"كفر دلهاب" ومحاكاة ثورة يناير: لا استقرار دون قصاص

"كفر دلهاب" ومحاكاة ثورة يناير: لا استقرار دون قصاص

أجمع المصريون، كما أظهرت نسب المشاهدة، في الدراما الرمضانية لهذا العام، على المسلسل التلفزيوني 'كفر دلهاب'، الذي يربط بين 'لعنة الدم'، وعدم الاستقرار في المجتمع.

ويشتبك المسلسل، مع الواقع المصري بشكل عام، لدرجة دفعت عديد من المتابعين للربط بينه وبين الوضع المتأزم في البلاد منذ اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، في ظل ضياع حقوق شهداء الثورة على كافة مراحلها، وفق رؤيتهم.

واستطاع العمل الفني الذي كتبه السيناريست المصري عمرو سمير عاطف، وأخرجه أحمد جلال، أن يجد طريقه إلى شاشة رمضان المصرية التي يتنافس عليها نحو 40 عملًا دراميًا بخلاف البرامج الترفيهية والحوارية الأخرى.

وتدور أحداثه في شكل غرائبي من دون تحديد زمن أو مكان عن 'كفر دلهاب ' تلك البقعة من الأرض المحكومة بثلاثة محاور، هي محور رجال الأعمال، ومحور الشرطة ممثلا في شيخ الغفر، ومحور القضاء ويمثله قاضي المدينة، ويحتكر الثلاثة السلطة والثروة.

وتبدأ الدراما الفنية للمسلسل بوصول طبيب شاب 'مثقف' لا يتقاضى الأموال من مرضاه ويبدأ في ممارسة مهنته، بمحاولة علاج 'هند' ابنة رجل الأعمال التي فشل كل الأطباء في علاجها، ولم يجدوا علاجًا فعالًا لحالتها كون مرضها به ثمة أمر ما.

ويرى الطبيب في منامه حلما يشير إلى لعنة أصابت كفر دلهاب نتيجة الظلم الذي وقع على فتاة تدعى 'ريحانة' اُغتصبت وقُتلت وتم دفنها من دون أن يحاول أحد البحث عن قاتلها.

ويتعلق الدم المهدر من 'ريحانة' التي ربطها المتابعون بـ'ثورة يناير' في رقاب الجميع، ولم يقتصر المرض على ابنة رجل الأعمال فقط، ولكنه يصيب طفلة صغيرة من عامة الناس تكتسب بمرضها قدرة على التنبؤ من خلال الرسم.

يبدأ الطبيب في جمع الأدلة والبحث عن القتلة ويصل الأمر إلى شيخ الغفر الذي يعلم يقينا أن القتلة يضمون ابن أحد رجال الأعمال وابن القاضي، ليقوم بإخفاء الأمر ودفن الفتاة في مقام (مرقد ديني) زائف، ويحوله إلى مزار لمن أراد التقرب والعبادة.

وتبدأ 'هند' المريضة ابنة رجل الأعمال في الانتقام عبر لعنة أصابتها، وتكشف والدتها أن العفريت الذي مسَّ ابنتها يتحدث إلى الطبيب قائلاً له: 'إنك تعرف ما عليك فعله'.

ويحترق المقام الزائف بفعل انتقام واحدة من أغنياء الكفر (البلدة)، ليتم استخراج جثة 'ريحانة' القتيلة، لينطلق الطبيب في فك طلاسم اللغز، ويبدأ في الدفع نحو محاكمة القتلة ليجد نفسه في مواجهة شيخ الغفر المستعد لإخفاء الحقيقة ولو ضحى بالكفر كله.

وفي العمل الفني 'كفر دلهاب' اقترب السيناريست عمرو سمير عاطف من منطقة شائكة وحكى – عبر المسلسل – في سرد موحي قصة المحاكمات الزائفة لقتلة المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

ويؤكد صناع المسلسل، في مقولة مركزة على لسان أحد أبطال العمل الفني: 'طالما بقيت لعنة الدم فلا استقرار ولا حياة لشهود الزور، وأن الدم معلق في رقاب الجميع من دون استثناء'.

وبعد نحو ست سنوات ونصف، من اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 بمصر، بات كل رموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة شعبية، خارج السجون، بعد محاكمات امتدت لسنوات في اتهامهم بالفساد وقتل متظاهرين.

ويعد يوسف الشريف، بطل المسلسل، ظاهرة خاصة، حيث شق طريقه للبطولة من دون معونة إعلامية أو نجومية سينمائية، ولكنه انفرد بمسلسل واحد سنويا، وقد وقع اختياره على تيمة الرعب في مسلسلاته ومنها 'القيصر' و'الصياد' وصادف نجاحا ملحوظا بعكس تجربته السينمائية المتواضعة.

ويعد عمرو سمير عاطف واحدا من أبرز كتاب السيناريو في مصر، سواء للسينما أو التليفزيون، كانت أول الأعمال التي لفتت النظر إليه مسلسل الرسوم المتحركة (السندباد البحري) من إخراج منى أبو النصر، والذي حصل على أكثر من 27 جائزة محلية ودولية، ثم تتابعت أعماله للأطفال وكان أهمها مسلسل (بكار) بأجزائه التسعة.

واتجه عمرو للكتابة السينمائية، وكان أول أعماله فيلم 'ولاد العم'، الذي يكشف صراعًا مخابراتيًا بين مصر وإسرائيل، وهو من إخراج شريف عرفة.

التعليقات