التراويح في زمن كورونا: إغلاق للمساجد وصلوات بالساحات المفتوحة

التراويح في زمن كورونا: إغلاق للمساجد وصلوات بالساحات المفتوحة

رغم الرفع المتدرج للتقييدات التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية للحد من انتشار فيروس كورونا في البلاد، وفي ظل التقييدات الخاصة التي أقرتها للبلدات العربية خلال شهر رمضان، بقيت المساجد مغلقة دون السماح بأداء الصلوات.

واشترطت تقييدات الحكومة أداء صلاة التراويح في الساحات المفتوحة بمشاركة تقتصر على 19 شخصا، علما أن مجلس الإفتاء أجاز إغلاق المساجد ومنع إقامة صلاة التراويح وحظر التجمهر، وذلك للوقاية ومنع تفشي الفيروس.

الشيخ محمود عارف بادر لصلاة تراويح في ساحة مفتوحة

حفز شرط السماح بالصلاة واقتصارها على 19 شخصا، بعض المبادرات لإقامة صلوات التراويح في ساحات مفتوحة مع الالتزام بشروط ومعايير الصحة وضمان إجراءات الوقاية.

يافا وجت

كانت البداية في مدينة يافا التي أقيم فيها صلاة التراويح في موقف سيارات الميناء، ومن ثم انطلقت مبادرة شبابية في قرية جت، وقف على رأسها الشيخ محمود محمد عارف والدكتور عبيد عبد الحكيم أسعد، إذ تم تجهيز الساحة الجماهيرية في مدرسة أبن رشد الابتدائية لصلاة العشاء والتراويح، وشارك فيها المئات من أهالي القرية.

المساجد مغلقة بسبب كورونا

وعلى الرغم من تنسيق المبادرة من رئيس مجلس جت المحلي، والعمل بموجب إرشادات وزارة الصحة والتزاما بالقوانين المعمول بها في هذه الفترة، بإحضار سجادة صلاة، وكمامة، وعدم اصطحاب الأطفال، والحفاظ على التباعد لمترين، إلا أن الشرطة رفضت التجهيزات التي أُعدت في الساحة المفتوحة بسبب وجود أكثر من 19 شخصا.

ولم تقبل الشرطة بانتظام إقامة الصلاة في جت مثلما أقيمت في يافا، بدعوى أن يافا مدينة مختلطة ليس ذات أغلبية سكان مسلمة مثلما يقر أمر حظر التجوال بعد الساعة السادسة مساء، في البلدات التي غالبية سكانها من المسلمين.

منع إقامة صلاة التراويح جماعة داخل المساجد

مبادرات ومواقف

وقال إمام مسجد بلال بن رباح في جت، الشيخ محمود محمد عارف، لـ"عرب 48" إن "مبادرة إقامة صلوات التراويح في الساحات المفتوحة لم تكن من عندنا بالداخل. الكثير من الدول الإسلامية قامت بمثل هذه الدعوات، وعليه دعونا إلى الصلوات بالساحات المفتوحة اعتمادا والتزما بالتعليمات الطبية المستجدة في الأيام الأخيرة، من خلال التباعد ما بين المصلين والحفاظ على مسافات غير ناقلة للعدوى".

وحيال التباين بالمواقف من إغلاق المساجد وعدم إقامة صلاة التراويح بمجموعات كبيرة، أضاف أنه "لا يوجد أي تعارض ما بين الرأي الأول الذي يحرص على حياة الإنسان، والرأي الثاني الذي يحرص على الصلوات والتعاليم الدينية في رمضان، إذ أن الجميع متفق على ضرورة الحفاظ على صحة وحياة الإنسان، وأيضا الحفاظ على التعاليم الدينية وأداء الصلوات جماعة".

الشيخ خير إسكندر: يجب الالتزام بقرارات مجلس الإفتاء وإرشادات الأطباء

من جانبه، يرى إمام مسجد الهدى في باقة الغربية، الشيخ خيري إسكندر، أن إغلاق المساجد طاعة لله ولرسوله بالحفاظ على صحة وحياة الإنسان، وقال لـ"عرب 48" إنه "عندما نسمع الأطباء يؤكدون بأن هذا الفيروس قائما ولا زال التجمهر يؤدي بنا إلى المرض الذي لا نعرف أي منتهاه، فلا بد من الالتزام بتعاليم وإرشادات الأطباء والفتاوى الرسمية لمجالس الإفتاء".

وأوضح إسكندر خلال حديثه لـ"عرب 48" أنه "من خلال هذه الإجراءات وإغلاق المساجد نفر من قدر الله الذي هو الوباء الذي يغزو هذه الدينا إلى قدر الوقاية والشفاء"، مؤكدا على "ضرورة الاستماع والعمل بنصائح وإرشادات الأطباء ومجالس الإفتاء التي تنص على استمرار إغلاق المساجد، علما أن صلاة التراويح هي سنة وقد أغلقت المساجد ولم نصل الجمعة وهي فرض".

قياس الحرارة للمصلين في جت قبل الدخول للساحة المفتوحة لأداء التراويح

مساجد وساحات

وعقب المعارضة التي أبدتها الشرطة بمنع صلاة التراويح في الساحة الجماهيرية بقرية جت، قال رئيس مجلس جت المحلي، خالد غرة، لـ"عرب 48" إنه "كلنا نتوق لأن تفتح المساجد أبوابها وتستقبل وافديها من جديد في رمضان، لكن للأسف وبسبب وباء كورونا منعنا من المساجد، ولا تجوز الصلاة إلا بساحات مفتوحة وبعدد لا يتجاوز الـ19 شخصا".

وأوضح غرة أن "المجلس المحلي على استعداد لفتح جميع الساحات العامة في القرية بشرط ألا يتعدى العدد 19 شخصا، والالتزام بباقي التعليمات من ارتداء الكمامة وحفظ مسافة مترين على الأقل بين كل شخص وآخر. لذا وحفاظا على سلامة الجميع ولمنع المواجهة مع الشرطة وفرض مخالفات، فإن صلاة التراويح ستقام فقط بأعداد لا تتجاوز 19 شخصا".

أداء التروايح وصلاة العشاء في الساحة الجماهيرية في جت

الشرع والطب

وفي ظل انتشار فيروس كورونا في البلاد والمجتمع العربي، على وجه الخصوص، أصدر المجلس الإسلامي للإفتاء بيانا حول أداء صلاة التراويح في المساجد في ظل الظروف الحالية، مؤكدا أن مرده فقط لأهل العلم الشرعي بناء على رأي أهل الخبرة والاختصاص من الأطباء الثقات.

وتشاور المجلس الإسلامي مع مجموعة من الأطباء الثقات، وكان مجمل كلامهم يدور على ما يلي: "من منطلق المسؤولية والحذر والأخذ بالأسباب، ووجود المرض الذي لا زال بيننا والانتقال السريع للعدوى ومع تفشيه في مدننا وقرانا العربية، فإننا نرى أن تُصلى التراويح وسائر الصلوات في البيوت مع الأهل".

وأوضح رئيس مجلس الإفتاء، د. مشهور فواز، في البيان أن "صلاة التراويح فيها تجمع لجميع الأعمار، وهي صلاة فيها إطالة، ومن الصعب التحكم بعدد المصلين القادمين للمسجد من حيث عددهم وجيلهم، وفيما هل هم أصحاء أو يعانون من أعراض المرض أم لا".

ولفت إلى أن "التقييد القانوني بعدد معين في ساحة عامة كساحة المسجد لا يعتبر عمليا، بل قد يثير الاضطراب والفتنة بين الناس، وهذا أمر ضرره أخطر من عدوى كورونا نفسها، علما أن صلاة التراويح سنة مؤكدة ويسن أداؤها جماعة وتتحقق الجماعة باثنين فأكثر في البيت كما في المسجد باتفاق الفقهاء، بينما حفظ النفس واجب، بل حرمة المؤمن عند الله تعالى أعظم من حرمة الكعبة والمسجد".

التعليقات