جلسات المشاورات في هيئة الأركان العامة في فترة العدوان على لبنان..

-

 جلسات المشاورات في هيئة الأركان العامة في فترة العدوان على لبنان..
نشرت صحيفة هآرتس، تقريرا، حول جلسات هيئة الأركان العامة في الجيش في فترة العدوان على لبنان، رصدت فيه تصريحات كبار القيادة العامة وآراءهم، والارتباك والتردد في اتخاذ القرارات.

ويظهر التقرير تحفظ رئيس الأركان المستقيل، دان حالوتس، حتى الأسبوع الأخير من نهاية الحرب، على الخروج بحملة عسكرية برية واسعة لاجتياح جنوب لبنان. وتقول الصحيفة أن نائب رئيس الأركان، الجنرال موشي كابلنسكي، ورئيس شعبة العمليات، غادي آيزنكوت، أيدا في بداية الحرب تنفيذ عملية برية واسعة لاجتياح جنوب لبنان، ولكنهما في مرحلة متقدمة من الحرب تراجعا عن ذلك الموقف.

ويقول التقرير أنه في يوم 12 تموز/ يوليو ظهرا، بعد ساعات من عملية الاختطاف، عقدت جلسة مشاورات برئاسة رئيس الأركان حالوتس ، وعرض الخبيران في القيادة العامة للعمليات البرية، كابيلنسكي وآيزنكوت، الخطوات اللازمة للحرب.

كابلنسكي موجها كلامه إلى حالوتس" انتبه حينما نقول هنا (اسم العملية والتي تعني هجوما جويا ومدفعيا واسعا على لبنان) يجب أن نعرف أنه حسب منطقنا يأتي بعد ذلك "مي مروم"(خطة هجوم بري واسع). آيزنكوت تحدث عن الاستعداد لتنفيذ خطة "مي مروم" ابتداء من 16 تموز/ يوليو. ويقول: "ما أقوله هو الإعداد للعملية. وعدم تنفيذها في مسار مواجهة. لأن ذلك يفشل الأمر وسيكون خطأ".

حالوتس لم ينف إمكانية تنفيذ عملية برية، ولكنه قال: لا أراها قابلة للتنفيذ في نهاية الأسبوع. وأضاف:" لا أنوي في هذه المرحلة إلا تفعيل نيران واسعة في كل الاتجاهات. يجب خلق التهديد والجاهزية لتنفيذ عملية برية، ولكن برأيي ليس في نهاية الأسبوع الحالي".

ويضيف التقرير: في 15 يويلو/ تموز أجريت جلسة تقييم أخرى. وكانت المعنويات في هيئة الأركان العامة مرتفعة، في أعقاب نجاح الحملة التي أباد فيها سلاح الجو معظم الأنظمة الصاروخية من نوع "فجر" ذات المدى المتوسط لدى حزب الله.

وعلى ضوء الرضا من نتائج العملية، والتي أعدت في السابق حينما كان في سلاح الجو، عاد حالوتس وتمسك بما يعرفه ويعتمد عليه- القدرة الجوية. وقال ما تبقى الآن " هي أنقاض بيروت. والآن سنتركز جميعنا، كل الجيش في صيد الكاتيوشا. إذا كان الطقس جميلا يوم غد، كل جهازنا(سلاح الجو) سينقض على جنوب لبنان، وسيُكوّن ظلا فوق جنوب لبنان".

واقترح آيزنكوت في الجلسة تنفيذ عمليات برية، أولى، محدودة: اجتياحات محدودة من ناحية الوقت والاتساع، الدخول والخروج".

ويضيف: في اليوم التالي، في 16 يوليو/ تموز، عرضت بنت جبيل كهدف ممكن للعملية. مقدم الاقتراح هو قائد ذراع القوات البرية، الجنرال بيني غاتس. وقال موجها كلامه لحالوتس: " خطاب النصر لحسن نصر الله (في مايو/ أيار عام 2000- بيت العنكبوت)، ألقي في بنت جبيل. يجب تفكيك المكان، هذه مكان شيعي- ويجب إبعادهم شمالا. كنت أفكر بحملة برية محدودة يمكن احتواؤها على تلك المنطقة".

ويضيف التقرير: من المتوقع أن يستنفذ التركيز على بنت جبيل، وقتا كبيرا، جزء منه يأتي على حساب علاج المشكلة الأكثر إلحاحا، الكاتيوشا. وهذا الإجراء لم يعجب الكثيرون في القيادة العامة، بينهم قاد المنطقة الشمالية، أودي آدم، ونائبه الجنرال إيال بن رؤوفين.

وتقول الصحيفة: في السابق كان قائد الأركان السابق بوغي يعلون، يكثر الحديث عن " النفاذ إلى وعي" الجانب المعادي. في حرب لبنان الثانية، يتبين أن النفاذ كان في الجانب الإسرائيلي. الانشغال في المس بالرموز تكرر طوال الحرب. وحقيقة أن المدينة الشيعية ظهرت كمصيدة دموية، ومني لواء غولاني هناك بثمانية قتلى في صباح 26 يوليو/ تموز، زادت الاندفاع في الجيش لنبش الجراح.

ويضيف التقرير: في 18 تموز جمع حالوتس طاقما رفيعا لإجراء تقييم أولي للحرب. رئيس قسم العمليات، البريجادير سامي ترجمان، عرض بدائل لـ "مي ماروم" بسبب استبعادها من قبل حالوتس. وقال حالوتس أنه يتبنى رأي آيزنكوت حول العمليات المحدودة. وأوضح حالوتس: إذا لم ينفذ ذلك عن طريق سلسلة القيادة، يمكنني أن أنقل المسؤولية إلى هيئة الأركان العامة. وكان ملخص التقييم " رئيس الأركان لا يؤيد في هذه المرحلة حملة برية واسعة".

وتضيف الصحيفة: في المقابل في الأسبوعين الأولين للحرب، وبشكل تدريجي حدث تغيير في موقف كابلنسكي وآيزنكوت. ففي حين دفعا في 12 تموز باتجاه حملة متعددة المراحل، نهايتها اجتياح بري واسع، اليوم رأيهما من رأي حالوتس أنه يجب التقدم خطوة خطوة".

في 26 تموز دخلت الحرب أسبوعها الثالث. وفي ذات الصباح، وصلت الأنباء المؤلمة من بنت جبيل، في الوقت الذي كان حالوتس يعقد جلسة حول هدف العملية.

كان أكثر المتحمسين لعملية عسكرية برية واسعة، ضباط سلاح الجو. وقال نحوشتان لحالوتس: يجب أن تطرح الامر على طاولة الحكومة. وتقول بوضوح أنه دون العملية البرية الواسعة لا يمكننا وقف خطر الكاتيوشا. وإذا لم توافق الحكومة يجب القول أنه يجب إنهاء الحملة على الفور. وعن حقيقة أن الحرب بين الجيش وحزب الله، يمكن وصفها بتعادل، نقول على هذا النحو: من ناحيتنا، تعادل يعني خسارة، وممنوع أن نخسر.
يجب أن نقول للمستوى السياسي إننا لا يمكننا أن نقلص أكثر من الوضع الحالي(إطلاق صواريخ الكاتيوشا)، إلا إذا قمنا باحتلال جنوب لبنان حتى نهر الليطاني. لا أدرك ما الذي نقوم به على المستوى التكتيكي. إذن ما هو الانجاز؟ وماذا نريد؟.

الجنرال أودي آدم الذي شارك في الجلسة عبر الفيديو ، حاول إقناع الحاضرين بوجهة نظره: السيطرة على منطقة أمنية خاصة- المقياس هو المنطقة الأمنية القديمة-، بحيث تكون نقطة انطلاق للسيطرة على باقي المناطق حتى نهر الليطاني – حسب خطة "مي ماروم". ويقول آدم " المقياس هو أكثر جدية من الذهاب إلى بنت جبيل أو إلى أي مكان آخر. اتفقنا أن لا نحتل بنت جبيل . فاحتلالها يعني المرور بـ 5000 منزل واحدا بعد الآخر.

وقال رئيس شعبة الدراسات، البريجادير يوسي بيديتش: " إذا دخلنا في الليل للخيام وقتلنا 30 مخربا دون أن يصاب لنا جندي واحد، لا يغير ذلك شيئا. أنا أقول فقط أن عملية التقدم خطوة بعد خطوة- لن تؤدي إلى توجيه ضربة قوية لحزب الله". حالوتس: ما هو التغيير؟ بيديتس: عملية برية واسعة. حالوتس: أنت تنظر إلى حزب الله. أنا أنظر إلى موديل غزي-فلسطيني وأعتقد أن الخطوة بعد خطوة، ستأخذنا إلى مكان آخر ليس شموليا، ولكنها ستأخذنا إلى مكان آخر.

وتضيف الصحيفة: في الوقت الذي دفع الضباط ومن ضمنهم ضباط سلاح الجو جميعا نحو حملة برية، حالوتس ما زال متحفظا. وحظي على تأييد من رئيس قسم العمليات في القيادة العامة. وقال آيزنكوت: " يتطلب وسائل برية واجتياحات مع تحسين أداء العمل والتعلم من الأحداث السابقة".
آيزنكوت اعترض حتى ذلك الوقت على السيطرة على مناطق قائلا:" الفرق بين البدائل أنه في الخطة الثانية لا نسيطر على مناطق لبنانية. من ناحيتي هذا عبء، لذلك نهج العمل هو اجتياحات، دخول وخروج، ما قلناه في بنت جبيل . لا يجب تحويل بنت جبيل إلى حائط مبكى، وعند انجاز المهمة، الانتقال إلى مكان آخر.

يدلين: لا يمكنني أن أصدق أن دولة إسرائيل مع كل هذه الفرق العسكرية والطائرات، غير قادرة على الخروج بحملة برية تأخذ الـ 200 ناشط وتعالجهم. ليس لدينا خيارات، إذا مر أسبوع آخر دون أن نتمكن من وقف الكاتيوشا.. في التالي، السوريون ينظرون إلينا والجميع ينظرون. يجب أن ننفذ ذلك. لا أقول أن ننفذ ذلك غدا، ولكننا ملزمون على القيام بذلك بعد أسبوع.
ويدرك رئيس أمان تكلفة العملية : " بالتالي أرى أننا ندفع الثمن بوجبات صغيرة، بدل دفعها مرة واحدة. وتوجه لحالوتس: أنظر، حرب طويلة ليست من مصلحتنا. يجب أن ننهيها بقوة وليس هذا ما يحصل على الأرض".

كابلنسكي لحالوتس: اقترح أن تأمر اليوم بتجنيد الوحدات اللازمة من أجل إنهاء، الخطة التي ستعرض يوم غد، للمصادقة، وتعريف الجدول الزمني والبدء في عمليات تمهيد تخدم الحملة البرية، في أي حجم. ولخص حالوتس: " البدائل طرحت هنا. ما يلزمنا عمله هو الدمج بين كل البدائل سوية. لا يوجد هنا بديل يحقق الانتصار.. ومن ناحية الجاهزية علينا أن نكون مستعدين لكل شيء. وعاد حالونس إلى إمكانية تصعيد الهجمات الجوية، وتشمل على ما يبدو قصف البنية التحتية المدنية في بيروت. أنوي طرح ذلك مرة أخرى على الطاولة. أعني قبل أن نحرك الفرق إلى الأولي الزهراني، الليطاني، ليس مهما. يجب نقل لبنان إلى مكان آخر".

ويضيف التقرير: في 27 تموز أمر رئيس الأركان القوات بمهاجمة بنت جبيل مرة أخرى. كابلنسكي: " بالنسبة لبنت جبيل أتفق مع أودي(آدم) في شيئ واحد. لا معنى عسكري تكتيكي لاحتلال بنت جبيل، ولكن يوجد هنا معان أخرى.. معنى الرمز وما نقوم به، نقوم به من أجل من سيقص القصة غدا. آدم يختلف معه " لا تلزم حرب ملحمية من أجل احتلال هذا الثقب(بنت جبيل). ويقاطعهما حالوتس بتأييد الدخول مرة أخرى وييقول لآدم: أنت تقول أن لا يوجد قصة، ولكنني أعتقد أنه يوجد قصة وهو ليس عندهم بل عندنا.

واستمر الجدل حول الحملة البرية الواسعة أكثر من أسبوع وفي نهاية الأمر أقرت القيادة العامة الحملة البرية الواسعة، ولكن الحكومة ترددت في القرار.. ووافقت عليه بتأخير كبير. خطة " تغيير المسار 11 " هي محاولة اللحظات الأخيرة للوصول إلى الليطاني في 11 أغسطس/ آب. بعد الاتفاق بين الحكومة والجيش على أن الهدف هو وقف صواريخ الكاتيوشا وليس بنت جبيل ولا الرموز الأخرى، وكان ذلك متأخرا.

ويضيف التقرير: بنظرة إلى الوراء يجب أن تدوي أقوال رئيس أمان، يدلين، في مشاورات 28 تموز/ يوليو، حيث قال " نحن في الحضيض في الدائرة بيننا وبين حزب الله. الوضع غير جيد. حزب الله يشعر أنه منتصر ويُنظر إلينا، بحق أو بغير حق، كمن لا يزود البضاعة. أعتقد أنه من واجبنا تغيير ذلك. لدينا خمسة حتى عشرة أيام . يجب أن نبني خطة والتمسك بها. وعدم تغييرها طيلة الوقت. وإرسال القوات للعمل. والتقليل من جلسات تقييم الوضع، والاهتمام بإنجاز العمل. بشأن الكاتيوشا نحن ملزمون أن نثبت أنه يمكن الانتصار على هذا الشيء، وإلا سيلاحقنا لسنوات. ويبدو أن ذلك يمكن إنجازه فقط على الأرض. آباؤنا احتلوا كل الدول العربية في ستة أيام، ونحن لا يمكننا الدخول بفرقتين والانتهاء جنوبي الليطاني؟.

التعليقات