئ المحل بأنواع الزينة والاضاءة والفوانيس والهدايا، ولكي نستطيع أن نوازن الأسعار مع المنافسين ومع أسعار جنين فإننا نستقدم كميات كبيرة من البضائع، نشتريها بسعر أقل (سعر الجملة) ونبيعها بأسعار المنافسة، لذلك فإن فارق السعر في أدوات الزينة بيننا وبين جنين لا يتعدى الخمسة شواقل".

وأثنى لوابنة على أن "أسلوب التأقلم وتغيير واجهات المحل بما يتلاءم مع كل مناسبة هي فكرة إبداعية طوّرها تجار مدينة الناصرة. وفي عيد الأم نعرض الورود والهدايا، وفي عيد الأضحى نبيع الألعاب التي يعشقها الأطفال. أما الزوايا الثابتة المتعلقة بلوازم الحيوانات الأليفة فتبقى على حالها، ولها زبائنها".

وقال وليد عودة صاحب محل "حلويات المختار" لـ"عرب 48"، إن "لشهر رمضان المبارك حلويات خاصة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمناسبة، أبرزها القطايف والزلابية (ويسميها البعض العوّامة) وهنالك الفيصلية الرمضانية أيضا. ومن أجل تحضير الأصناف من الحلويات نحتاج إلى ماكنات خاصة، ونقوم اليوم باستقدام هذه الماكنات إلى المحل من أجل تشغيلها".

وتابع عودة "سوق البقلاوة على سبيل المثال يضعف إلى حد كبير في رمضان، أما الكنافة فتبقى رائدة لا تزعزع مكانتها أية مناسبة ولا تتأثر من الزلزال الرمضاني الذي مركزه القطايف، لا أبالغ إذا قلت إن بعض زبائننا من غير المسلمين ينتظرون رمضان بفارغ الصبر أكثر من المسلمين بسبب حلوياته الخاصة والقطايف تحديدا، حيث يأتون من مناطق الجنوب والمركز والشمال في نهايات الأسبوع طلبا لهذه الأصناف من الحلوى".

وعن الكميات التي يتم إعدادها يوميا من القطايف قال عودة إنها "كبيرة جدا، ويبدأ تحضيرها منذ ساعات الصباح ولا يبقى منها شيئا في المساء".

وللمجففات والحلاوة حصة الأسد في شهر رمضان المبارك، ولا يكاد يخلو بيت منها، وقال صاحب محمص "أبو علي" للمكسرات والمجففات، حسن عارف، إن هذا السوق ينتعش في شهر رمضان مشيرا إلى أن الحلاوة هي علامة مميزة لشهر الصيام، معدّدا أصناف المجففات والمكسرات التي ينتعش سوقها في رمضان كالتمور على أنواعها والمجففات الأخرى، والعصائر (الشراب) والجوز لأنه يرافق القطايف في تحضيرها.

وتابع عارف يعدد أصناف المنتجات التي يزداد الطلب عليها قائلا إن "الصنوبر يدخل في كافة الولائم الرمضانية وكذلك اللوز والشوربات والبهارات على أنواعها".

وأكمل أن "الحركة التجارية قبيل شهر رمضان كانت في الماضي أقوى مما هي عليه اليوم، وكان لشهر رمضان بهجة أكبر مما هي اليوم، فبعض أبناء الشبيبة والبالغين اليوم لا يكترثون لرمضان ولا يعرفون معانيه الروحية ولا يتذوقون حلاوته، وربما بعض العائلات اليوم تفضل تناول طعامها في مطعم على الجلسة الرمضانية التي تجمع الأسرة أو العائلة الموسعة على مائدة رمضانية".

وأنهى عارف بالقول إن "الشراء من السوق المحلية أفضل وأكثر ضمانا، يخطئ من يظن أن الشراء من جنين ومن الأسواق الكبيرة أفضل، بل على العكس فبإمكانك الآن أن تفحص صلاحية كل منتوج هنا لتكتشف أنه جديد وطازج، ومضمون في حين أنك لا تستطيع أن تعيد بضاعة غير صالحة إلى تاجر في جنين، كما أنك لا تستطيع التأكد من صلاحية المنتجات، في حين أن السعر لا يبرر هذه المغامرة فالبضاعة المستوردة تباع بسعر مماثل في جميع الحوانيت هنا وهناك، أما البضاعة المحلية فقد أقل ثمنا في جنين لكنها في الوقت نفسه أقل ضمانا".

























التعليقات