غوارديولا.. تفتّق فيه الذكاء غباء.../ أحمد حمدان

الإعلان الحقيقي لدى من تابع الإسبانيّ بيب غوارديولا عن كثب خلال السّنوات الماضية كان قد صدر قبل بداية المبارة بأسبوع

غوارديولا.. تفتّق فيه الذكاء غباء.../ أحمد حمدان

على الرّغم من إعلان وصول برشلونة بشكل رسميّ إلى نهائيّ برلين بعد نهاية المباراة، الثّلاثاء، إلّا أنّ الإعلان الحقيقي لدى من تابع الإسبانيّ بيب غوارديولا عن كثب خلال السّنوات الماضية كان قد صدر قبل بداية المبارة بأسبوع.

إنّ المحصّلة النهائيّة لمجموع المباراتين جاءت لمصلحة البرسا، 5-3، ليلتقي بالفائز من يوفنتوس وريال مدريد، بينما يخرج البايرن من البطولة خالي الوفاض للمرّة الثّانية على التّوالي على حساب فريق إسباني، تحت قيادة المدرب بيب غوارديولا الذي يتلقى الكثير والكثير من الانتقادات على الطريقة التي يلعب بها، نستعرض بعضًا منها:

1. تكرار الأخطاء...

قد يقول قائل إن ضغوطًا هائلة حلّت على الإسباني جوارديولا بعد مجيئه خلفًا للألماني يوب هاينكس الذي حقق الثلاثيّة التاريخيّة، وهٰذا صحيح، لكن هٰذا لا يتعلّق بارتكابه نفس الأخطاء دائمًا، ولا يشفع له عناده الفكري غير المتنوّع الذي أودى بحلم التتويج الأوروبي لدى البافاريين، نتكلّم هنا عن عناده بطريقة لعبه المفتوحة التي ينتهجها دائمًا، إذ يرمي بثقل الفريق في الثلث الأخير من الملعب، ويكشف الدفاع المكوّن من ثلاثة لاعبين في معظم الأحيان أمام الهجوم السريع للفريق الآخر، فذاك المشهد الذي يظهر فيه بواتينج يركض بجثّته العملاقة بأقصى سرعته من منتصف الملعب حتّى منطقة جزاء فريقه محاولًا اللحاق بمهاجم الفريق الآخر يتكرر منذ تولّيه إدارة البايرن.

طريقة جوارديولا هذه تظهر للمشاهد بأن مدافعي بايرن هم عداؤون أكثر من كونهم لاعبي كرة قدم، بينما كانت نفس الأسماء في الدفاع تبدو كالجدار الصلب المستعصي على أي هجوم بالعالم في أيام الألماني يوب هاينكس، فنقول من باب المزاح إنه كان من الأجدر على جوارديولا التعاقد مع العدّاء أوسيان بوليت.

بالطبع هناك أهميّة لشخصيّة مميّزة للفريق تحافظ على وحدته واتّزانه، لكن ممارسة ذات الأسلوب دائمًا وإشباع اللاعبين به حدّ الثمالة، ورفض باقي الأساليب إيمانًا بصحّة أسلوبه ومثاليّته، هي نوع من العناد السلبي، فقلّة التنوّع هذه تضرب نجاعة المرونة التكتيكيّة لدى اللاعبين، ثمّ إن لعبة كرة القدم هي لعبة إنسانيّة وليس هناك أي معادلة إلٰهيّة مثاليّة تضمن الفوز، ناهيك عن تعلّم باقي المدربين وتعرّفهم على خطط جديدة توقف وتكشف هشاشة خطّة جوارديولا.

نستعرض بعض الأمثلة التي دفع فيها جوارديولا الثمن ولم يتعلّم من التجربة:

* تشيلسي - برشلونة 2012 لامبارد يقطع كرة من ميسي، ويرسل تمريرة طوليّة لراميريز تكشف تقدّم دفاع برشلونة مما يتسبب بهدف لتشيلسي * برشلونة - تشيلسي 2012 نفس السيناريو تكرر، ورغم ضمان برشلونة التأهل بتقدمه 2-0 مع فريق يلعب ب عشرة لاعبين إذ يرسل لامبارد تمريرة طولية لراميريز يكشف فيها الدفاع المتقدم لتصبح النتيجة 2-1، نتيجة تأهل تشيلسي على حساب برشلونة، وتكرر الأمر مرة أخرى لتصبح النتيجة 2-2 * بايرن - ريال مدريد 2014 في العام الماضي، عندما خسر مباراة الذهاب بهدفٍ نظيف خارج دياره، عاد إلى الأليانز آرينا وقرر الهجوم من الدقيقة الأولى بكل قوة مع فتح المساحات بصورة كبيرة جدًا، المساحات التي جعلت جاريث بيل وكريستيانو رونالدو من خلال الهجمات المرتدة لا يُعانيان في الوصول لمرمى نوير، بل وأحرزا فيه رباعية تاريخية لا تنسى.

تكمن معناة بايرن ميونيخ الرئيسيّة في المساحات التي خلف المدافعين وبين قلبي الدفاع، ومن مباراة ريال مدريد وبعض المباريات المحلية في البونديزليجا (مثلًا أمام ولفسبرغ حينما خسر 4-1 ) اتضح هذا الأمر، ولكن لا حياة لمن تنادي، يكرر بيب نفس الخطأ هذا الموسم كما في كلّ موسم، ويفتح الملعب أمام برشلونة بعد التقدم، ويلعب بطريقة 3 في خط الدفاع 'بواتينج وبن عطية ورافينيا' رغم فشلها الذريع في الذهاب، والتي تؤدي لمساحات رهيبة وكبيرة كانت نتيجتها هدفين لنيمار من استغلال مثالي للأزمة الواضحة.

2.     تعامل جوارديولا داخل المباراة قضى على بايرن ميونخ

في مباراة الذهاب أمام برشلونة قدّم بايرن ميونخ حتى الدقيقة 78 مباراة جيدة، ولكن بعد هدف التقدم لميسي، تعامل جوارديولا بأسوأ صورة ممكنة كانت سببًا رئيسيًا في الخروج الأوروبي، بداية من إخراج مولر، وفتح المساحات والخروج للهجوم، وإعطاء الفرصة لكل لاعبي البرسا للتسجيل، ليسجل نيمار وميسي ثنائية أخرى جعلت مباراة الأليانز آرينا منتهية قبل أن تبدأ. كان بامكان جوارديولا أن يتحلّى بالواقعيّة، ويقوم بإدخال مدافع آخر قبل تلقيه الهدف الأوّل، لكن طمعه وعناده حالا دون ذلك، وكذلك الأمر بعد تلقيه الهدف الأوّل، والثاني.

ثم أتى البايرن بهدف في الدقيقة السابعة، وأصبح مطلوبًا منهم أن يسجلوا هدفين في أكثر من 80 دقيقة، فيعود مجددًا جوارديولا، ويفتح المساحات، ويواصل اللعب بثلاثة في الدفاع للعناد ليس أكثر، ولتكسير رؤوس منتقديه، فيتكبد الهدف الأول فالثاني وتنتهي المباراة تمامًا بعد أن أصبح البافاري مطالبًا بتسجيل خمسة أهداف دون استقبال الأهداف.

3.     جوارديولا يبحث عن المجد والعظمة الشخصيّة

العناد والإصرار على طريقة الدفاع المتقدم هو سبب الخروج، فالبافاري كان بمقدوره العودة في الإياب والدليل على ذلك الكم الكبير من الفرص التي ضاعت، والتي لو أتت منها أهداف في ظل طريقة دفاعية تحترم قدرات البايرن والقدرات العظيمة لبرشلونة، لكان البافاري في نهائي برلين.

الجحيم ينتظر أفكار جوارديولا وعناده، وإصراره على 'التفلسف' غير المبرر لمجرد أن يبتكر أسلوبًا جديدًا يسطّر به التاريخ اسمه. ربما يكون طموح وأهداف جوارديولا عالية جدًا فيبدو منشغلًا بأمور وأفكار تكتيكيّة هجوميّة كبيرة وعظيمة فيفوته الاهتمام والعناية بأدقّ التفاصيل البسيطة في الدفاع، فيسقط سقوطًا مريعًا في كلّ مرّة، كمثل الذكيّ الذي تفتق فيه الذكاء غباء.

التعليقات