آفة الاختطافات/ يسرائيل هرئيل

كتب يسرائيل هرئيل في صحيفة هآرتس

آفة الاختطافات/ يسرائيل هرئيل
« خرجت الحكومة إلى الحرب بهدف واضح وهو إعادة الجنود المختطفين. وهي تدعي أنها انتصرت في الحرب – بالنقاط حسب مجازية قائد هيئة الأركان. والجنود الذين لم يعودوا إلى بيوتهم، وقدرة حزب الله على إطلاق 250 صاروخا في اليوم الأخير للحرب التي هزم فيها حسن نصر الله، هي أيضا من علامات النصر".

لم يكن بقدرة أو بتفكير أو بإرادة إسرائيل الإمبراطورية المنطقية في عيون نفسها، التي حاربت ضد تنظيم غريلا صغير، أن تشترط وقف إطلاق النار بإطلاق سراح الأسرى، أو على الأقل بنقلهم إلى طرف ثالث، يمكنه أن يحافظ على سلامتهم. وقد كان النصر كبيرا إلى حد أننا صممنا أن يفصل بيننا وبين العدو 15 ألف جندي من الأمم المتحدة وبينهم من "دول صديقة" كماليزيا واندونيسيا- وبالطبع من فرنسا. .
فبعد هزيمة حزب الله في الحرب يستمر أيضا في الخسارة في الحرب النفسية. في شأن شريط التسجيل مثلا. قرر التنظيم ليس فقط ماذا ومتى يبث، بل أيضا من يبثه ولقاء أي ثمن، سيبث دعايته.

والفائزون لبلاهتهم يبثون الدعاية مرة بعد مرة بنهم. قد يقول نصر الله لنفسه أنه قد ثبت في هذه الحرب مرة أخرى أن اليهود لم يفقدوا فقط القدرة القتالية والاندفاع للمواجهة، بل أيضا العقل والاتزان.

يستحق نصر الله كل التيجان التي توج بها في إسرائيل، وجيشه حسب وصف خبراء قنال 10 الذين يحللون الشريط المصور، هو الجيش الأقوى ولأبسل في الشرق الأوسط. وَيحكم أيها الإسرائيليون ، لم نقع فقط في شباكه مرة بعد أخرى بل ونروج دعايته بسرور مازوخيستي.
.
فبالرغم من ان الشريط المصور لا يحمل قيمة إخبارية خاصة، فإن قنالا مركزيا يخرج عن طوره كي يبث دعاية حزب الله، وإذا لم يكف ذلك فهو أيضا يدفع مالا كثيرا من أجل الحق في تمجيد وتبجيل هذا العدو المرير. فالمقطع حول الاختطاف جاء لتمجيد نصر الله وتنظيمه، ومن أجل ذلك وزع الشريط. وسيقول الإسرائيلي لنفسه "أمام مقاتلين أشداء كهؤلاء، ومن تجربة الماضي، لا يوجد خيار إلا دفع الثمن الباهظ الذي فرض علينا. المهم أن يعود الأولاد إلى البيت.

بث مقطع رون أراد مرات ومرات فيه إشكالية كبيرة. فهو يهدف إلى ابتزاز أحاسيسنا أمام منظر من اعتبرناه لفترة طويلة ابن مفقود لكل العائلات. قلنا لأنفسنا بعد مشاهدة المقاطع "صحيح" فحتى نصر الله لن يتمكن من إعادة رون أراد إلينا، ولكن إذا حصل الآن على الثمن الذي يريد لن يكون مصير الجنود المختطفين كمصير رون أراد . وهذا ما يعنيه التوقيت المحكم لتوزيع الشريط.

جاء عشرات الآلاف إلى ساحة رابين بطلب انساني ويهودي: تبادل أسرى، واستيقظت نغمات عميقة من أيام بعيدة. من لا يمكنه التضامن مع تذرع الأمهات، وحرقة النساء وحزن الآباء. بالتأكيد ليس حكومة مهزومة تبحث عن تأييد، وعدت بإعادة الأبناء"

وكان مشاهدون آخرون يعدون المشاركين، وهم حزب الله وحماس. كل زيادة في العدد ستشعرهم بالرضا، فكلما زاد الضغط الداخلي في إسرائيل يرتفع الثمن الذي ستدفعه. وإذا أفرج أرئيل شارون عن أسرى مقابل الخارج عن القانون ألحنان تلنباوم، الذي لم يتظاهر أحد لأجله، فما الغرابة أن يقوم إيهود أولمرت وخاصة بعد مظاهرة كبيرة تنقلها وسائل الإعلام، بدفع أثمان باهظة رغم التزامه بعدم الرضوخ للابتزاز.

اعترف نصر الله أنه لم يتوقع رد فعل قاس من إسرائيل. ولكنه توقع أن تقوم إسرائيل بإطلاق سراح مئات الأسرى أيضا هذه المرة. والتظاهرة لعبت لصالحه وكذلك الشريط المصور. لهذا في المستقبل القريب ستكون تظاهرات أخرى لإطلاق سراح المختطفين القادمين.

يقال لصالح أولمرت أنه حاول اقتحام دائرة السحر. ولم تنجح المحاولة، ولكن هذا لا يعني أن ليس هناك طرق أخرى لتحرير المقاتلين. إذا كان أولمرت لا يريد خسارة بعض انجازات الحرب، التي حتى نصر الله يعترف بها، عليه أن يجعل حزب الله وحماس يقتنعان أن إسرائيل خرجت إلى الحرب بجبهتين من أجل تغيير قواعد اللعبة في شأن الاختطافات. وإذا أصر ومنع إطلاق سراح أسرى بشكل كبير- قد يتمكن من إعادة المصداقية والهيبة لنفسه. والأهم من ذلك أن الردع الإسرائيلي سيتعزز ويتم القضاء على آفة الاختطافات.»

التعليقات