"العملية البرية في قطاع غزة على جدول الأعمال مرة أخرى"

-

كتب عاموس هرئيل وآفي يسسخاروف في صحيفة "هآرتس" أن العملية العسكرية التي جرى الحديث عنها مطولا، وتأجلت كثيرا، هي على جدول الأعمال مرة أخرى، كما أنه من المتوقع أن تتركز العملية العسكرية في ثلاثة جبهات؛ الأولى شمال قطاع غزة حيث يتم إطلاق الصواريخ، والثانية في الجنوب حيث يتم تخزين الأسلحة التي يتم تهريبها من سيناء، والثالثة في مدينة غزة نفسها لضرب قيادة حركة حماس وإسقاط سلطتها.

وبحسبهما فإن الصاروخ الذي سقط يوم أمس الأول في كيبوتس "بئيري"، وعشرات الصواريخ التي سقطت هذا الأسبوع في النقب الغربي، و 16 قتيلا فلسطينيا في عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في الأيام الثلاثة الأخيرة، كل ذلك يشير إلى اتجاه مركزي واحد: إمكانية القيام بعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة مرة أخرى على جدول الأعمال بعد أن تم تجميدها لأسابيع كثيرة.

وتابعا أنه كان يبدو في الأشهر الأخيرة أن العملية العسكرية الواسعة النطاق، التي كانت تتم مناقشتها بشكل متقطع منذ سنة ونصف، قد أنزلت عن جدول الأعمال. وكان السبب في ذلك هو تراكم عدة أسباب؛ من بينها أن المستوى السياسي استصعب الاقتناع بأن الخطة العملانية التي يقترحها الجيش تلبي المطلوب، بالإضافة إلى الخشية من أن عملية كبيرة قد تؤدي إلى إنجاز محدود مقابل حركة حماس، ويسقط فيها عدد كبير من الضحايا في صفوف الجيش، إلى جانب عدم القدرة على تخطيط الوضع النهائي بعد فرض الهدوء النسبي على قطاع غزة. وينضاف إلى ذلك الشلل الذي أصاب الجهاز السياسي الذي كان ينتظر التقرير النهائي للجنة فينوغراد.

إلا أن التغيير الذي بدأ يظهر في هذه الأسابيع لا ينبع من كون رئيس الحكومة قد تجاوز "عقبة فينوغراد" بسلام، وإنما هو مرتبط بالتطورات على حدود قطاع غزة مع مصر، التي تضيف مركبا آخر من عدم الاستقرار إلى الصورة المركبة أصلا. ورغم أن مصر قد أعلنت أنها أغلقت محور فيلاديلفي مرة أخرى، إلا أن هناك شكا بأن يكون هذا الإغلاق محكما.

ويضيف الكاتبان أن عملية حماس، إسقاط الحدود الحدود، قد تركت أثرها على الجيش الإسرائيلي. فقبل تنفيذ فك الارتباط ادعى ضباط في الجيش في محادثات مع نظرائهم من السلطة الفلسطينية أن الجدار الحدودي يصمد لسنوات طويلة، إلا أن الجيش يعترف الآن بأن تقديراته كانت خاطئة، وأن ما قامت به حماس هو تغيير أساسي للوضع في المنطقة.

أما لماذا يعتبر إسقاط الجدار يعجل من الحملة العسكرية الإسرائيلية، فذلك لأن عدم الاستقرار يؤدي إلى التصعيد وفقدان السيطرة في النهاية. فعملية فتح الحدود عززت الثقة بالنفس لدى عناصر الذراع العسكري لحماس، ومن الممكن أن يقودهم ذلك إلى "مراهنات أخرى". وقد هدد ممثل حماس في طهران، يوم أمس الأول، بموجة عمليات انتحارية في داخل إسرائيل.

كانت تجري من قبل عمليات تهريب ضخمة على الحدود، إلا أن الأسبوعين الأخيرين أتاحا لحماس المسارعة وتيرة تعزيز قوتها العسكرية، وفي الوقت نفسه نجحت فصائل فلسطينية في إدخال عدة خلايا إلى سيناء لتنفيذ عمليات في داخل إسرائيل.

ويتابع الكاتبان أنه وعلى خلفية هذه التطورات، نسمع وزير الأمن، إيهود باراك، يتحدث مرة أخرى عن رغبته في عدم اللجوء إلى عملية عسكرية واسعة، وفي الوقت نفسه يقول إنه من المحتمل أن لا مناص من تلك العملية. أما الآن فإن الخطوات التي تم اتخاذها هي الحصار الاقتصادي الذي اقتحمته حركة حماس، وتقليص إمدادات الكهرباء، والعمليات البرية المحدودة. وكل ذلك يبدو كمحطات ضرورية يجب أن تمر بها إسرائيل قبل اتخاذ القرار النهائي.

وفي العملية الواسعة النطاق، فإن إسرائيل تواجه 3 تحديات في قطاع غزة، يتركز كل واحد منها في منطقة جغرافية؛ إطلاق الصواريخ باتجاه عسقلان وسديروت في شمال قطاع غزة، تعاظم قوة المنظمات الفلسطينية في منطقة رفح التي تستوعب الأسلحة التي يتم تهريبها من سيناء، وسلطة حماس في مدينة غزة. ومن الجائز الافتراض بأن الأخيرة سوف يفضل الجيش معالجتها عن بعد ومن الجو.

كما من الجائز أن تكون العملية البرية دمجا بين الأولى والثانية، وفي حال تبين أن محور فيلاديلفي ظل مفتوحا، فإن ذلك سيكون حافزا لتنفيذ عملية باتجاه رفح، مع الإشارة إلى أن إسقاط الجدار قد سحب مصر إلى داخل القطاع، وأن عملية برية من الممكن أن تنطوي على احتكاك كبير مع مصر.

وفي المحادثات التي أجريت في المجلس الوزاري المصغر، أوضح كبار الضباط في الجيش أنهم بحاجة إلى الوقت، وادعوا أنه لا جدوى من عملية واسعة في حال لم تجر عمليات تمشيط واعتقالات في المناطق التي تتم السيطرة عليها. وينضاف إلى ذلك مركب آخر هو الأحوال الجوية، والتي تجعل العملية صعبة في الشهر القادم على الأقل.

وبحسبهما فإن "الخط التصادمي" الذي عرضته القاهرة في الأيام الأخيرة، في تصريحاتها ضد حماس، تجعل العلاقات بين الطرفين أكثر توترا. وهدد وزير الخارجية المصري بـ"تكسير أرجل الفلسطينيين الذين سيحاولون الدخول إلى سيناء". وكانت أقواله بمثابة إعلان حرب، ما يضع المنظمة الإسلامية، حماس، في موقف إشكالي.

ويضيفان أنه من الواضح لحركة حماس أن محاولة أخرى لكسر الحصار الاقتصادي الذي تفرضه إسرائيل الآن من جديد سوف يؤدي إلى التصادم مع مصر. ومن الممكن أن تختار حماس، كبديل، "التصعيد المحسوب" مع إٍسرائيل. وربما يكون هذا التفكير وراء تصعيد عمليات إطلاق الصواريخ هذا الأسبوع، والعملية الانتحارية في ديمونا. ويعتقد جزء من قادة حماس أن إسرائيل لا تزال تخشى العملية البرية الواسعة النطاق، وأنه في حال حاولت القيام بها، فإنها ستسارع إلى الانسحاب في ظل الخسائر التي سيتكبدها الجيش الإسرائيلي.

التعليقات