"5 فرضيات خاطئة تمنع تحقيق نجاح في مؤتمر الخريف"..

-

كتب أفرايم عنبار، وهو بروفيسور في العلوم السياسية في جامعة "بار إيلان"، ومدير مركز بيغين- السادات للدراسات الاستراتيجية، في صحيفة "هآرتس" أن الفرضية الأمريكية بشأن مؤتمر أنابولس، الذي سيعقد في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، بأنه "سيمهد الطريق إلى دولة فلسطينية ديمقراطية، بدون فساد وبدون ميليشيات، وتعيش بسلام إلى جانب إسرائيل"، هي بمثابة وهم أمريكي، لأنه يستند إلى 5 فرضيات خاطئة من شأنها أن تمنع تحقيق نجاح في المؤتمر.

وبحسبه فإن الفرضية الأمريكية الأولى هي أنه من الممكن إجراء ما أسماه "إصلاحا" في المجتمع الفلسطيني بواسطة عوامل خارجي، إلا أن مجتمعات الشرق الأوسط قد أكدت معارضتها لمحاولة الدول الغربية العظمى تغيير التقاليد السياسية لديها. وسيكون من السذاجة الاعتقاد بأن الحراك السياسي والاجتماعي المستند إلى تقاليد يمتد عمرها إلى مئات السنين، سوف يتأثر من الغرب، خاصة وأن هذا الدرس يجب أن يتعلمه الرئيس جورج بوش من تجربته في العراق. فـ"التغيير" في وسط الفلسطينيين ومجتمعات الشرق الأوسط الأخرى يجب أن ينمو من الداخل فقط.

ويضيف أن إقامة دولة قومية هي عملية تاريخية طويلة، مثلما حصل في أوروبا. وإذا حصل مثل هذا التطور الإيجابي فسوف تطبق من قبل سلطة أوتوقراطية، وليس من خلال تصدير الديمقراطية. علاوة على ذلك يجب عدم المبالغة بقوة الأمريكيين في تغيير السياسة الخارجية للكيانات السياسية الصغيرة. والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد قال "لا" للرئيس كلينتون في جنيف في آذار/ مارس 2000، وياسر عرفات فعل الشيء نفسه في كامب ديفيد في تموز/ يوليو 2000.

أما الفرضية الثانية فهي أن المساعدات الاقتصادية للفلسطينيين سوف تؤدي إلى تسهيل المشاكل السياسية. ولكن، ومنذ اتفاق أوسلو في أيلول/سبتمبر 1993، فقد حصلت السلطة الفلسطينية على أكثر من مليارد يورو، ذهبت غالبيتها سدى. ومثل دول أخرى في العالم الثالث، فإن السلطة الفلسطينية عملت على جعل قسم من هذه الأموال تتدفق إلى المقربين من السلطة.

ويتابع أن أفضل مساعدة هي تلك المساعدة الموجهة التي تتيح لمتلقيها أن يكون مستقلا من الناحية الاقتصادية. وفي هذه الحالة فإن المساعدة الاقتصادية الخارجية تكون جيدة فقط إذا كان بإمكان اقتصاد المتلقي وحكومته استغلال هذه المساعدة بوعي ونجاعة. وبحسب ذلك فهناك شك إذا ما كان المزيد من الأموال للاقتصاد الفلسطيني مجديا بطريقة ما.

والفرضية الأمريكية الثالثة هي أن أبو مازن يستطيع أن يكون "وكيل التغيير"، ولذلك فهو جدير بأن يمد له الغرب يد المساعدة. ولكن ماضي أبو مازن كقائد هو مخيب للأمل. فهو لم ينجح في توحيد الأجهزة الأمنية تحت سلطة واحدة مثلما التزم بذلك، ولم ينفذ تعهداته في حملته الانتخابية بمحاربة الفساد، فالفوضى تفاقمت في فترة رئاسته، علاوة على أن سيطرة حماس على قطاع غزة هي إشارة إلى ضعفه وقله حيلته.

ويدعي الكاتب أن أداء قيادة الفلسطينيين سيئ منذ مدة تصل إلى مائة سنة تقريبا، وهم بحاجة إلى قائد قوي مثل أتاتورك، من أجل إنقاذهم من الأزمة المتواصلة، ولكن لسوء الحظ، على حد قوله، فإن القائد الشجاع والذي يمتلك الرؤية ليس موجودا.

أما الفرضية الرابعة فإنه يمكن تحويل المجتمع الفلسطيني بسرعة إلى جيران جيدين لإسرائيل، وأن التسوية الدائمة هي في متناول اليد. ولكن، ومنذ اتفاق أوسلو فإن جهاز التعليم في السلطة الفلسطينية والإعلام الفلسطيني وعملية التسلح الدرامية خلقوا مجتمعا متأثرا من استخدام القوة، التي تضع الشهيد المستعد لتفجير نفسه نموذجا يقتدى به، وهذا لن يتغير بين عشية وضحاها، فالتأثير الواسع لحماس هي دلالة واضحة على عملية "التطرف" التي يمر بها المجتمع الفلسطيني.

ويضيف هنا أنه، وخلافا لمصر والأردن، فإن البراغماتية السياسية لديهما أدت إلى الاتفاقيات مع إسرائيل، ولكن السياسة الفلسطينية هي أيديولوجية وطموحاتها بعيدة. والفوارق بين إسرائيل والفلسطينيين لا يمكن جسرها في هذا الجيل. وبعد الهجمات التي نفذت بعد العام 2000 بشكل خاص، فإن الإسرائيليين لن يوافقوا على مجازفات أمنية في إطار اتفاق دائم مضعضع. فمطالب الفلسطينيين بالانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967، وإعادة اللاجئين إلى إسرائيل والسيطرة على القدس ليست مقبولة في إسرائيل اليوم. وعلاوة على ذلك، فإن إسرائيل حصلت على موافقة أمريكية بالاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبيرة القريبة من حدود 1967، ومن الصعب الافتراض بأن إسرائيل سوف تتنازل عن الأغوار لأسباب استراتيجية.

أما الفرضية الخامسة، فهي أنه يمكن القضاء على سيطرة حماس على قطاع غزة بواسطة السياسة الداخلية الفلسطينية. إلا أن حركة فتح، برئاسة أبو مازن، لا تستطيع أن تعيد حماس إلى أجنحة السلطة الفلسطينية، ومراكز القوة السياسية في الضفة الغربية هي أضعف من أن تفرض نفسها على قطاع غزة. وفي الواقع فإن عمليات إسرائيل في الضفة الغربية هي التي تمنع سقوطها بيد حماس.

وينهي بالقول إن الصراع الفلسطيني سوف يظل قائما، وأنه من الممكن أن تزيد مصر و/أو الأردن من تدخلهما في السلطة الفلسطينية. أما بالنسبة لإسرائيل فمن الأفضل مواصلة التصدي للمقاومة الفلسطينية وانتظار وقت أفضل، على حد قوله.

التعليقات