انتخابات قبل نهاية عام 2008

-

 انتخابات قبل نهاية عام 2008
ماذا كانوا سيقولون في أوساط الجمهور، لو أن زعيم الليكود، بنيامين نتنياهو، خرج يوم أمس من لقائه مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، معلنا أن " الازدهار والسلام يسيران سوية.. سنثبت لمن اعتقد أننا لا نستطيع، أننا قادرون على صنع السلام ونخيب أمل كل من لم يؤمن... لا نريد هدم الاتفاق بل على العكس جئنا لندفعه. سندفع كل القضايا التي تعهدنا بها، بما في ذلك المفاوضات حول الحل الدائم". وكان نتنياهو سيضيف ويتعهد بأن القرار بإقامة مستوطنات جديدة سيتخذ بعد الاتفاق على الحل الدائم، وبعد أن يتضح ما هي المناطق الأمنية والاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية".

هذا لم يحدث أمس، وليس في نهاية لقاء رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو مع عباس. وكل الباقي دقيق. فتلك الأقوال أدلى لها رئيس الوزراء نتنياهو في ختام لقاء في البيت الأبيض مع الرئيس الراحل ياسر عرفات في ديسمبر/ كانون أول 1996.

أحد كتاب الأعمدة في يديعوت أحرونوت بشر بـ "قصة حب" وكتب العنوان بخطوط حمراء وهذا ليس كل شيء. ففي أكتوبر/ تشرين أول عام 1998، وبعد توقيعه على اتفاقية واي، والتي تناولت تطبيق الاتفاق المرحلي، صافح نتياهو يد عرفات طويلا على أصوات تشجيع الجمهور.


" كان ينبغي أن تروهما في المباحثات" قال الرئيس بيل كلينتون؛ " لا يمكن تصور نتنياهو بالكوفية، إلا أنهما كانا متشابهين في إصرارهما وإدراكهما المذهل والمعرفة التي لديهما". وشكر عرفات نتنياهو على موافقته على إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين ووصفه بأنه "شريك لسلام الشجعان".

هل كانت مزامير سلام من هذا النوع من فم نتنياهو قادرة على إقناع معسكر السلام أن من أقام هار حوما وخرق اتفاقية واي- تاب؟ وهل كان مؤيدو إيهود أولمرت في اليسار الصهيوني سيؤمنون أن نتنياهو غير جلده؟
لما لا؟ فإذا صدقنا أن أولمرت تحرك يسارا، لماذا لا نصدق أن أخاه في العائلة المقاتلة يتجه هو أيضا بنفس الاتجاه بعد أن يعود إلى مكتب رئيس الحكومة.

وليس مثل أولمرت؛ الذي منح لعباس حتى الآن فقط وعودات عبثية، ولقاءات عقيمة وعدد قليل من الأسرى، أعطى نتنياهو لعرفات اتفاقية الخليل التي فتحت شارع الشهداء في المدينة وسمحت بتسليح الشرطة الفلسطينية. بل وتنازل أيضا عن مبدأ " اعطوا وخذوا".

"يمكن الاعتقاد، أنه لو كانت نتائج الانتخابات فرضت على شمعون بيرس بأن يخرج الجيش من الخليل" كتب حينذاك في كلمة هيئة التحرير في صحيفة هآرتس " لكان نتنياهو سيقف على رأس نشاطات الاحتجاج ضد الحكومة. وتحفظ نتنياهو المتواصل من اتفاقيات أوسلو والانتقادات التي ما زال يوجهها تمنح أهمية خاصة لقراره تنفيذ الجزء المتعلق بالخليل".

وها هو نتنياهو أظهر من موقعه في المعارضة إشارات اليقظة من ثمالة القوة. ففي خطاب ألقاه قبل سنتين في مؤتمر هرتسليا تعهد أنه إذا انتخب لرئاسة الحكومة- سيطمح للمفاوضات مع «شريك فلسطيني ينبذ الإرهاب ويحاربه». وتحدث نتنياهو عن طموحه «بالتوصل إلى فصل بين التجمعين السكنيين» وتعهد بتقليل الحواجز وتفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية. ومثل أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبس ليفني، اقترح حلا دائما، يبقي بيد إسرائيل «التجمعات الاستيطانية الرئيسية» و«القدس الكبرى» والسيطرة الأمنية على غور الأردن وشارع موديعين 443.





لولا الخشية من صعود نتنياهو إلى الحكم، هناك شك في أن أولمرت كان سيتمكن من تجاوز تقرير فينوغراد. وإذا ما خصمنا أيام الأعياد وأيام السبت والسفريات إلى خارج البلاد، سيتبقى لأولمرت وقتا قصيرا للإيفاء بتعهد أنابوليس « بذل الجهود للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية عام 2008».

نهاية عام 2008 هو موعد ملائم لانتخابات جديدة. وإذا لم يتوصل أولمرت حتى ذاك الوقت إلى اتفاق تقسيم البلاد والقدس، فهو في كل الأحوال سيضطر إلى الذهاب مع ذلك إلى الانتخابات. وإذا ما اتضح أن الإنجازات البارزة لهذه الحكومة هي حرب فاشلة ضد حزب الله في لبنان وعجز أمام حماس في غزة- فكل يوم إضافي سيزيد من قوة اليمين.
في أفضل حالة، سيجمع نتنياهو بعد توليه الحكم ما تبقى من اليسار الإسرائيلي ويرمم الأضرار التي تسبب بها أولمرت وباراك ل«معسكر السلام»، وفي حالة أفضل، سيثبت بأن اليمين وحده قادر على صنع السلام.

التعليقات