أولمرت أم نتانياهو..

-

أولمرت أم نتانياهو..
تناول المعلقون السياسيون في صحيفة "هآرتس" ظاهرة الإحتجاج وأداء الحكومة الحالية وبرامجها السياسية على خلفية الحرب في لبنان والبدائل المطروحة. ففي حين يحذر ميرون بنبنشتي من أن تصاعد حركات الإحتجاج بكافة تياراته المتعارضة، سيجلب اليمين المتطرف ونتانياهو إلى السلطة، ما ينذر بقرع طبول الحرب من جديد. وفي المقابل يقول ألوف بن إنه بعد الإعلان عن طي خطة التجميع وفشل فك الإرتباط فإن الحكومة الحالية (وحزب كديما) بإخفاقاتها فقدت مبرر وجودها في السلطة. وفي الوقت نفسه يقول سواء نتانياهو أم أولمرت، فكلاهما سيسعيان للحفاظ على الوضع الراهن بما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة، وإصلاح أضرار الحرب في الجليل ومجابهة الملف النووي الإيراني.

كتب ميرون بنبنشتي أن حركات الإحتجاج التي يفترض أن الهدف منها الكشف عن القصور في الحرب وتحمل مسؤولية اتخاذ قرارات متسرعة وخاطئة، تتغذى من تيارين متعارضين؛ الأول يسعى إلى إصلاح الخلل في آلة الحرب والإستعداد لجولة معارك جديدة لمحو "عار الإخفاق"، أما الثاني فهو معارض للحرب ويطالب بمعاقبة المسؤولين عن نشوبها على أمل أن ذلك يردع من يفكر بالحرب مستقبلاً. وينضم إلى حركات الإحتجاج أولئك الذين ينضمون إلى كل مبادرة احتجاج ضد المؤسسة، ومجموعات لديها جدول أعمال سياسي مثل معارضي فك الإرتباط والتجميع.

ويضيف أن الفوارق بين التيارات ستظل غير واضحة طالما بقي الإحتجاج في مراحله الأولى، حيث أن جميع التيارات تستوحي نشاطها من عمليات الإحتجاج التي قامت بعد حرب أوكتوبر، بدون التعمق بالفوارق الجوهرية بين المرحلتين.

وبرأيه فإن العمود الفقري لعمليات الإحتجاج هم أولئك الذي يطمحون إلى إستعادة هيبة الردع ومحو المهانة ومعاقبة كل من "لم يتح للجيش أن ينتصر". وفي هذه الحالة فإن التيار المعارض للحرب، الذي ينضم بشكل غريزي للإحتجاج سيجد نفسه مساهماً في تعزيز قوة الأحزاب اليمينية والعناصر التي ستدفع إسرائيل إلى تجديد الحرب!

يقول:" من كان يتصور أنه سيشعر بالإشتياق إلى أرئيل شارون؟ فهو بالتأكيد يعرف كيف يرد بحكمة على استفزازات حسن نصر الله. فالاخير تحدى أولمرت لأنه يعرف أنه ضعيف وعسكري مبتدئ، ولم يخطئ نصر الله التقدير، إلا أنه أخطأ في تقدير الرد، فأولمرت رد كضعيف وكعسكري مبتدئ، ولكن بوحشية.. ومن يصدق أنه سيشتاق عما قريب إلى أولمرت؟ في حال نجاح حركات الإحتجاج في إبعاد أولمرت وبيرتس وحالوتس، ليحل محلهم قادة متطرفون عنصريون مندفعون..."

ويبدو بنبنشتي "متفائلاً"، متجاهلاً الإجماع شبه الكامل المؤيد للحرب، حين يكتب لـ"من يشعر بنفسه عالقاً في أنياب اليأس بسبب البدائل السيئة، فإن عاصفة الإحتجاج محلية وطاقتها محدودة تم تضخيمها في الإعلام. وما يعني قادة الإحتجاج لا يعني بالضرورة أوساطاً واسعة تتمسك بالحياة الطبيعية والاعتدال والمجتمع المنفتح والحضاري، وهم ليسوا على استعداد للخضوع لجدول أعمال من يعد للحرب القادمة..".

وينهي بالقول إن حركات الإحتجاج تكون مستنيرة وتستحق الدعم عندما تتنظم قبل الحرب وليس بعد انتهائها!!


ومن جهته كتب ألوف بن أن خطة التجميع "ماتت" بعد سنة من تنفيذ سابقتها (فك الإرتباط)، وأعلن ذلك رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، في محادثاته مع الوزراء. بيد أنه لم يعتقد أن مصوتي "كاديما" والجمهور بشكل عام يستحقون تقديم تفسير لانهيار المدماك المركزي لسياسة حكومته.
وبرأيه فإن إلغاء التجميع يثير سؤالين مركزيين؛ الأول ماذا يجري في الضفة الغربية وقطاع غزة في هذه الأثناء؟ والثاني ما الجدوى من بقاء حكومة أولمرت؟

وبحسبه، تتلخص سياسة إسرائيل تجاه السلطة الفلسطينية بمقاطعة الحكومة، ووعود بالحوار مع رئيس السلطة محمود عباس. وتم تجميد كل شيء انتظاراً لصفقة استبدال الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط بمئات الأسرى الفلسطينيين، ووقف إطلاق صواريخ القسام مقابل انسحاب الجيش من القطاع.

وعلى خلفية الحرب الفاشلة في لبنان، والدمار في الجليل والمهانات التي لحقت بالجيش، تبدو الضفة والقطاع كجزر هادئة. ففي الضفة تم إحباط عدة عمليات انتحارية، وفي غزة قتل الجيش عدداً كبيراً من الفلسطينيين. أما الأنباء عن صواريخ القسام التي لا تزال تتساقط على سديروت فقد نقلت إلى الصفحات الخلفية من الصحف. في هذه الظروف أزيل الصراع مع الفلسطينيين عن جدول الأعمال، والعالم منشغل بإرسال القوات الدولية، وإسرائيل مشغولة بالمحاسبة الذاتية والقلق على الجنود الأسرى.

"تكمن المشكلة، بسبب الفراغ الناشئ، في التحذيرات من اندلاع انتفاضة جديدة أو تفكيك السلطة الفلسطينية بقرار، في حين يحذر رئيس الشاباك من تحول غزة إلى لبنان.

هذا الفراغ موجود بالنسبة للمستوطنين أيضاً. فقد زالت "غيمة الإخلاء" مع طي خطة التجميع، وتبقى البؤر الإستيطانية في مكانها بينما ينشغل الجيش بلبنان. وفي هذه الحالة تتواصل أعمال التطوير والبناء (الإستيطان) على الأرض، وتواصل الحكومة الإستثمار في المستوطنات".

ويتابع بن أنه لا يوجد لدى أولمرت أجوبة. ومقابل المطالبات بتنحيته يأتي التهديد بأن ذلك سيؤدي إلى صعود بنيامين نتانياهو إلى الحكم. ويتساءل بن ما الفرق الحقيقي بينهما؟ فالإثنان يطالبان الآن بالحفاظ على الوضع الراهن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإصلاح الأضرار في الشمال ومجابهة إيران.

"كانت هناك شكوك بشأن مقدرته على تنفيذ التجميع قبل حرب لبنان، إلا أن إزالة الخطة عن جدول الأعمال تنزع مبررات بقاء الحكومة وكديما في السلطة. وإذا كانت الحكومة غير قادرة على الخروج بمبادرة سياسية جديدة، فمن الأفضل أن تنهي مهامها في أقرب وقت. ومع تراجع "كديما" على خلفية مجريات الحرب وموجة التحقيقات في رأس السلطة، وإذا لم تعرض على الجمهور رؤية جديدة ومقنعة، سوف يتذكرها الجمهور كفصل سياسي عابر سوية مع قادتها.."

التعليقات