كلاسيكو الأرض بين إنقاذ موسم وحسم لقب

على مدار سنين طوال رأينا أنَّ كلاسيكو إسبانيا عبارة عن ساحة معركة لا تعترف بمستوى الفريق المنافس على مدار الموسم، فكم من مرَّة تفوَّق فريق العاصمة على الفريق القادم من إقليم كاتالونيا

كلاسيكو الأرض بين إنقاذ موسم وحسم لقب

المدربان زين الدين زيدان ولويس إنريكي (أ ف ب)

على مدار سنين طوال رأينا أنَّ كلاسيكو إسبانيا عبارة عن ساحة معركة لا تعترف بمستوى الفريق المنافس على مدار الموسم، فكم من مرَّة تفوَّق فريق العاصمة على الفريق القادم من إقليم كاتالونيا وهو أبعد ما يكون عن التَّرشيحات؟ وكم من كلاسيكو تفوَّق فيه برشلونة على الرِّيال وهو يعاني بدنيًا وفنيًا؟

الكلاسيكو هو مسرح للأقوى تكتيكيًا ومن يستغل نقاط ضعف خصمه بصورةٍ أفضل، ودائمًا ما عوَّدنا على أنه مسرحًا للمفاجآت يتخلل عدَّة معارك في حربٍ واحدة، من بينها معركة زيدان وإنريكي، نافاس وشتيغن، بين ناتشو وراموس من جهة وميسي وسواريز من جهة أخرى، إنييستا وراكيتيتش وبوسكيتس يقابلهم مودريتش وكروس وكاسميرو، هي مباراة  بين رونالدو وبنزيمة وإيسكو مقابل أومتيتي وبيكيه وماسكيرانو، إنَّها أكثر من مجرَّد مباراة كرة قدم، هي حرب سياسيَّة بين القطبين الأكثر عداوةً في إسبانيا.

يأتي هذا الكلاسيكو على وجه التَّحديد في أفضل صورةٍ للرِّيال تقابلها أضعف صورة لبرشلونة في آخر عشر سنوات، هذه المباراة عبارة عن حرب  بين فريقين، الأوَّل معنويّاته فوق الرّيح، فعلى الصعيد المهني يعيش أفضل أحواله ولديه مدرِّب يعلم تمامًا من أين تُؤكل الكتف أمام الكبار، بينما يفتقد الآخر لكلّ شيء وينتظر الفرصة لإنقاذ موسمه. 

يخوض النّادي الملكي المعركة على أرضه وبين جماهيره ليؤكِّد القوَّة الضّاربة له في هذه المرحلة الحاسمة من الموسم في الدَّوري الإسباني بعد الفوز السّاحق والتَّأهُّل إلى نصف نهائي دوري الأبطال على حساب بايرن ميونخ الألماني بعد الفوز عليه ذهابًا وإيابًا بنتيجة 6-3 في مجموع المباراتين.

يستضيف "الميرنغي" المباراة متصدرا لجدول ترتيب الدَّوري الإسباني بفارق ثلاث نقاط عن غريمه التَّقليدي "البلوغرانا"، علما أن للأول مباراة أقل من أبناء كاتالونيا، ما يعني أن هذه المباراة بالنِّسبة للرِّيال عبارة عن معركة على ستّ نقاط قد تصبح تسعًا فيما بعد، فهي بمثابة فرصة للرِّيال لحسم الدَّوري مبكِّرًا بنسبةٍ كبيرة، والتَّفرُّغ لمواجهتي أتلتيكو مدريد في نصف نهائي دوري الأبطال.

أما بالنِّسبة لبرشلونة، فهي مباراة لإنقاذ موسم كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خصوصًا بعد اقصاءه من الدور ربع النهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا على يدّ يوفنتوس الإيطالي، حيث لم يتبقّى له سوى الفوز بكأس ملك إسبانيا هذا الموسم في حال خسارته في مباراة الكلاسيكو.

سيدخل برشلونة المعركة رافعًا راية الفوز ولا بديل عن الفوز، فإمّا كسب هذه المباراة وإشعال فتيل المنافسة على لقب الدَّوري من جديد، أو خسارة المباراة ويعني ذلك خسارة لقب الدَّوري والاكتفاء بلقب الكأس. فهل سينقذ إنريكي موسم الوداع قبل الرَّحيل ويفوز بالكلاسيكو الأخير بالنِّسبة له أم أنَّه سيكتفي بالكأس وما قدَّمه من إنجازات في المواسم السّابقة؟

خطة ريال مدريد

الرَّسم التَّكتيكي الَّذي على زيدان اعتماده في بداية هذا اللِّقاء هو 2-1-3-4، حيث يتكوَّن رباعي الدِّفاع من مارسيلو (ظهير أيسر)، راموس وناتشو (قلب دفاع) في ظل غياب فاران وبيبي، إلى جانب كارفاخال (ظهير أيمن).

في خطّ الوسط  يلعب كاسميرو، مودريتش، كروس وإيسكو كصانع ألعاب، يتقدمهم كريستيانو رونالدو وبنزيمة في خط الهجوم بدون الاعتماد على خدمات غاريث بيل العائد مؤخرا من الإصابة في هذه المباراة على وجه التحديد، خصوصًا وأنه لن يكون جاهزا بدنيا كما يجب، وعلى زيدان ألا يخاطر به في ظل ضغط المباريات بالنسبة للريال خلال الفترة القادمة، وفي المقابل عليه الدفع بإيسكو بدلا منه نظرًا لما يقدمه من أداء مميز في المباريات السابقة.

هذه الخطة قد تتغير خلال مجريات اللقاء إلى 3-3-4، حيث يشغل فيها إيسكو مركز الجناح الأيمن، كريستيانو في مركز الجناح الأيسر وبنزيمة كرأس حربة مع مساندة مارسيلو وكارفاخال من الأطراف ومودريتش وكروس من العمق.

دفاعيا يتحول الرسم التكتيكي إلى 2-4-4 لتشكيل زيادة عددية في الوسط، الضغط على حامل الكرة دون إحداث ثغرات، إغلاق المساحات، احتواء لعب برشلونة في بعض الأحيان، باعتبار أنه من المهم جدا لكل فريق يلعب أمام برشلونة أن يغير طريقة دفاعه على مدار المباراة، وعليه فإن مهمة بنزيمة ورونالدو هي تفعيل الضغط العالي على وسط ودفاع برشلونة ومحاولة إبطاء عملية بناء الهجمة.

ما يخدم زيدان في هذه المباراة هو قوَّة الدَّكَّة التي يمتلكها والمكوَّنة من فاسكيز، أسينسيو، دانيلو وفاران وبيل العائدين من الإصابة، فقد يستفيد زيدان من لاعبي الدَّكَّة على أن يقحمهم في اللِّقاء حسب مجريات اللَّعب، علمًا أن ما قد يقلقه هو الجهد البدني خصوصًا بعد لعب 120 دقيقة في مباراته الأخيرة أمام بايرن ميونخ بدوري الأبطال.

خطة برشلونة

بالنِّسبة لبرشلونة فإنَّ الرَّسم التَّكتيكي الَّذي عليه اعتماده في ظل الغيابات الَّتي يعاني منها وهشاشة دكَّته هو 2-5-3، بحيث يتواجد كل من بيكيه، ماسكيرانو وأومتيتي في قلب الدفاع، سيرجي روبرتو كجناح وسط أيمن، جوردي ألبا كجناح وسط أيسر، بوسكيتس وإنييستا وراكيتيتش في الوسط، يتقدمهم ميسي كمهاجم وفي بعض الأحيان يلعب وراء سواريز كصانع لعب وسواريز رأس حربة.

هذا الرَّسم قد يتغيَّر أثناء اللِّقاء ليصبح 3-3-4، خلاله يشغل ألبا مركز الجناح الأيسر، ميسي في مركزه الاعتيادي كجناح أيمن، إنييستا كصانع لعب وسواريز كرأس حربة.

في هذا الرَّسم سيكون هناك دورًا مهمًا لراكيتيتش وبوسكيتس، باعتبار أن على الأوَّل التَّحرُّك دائمًا بدون كرة لفسح المجال للمهاجمين بأن يجدوا حلول اختراق دفاع الرّيال أو التَّمرير له في العمق حين تكون حركته بدون كرة إلى العمق، ومن ناحية أخرى على بوسكيتس أن يبقى في الخلف للحدّ من خطورة مرتدّات الرِّيال حين تُفتك الكرة من هجوم برشلونة، وعليه فإن على مهاجمي برشلونة ممارسة الضَّغط العالي على لاعبي الرِّيال لفسح المجال لدفاعهم التَّمركز كما يجب، لا سيما وأنهم يعلمون أنَّ دفاع برشلونة دائمًا ما يتقدَّم للهجوم لكنهم بطيئون جدًا في العودة لتأدية واجباتهم الدِّفاعيَّة.

من الناحية الدفاعية، يتحوَّل الرَّسم التَّكتيكي إلى 2-4-4 بتوجُّه إنييستا إلى اليمين لمساندة روبرتو وتوجُّه راكيتيتش إلى اليسار لمساندة ألبا خصوصًا حين يتوجَّه مارسيلّو وكارفاخال إلى الهجوم، للحدّ من خطورة ونقطة قوَّة الرِّيال باللعب على الأطراف والكرات العالية إلى منطقة الجزاء، فمن المعروف ضمنا أن لاعبي ريال أطول من لاعبي برشلونة في الكرات العالية.

لا شكّ أنَّ هشاشة دكَّة برشلونة مع إبعاد نيمار وإصابة كل من رافينيا وتوران، بالإضافة إلى فشل برشلونة في سوق الانتقالات هذا الموسم سيكون له تأثير معيَّن على الفريق، إلّا أنَّه وكما ذكرنا سابقًا فالكلاسيكو هو مسرح المفاجآت، ودائمًا ما كان ينصف من كان خارج حدود التَّوقُّعات.

إحصائيّات وأرقام

- التقى برشلونة وريال مدريد في 232 مباراة رسميَّة في جميع المسابقات، حيث فاز النّادي الملكي في 93 مباراة، وفي المقابل فاز النّادي الكاتالوني في 90 مباراة، في حين خيم التعادل على 49 مواجهة، مع الإشارة إلى أنه خلال هذه المواجهات سجَّل الرِّيال 391 هدفًا مقابل 377 هدفًا لبرشلونة.

- تمكَّن برشلونة من الفوز على أرضيَّة ميدانه  في 62 مباراة، بينما تعادل في 24 مواجهة وخسر 26 منها، في حين أن ريال مدريد خاض 63 مباراة على ملعب سانتياغو برنابيو، فاز في 63 مباراة، تعادل 25 مرة وخسر 25 مواجهة.

- التقى الفريقان في 173 مباراة في الدَّوري الإسباني، حيث فاز برشلونة في 68 مباراة وسجَّل 274 هدفًا مقابل فوز ريال مدريد في 72 مباراة وتسجيل 281 هدفًا، بينما تواجه الغريمان 33 مرَّةً في كأس إسبانيا، فاز الرِّيال 12 مرَّة مقابل فوز برشلونة في 14 مناسبة، فيما حدث التعادل سبع مرات.

إلى هنا فإن على لاعبي برشلونة اللعب بكبرياء ناديهم من أجل إنقاذ موسمهم مهما ساءت الظُّروف، وفي المقابل على لاعبي الرِّيال استغلال التَّفاصيل الصَّغيرة قبل الكبيرة للفوز بالمباراة وحسم الدَّوري مبكِّرًا والتَّركيز على موقعتي نصف نهائي دوري الأبطال.

مما لا شكَّ فيه أنَّنا سنستمتع بهذا الكلاسيكو بكلّ تفاصيله، ويبقى السؤال مفتوحا هل سيقدِّم إنريكي خر كلاسيكو لائي بالنِّسبة له أم أنَّ لزيدان وكتيبته رأيًا آخرًا، لننتظر، نترقَّب ونستمتع...

التعليقات