"التركيز على ساحة الحرب القادمة"..

-

كتب عوزي بنزيمان في صحيفة "هآرتس":

[[مثل الجنرالات، الذي يبذلون طاقتهم في الاستعداد للحرب القادمة، إلا أنهم على أرض الواقع يخططون الحرب السابقة، هكذا هو الجهاز السياسي في إسرائيل الذي لا يزال يعيش في صدمة الحرب الأخيرة على لبنان، ويشتق منها أفضلياته وخطواته، والذي لم يبد رأياً في جذور الضائقة في البلاد والاتجاه الذي ربما يشير إلى شاطئ الأمان.

ويتمحور الهمس واللغط السياسي الآن حول السؤال المصيري: من هو الأكثر خبرة في مواجهة الامتحانات العسكرية القائمة على الأبواب؛ شمعون بيرس أم إيهود براك. وبحسب لجنة فينوغراد فإن اختبار القيادة يكون بموجب الأقدمية الأمنية والسياسية، وعلى ضوء ذلك يتم الحكم على المرشحين لقيادة الدولة. وتجري المناورات السياسية في "كديما" و"العمل" على فرضية أنه خلال الشهور القريبة من المتوقع أن تجد الدولة نفسها مرة أخرى أمام أزمات أمنية خطيرة؛ في قطاع غزة وفي لبنان، وربما مقابل سورية.

ويلوح براك وعامي أيالون وإيهود أولمرت وبيرس وتسيبي ليفني وشاؤل موفاز بالتجربة السياسية والأمنية التي راكمها كل واحد منهم، من أجل الحصول على، أو البقاء في، دفة القيادة في أحزابهم. وسوف يتقرر مستقبلهم السياسي بموجب قدرتهم على إقناع جمهور الناخبين أو المؤسسات الحزبية بأنهم مؤهلون أكثر من منافسيهم للوقوف أمام التحديات الأمنية على الأبواب. أما ساحة التنافس فسوف يتم انتقاؤها من قبل المتنافسين أنفسهم. فكل واحد منهم يفاخر الآن بريش تجربته العسكرية أو السياسية التي ينسبها لنفسه، مع التشديد على قدرتهم في إصلاح الإخفاقات التي تبينت في الصيف الماضي، وإعداد الدولة كما يجب استعداداً للحرب القادمة.

هذه النقطة من المشروع الاعتراض عليها: فبدلاً من التركيز على الاستعدادات للحرب، والتي على ما يبدو لا بد منها، يتوجب على المتنافسين على قيادة الدولة عرض خطة سلام على المواطنين. رغم أن سيرة براك العسكرية مهمة، وكذلك النصائح التي همسها في أذن بيرس في بداية الحرب على لبنان، فإن الأهم هو رؤيته للعلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين وهي ذات صلة بتفاخره السياسي الحالي. فمن حق الجمهور أن يعرف ماذا استخلص براك من فشله في تجربته السابقة في رئاسة الحكومة في التوصل إلى حل دائم مع ياسر عرفات: فهل سيعود إلى حلبة المواجهة السياسية مع فهم جديد لاحتمالات الحوار بين الشعبين؟ وهل لا يزال يؤمن بالتوصل إلى الحل الدائم أم يفضل مسار التسوية المؤقتة؟ وهل صعود حماس إلى السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة يغير من رؤيته؟ وهل يعتقد أنه بالإمكان حل النزاع، أم أنه يتماشى مع التوجه القائل بأنه يكفي إدارة النزاع وعدم السعي إلى حله من أساسه؟

وعلى أولمرت أن يعطي الأجوبة على الأسئلة التالية: فقد انتخب على أساس خطة "التجميع/ الانطواء" التي تتضمن النية في تقليص الوجود اليهودي في الضفة الغربية، وقد تم حفظ هذه الفكرة في أعقاب صعود حماس إلى السلطة وتجديد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة والانطباع الذي تركته الحرب الأخيرة على لبنان. فبأي جدول أعمال يتمسك أولمرت اليوم؟ وماذا يعرض على الجمهور الإسرائيلي، عدا عن الرؤية اللولبية السياسية التي تهدف إلى بقائه الشخصي في السلطة؟

وكذلك بنيامين نتانياهو فهو غير معفي من الإجابة على الأسئلة ذاتها: ما هي وصفة الليكود لتسكين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟ وعلى ما يبدو فإن نظرية نتانياهو: ليس الاحتلال هو مصدر ضائقة إسرائيل وإنما العلاقة مع العالم العربي بشكل عام، ومع الإسلام الأصولي بقيادة إيران بشكل خاص. إلا أن نتانياهو جلس ذات مرة على كرسي رئاسة الحكومة وشعر بنتائج المواجهات على نسيج الحياة في إسرائيل. وهو لا يستطيع أن يتجاهل الطابع الخطير لهذه الضائقة المزمنة، إذا كان يريد أن ينظر إليه الجمهور كقائد وطني وليس رئيساً لحزب ذي طاقية أيديولوجية. وهل يوجد لليكود حل مقبول للتناقض بين الرغبة في الحفاظ على الطابع الصهيوني والديمقراطي للدولة وبين استمرار احتلال المناطق، بالرغم من الأبعاد الديمغرافية التي ينطوي عليها؟

ليس صدفة أن المتنافسين على قيادة البلاد يتركزون في ساحة المعركة القادمة، ويتناسون واجبهم في عرض حلول للمشكلة من أساسها- الإحتلال]]..

التعليقات