" انتحار سياسي"

مقالة هيئة التحرير في صحيفة هآرتس ترجمة عرب48

إن المبادرة لإقامة حركة يسار جديدة، التي تضم تحت سقف واحد ميرتس وغير سياسيين وخائبي الرجاء من حزب العمل، تثير تذمرا في قيادة حزب العمل.
وتسابقت قيادة الحزب يوم أمس للهجوم على الوزير عامي أيالون الذي أعلن عن انسحابه من الحزب الذي قال عنه إنه جسم لا يتوق للحياة ولا يقاتل من أجل بقائه.

واعتبر رئيس حزب العمل، إيهود باراك، التنظيم الجديد أنه "هروب اليسار"، ووصفه بالمزاجي. بينما وصف نائبه متان فلنائي المبادرة بأنها "موضة عابرة" بعكس حزب العمل الذي بنظره "مكان فيه خط وقيم".

يمكن أن نستشف الطريق التي اختارها حزب العمل برئاسة باراك في السنوات الأخيرة من خلال قراءة نبأ في صحيفة هآرتس كتبه موشي بلاو يوم الجمعة الماضي: وزير الأمن صادق مؤخرا على عشرات خطط البناء وتسويق مئات الوحدات السكنية في المستوطنات. والأمر يتعارض بشكل كلي مع السياسات المعلنة للحكومة، بل ومع تعهداتها للجنة الرباعية في إطار خارطة الطريق.
قسم من التصاريح منح للمستوطنات الواقعة شرق مسار جدار الفصل، أي خارج المناطق التي تعرفها الحكومة بأنها "كتل استيطانية" والتي ستبقى تحت سلطة إسرائيل بعد الحل الدائم مع الفلسطينيين أيضا. والتي تعهدت إسرائيل بتجميد البناء فيها أيضا.

عن القيم. حزب العمل احتج حقا على عدد من مبادرات وزير القضاء دانئيل فريدمان للمس في صلاحيات المحكمة العليا، وعمل على إجراء الانتخابات التمهيدية في كاديما واستبدال إيهود أولمرت. ولكن هذا غير كاف، وفي كل الأحوال ما زال فريدمان يجلس مكانه، وحظيت ليفني على تأييد حزب العمل في جهودها لتشكيل ائتلاف حكومي، دون أن تتعهد بإزاحة فريدمان من مكانه.

وكما أشار الكاتب عاموس عوز(هآرتس 16.11) فإن حزب العمل لم يعد بديلا في السلطة. فهو ينظم لكل الحكومات تقريبا ويوافق على كافة السياسات.

فقد تعاون حزب العمل مع أرئيل شارون في مشروع تقويض السلطة الفلسطينية، الأمر الذي مهد طريق حركة حماس لتولي السلطة. وأيد الانسحاب من قطاع غزة كبديل للمفاوضات مع السلطة بقيادة محمود عباس. ومنح أيضا الدعم للمستوى السياسي والعسكري دون تحفظ منذ بداية حرب لبنان الثانية وحتى نهايتها. وبعد الحرب، تمسك معظم وزراء حزب العمل بمقاعدهم، بالرغم من تعهد باراك بالانسحاب من الحكومة إذا لم يبادر حزب كاديما لاستبدال رئيسه في أعقاب نشر النتائج النهائية لتقرير لجنة فينوغراد.


كما أتاح حزب العمل بقيادة باراك لكاديما المجال لقيادة العملية السياسية مع الفلسطينيين والسوريين، واكتفى بمهمة مقاول ثانوي للاغتيالات والهدم في المناطق. وبعد ان شرع رئيس الدولة بمشاورات لتشكيل حكومة جديدة، عرض باراك على بنيامين نتنياهو الذي يعترض بشدة على إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، الانضمام لحكومة طوارئ وطنية.
بدل مهاجمة المنسحبين، وشجب تنظيم اليسار الجديد، من الأفضل أن يقوم حزب العمل بحساب مع النفس، فتفسخه عن ممتلكاته هو الثمرة المعطوبة لسياساته.

التعليقات