"الاستماع لقادة حماس"

-

عرّف إسماعيل هنية، زعيم حماس ورئيس الحكومة المقال للسلطة الفلسطينية، على مسمع مبعوثة "هآرتس" عميرا هس، مساحة الدولة الفلسطينية في "الوقت الراهن " بحدود عام 1967. وبحسب قوله فإن حكومة حماس أوضحت في الماضي أنها ستكون على استعداد لقبول «دولة في حدود عام 1967، وسنكون على استعداد لهدنة طويلة الأمد إذا اعترفت إسرائيل بحقوقنا كشعب ». في ظاهر الأمر، لا يوجد في أقوال هنية جديد بالمقارنة مع تصريحاته قبل سنتين. ولكن على خلفية التطورات الأخيرة في قطاع غزة وتبادل إطلاق النار الذي يهدد التهدئة؛ وعلى ضوء نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة وفي أعقاب تصريحات خالد مشعل بأن حركته على استعداد لإجراء حوار مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وحيال الجهود للتوصل إلى مصالحة بين فتح وحماس واقتراب موعد انتهاء ولاية محمود عباس، تأخذ أقوال هنية بعدا ومعان خاصة.

ما زالت الحكومة الإسرائيلية تتمسك بمواقفها بأنها لن تجري مفاوضات سياسية مع حركة حماس. وذلك رغم أنها تجري مفاوضات غير مباشرة مع الحركة والتي تمخضت عن التهدئة والتي يمكن أن تؤدي للإفراج عن غلعاد شاليط. وحماس من جانبها لا تعرض الاعتراف بإسرائيل أو إبرام سلام معها. وأكثر ما يمكن أن تتعهد به الحركة هدنة طويلة الأمد وإقامة دولة فلسطينية في حدود عام 67 "في الوقت الراهن".

في ظاهر الأمر، لا يمكن لدولة تطمح للتوصل إلى اتفاق سياسي شامل مع السلطة الفلسطينية، يقود إلى نهاية الصراع ، الاكتفاء بالمواقف التي يطرحها هنية. إلا أنه من البساطة المفرطة دحض أقواله أو التمسك في المواقف الراهنة. فالمفاوضات السياسية العويصة والبطيئة مع عباس، وجر الأرجل من قبل إسرائيل حتى حينما يدور الحديث عن الحد الأدنى من البوادر الإنسانية اتجاه الفلسطينيين، لا تدل على جدية إسرائيل. وكان الإنجاز الرئيسي لهذه السياسة تجنيد الدعم الدولي للموقف الإسرائيلي ضد حماس، حتى دون أن ترسم مسارا مفصلا عمليا للحل.

حتى في غياب اتفاق سلام، هناك مصلحة إسرائيلية بأن تسير الحياة بشكل طبيعي في الجانب الفلسطيني، بحيث يصبح ممكنا إجراء حوار عملي وتعاون حقيقي في مجالات الاقتصاد والأمن مع القيادة الفلسطينية. حتى زعماء اليمين، كبنيامين نتنياهو وبيني بيغين، يتحدثون عن سلام اقتصادي كالتفاف على السلام السياسي. ولكن حتى من أجل تعاون من هذا النوع يتطلب وجود قيادة فلسطينية تمثل الشعب الفلسطيني وتحظى على شرعية وصلاحيات واسعة. ومن أجل ذلك يجب أن يتوصل الفلسطينيون إلى مصالحة وطنية، وعلى إسرائيل أن تعترف بكل حكومة تقوم بموافقة فلسطينية، حتى لو كان أعضاؤها رجال حماس وفصائل أخرى. ومصير الوهم الإسرائيلي بأن الضفة يمكنها أن تبقى هادئة في حين غزة تحت الحصار والقصف، أن ينفجر.

كل ذلك ليس بديلا للمفاوضات السياسية أو للتنازلات التي يتطلب من الإسرائيليين والفلسطينيين القيام بها من أجل التوصل إلى حل دائم متفق عليه، ولكن ذلك يمكنه أن يضع قاعدة عملية ثابتة للتعاون، بل وربما لبناء ثقة عميقة أكثر من تلك سبقت العمليات السياسية في الماضي. لذلك يتطلب من إسرائيل أن تلقي بأذان صاغية للتصريحات التي تصل من غزة وإعادة النظر في سياستها.

التعليقات