رواية الرئيس../ "معاريف"

رواية الرئيس../
لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن بطنا مليئة على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو لا يحاول اخفاء ذلك. "فهو يتجاهل تماما كل ما نطرحه"، يتهم الرئيس، في لقاء خاص أجراه مع صحفيين اسرائيليين في رام الله.
نحو شهرين مرا منذ بدأت محادثات التقارب بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وفي الاسبوع القادم ستصل المفاوضات غير المباشرة، التي استهدفت استئناف المسيرة السياسية، الى نقطة الوسط لها. ولكن، كما ذكر، ابو مازن غير متفائل ويوجه اصبع الاتهام نحو هدف واحد. "لم نحصل من نتنياهو حتى ولا على مؤشر واحد يدل على التقدم".
في لقاء أجراه مع صحفيين اسرائيليين، بدأ ابو مازن مرتاحا أكثر من المعتاد. ومع ان التسويف في محادثات التقارب يحبطه، ولكن في نفس الوقت يجعله أكثر حدة وتصبح رسائله أكثر تركيزا بالقياس الى اللقاءات السابقة. يبدو ان الرئيس يشعر بحاجة خاصة الى أن يتوجه بشكل مباشر الى الجمهور في اسرائيل كي يحاول اقناعه بان الذنب في أن المفاوضات عالقة لا يقع على الطرف الفلسطيني.
في اثناء اللقاء، الذي عقد في مكتب الرئيس في المقاطعة في رام الله، بسط ابو مازن جوهر المفاوضات غير المباشرة. وعلى جدول الاعمال موضوعان – الحدود ومسألة الامن. اذا ما تحقق اتفاق في هذين الموضوعين فستستأنف المفاوضات المباشرة"، يعد ابو مازن، ولكن حتى الان لم نتلقَ ولا مؤشر واحد يدل على التقدم في هذين الموضوعين".

تبادل الخرائط
وحسب ابو مازن، ففي اثناء ولاية حكومة اولمرت تحقق اتفاق مبدئي على أن "الاراضي المحتلة" تتضمن قطاع غزة والضفة الغربية. "اتفقنا على أن الضفة تتضمن شرقي القدس، البحر الميت، نهر الاردن والاراضي الحرام"، يقول ابو مازن، "على هذا الاساس بدأنا نتبادل الخرائط والوثائق مع حكومة اولمرت كي نبلور اتفاقا". ويروي ابو مازن بانه نقل كل الوثائق والخرائط الى المبعوث الامريكي جورج ميتشل، الذي من جهته سلمها الى نتنياهو، "ولكن حتى الان لم يأتِ أي جواب من الطرف الاسرائيلي".
"بالنسبة للموضوع الامني، نحن نسأل ماذا سيحصل في اليوم التالي للاتفاق"، يقول ابو مازن، "قلنا ان لا مانع لدينا أن يكون طرف ثالث في المناطق الفلسطينية. هذه القوة ستكون بحجم نتفق عليه وتستقر في نقاط نتفق عليها. سألوني عن أي طرف ثالث يدور الحديث. فقلت كل من نتفق عليه. كان هناك من اقترح الناتو، ومن اقترح اليونيفيل او أي طرف آخر".
"لم اعارض مبدئيا على أحد"، يواصل ابو مازن، "كان عندي فقط شرط واحد. عندما نصل الى هذه النقطة لا يجب أن يبقى أي اسرائيلي على ارضنا. اسرائيل تريد أمنها وأنا اريد سيادة". هنا أيضا، يقول ابو مازن ان كل المعطيات والوثائق نقلت الى ميتشل، الذي سلمها الى نتنياهو. "انا لا ازال انتظر اتلقى منه جوابا او اشارة ما".

في حالة الفشل
رغم الاحساس بالتشاؤم الذي يبثه، رفض أمس ابو مازن التطرق الى مسألة ماذا سيحصل اذا ما فشلت محادثات التقارب. الجامعة العربية خصصت أربعة اشهر للخطوة، وهذه ستنتهي بعد نحو شهرين. ابو مازن، من جهته، تملص من مسألة ماذا سيحصل في نهاية الاشهر الاربعة تلك. واشار : "اذا حصل هذا السؤال هو لماذا فشلت هذه المحادثات. في هذه اللحظة لا نزال نريد أن نعرف لماذا لا نحصل نحن على أجوبة من اسرائيل".
ومهما يكن من أمر، فقد نفى ابو مازن ان يكون الفلسطينيون يعتزمون التوجه الى خطوة احادية الجانب، كالتوجه الى مجلس الامن، اذا ما كان فشل حقا. وقال ابو مازن: "اجرينا نقاشا في الجامعة العربية لدراسة ماذا سيحصل اذا لم نتوصل الى حل. الدول العربية قالت سنذهب الى مجلس الامن، بعد أن نتشاور مع اصدقائنا، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول اوروبا. كان هناك من فهموا ذلك على نحو غير صحيح وادعوا باننا نريد أن نتوجه الى خطوة احادية الجانب. ولكن هذا ليس صحيحا. الاتفاقات الموقعة تقرر بانه محظور على أي طرف ان ينفذ خطوات احادية الجانب تعرقل الاتفاق الدائم".
في اثناء اللقاء أشار ابو مازن الى أنه على علم بالضغوط الداخلية التي تمارس على نتنياهو، ولكنه أوضح بان الامر ليس مميزا فقط للجانب الاسرائيلي. وهو يقول ان "لدي مشاكل صعبة اكثر من نتنياهو. نتنياهو يقول ان لديه ائتلافا متضعضعا ولكن حولي توجد قيادة متضعضعة. المقربون مني يقولون لي كل الوقت اوقف محادثات التقارب. كما أن الدول العربية تمارس الضغط عليّ. احيانا اجد نفسي وحيدا، دون أي سند. رغم ذلك فاني اواصل المفاوضات".
ابو مازن يقول، مع ذلك، ان الفلسطينيين لا يزالون يرون في الحكومة الحالية الشريك الوحيد. "حين ذهبنا الى واشنطن قالو اننا نريد أن نبحث عن شريك بديل عن حكومة اسرائيل. هذا ليس صحيحا. نحن لا نبحث عن شريك آخر. لم نطرح هذه الامكانية ابدا. نحن نعمل مع كل من ينتخبه الشعب في اسرائيل".
هذا الادعاء، عن القيادة المنتخبة، يذكر بانه قبل بضعة اشهر اعلن ابو مازن بانه لا يعتزم ان يواصل في منصبه كرئيس للسلطة الفلسطينية. اما أمس فعاد وقال ان عائلته لا تزال تضغط عليه للاعتزال. وقال ابو مازن: "أعلنت باني لا اعتزم التنافس من جديد في الانتخابات القادمة ولكن الى أن تجرى الانتخابات فاني سأواصل مهام منصب". هذا القول معلق في الهواء، وذلك لان الانتخابات تأجلت الى اشعار آخر غير واضح، بسبب الانقسام مع حماس. "في النهاية ستكون انتخابات"، وعد ابو مازن، ولكنه لم يقل متى. كما أن الوعد بالبقاء حت الانتخابات لم يبقَ دون شروط. فقد قال ابو مازن: "أنا لن ابقى هنا الى الابد. انا لست رجلا شابا". ورغم ان صحيح حتى الان السلطة الفلسطينية وفتح لم تحققا وريثا طبيعيا، الا ان ابو مازن يعتقد بان هناك ما يكفي من الشخصيات من اوساط الجيل الشاب في القيادة الفلسطينية يمكنهم ان يحلوا محله.
كما تطرق ابو مازن الى الجندي الاسير جلعاد شليت وكرر موقفه في أنه يأمل في أن يتحقق اتفاق يعيد جلعاد الى حضن عائلته، مقابل تحرير سجناء فلسطينيين. وقال ابو مازن: "سيسرني اذا ما نجحت حماس في تحقيق صفقة".
وتطرق ابو مازن في هذا السياق الى المخاوف في اسرائيل في أن تحرير مخربين الى يهودا والسامرة سيؤدي الى استئناف العمليات. وألمح بان تحرير السجناء لن يمس باداء السلطة الفلسطينية، من ناحية أمنية. وقال ابو مازن: "على مدى ثلاث سنوات وأنا احرص على الامن دون أن يطرحوا علي شروطا. كل اجهزة الامن الاسرائيلية تعترف بان الوضع الامني هنا هو مائة في المائة. اما اسمع هذا من كل كبار المسؤولين في اسرائيل. ويجدر بالذكر أن الحفاظ على الامن في الضفة هو مصلحتي".
كما تطرق ابو مازن الى الاتهامات التي وجهت له في الماضي حول نفي الكارثة، في اعقاب رسالة الدكتوراة التي كتبها. وقال ابو مازن: "انا لا انفي انه وقعت كارثة. هذه جريمة ولا يمكن لاحد أن ينفيها. في كتابي كتبت بان قتل انسان بريء هو جريمة لا تغتفر. في القرآن توجد آية تعزى الى شعب اسرائيل تقول "من يقتل نفسا واحدة وكأنه قتل العالم بأكمله". ولكن بالنسبة لعدد اليهود الذين قضوا نحبهم، فان ابو مازن لا يزال لا يلتزم. "انتم تقولون انه قتل 6 مليون وانا لا انفي هذا"، قال ابو مازن، "هذا ليس من مهمتي أن انشغل في هذا".

التعليقات