"ثمن عال في مقابل تحقيق لا شيء"..

-

..[[يجب، بالطبع، أن يتم التحقيق في الإدعاءات بأن جزءا من وحدات جيش الدفاع الإسرائيلي من التي شاركت في عملية "الرصاص المصبوب"، خرقت الرمز القيمي لجيش الدفاع. وقد حان الوقت فعلا لأن نسأل أنفسنا ما الذي تحقّق حقا في هذه العملية، وإذا كانت هنالك نسبة معقولة فيما بين الإنجازات والثمن.

لقد شعر الجمهور الإسرائيلي براحة في البداية إزاء عملية جيش الدفاع – الذي كان متدربا وجيدا تزويده، بعكس وضعه في حرب لبنان الثانية – وإزاء عدم تحقق النبوءات البائسة التي توقعت أن يكون ثمن العملية البرية في قطاع غزة حياة مئات الجنود، ما أكد أن جيش الدفاع قد تمّت تهيئته جيدا لهذه العملية.

ولكن، ماذا كانت النتيجة حقا؟ لم تضع العملية نهاية لإطلاق الصواريخ ولم تؤدّ إلى إطلاق سراح غلعاد شاليط. لكن إسرائيل دفعت، مقابل ذلك، ثمنا غاليا حين أثارت ضدّها جماهير العالم بسبب الدمار الهائل الذي خلقته في القطاع وضائقة المواطنين المدنيين هناك. سيلاحقها هذا لمدة طويلة، كما أن الأمر سيصعّب عليها الرد على استفزازات حماس.

تبدو الإنجازات، مقارنة بالثمن، تميل إلى الصفر أو تلامسه. فقد أوقفت العملية على رغم أن الصواريخ ما زالت تهطل في الجنوب، بسبب الذريعة الواهية أنه لم يعد هناك ما يمكن فعله، وقد انسحب جيش الدفاع دون أن يحقق شيئا تقريبا.

يتم اتهام عمير بيرتس في كثير من الأحيان بفشل حرب لبنان الثانية، لأنه ولج إلى وزارة الأمن دونما تجربة تقريبا، وأنه ورث رئيس أركان – دان حالوتس – كان متيقنا أن القوة الجوية هي الردّ على كل شيء. وقد كان ممكنا تقريبا سماع تنهيدة الإرتياح في إسرائيل عندما دخل إيهود باراك، صاحب الخبرة الأمنية الغنية، إلى وزارة الأمن. وقد ورث غابي أشكنازي، جنديا من المشاة صاحب تجربة واسعة وسمعة براقة. فقد اعتقدنا عندها أن أمور الأمن قد أضحت في الأيادي الأفضل، لكن كتب علينا أن يخيب أملنا.

فقد بشرت البداية بالسيئات. وأطلقت على مدى شهور كثيرة قسامات على البلدات الإسرائيلية، فيما قيل للناس إن العملية المناسبة ستتّخذ في الوقت المناسب، وأن كل يوم يمرّ إنما يقرّب العملية البرية. ألخطوة التالية كانت اتفاق "وقف نار" مع مخربي حماس، الذي، بحسب باراك، كان من شأنه أن يدفع المفاوضات لتحرير شاليط. وكما كان متوقعا، فإن حماس استغلت "وقف النار" لإدخال المزيد من السلاح إلى القطاع، بينما بقي غلعاد شاليط يصارع الموت في أسر حماس.

عندما مضت حماس في إطلاق الصواريخ، على رغم "وقف النار"، تمّ أخيرا البدء في عملية "ألرصاص المصبوب"، التي اعتمدت في البداية على قصف من الجو تسبب في أضرار متوقعة للمواطنين. وفقط عندها بدأوا في تفعيل، متردّد، لمقاتلي المشاة. وقد تمّت إعادة هؤلاء قبل أن تتحقق المهام، التي من المفروض أنها كانت الأهداف من العملية، ومرّة أخرى سمع نداء وزير الأمن لـ "وقف النار".

هنالك، يا للغرابة، شبه كبير بين حرب لبنان الثانية، التي أدارها بيرتس، وبين العملية في غزة التي أدارها باراك. فالإثنان تمسكا بالفكرة المفروضة بأن عمليات جيش الدفاع نجحت في ترميم قدرة الردع الإسرائيلية. والحقيقة أن حزب الله أقوى اليوم كثيرا عما كانه قبل حرب لبنان ولم ينته الخطر في الشمال. كذلك حماس، فإنها ماضية في التسلح وفي التهديد، كما أن إطلاق الصواريخ العشوائي ما زال قائما. والعبرة، أنه لا يمكن ردع المخربين إنما يجب نزع أسلحتهم، ويجب أن نذوت هذا مرّة تلو أخرى.

يكفي إسرائيل فشلان متتاليان. نحن في حاجة لتفكير استراتيجي جديد، يمكنه أن يواجه المخاطر الكبيرة التي تواجهنا]]..

التعليقات