"أبرتهايد في الأراضي المحتلة"..

-

كتبت هيئة تحرير "هآرتس":

[[ الأراضي المحتلة والفلسطينيون الذين يعيشون فيها يتحولون تدريجيا إلى مسألة متخيلة، وإلى واقع بعيد عن العين والقلب. فالعمال الفلسطينيون اختفوا من الشوارع الإسرائيلية، والإسرائيليون لا يدخلون المدن الفلسطينية. وفي كل طرف نشأ جيل جديد لا يعرف الطرف الثاني. وحتى المستوطنون لا يلتقون بالفلسطينيين، لأن شبكات مختلفة من الطرق تفصل بين المجموعتين، فالأولى حرة ومتدفقة، والثانية مزروعة بالحواجز.

وعندما يجادل السياسيون على تقسم البلاد بين الشعبين، فإن إحساس الجمهور هو أن التقسيم قد حصل. فك الارتباط من قطاع غزة، وإخلاء "غوش قطيف"، وإقامة جدار الفصل، وغياب العمال الفلسطينيين من إسرائيل، كل ذلك يخلق إحساسا خاطئا بأن الاحتلال قد انتهى، وأن المشكلة قد وجدت حلها. وحتى المستوطنون يطبقون سياسة استيطان خاصة بهم، يتمسكون بنقاط جديدة، ويوسعون مستوطنات قائمة، من أجل منع الحل الدائم، وهم راضون عن الوضع الراهن الذي يعتمد على جهاز الأمن العام (الشاباك) وعلى الجيش الإسرائيلي.

عملية الفصل الحاصلة مشابهة لنظام الفصل العنصري (الأبرتهايد) أكثر مما هي مشابهة لسلطة احتلال. وذلك لأنه يعيش في جانب، تم تحديده بموجب الانتماء القومي وليس الجغرافي، مواطنون مع حق التصويت وحرية التنقل واقتصاد مزدهر، وفي الجانب الثاني يعيش أناس مسجونون، بدون حق تصويت وبدون حرية تنقل، وليس بإمكانهم تخطيط مستقبلهم. والفجوة الاقتصادية في اتساع.

تحدثت تقارير مؤخرا عن تحديث آخر في مأسسة الاحتلال، حيث تم وضع مدنيون بدل الجنود على 16 معبرا من الضفة الغربية إلى إسرائيل. ومن الواضح أن الحديث هو عن تطبيع، مثلما يحصل على الحدود بين الدول، إلا أنه في هذه الحالة فإن الحديث عن دولة واحدة في جانب واحد فقط. وفي ظل غياب حدود متفق عليها، فهناك حدود أمن قامت إسرائيل بتحديدها بشكل أحادي الجانب، وتم استبدال الجنود الذين يفحصون الفلسطينيين بعمال لدى مقاول استخدمته وزارة الأمن.

وظيفتهم هي فحص من يملك تصاريح، أي الذين سمحت الإدارة المدنية، تحت إشراف الشاباك، بدخولهم إلى إسرائيل. ويجري الفحص بوسائل متطورة، بدون اللمس باليد، وفي مبان من الأسمنت المقاومة للتفجيرات. وهذه الطريقة الجديدة أزالت عبئا عن الجنود، إلا أنها أنشأت بعدا. فالاحتكاك بين الجنود والفلسطينيين على المعابر دفع الإسرائيليين والفلسطينيين إلى البحث عن حل سياسي، الأمر الذي أثار النقاش في وسط الجمهور. والآن فإن الجنود يعملون فقط على الحواجز في داخل الضفة الغربية، وبالنتيجة فقد قل الاحتكاك، وتقلص النقاش.

فهل سيستمر هذا الوضع بدون حد؟ وطالما لا ترى العين الإسرائيلية الاحتلال فمن السهل تجاهله. في أيلول/سبتمبر قتل 33 فلسطينيا وجندي إسرائيلي واحد في عمليات ضد الإرهاب والقسام. وفقط في الانتفاضة القادمة، أو بعد أن يتم إطلاق الصواريخ على إسرائيل من الضفة، سوف نتذكر الاحتلال ثانية]]...

التعليقات