"السقوط على السيف الصحيح"

مقالة هيئة التحرير- صحيفة هآرتس

إذا كان يعتقد رئيس الوزراء أولمرت أنه خرج سالما من لجنة فينوغراد أيضا ، كما خرج حتى الآن من الكم الهائل من التحقيقات التي تدار ضده في مجالات متعددة خلال ولايته القصيرة – فهو مخطئ. فحتى لو بقي لمدة ما على كرسيه، فعاجلا سيتعلم كما تعلم معظم سابقيه على جلودهم: أن ولاية رئيس الحكومة في إسرائيل لا تقاس بطولها بل بماهيتها، وبمدى مساهمتها أو ضررها؛ وباختصار – في التراث الذي تبقيه.

من هذه الناحية، السؤال الرئيسي الذي يجب فحصه بعد نشر تقرير فينوغراد ليس صيغة إدانة أو تبرئة لبند هنا أو هناك، بل إذا ما كان أولمرت سيُذكر فقط كرئيس وزراء الحرب الفاشلة في لبنان، أم أنه يجب منحه فرصة أخرى لكي يذكر بفضل مساهمة أو إرث إيجابي.

الحياة السياسية لرؤساء الوزراء في إسرائيل لم تكن ذات يوم وردية. وعلى الأغلب كانت مريرة وقصيرة أكثر من المتوقع وانتهت قبل موعدها- بشعور تراجيدي أو بإخفاق- وعلى الأغلب قبل أن يتسنى لهم القيام بخطوات تاريخية جدية. ولكن بالمقارنة مع سابقيه، يبدو وضع أولمرت أكثر سوداوية: فهو شخص ليس لديه كاريزمية، ودخل بالصدفة في الحذاء الواسع لسابقه، مع عبئ إرث مثير للجدل(فك الارتباط الذي لم يؤدي إلى تهدئة) ، كما يعاني أولمرت من قلة شعبية غير مسبوقة في أوساط رؤساء الحكومات في إسرائيل. إذ أن قبل نشر تقرير لجنة فينوغراد كان وضعه في الاستطلاعات هابط إلى حد كبير، وبعد التقرير، يبدو أن لا مجال لمزيد من الهبوط لأنه وصل إلى الدرك الأسفل.

من الواضح أن كون أولمرت لم يترك أي بصمة جدية وذات معنى وانتهج المراوغة والتسويف ولعبة البقاء، وضعه في وضع لا يساعده كثيرا. وقد تميزت ولايته بالكلمات اللطيفة والخطابات الشجاعة. صحيح أنه يمكن الاستهزاء بتلك الكلمات، ومع ذلك ثمة شك في أن أي رئيس وزراء من قبله أطلق تعهدات بهذه الوتيرة والمنهجية لتحقيق أجندة سياسية- وتحدث عن تقسيم البلاد وعن السلام مع الفلسطينيين.

إن الاستقالة أو الإطاحة الفورية بأولمرت ستشبع غريزة الانتقام وستدخله التاريخ كرئيس الوزراء الأكثر فشلا في تاريخ الدولة. ولكن السؤال هو، ماذا ستربح الدولة من ذلك، إذ أن الإطاحة به ستعفيه وتعفينا من اختبار- الشك- وهو الايفاء بتعهداته الواضحة التي أخذها على عاتقه، والتي انتخب حسب برنامجها وشكل حسبها ائتلافا لمرة واحدة ربما. وكم بالحري إذا كان البديل هو سياسة تتفاخر بإحباط اتفاقيات أوسلو ولديها أجندة مخفية، وصارمة حول تمامية البلاد .

لن يكون لأولمرت بعد فينوغراد حجة أخرى، ليدعي بأنه ينتظر فينوغراد لذلك امتنع عن اتخاذ خطوات جريئة لتطبيق تصريحاته السياسية.

إذا كان ثمة تبرير للسياسة الواقعية لاستمرار ولاية أولمرت، فهو ومضة الأمل للكثيرين، بأنه إذا فرض على رئيس الوزراء السقوط – فعلى الأقل أن يقع على سيف جهود السلام وليس على سيف حرب فاشلة.





التعليقات