بين واقعيَّة إنريكي وضعف زيدان حُسم الكلاسيكو

في هذه المباراة بدأت أخطاء زيدان قبل انطلاق صافرة البداية، وبالتَّحديد حين قرَّر إشراك غاريث بيل العائد من الإصابة مؤخَّرًا والغير جاهز بدنيًا لخوض لقاء كهذا، وعلى ذلك دفع زيدان الثمن في أعقاب إصابة اللاعب الويلزي وخروجه

بين واقعيَّة إنريكي وضعف زيدان حُسم الكلاسيكو

(أ ف ب)

عوَّدتنا مباراة الغريمين التَّقليديَّين وقطبي إسبانيا برشلونة وريال مدريد منذ إطلاق اسم 'كلاسيكو' عليها أن تكون مسرحًا للمفاجآت وحلبة لا تعترف بالتَّرشيحات، وهذا ما كان.

مجريات المباراة

في هذه المباراة بدأت أخطاء زيدان قبل انطلاق صافرة البداية، وبالتَّحديد حين قرَّر إشراك غاريث بيل العائد من الإصابة مؤخَّرًا والغير جاهز بدنيًا لخوض لقاء كهذا، وعلى ذلك دفع زيدان الثمن في أعقاب إصابة اللاعب الويلزي وخروجه من المباراة في الثُّلث الأوَّل منها، ما أجبر المدرِّب الفرنسي على إجراء تبديل مبكِّر وإقحام أسينسيو بدلًا من بيل.

لا ندري إن كان إشراك بيل منذ البداية قرار مدرِّب أم إصرار لاعب، أو ربَّما أمرًا من القيادة العليا للنّادي.

بدأ زيدان المباراة بتشكيلة 4-3-3 باحثًا عن هدف مبكِّر من أجله القضاء على برشلونة ذهنيًا ومعنويًا، خصوصًا في ظلّ الأزمة المعنويَّة التي يمر بها الفريق الكاتالوني في الآونة الأخيرة بسبب اقصاءه من دوري أبطال أوروبّا الأسبوع الماضي.

حتّى الدَّقيقة 25 من عمر المباراة كان الفريق المدريدي أفضل من نظيره الكاتالوني تنظيميًا، جماعيًا وتماسكًا بين الخطوط ومعنويًا، وفي المقابل فقد لاعبو برشلونة ثقتهم بأنفسهم في بداية المباراة.

هدف الرِّيال الأوَّل لم يأت في العشر دقائق الأولى من عمر المباراة كما أراد زيدان، إنَّما جاء في الدقيقة 28 من ضربة ركنيَّة وصلت إلى مارسيلو في الطَّرف الآخر، الذي قام بإرسالها عرضيَّة إلى داخل منطقة الجزاء لتصل إلى راموس الخالي من الرَّقابة، حيث ارتطمت كرة راموس بالعارضة إلى أن وصلت لكاسيميرو الذي أسكنها في الشباك معلنًا عن تقدُّم فريقه بهدف.

بعد هدف ريال مدريد الأوَّل، عاد الفريق للدِّفاع وفسح المجال أمام برشلونة، الذي بدأ اللقاء بتشكيلة 4-1-2-1-2- للهجوم، الأمر الذي أعاد الثِّقة إلى لاعبي برشلونة وأسفر عن تسجيل الفريق الضيف لهدف التَّعادل بعد سوء تغطية من مارسيلّو، وسحب راكيتيتش لراموس إلى خارج منطقة هجوم ميسي لينفرد الأخير بناتشو المنشغل بمراقبة سواريز والحارس حتى تمكَّن من تسجيل هدف التَّعادل.

بعد التَّعادل، كان برشلونة أفضل من النّاحية المعنويَّة، حيث حاول الاستحواذ على الكرة وبناء الهجمة، وبالتّالي أصبحت المباراة متكافئة بين كلا الطَّرفين.

في بداية الشَّوط الثّاني، حاول الفريقان التَّسجيل لكن دون جدوى في ظلّ تألُّق حارسي المرمى، إلى أن جاء التَّبديل الثّاني للرِّيال بخروج كاسيميرو ودخول كوفاسيتش بدلًا منه، وهنا كانت النُّقطة السَّوداء الثّالثة لزيدان في هذه المباراة، فمع أنه كان متخوفًا من طرد كاسيميرو الذي كان بحوزته بطاقة صفراء، إلّا أنَّه كان عليه إشراك كوفاسيتش إلى جانب كاسيميرو مكان بنزيمة، على أثره يتحوَّل أسينسيو من مركز صناعة اللعب أو الجناح إلى مركز المهاجم الثّاني إلى جانب رونالدو، ويقوم الكرواتي بمحاولة افتكاك الكرة بينما البرازيلي يقوم بعملية التَّغطية والمراقبة، باعتبار أن كروس ومودريتش فشلا في تأدية دور البرازيلي في محاولة التَّغطية وافتكاك الكرة.

هذا التَّبديل ألقى بظلاله على المباراة، حيث أعطى الحرِّيَّة لراكيتيتش في وسط الملعب مما جعله يسجل الهدف الثاني لبرشلونة في الدَّقيقة 73.

في الدَّقيقة 77، حصل راموس على بطاقة حمراء مستحقة إثر تدخل خشن بعيد كلّ البعد عن المسؤوليّة والرّوح الرِّياضيَّة، الأمر الذي وضع زيدان في مأزق آخر بسبب عدم توفُّر قلب دفاع يعوض طرد راموس على الدَّكَّة.

لحسن حظّ زيدان أن خاميس رودريغيز سجَّل هدف التَّعادل للرّيال في الدَّقيقة 86 بعد سوء تغطية من بيكيه على اللّاعب الكولومبي، إلا أنَّ ميسّي كان له رأي آخر بتسجيله هدف الفوز لبرشلونة قبل أن تلفظ المباراة أنفاسها الأخيرة، ليمنح فريقه نقاط المباراة كاملة ويشعل فتيل المنافسة على الدَّوري من جديد.

نقاط ضوء

- خلال سيرورة المباراة نجد أن زيدان له النصيب الأكبر في تعثر الريال بهذه المواجهة من خلال تشكيلته الأساسيَّة، قراءته للمباراة وتبديلاته.

- إنريكي لعب بواقعية تتلاءم مع الأدوات المتوفِّرة له من لاعبين أساسيّين واحتياطيّين.

- منذ بداية المباراة وككلّ سابقاتها كانت استراتيجيَّة زيدان واضحة للجميع، اللَّعب على الأطراف والتَّوزيعات الهوائيَّة وعدم الاعتماد على العمق، وعليه نرى بأنَّه على الرَّغم من تسجيله هدفين بهذه الطَّريقة، إلّا أنَّ ذلك لم يكن كافيًا للفوز بالمباراة.

- تغاضي زيدان عن إشراك موراتّا رغم أنَّه يقدِّم مستويات ممتازة في كل مرة يشارك فيها والاستمرار بمنح الثقة لبنزيمة، بدأ يدفع ثمنه الآن.

- عدم إشراك إيسكو في هذه المباراة ألقى بظلاله عليها، لا سيما وأنَّه لطالما كان يعطي الحلول من خلال سرعته ومهاراته، فكان على زيدان الدفع به أساسيًا بدلًا من بيل العائد من الإصابة.

- شاهدنا من خلال المباراة أنَّ رونالدو لم يكن في يومه، كما لم يقدِّم المستوى المعهود.

- تألُّق حارسا المرمى كان سببه ضعف خطوط الدِّفاع والوسط، فالأخطاء كانت بالجملة دفاعيًا بالنِّسبة لكلا الطَّرفين.

- تصرُّف راموس لم يكن مسؤولًا وكان بعيد كل البعد عن تصرُّف يليق بقائد فريق.

نجم المباراة

اللاعب الخارق، ليونيل ميسّي، كان نجم المباراة دون منازع، حمل الفريق على كتفيه وقيادته له بمحاولة تواجده في كل مكان بالملعب، ببناء اللَّعب وتسجيله الهدف رقم 500 له مع برشلونة واحتفاله الخاص بهذه المناسبة على أرضيَّة ملعب 'سانتياغو برنابيو'.

الفقرة التَّحكيميَّة

- في الدَّقيقة الأولى من عمر المباراة كان يستحق ريال مدريد ضربة جزاء بعد تدخُّل أومتيتي الغير شرعي على رونالدو.

- كاسيميرو كان يستحقّ الطَّرد بعد عدَّة تدخُّلات خشنة على لاعبي برشلونة، علمًا أنُّه كان بحوزته بطاقة صفراء منذ الدَّقيقة 12 من عمر المباراة.

- طرد راموس كان مستحقًا باعتبار أن تدخُّله كان خشنًا، حيث لم يقصد من خلاله الكرة إنما قصد رجل ميسّي، وعليه فإن على المحكمة الرِّياضيَّة النَّظر في إمكانيَّة إبعاده عن عدَّة مباريات بعد تصفيقه للحكم أثناء خروجه من أرضيَّة الملعب.

ماذا بعد؟

الآن أصبح الكلاسيكو من ورائنا، وبفوز برشلونة اشتعل الصِّراع على لقب الدَّوري الإسباني من جديد، فما على إنريكي فعله الآن هو التَّركيز على الدَّوري في سبيل إنقاذ موسمه خصوصًا في ظلّ انشغال ريال مدريد بمباريات دوري الأبطال.

ما على زيدان فعله هو الفوز في المباراة المؤجَّلة أمام سيلتا فيغو من أجل العودة للصَّدارة، كما عدم الاستهانة بأيّ فريق، لا سيّما وأنَّ مبارياته المتبقية صعبة جدًا خصوصًا وأنه ينافس أيضًا في بطولة دوري أبطال أوروبا.

من هذا المنطلق، فإن تعثُّر أيّ منهما في هذه المرحلة يقابله فوز للفريق الآخر، بالأخير سيحسم اللَّقب لمصلحة الفريق الفائز.

التعليقات