"إخلاء بؤر استيطانية؟ لا يوجد شريك"

-

مرة أخرى، غير مؤكد أن لحكومة إسرائيل يوجد شريك للمفاوضات في الضفة الغربية. المشكلة هنا لا تطرح في سياق المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، بل بين الإسرائيليين أنفسهم: غير واضح مطلقا إذا ما كان هناك مع من تتحدث المنظومة الأمنية حول البؤر الاستيطانية غير القانونية، وإذا كان الجواب نعم- غير واضح ماذا ستكون قيمة الورقة التي كتب عليها الاتفاق.

مكانة البؤر الاستيطانية تحتل أعلى سلم جدول أعمال المستوطنين. هذا الأسبوع زار عددا منها(النقاط الاستيطانية) الوزراء إيلي يشاي، موشي يعلون، يولي أدلشتاين، ودانئيل هرشكوفتيتش، وهؤلاء يضغطون لمنح البؤر الاستيطانية الصفة القانونية، بغض النظر عن تقرير طاليا ساسون ودون تدخل من المحكمة العليا.
هذا الضغط يتداخل مع جدول المواعيد السياسي. حيث سيتوجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع المقبل إلى لندن للقاء مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشيل. وتقدر زعامة المستوطنين بأن الولايات المتحدة ستمارس ضغوطا في سبتمبر/ أيلول المقبل من أجل إخلاء البؤر الاستيطانية، حاملة سوط مؤتمر السلام الذي يعد له باراك أوباما.

يعتقد القادة الميدانيون أن الحكومة يمكنها إخلاء البؤر الاستيطانية بالقوة، ولكن إذا عادت أحداث عمونة واضح للجميع بان ذلك سيكون له انعكاسات سياسية واسعة النطاق. لهذا تُوجه جل الجهود للمفاوضات مع وزير الأمن إيهود باراك. والخيارات: إخلاء جزئي، نقل بؤر لأماكن أخرى، ومنح الصبغة القانونية لجزء آخر.

الشريك الطبيعي للمفاوضات هو طبعا "مجلس يهودا والسامرة". ولكن بات هذا الجسم منذ فك الارتباط، ضعيفا وهشا، ولا يمتلك منذ فترة احتكارا على ما يحصل في المناطق. ورغم أن المجلس أجرى إصلاحات داخلية، إلا أن القيادة الجديدة لم تخض تجارب وامتحانات حقيقية، وقبل أسبوعين فشلت في امتحان صغير على وجه خاص. زئيف حافير، مدير عام "أمناه" الحركة الاستيطانية التابعة لـ"مجلس يهودا والسامرة"، ومن يعتبر "أب البؤر الاستيطانية"، لم ينجح في إخلاء ثلاثة منازل متنقلة من البؤرة الاستيطانية "بني آدم" قرب وادي الكلت تنفيذا لتفاهم توصل إليه مع قائد المنطقة الوسطى غادي شوميني. وتم طرد حافير منكبا على وجهه مهانا من البؤرة الاستيطانية التي أقامتها "أمناه"، على يد ناشطين من "يتسهار" ومن حركة "شباب من أجل أرض إسرائيل". لم تُخل الكرفانات، والأرض جاهزة للمعركة.

بالرغم من ذلك، في مجلس "يشاع"(يهودا السامرة وغزة)، هناك من يعتقد أنه يمكن تسويق اتفاقية تشمل إنجازات للمستوطنين. ويقول السكرتير العام للمجلس، بنحاس فلرشتاين، إن الاتفاق سيكلفنا صحتنا وصراعات. لن يكون هناك شريك لاتفاق يتضمن تجميدا تام للبناء، وليضرب باراك رأسه بالحائط. يمكن التوصل إلى اتفاق بروح اتفاق "ميغرون"(الذي سيتم نقله إلى منطقة أخرى)، شريطة أن تتاح عمليات البناء في "أرئيل" و"معاليه أدوميم". اتفاق من هذا النوع مع مجلس "يشاع" سيحظى على تأييد معظم سكان السامرة.

كبديل لمجلس "يشاع"، أقيمت في السنتين الأخيرتين لجان مستوطنين ناشطين ذات مواقف أكثر تشددا من المجلس، غير أن قيادتهم أيضا لم تجرب. "لا يوجد لباراك مع من يوقع اتفاقا حول البؤر الاستيطانية لأنه لا يوجد جسم واحد يقود على الارض"، يقول بيني كتسوبير، من مؤسسي المشروع الاستيطاني واليوم رئيس لجنة مستوطني السامرة. ويضيف: " "إذا كان يريد طرد قسم من المستوطنين كي يقدم لحم المستوطنين للأمريكيين سأوصي رفاقي بعدم التعاون".

المعارضة الأكثر شدة لمجلس "يشاع" هي دانئيلا فايس و"الشباب من أجل أرض إسرائيل"، وهو جسم يضم مئات الشبان المستعدين للصراع العنيف. وحسب فايس، «ا يوجد مجال للحديث حول اتفاق، لأن كل ذرة تراب في أرض إسرائيل مقدسة كحرف من حروف التوراة». ويعتقد مئير بارطلر من البؤرة الاستيطانية "البيت الأحمر" قرب مستوطنة "شيلا" أن تعهدات فالشطاين لوزارة الأمن لا يوجد لها رصيد. ويقول: "يوجد حوالي 70 ألف شخص شرقي جدار العزل، حوالي 17 ألفا ناشطين ميدانيين. لمجلس "يشاع" يوجد منهم 3000 شخصا. لهذا لا تملك الشرعية جماهيرية على بلورة اتفاق وإخلاء بؤر استيطانية".

البؤرة الاستيطانية التي تعتبر الأكثر مقربة من مجلس يشاع هي " غفعات هروئيه" في التكتل الاستيطاني "عالي". وهناك أيضا لا يرون جدوى من اتفاق حول البؤر الاستيطانية. أليشاع نداف، الذي يسكن في البؤرة الاستيطانية، يقول إنه على استعداد للنظر في اتفاق شبيه باتفاق ميغرون، ولكنه يضيف قائلا: "لكن ليس لدي سيطرة على الناس الذين سيأتون ويصارعوا من أجل مكاني. لا يمكنني أن أطلب منهم الذهاب، أرض إسرائيل لهم مثل ما هي لي . أنا أقوم بدور المبعوث، الكرفان الخاص بي ليس ملكا خاصا لي. وعلى صعيد ما سيحصل في الميدان، أي اتفاق يتم التوصل إليه لن يكون أكثر من استعراض".

التعليقات