"الأول من نيسان الخاص بأولمرت"..

-

كتب عوزي بنزيمان في صحيفة "هآرتس":


لدى قراءة المقابلات التي أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، في نهاية الأسبوع الماضي، يفرك القارئ عينيه ويسأل نفسه إذا ما كان رئيس الحكومة يعيش في حالة من الهذيان، أو إذا ما كان المواطن يعيش في كابوس خيالي يستفيق منه على عالم يطيب العيش فيه. وفي حال صحت الإمكانية الثانية، فإن الضائقة التي يعيشها الإسرائيليون في الأشهر الثمانية الأخيرة هي المشكلة الشخصية لكل واحد منهم، أما في حال صحت الإمكانية الأولى، فإن إسرائيل واقعة في مصيبة كبيرة.

وبحسب تصور أولمرت فإن إسرائيل في وضع أفضل مما كانت عليه قبل تسلمه مهام منصبه كرئيس للحكومة، فالحكومة تؤدي دورها بشكل جيد، والاقتصاد منتعش، والائتلاف مستقر، لا يوجد إرهاب، ولم تكن إسرائيل في مكانة سياسية أفضل مما هي عليه الآن، ويقوم هو، أولمرت، بإدارة شؤون الدولة بشكل ليس سيئاً بتاتاً.

ويدعي أولمرت أن حرب لبنان كانت نجاحاً بارزاً، وكنتيجة لهذا النجاح فإن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل قد تحسن بشكل لم يسبق له مثيل. وكان رئيس هيئة أركان الجيش الجديد، قد صرح أمام لجنة الخارجية والأمن، قبل يوم من مقابلات أولمرت، أنه يعمل على إزالة الشكوك بشأن المنتصر في الحرب القادمة. وحتى لو تجاهلنا لهجة الرهبة في أقوال أشكنازي، إلا أنها تعكس بدون أدنى شك اعترافاً بأن الجيش لم يخرج منتصراً من الحرب الثانية على لبنان. وإزاء ادعاءات أولمرت بأن الحرب قد حسنت من وضع إسرائيل الاستراتيجي، فإن هناك تقديرات أخرى، من بينها تقديرات الأجهزة الأمنية، تؤكد أن قوة الردع الإسرائيلية قد تضررت بشدة خلال الحرب.

كما يدعي أولمرت أن عملية اتخاذ القرار في حكومته منظمة، وهكذا كانت أثناء الحرب. وهو يناقض في ذلك ادعاءاته هو نفسه، التي نشرها مقربون منه، بأن انتظار نتائج لجنة فينوغراد والتحقيقات التي تجري مع كبار المسؤولين في إسرائيل تشل من قدرتهم على العمل، وتشوش عملية اتخاذ القرار. كما تجاهل المطالبات (من بينهم أمنون ليبكين شاحاك ودان مريدور) أثناء الحرب بتبديل العمليات العسكرية والبحث عن طريقة للخروج من ساحة القتال.

وعلاوة على ذلك، فإن مدى معقولية أدائه خلال الحرب هي إحدى المسائل التي تتضح في لجنة فينوغراد التي لم تقل بعد كل ما عندها.

كما يدعي أولمرت أن البلاد هادئة من جهة "العمليات الإرهابية"، وهو يحاول بذلك تناسي تواصل إطلاق صواريخ القسام، وخاصة توجهات هيئة الأركان في الجيش بشأن الاستعداد لحملة عسكرية واسعة على قطاع غزة. وبكلمات أخرى فإن "الهدوء الأمني الحالي" بحسب تقديرات الجيش، هو فقاعة مصيرها أن تنفجر في كل لحظة. ولذلك فمن غير الواضح كيف يمكن أن يعرض أولمرت "الهدوء الحالي" كإنجاز حقيقي.

كما يدعي أولمرت أنه سيتم التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين والعالم العربي خلال 5 سنوات. في حين على أرض الواقع لم يحدث أي تحرك حقيقي باتجاه تسوية الصراع العربي الإسرائيلي في فترة ولايته، سواء على الجبهة الفلسطينية أو على الجبهة السورية. وبينما يتحدث عن ملله من الحروبات وتفضيله لقنوات الحوار، فإن هذا الانطباع يتبدد بالنظر إلى تسرعه في إعلان الحرب على لبنان والارتداع الذي يتميز به أمام أي بادرة سياسية سواء من دمشق أو رام الله.

ووفقما يتضح من المقابلات فإن أولمرت لديه قدرة عالية على امتصاص الضربات، وهو يصر على عرض نفسه كـ"قصة نجاح". ومن الغريب أنه ينجح في أن ينغلق على نفسه أمام السهام التي توجه إليه، بشأن الشبهات بالفساد وأمام تهاوي شعبيته بشكل مخز. ويبدو أن الدرع الواقي النفسي الذي يرتديه أولمرت هو المقلق، فهو شهادة على انعزاله عن الواقع..

التعليقات