"الصواريخ تشكل خطرا وجوديا على إسرائيل"..

-

تناول وزير الأمن الأسبق، موشي أرنس" في صحيفة "هآرتس" اليوم الأربعاء، القدرة العسكرية الإسرائيلية من جهة توفير الحماية للجبهة الداخلية، مشيرا إلى أن إسرائيل عملت على توفير ذلك من خلال سلاح الطيران، من باب أهمية ذلك على وجود إسرائيل. إلا أنه يشير إلى "الخطر الصاروخي"، سواء صواريخ قصيرة المدى أم بعيدة المدى، ويطالب بالعمل على إزالته على اعتبار أنه يشكل خطرا وجوديا على إسرائيل.


وقال أن رئيس الحكومة الذي أشرف على نهاية حياته السياسية لا يفوت فرصة بدون أن ينشر بيانات لا حاجة لها، وذلك في إشارة إلى تصريحه الأسبوع الماضي لدى زيارته لمقر قيادة الجبهة الداخلية، حيث قال إن المدن الإسرائيلية ستكون أهدافا لهجمات الصواريخ في الحرب القادمة. وبحسب آرنس فإنه في حال لم تصنع الحكومة الإسرائيلية شيئا لإبعاد هذا الخطر فإن ما قاله أولمرت سوف يتحقق بالتأكيد.

ويقول في هذا السياق إنه قبل 60 عاما، لم يكن للجيش الإسرائيلي أية سيطرة على سماء البلاد، وكانت الجبهة الداخلية عرضة للهجمات الجوية. كما يشير إلى أن دافيد بن غوريون كان قد أدرك أن تعرض المدنيين الإسرائيليين للهجمات الجوية يشكل خطرا وجوديا على إسرائيل. ولذلك، بحسب آرنس، لم يكن بن غوريون مستعدا في العام 1956 للمشاركة في العدوان الثلاثي على مصر بدون الحصول على ضمانات من سلاح الجو الفرنسي بحماية سماء البلاد.

وبحسبه فإنه في السنوات الـ25 التي تلت تلك الحرب وفر سلاح الطيران الإسرائيلي الحماية للإسرائيليين، وبذلك بات بمقدور الجيش الإسرائيلي أن يحارب وهو مطمئن إلى سلامة الجبهة الداخلية.

ويتابع أن كل ذلك قد تغير عندما بدأ الفلسطينيون بإطلاق الصواريخ على شمال البلاد من جنوب لبنان. وبحسبه فإن مناحيم بيغين قد أدرك أنه لا يمكن التعايش مع هذا الوضع، فبادر إلى الحرب في العام 1982، والتي نتج عنها إبعاد مرمى الصواريخ عن الحدود.

ويضيف أن الانسحاب الجزئي من "الحزام الأمني" في لبنان، والذي أقرته حكومة الوحدة برئاسة شمعون بيرس بعد الحرب بعدة سنوات أعادت الشمال إلى دائرة مرمى الصواريخ من جنوب لبنان، والتي كان يطلقها حزب الله. ويتابع أن الانسحاب الأحادي الجانب الذي جاء لاحقا، بمبادرة إيهود باراك، كشف الشمال بشكل مطلق أمام الصواريخ، في حين باشر حزب الله بالتسلح بكميات كبيرة من السلاح، والتي اشتملت على صواريخ أبعد مدى، والتي تم إطلاقها على إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على لبنان.

وبحسب آرنس فإن عدم القيام بحملة برية بهدف وضع حد للهجمات على الجبهة الداخلية في هذه الحرب، باتت تشكل ذريعة لمفهوم جديد بدأ يتجذر في إسرائيل، وتم التعبير عنه من خلال تصريحات أولمرت، والذي بموجبه فإن وقوع إصابات في صفوف المدنيين هو جزء لا يتجزأ من الحياة في البلاد.

ويتابع أن هذا المفهوم الغريب والخطير يتم تأكيده من خلال حقيقة أنه في عصر الصواريخ البالستية فقد نشأ وضع جديد لا مناص فيه من وقوع إصابات في الجبهة الداخلية. ويشير في هذا السياق إلى أن عجز الحكومة الإسرائيلية عن وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه سديروت وعسقلان يساهم في تجذير هذا الفهم الخطير لدى الكثيرين.

واعتبر آرنس أن الصواريخ البالستية ليست أمرا جديدا. ففي نهاية الحرب العالمية الثانية أطلق باتجاه لندن صواريخ ألمانية من نوع "في-2". ويشير إلى أن الصواريخ البالستية هي أرخص وسيلة لإطلاق مواد متفجرة عن بعد، وأن انتقاءها من قبل أعداء إسرائيل مفهوم ضمنا. ويضيف أن خطر هذه الصواريخ ليس أمرا لا يمكن صده، وأن تطوير ونشر منظومات اعتراض لهذه الصواريخ وهي في الجور ليس الرد الناجع والمجدي على هذا التهديد. وبحسبه يجب "منع العدو من التسلح بهذه الصواريخ.. وفي حال فشلت هذه المبادرة، يجب إبعاد الصواريخ القصيرة المدى، مثل القسام، من خلال عملية برية.. ونظرا لعدم تحقيق مثل هذه الخطوات فيجب ردع العدو عن استخدام مثل هذه الأسلحة ضد الجبهة الداخلية".

ويتابع أنه عندما تعرض المدنيين الإسرائيليين للعمليات الانتحارية في الانتفاضة الثانية، قام الجيش بعملية حازمة لوقف هذا التهديد، ولا يزال الجيش يعمل على إبعاده من خلال التواجد في مناطق الضفة الغربية. وبحسبه فإنه لو استمرت العمليات الانتحارية حتى اليوم فإن إسرائيل ستكون الآن في وضع استراتيجي مختلف بمضمونه.

ويقول أيضا إن الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة لم تفعل شيئا لإبعاد تهديد الصواريخ، وإنما تصرفت على أساس أن هذه الهجمات على الجبهة الداخلية باتت معتادة (وفقما صرح أولمرت لسكان عسقلان)، بدون إدراك أن هذا الخطر المتواصل يؤدي إلى تغيير ملموس في ميزان القوى في المنطقة، ويشكل خطرا وجوديا على إسرائيل.

وينهي بالقول إن القيادة الإسرائيلية تدرك تماما التغيير الذي سيحصل في ميزان القوى في المنطقة في حال حصول إيران على أسلحة نووية. ورغم أن احتمال قيام إيران باستخدام هذا السلاح ضد إسرائيل ضئيل جدا، إلا أن أبعاد حيازته من الممكن أن وخيمة. ويضيف أن احتمال توجيه صواريخ بالستية ذات رؤوس قتالية تقليدية إلى الجبهة الداخلية في هذه المرحلة هو مؤكد، وأن أبعاد هذه الخطوة ستكون خطيرة، وعليه يجب العمل على تغيير هذا الوضع طالما ظل ممكنا..

التعليقات